|
|
التاريخ: آب ١٦, ٢٠١٩ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
الجيش الوطني الليبي يدمر غرفة عمليات تركية |
سلامة يدعو لهدنة دائمة في العاصمة الليبية ورئيس الوزراء البريطاني يدعو إلى حل سياسي |
القاهرة: خالد محمود
أعلن الجيش الوطني الليبي عن تدميره، أمس، غرفة عمليات تركية وموقعاً للطائرات المسيرة بمطار زوارة بغرب البلاد، فيما أعاد مطار معيتيقة الدولي في العاصمة الليبية طرابلس، فتح مجاله الجوي واستئناف الرحلات كالمعتاد بعد ساعات من إغلاقه مساء أول من أمس، إثر تعرضه لعدة قذائف صاروخية، تبادل الجيش والميليشيات الموالية لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج، الاتهامات بشأنها.
وجاءت هذه التطورات، بينما سعى السراج، إلى إقناع بريطانيا والولايات المتحدة بممارسة مزيد من الضغوط على المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني، لوقف زحفه نحو العاصمة طرابلس؛ حيث نقل عن رئيس وزراء بريطانيا، بوريس جونسون، في أول محادثة هاتفية من نوعها بينهما أمس، تأكيده على أنه «لا يوجد حل عسكري للأزمة الليبية، وضرورة إيجاد حل سياسي يعيد الاستقرار للبلد».
وقال بيان وزّعه مكتب السراج، إن جونسون أكد مجدداً أن «حكومة السراج هي الجسم الوحيد الذي تعترف به المملكة المتحدة»، معتبراً أن «التدخلات السلبية لبعض الأطراف الخارجية تطيل من أمد الحرب، وتساهم في تفاقم الأزمة ويجب إيقافها».
بدوره، رأى السراج الذي أشاد بالموقف البريطاني تجاه حكومته والأزمة الليبية، أن «الليبيين كانوا قريبين من الحل قبل الحماقة العسكرية التي قادت إلى الاعتداء الغاشم في 4 أبريل (نيسان) الماضي، ما نسف العملية السياسية»، مؤكداً «ضرورة الضغط لإيقاف الأطراف الداعمة للحرب، لتعود العملية السياسية بتمثيل حقيقي لليبيين». وكان السراج قد نقل عن السفير الأميركي الجديد لدى رتشارد نورلاند، تأكيده خلال اتصال هاتفي بينهما مساء أول من أمس على أنه «لا حل عسكري للأزمة الليبية، وأن الحل الوحيد يكمن في العودة إلى المسار السياسي، وأن الولايات المتحدة حريصة على تحقيق الاستقرار في ليبيا وإنهاء معاناة شعبها، وأنها ستعمل كل ما يمكن لتحقيق ذلك».
وقال البيان إن نورلاند أشاد بدور حكومة السراج في مكافحة الإرهاب وشراكتها الناجحة مع الولايات المتحدة الأميركية، كما أكد ضرورة الحرص على استفادة الليبيين من مواردهم الطبيعية وعدم السماح لأحد بالعبث بها وإرباك إمدادات الطاقة.
وأشار السراج، الذي عبّر عن تقديره للموقف الأميركي، إلى أن قوات حكومته تمارس حقّها المشروع في الدفاع عن العاصمة وأهلها. ودعا إلى العمل على وقف العدوان وإنهاء التدخلات الخارجية السلبية في ليبيا. وفيما أعلن أمس المركز الإعلامي للجيش الوطني عن استهداف قواته الجوية موقعاً للطائرات المسيّرة وغرفة العمليات التركية بمطار زوارة الذي يستخدم للأغراض العسكرية ضد قوات الجيش؛ لم يكشف عن مزيد من التفاصيل.
لكن اللواء أحمد المسماري، الناطق باسم الجيش الوطني، نقل أمس في بيان له عن غرفة عمليات القوات الجوية الرئيسية، أنه «بعد جمع المعلومات عن حركة الطائرات التركية المسيرة تأكدنا أنها تستعمل (هنقرين) داخل مطار زوارة، فقامت طائرات سلاح الجو بضرب الهنقرين وتسويتهما بالأرض». وبعدما لفت إلى أنه تم «تفادي ضرب مهبط وصالة الركاب في المطار»، اعتبر أن «هذه رسالة إنذار لأي مكان يوجد به أي تهديد لمقدرات شعبنا أو لوحدات قوات الجيش الوطني».
وبينما التزمت حكومة السراج الصمت، اعترفت عملية بركان الغضب التي تشنّها ميليشياتها، بالقصف، ونشرت عبر صحفتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» صوراً فوتوغرافية تُظهر جانباً من آثار القصف الجوي للطيران على مطار زوارة. وأكدت إدارة مطار معيتيقة الدولي في بيان مقتضب أمس، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن «الشركات الناقلة باشرت استقبال ركاب رحلاتها المجدولة من وإلى المطار، بعد منحها الإذن من السلطات المختصة بذلك».
وجاء هذا البيان بعدما أعلن المطار إغلاق مجاله الجوي، مساء أول من أمس، لحين إشعار آخر، نتيجة للقصف الذي تعرض له المنفذ الجوي الوحيد في غرب ليبيا والعاصمة، منذ تدمير مطار طرابلس الدولي المنفذ الجوي الرئيسي، جراء معارك اندلعت في عام 2014. وكان الجيش الوطني قد أعلن في بيان لمركزه الإعلامي عن «استهداف مطار معيتيقة بقذائف وإصابة حراسات حماية المطار، وحكومة السراج غير المعترف بها عاجزة، وتكتفي بالصمت». واعتبر أن هذه الحكومة «غير قادرة على السيطرة على ميليشياتها، ولا حماية أفرادها، ولا مرافق الدولة».
وكالمعتاد، اتهمت الميليشيات الموالية لحكومة السراج، قوات الجيش الوطني بقصف مطار معيتيقة، فيما قال سكان محليون وشهود عيان إن «ميليشيات موالية للسراج هي من قصفت المطار، حيث سمعوا دوى 6 انفجارات عنيفة ومتوالية». وأعلنت عملية بركان الغضب عن مقتل أحد أفراد هيئة السلامة الوطنية بمطار معيتيقة نتيجة إصابته في القصف، فيما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصطفى المجعي، المتحدث باسم ميليشيات السراج قوله: «تعرض مطار معيتيقة الدولي في وقت متأخر لقصف بالقذائف الصاروخية من نوع (غراد)».
بينما اتهمت وزارة الصحة في حكومة السراج، قوات الجيش بارتكاب ما وصفته بممارسات بشعة بحقّ الأسرى. وقالت في بيان لها إنها «وجدت آثار التعذيب والتنكيل على جثامين تعود إلى مدنيين وعسكريين بعد وصولها إلى مستشفى الزاوية التعليمي عن طريق الهلال الأحمر الليبي». ودعت حكومة السراج ومجلس الأمن الدولي والبعثة الأممية في ليبيا ومحكمة الجنايات الدولية إلى «العمل على تقديم الجناة إلى العدالة لينالوا جزاءهم العادل».
سلامة يدعو لهدنة دائمة في العاصمة الليبية... و«الجيش الوطني» يُحذّر مصراتة
مجلس النواب يرحب بموقف القاهرة... وحكومة السراج تعتبره «تدخلاً فجّاً»
الخميس 15 أغسطس 2019
القاهرة: خالد محمود
أعرب غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، عن رغبة البعثة في استخدام مساعيها الحميدة على الفور لتحويل ما تم إنجازه في فترة التهدئة إلى وقف دائم لإطلاق النار في العاصمة طرابلس، بين قوات الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، والميليشيات الموالية لحكومة السراج. وفي غضون ذلك، صعّدت أمس حكومة الوفاق الوطني الليبية، برئاسة فائز السراج، من حدة حملتها الإعلامية ضد مصر.
ورحبت البعثة الأممية في بيان لها أمس بالإعلانات الصادرة عن المجتمع الدولي بدعم الهدنة، وتجديد اقتراح سلامة بعقد اجتماع للبلدان المعنية، مشيرة إلى أنه «يتعين على المجتمع الدولي العمل من أجل توفير ضمانات لوقف دائم لإطلاق النار، والدعوة للامتثال لحظر التسليح، والالتزام بالعودة بحسن نية إلى عملية سياسية شاملة، برعاية الأمم المتحدة لإنهاء النزاع في ليبيا».
كما أكدت البعثة استعدادها المتواصل للمساعدة في تسهيل تبادل الأسرى بين قوات الطرفين، بالإضافة إلى تسمية جهة تنسيق واقتراح آلية لعمليات التبادل، بالتعاون مع الطرفين والقيادات المجتمعية المحلية المعنية. وقالت إنه «لم يتم أيضا احترام الهدنة في مرزق بجنوب البلاد، حيث استمرت أعمال العنف المجتمعي بين مجتمعات التبو والأهالي، ما أسفر عن مقتل 7 أشخاص وإصابة 54 آخرين بجروح». وطبقا للبعثة فقد أدت أعمال العنف المستمرة إلى نزوح نحو 5000 شخص لوادي الطيبة ونحو 200 شخص إلى منطقة القطرون.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد أعلن عزمه إجراء «تحقيق داخلي» لكشف ملابسات هجوم مدينة بنغازي، الذي أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من موظفي المنظمة الأممية. وقال في بيان أصدره المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك: «لسنا على علم بأي ادعاءات بالمسؤولية عن السيارة المفخخة». مضيفا: «سنحاول التأكد من الحقائق وراء الحادث، بما في ذلك عن طريق إجراء تحقيق داخلي».
ميدانيا، أعلن الجيش الوطني لليوم الثاني على التوالي شن غارات جوية على ميلشيات السراج في طرابلس، ومدينة سرت الساحلية. وقال المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة، التابع للجيش الوطني، إن غارات جوية استهدفت الميليشيات في محاور طرابلس، ومنطقة غرفة عمليات تحرير سرت. كما أعلن سيطرة قوات الجيش على مناطق ومواقع جديدة بالمنطقة الغربية، التي تشمل طرابلس، لكنه قال إنه «سيفصح عنها في وقت لاحق».
وحذر الجيش مدينة مصراتة (غرب) من مغبة الاستمرار في القتال إلى جانب حكومة السراج، واعتبر في بيان لمركزه الإعلامي أن «المدينة تنزلق للهاوية بسرعة الصوت، وقريبا سرعة الضوء». لافتا إلى «تعالي أصوات الرافضين لتجنيد أطفالهم في معركة طرابلس من أهالي مصراتة، وعمليات اعتقال عدد منهم بعد وصول أعداد القتلى لأرقام كبيرة، وانتشار المآتم في أغلب شوارع المدينة»، كما أشار إلى أن «الاحتقان الذي يتزايد قد يتجاوز التعبير إلى أفعال ترقى إلى مظاهرات، وسط مخاوف من أن تحدث مجزرة لأبنائهم».
في المقابل، نقلت وسائل إعلام محلية، موالية لحكومة السراج، عن مصدر مطلع أن الهلال الأحمر تسلم 12 جثمانا لأشخاص، كانوا أسرى لدى الجيش في مدينة ترهونة (جنوب شرقي طرابلس).
ونشرت عملية بركان الغضب، التي تشنها ميلشيات السراج، صورا فوتوغرافية، قالت إنها من داخل مستشفى الزاوية التعليمي، تُظهر وصول الجثامين، التي سلمتها من وصفتها بـ«عصابة الكانيات»، في إشارة إلى اللواء التاسع ترهونة، التابع لقوات الجيش الوطني أول من أمس. وقالت إنه تم التعرف على جثمان خامس، بينما ما زالت جهود فرق الهلال الأحمر مستمرة للتعرف على هويات باقي الجثامين السبعة.
من جهة أخرى، رحب مجلس النواب الليبي أمس، على لسان الناطق الرسمي باسمه عبد الله بليحق، ببيان وزارة الخارجية المصرية، الداعي لإنهاء الأزمة والحل في ليبيا، وأكد أن «وضع حد للتدخلات الخارجية، ودعم الميليشيات المسلحة والمتطرفين ونزع السلاح خارج سلطات الدولة، وحل الميليشيات والقضاء على الإرهاب والتطرف، هي السبيل لإنهاء حالة الفوضى، وعودة الأمن والاستقرار، وتوحيد مؤسسات الدولة وعودتها للعمل بشكلها الطبيعي».
في المقابل، واصلت حكومة السراج حملتها الإعلامية ضد مصر، حيث اعتبر المجلس الأعلى للدولة، الموالي للحكومة، أن بيان الخارجية المصرية أول من أمس يعد «تدخلا فجا في الشأن الليبي».
بدورها، اعتبرت وزارة الخارجية بحكومة السراج، بيان الخارجية المصرية خلطا للأوراق، وتجاهلا للأجسام الشرعية المنبثقة عن اتفاق الصخيرات، المبرم نهاية عام 2015 بالمغرب، والذي اعتمده مجلس الأمن والمنظومة الدولية. |
|