التاريخ: آب ٨, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
«الحركة الشعبية» السودانية تطالب بإرجاء «السلطة الانتقالية» إلى ما بعد اتفاق السلام
شروط أميركية لحذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب
الخرطوم: محمد أمين ياسين
وصفت الحركة الشعبية لتحرير السودان الاتفاقات الموقعة بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير بأنها «عرجاء»، وبأنها لم تفِ بمطلوبات الاتفاق بين «الجبهة الثورية» وقوى إعلان الحرية والتغيير، وتكوين هياكل سلطة انتقالية بـ«شكل محدد» خلال شهر من إنجاز اتفاق سلام شامل مع الجبهة الثورية.

وقال نائب رئيس الحركة، ياسر سعيد عرمان، لـ«الشرق الأوسط» إنهم في «الجبهة الثورية» مستعدون لإرسال وفد إلى الخرطوم، أو عقد اجتماع في أسرع وقت مع حلفائهم في «الحرية والتغيير» بإحدى دول الجوار. ووصف عرمان، الاتفاق السياسي والإعلان الدستوري الموقعين بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير، بأنهما «عرجاوان» ويحتاجان لعملية إصلاح، تخاطب قضايا السلام والديمقراطية وحقوق المواطنة. وأضاف: «اتفاق أديس أبابا تم إيداعه خلال المفاوضات بطريقة غير منهجية، رغم أن هنالك أجزاء إيجابية في الإعلان الدستوري، فإن الوثيقة لم تدرج في الاتفاق السياسي، ولم يتضمن الاتفاق رؤية واضحة وحاسمة لموضوع السلام المرتبط بالاقتصاد وإصلاح العلاقات الخارجية ومعاش الناس».

وقال عرمان إن عدم الالتزام بالاتفاق كاملاً نتج عنه خلل في العملية السياسية، و«يجب على قوى الكفاح المسلح، أن تدخل العملية السياسية وتعمل على توسيعها». وأكد نائب رئيس الحركة الشعبية، أن «الجبهة الثورية» جزء لا يتجزأ من «قوى الحرية والتغيير»، وعلى استعداد لدعم الحكومة الانتقالية خلال السنوات الثلاث، وفقاً لحزمة متكاملة ومتجانسة بين قضايا الديمقراطية والسلام. وكانت الحركات المسلحة المنضوية في تحالف «الجبهة الثورية» وقوى إعلان الحرية والتغيير، أجرت في أديس أبابا مشاورات استمرت نحو أسبوعين، تناولت قضايا السلام وترتيبات الحكم في الفترة الانتقالية.

وقال عرمان إن دخول «الجبهة الثورية» سيؤدي إلى الانتقال لترتيبات أمنية جديدة، تشمل القوات المسلحة والدعم السريع وقوات الجبهة الثورية والحركات المسلحة الأخرى، للوصول إلى «جيش سوداني موّحد ومهني، يعكس تنوع وتعدد الشعب السوداني، ويخدم مصالح البلاد العليا». وأضاف أن الحركة الشعبية تدعو إلى وحدة على أسس جديدة، وجيش واحد لا يخوض حروباً داخلية، ويحافظ على مصالح السودان ويدافع عنها في الخارج. وتابع: «نريد سلاماً مع مجتمعنا وفي الإقليم والمجتمع الدولي». واشترط عرمان لتصبح «قوى الحرية والتغيير» تحالفاً حاكماً، تكوين «مجلس قيادي» يدعم الحكومة الجديدة ويحاسبها، وتابع: «لا توجد قيادة لـ(قوى الحرية والتغيير)، وهي تتصدى للقضايا (رزق اليوم باليوم). حتى ملف التفاوض تم بلا قيادة». وأضاف: «اتفقنا على مجلس مركزي، وتوسيع مقاعده ليشمل جميع مكونات قوى إعلان الحرية والتغيير».

وقال عرمان إن الثورات السودانية السابقة فشلت في بناء سودان جديد، ونظام ديمقراطي يقوم على المواطنة، ينهي التمييز، ويرسخ الديمقراطية، ويستحضر دور قوى الهامش والنساء والشباب الكبير والحاسم في الثورة.

ورأى نائب رئيس «الشعبية» أن على ثورة ديسمبر (كانون الأول) تحقيق تغيير نوعي وشامل، ينتقل بموجبه السودان لدولة المواطنة، قائلاً: «المجتمع لن يتوحد إلا بإقامة نظام ديمقراطي ورابطة ثقافية سياسية اجتماعية جديدة، تترك تاريخ الأنظمة التي مرت على البلاد وراء ظهرها، وتبني مواطنة حقيقية، تكافح العنصرية وتقضي على التهميش».

في غضون ذلك، أعلن السودان أن التحقيقات مع المشاركين في العملية الانقلابية الأخيرة، التي تزعمها رئيس هيئة الأركان السابق الفريق أول هاشم عبد المطلب، شارفت على الانتهاء، وأن محاكمتهم ستبدأ بعد عطلة عيد الأضحى المبارك. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية «سونا» عن الناطق الرسمي باسم «جهاز المخابرات العامة» أن التحقيقات الجارية بشأن المحاولة الانقلابية الأخيرة شارفت على الانتهاء. وقال المتحدث باسم الجهاز إن المدانين سيقدمون لمحاكمات عادلة، عقب انتهاء عطلة عيد الأضحى، وإطلاق سراح من لم تدنهم لجان التحقيق، أو لم تتوفر البينات القانونية الكافية لمشاركتهم.

وعيّن المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول هاشم عبد المطلب رئيساً لهيئة أركان الجيش السوداني في أبريل (نيسان) الماضي، قبل أن يلقي القبض عليه بتهمة المشاركة في انقلاب ضد المجلس العسكري الانتقالي. وألقت السلطات القبض على عدد من القيادات التابعة للحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني، واتهمتهم بالمشاركة بالتخطيط للمحاولة الانقلابية. أبرزهم القيادي بحركة الإصلاح الآن أسامة توفيق، والوزير السابق أسامة عبد الله. وأطلقت سراح الصحافي الصادق الرزيقي، ومدير التصنيع الحربي محمد الحسن عبد الله، بعد اعتقال دام أيام. وكان رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق عبد الفتاح البرهان قد أكد للتلفزيون الرسمي ضلوع المدنيين الموالين للنظام المنحل في المحاولة الانقلابية بالتخطيط وتدبير أماكن الاجتماعات، وأرجع تكرار المحاولات الانقلابية إلى التلكؤ في تكوين الحكومة المدنية.

شروط أميركية لحذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب
ديفيد هيل: المجلس العسكري و«الحرية والتغيير» تعهدا تكوين حكومة انتقالية مدنية


الخرطوم: أحمد يونس
شدد مسؤول أميركي بارز يزور السودان على ضرورة الانتقال إلى حكومة مدنية تكفل حقوق الإنسان وتحقق السلام وتستجيب للانشغالات الأميركية بشأن مكافحة الإرهاب، ودعا السودانيين للعمل المشترك لصناعة المستقبل، وأن حكومة بلاده ترهن رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، بتحقيق التحول لحكومة مدنية، والاستجابة للانشغالات الأميركية المتعلقة بمكافحة الإرهاب. وقال وكيل الشؤون السياسية في وزارة الخارجية الأميركية ديفيد هيل في مؤتمر صحافي عقده بالخرطوم، إن توقيع الإعلانين الدستوري والسياسي يمثلان لحظة تاريخية مهمة بالنسبة للسودانيين، ودعا للعمل المشترك من أجل صناعة المستقبل.

وتعد زيارة الرجل الثالث في الخارجية، هي الأولى لمسؤول أميركي للبلاد منذ إسقاط نظام عمر البشير بثورة شعبية في 11 أبريل (نيسان)، وتأتي ضمن جولة قام بها الرجل إلى كل من الصومال وكينيا والسودان. وأشاد هيل بدور الاتحاد الأفريقي ودولة إثيوبيا من أجل الوصول بالسودانيين لتوقيع الإعلان السياسي والوثيقة الدستورية، ودعمهم لفترة الانتقال للحكومة المدنية. وكشف عن لقاءات جمعته بممثلين عن قوى إعلان الحرية والتغيير ورئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق عبد الفتاح البرهان، وممثلين عن المجتمع المدني، وأبلغهم أن بلاده مهتمة بالانتقال إلى حكومة مدنية وتحقيق مطالب الشعب السوداني.

وقال هيل إنه حث رئيس المجلس العسكري الانتقالي وقادة قوى إعلان الحرية والتغيير على العمل المشترك، وعلى إنفاذ الإعلان الدستوري وتكوين حكومة انتقالية مدنية، بما في ذلك تشكيل مجلس تشريعي، وإنه تلقى تعهدات قوية بتكوين حكومة انتقالية بقيادة مدنية. وأوضح المسؤول الأميركي أن الإدارة الأميركية تركز في علاقتها مع الحكومة المدنية على كفالة حقوق المرأة وتحقيق السلام والاستقرار، وإجراء تحقيق مستقل حول الجرائم التي ارتكبت في عهد النظام السابق، والجرائم التي أعقبت سقوطه، وصيانة العدالة والحيلولة دون الإفلات من العقاب، ومواجهة التحديات الاقتصادية، وكفالة حقوق الإنسان.

وأشار إلى أن واشنطن منشغلة الآن بالشؤون السياسية المتعلقة بالسودان، وبخطوات تكوين حكومة مدنية، وطريقة إدارة اقتصاد البلاد، وأنها ستنتظر لترى ماذا سيفعل السودانيون، وأن حكومته وأصدقاء السودان سيقدمون الدعم اللازم للسودان، متى استوفى هذه الشروط. وقال هيل: «الحقيقة السودان ما يزال ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب، ونحن ننتظر ما ستفعله الحكومة المدنية، بشأن كفالة الحريات وحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب، والانشغالات الأميركية الأخرى، وتتضمن تحقيق الاستقرار السياسي وتصحيح مسار الاقتصاد» وتابع: «لكننا نركز على العملية السياسية في الانتقال إلى حكومة مدنية»، مضيفا: «الطرفان قدما تعهدات قوية بالعمل المشترك لنقل السلطة لحكومة مدنية، وإعادة بناء الثقة بينهما، لتصحيح المسار ووضع السودان في طريق التنمية المستدامة»، وتابع: «نتوقع تكوين حكومة انتقالية بقيادة مدنية تعكس إرادة الشعب السوداني».

ودخل السودان حقبة جديدة من الحكم المدني ليطوي بذلك صفحة الرئيس المخلوع عمر البشير الذي حكم البلاد بقبضة من حديد على مدى ثلاثة عقود. ويمهّد الإعلان الدستوري الذي وقّعه الأحد بالأحرف الأولى المجلس العسكري وقادة حركة احتجاجية غير مسبوقة في السودان، الطريق أمام حكم انتقالي مستندا إلى اتفاق تاريخي لتقاسم السلطة تم التوصّل إليه في 17 يوليو (تموز). ويحدد الاتفاق الأطر لتشكيل حكومة مدنية انتقالية وبرلمان سيقودان البلاد خلال فترة انتقالية مدّتها ثلاث سنوات بإشراف هيئة حكم تضم مدنيين وعسكريين. وبعد مظاهرات وأعمال عنف استمرّت لأكثر من سبعة أشهر، تم التوصل للاتفاق الذي لقي ترحيبا محليا ودوليا والذي سيتم توقيعه رسميا في 17 أغسطس (آب) بحضور شخصيات دولية. وفي اليوم التالي سيتم الإعلان عن تشكيلة المجلس السيادي ذي الغالبية المدنية. وفي 20 من الشهر ذاته سيتم تعيين رئيس للحكومة على أن يتم إعلان أسماء الوزراء في 28 من الشهر الحالي.

وسيعقد المجلس السيادي والحكومة أول اجتماع بينهما في 1 سبتمبر (أيلول)، تبلغ مدة الفترة الانتقالية 39 شهراً ابتداء من توقيع الإعلان الدستوري على أن تجرى انتخابات في نهايتها. وستُعطى الأولوية في الأشهر الستة الأولى من الفترة الانتقالية إلى إرساء السلام بين الفصائل السودانية في المناطق التي تشهد نزاعات. وستُكلَّف الحكومة الانتقالية العمل على إعداد إصلاحات قضائية واقتصادية ووضع أسس سياسة خارجية متوازنة. سيتألف المجلس السيادي من 11 عضوا هم ستة مدنيين وخمسة عسكريين. وستتولى شخصية عسكرية رئاسته في الأشهر الـ21 الأولى على أن تخلفها شخصية مدنية للأشهر الـ18 المتبقية. وسيشرف المجلس على تشكيل إدارة مدنية انتقالية قوامها حكومة ومجلس تشريعي.