التاريخ: تموز ٣١, ٢٠١٩
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
لبنان: الطائف في دائرة الصراع: أي تفسير للمادة 95؟
في خضم الازمات المتناسلة والمتفاقمة، يبدو البلد منزلقا الى مزيد من التعقيدات، في ظل ما يقبل عليه بعض الفريق الحاكم من خطوات تزيد مروحة الشكوك والاعتراضات. واذا كان الوزير سليم جريصاتي، كما أفادت مصادر قريبة منه، نقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري ترحيبه بالرسالة التي ينوي رئيس الجمهورية ميشال عون توجيهها الى المجلس لتفسير المادة 95 من الدستور وفقاً لما تنص عليه صلاحياته، فان الترحيب الشكلي لا يعبر عن القلق الذي ينتاب بري من ان تكون الرسالة فاتحة للدعوة الى تعديلات دستورية تقابل بتعديلات أخرى، ما يطيح اتفاق الطائف، أو يدخل البلاد في دوامة من الصراعات والمطالب والشروط المتقابلة. في المقابل، تبدي رئاسة الحكومة مع رؤساء الوزراء السابقين حذراً حيال "انقلاب على الطائف" يعيد عقربي الساعة الى الوراء. وقد عبر عن الامر امس النائب السابق محمد قباني عندما طالب الرئيس بري بـ " الانتقال باتفاق الطائف والسير به الى الامام وليس الى الوراء".

وقد حاولت القمة الروحية التي انعقدت أمس في دار الطائفة الدرزية في فردان اضفاء مسحة جامعة على اللبنانيين عندما أكدت التمسك بما سمته ثوابت الطائف، واعتبرت ان "الوحدة الوطنية التي نشأت بين العائلات الروحية اللبنانية تشكل الأساس الضامن لبناء لبنان الغد". ورأى المجتمعون "ان المطلوب إزاء التحديات المزيد من الوعي والتضامن الوطني لتجاوز المخاطر التي تتضاعف في ظل ما يحاك من مشاريع ومخططات تستهدف إعادة رسم خريطة المنطقة"، مشددين على ان "عمل الحكومة حاجة ماسة للاستقرار والنهوض الاقتصادي، وندعو الى ايجاد الحل المناسب والسريع لتستعيد البلاد حياتها الطبيعية".

ومن المنتظر ان يوجّه رئيس الجمهورية رسالة الى مجلس النواب من اجل توضيح المادة 95 من الدستور التي تنص على الغاء الطائفية السياسية والتي لم تطبّق بعد، كخطوة اعتراضية أولاً، هدفها محاولة حسم الجدل الدائر باستمرار حول طائفية الوظائف. وفي الوقت نفسه، يوقع الرئيس ميشال عون وينشر قانون الموازنة مع قانون امهال الحكومة ستة اشهر لتقديم قطوعات الحسابات المالية.

وأوضحت مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية أن توجيه رئيس الجمهورية رسالة الى مجلس النواب اجراء في صلب صلاحياته المنصوص عليها في الدستور. فمن وجهة نظره، ثمة خلل شاب الموازنة في الفقرة المضافة الى المادة 80، وعلى رغم ذلك فإنه ليس في وارد رد الموازنة أو الطعن فيها، لكن المادة 95 من الدستور التي يفسّرها البعض في شكل خاطئ في مثل هذه الحالات يجب أن توضّح في مجلس النواب . وإلى أن تطبق المادة 95 يجب الحفاظ على مقتضيات العيش المشترك، والمناصفة والتوازنات الطائفية في البلد.

ورئيس الجمهورية الذي أوفد الوزير سليم جريصاتي، الى عين التينة، توافق مع رئيس المجلس على الخطوات التي ينوي القيام بها. ونقل جريصاتي أيضاً من الرئيس بري الى الرئيس عون، أفكاراً لم يكشفها. الا أنه علم ان الرئيس بري أبدى كل ايجابية حيال الرسالة الرئاسية كما حيال اقتراح القانون المعجل المكرر الذي ينوي "تكتل لبنان القوي" تقديمه مع حلفائه من أجل شطب الفقرة المضافة الى المادة 80 في الموازنة، والتي نصت على انه "يحفظ حق الناجحين في المباريات والامتحانات التي أجراها مجلس الخدمة المدنية بناءً على قرار مجلس الوزراء وأعلنت نتائجها حسب الأصول بتعيينهم في الإدارات المعنية".

واستغربت المصادر لحظ هؤلاء الفائزين في مجلس الخدمة وعددهم لا يتجاوز الاربعمئة، فيما أكثر من 800 فازوا في دورة الجمارك وجمّد توظيفهم غير ان يحفظ حقهم، كذلك لم يحفظ حق من فازوا في مباراة الكتاب العدول حيث التوازن الطائفي قائم.

وأضافت ان الشراكة الوطنية الحقيقية يجب ان تقوم على التكافؤ والتوازن بين الشريكين على كل المستويات.وهذا هو المنطلق الذي يفترض ان يكون تكريساً لاتفاق الطائف وللدستور الذي أنتجه الطائف، وتالياً لا يمكن القول ان رئيس الجمهورية يسعى الى تجاوز الطائف لأن ما يقوم به هو من صلب الطائف ومن يتجاوزه هو من يحاول تفسير نصوصه على هواه.

على صعيد آخر، عاود المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم، العائد من الدوحة، مبادرته لحلحلة الازمة الحكومية، بلقاء النائب طلال ارسلان، ورئيس الوزراء. كما استقبل الاخير رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، لاستكمال المشاورات الجارية لايجاد حل لقضية حادثة البساتين.

وكان لافتًا موقف كتلة "المستقبل" لجهة صلاحيات رئيس الوزراء، اذ دعت في بيانها إلى " التوقف عن توجيه الرسائل المشروطة لرئاسة مجلس الوزراء، التي نؤكد للمرة الألف انها الجهة الوحيدة المعنية حصراً بدعوة المجلس الى الإنعقاد، والمسؤولة عن اعداد جدول الاعمال واطلاع فخامة رئيس الجمهورية عليه وإن أي دعوة من أي جهة سياسية لفرض بنود على جدول الاعمال هي من خارج السياق الدستوري والقانوني وتقع في نطاق عرقلة العمل الحكومي".

القمة الروحية من فردان: التمسك بثوابت الطائف والحكومة حاجة ماسة للاستقرار

أكد البيان الختامي للقمة الروحية الاسلامية المسيحية ان "الوحدة الوطنية التي نشأت بين العائلات الروحية اللبنانية تشكل الأساس الضامن لبناء لبنان الغد".

انعقدت القمة الروحية المسيحية – الإسلامية في دار طائفة الموحدين الدروز، بدعوة من شيخ عقل الطائفة الشيخ نعيم حسن، ومشاركة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ومفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، وبطريرك الروم الارثوذكس يوحنا العاشر يازجي، ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب ممثلا رئيس المجلس الشيخ عبد الأمير قبلان، وبطريرك الروم الملكيين الكاثوليك جوزف العبسي، وبطريرك الأرمن الارثوذكس الكاثوليكوس آرام الأول كشيشيان، وبطريرك السريان الكاثوليك اغناطيوس يوسف الثالث يونان، وبطريرك الأرمن الكاثوليك غريغوار بطرس العشرون، والمطران مارثاوفيلوس جورج صليبا ممثلا بطريرك السريان الارثوذكس مار اغناطيوس افرام الثاني، ورئيس الكنيسة القبطية الارثوذكسية في لبنان الاب رويس الاورشليمي، ورئيس المجمع الأعلى للطائفة الانجيلية في سوريا ولبنان القس جوزف قصّاب، ورئيس الطائفة الكلدانية في لبنان المطران ميشال قصارجي ممثلا بالنائب العام رافييل طرابلسي، ، نائب رئيس المجلس الإسلامي العلوي الشيخ محمد خضر عصفور، النائب الرسولي للاتين في لبنان المطران سيزار آسيان ممثلا بالاب توفيق بو مرعي، المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان، رئيس أساقفة ابرشية بيروت للموارنة المطران بولس عبد الساتر، رئيس الطائفة الآشورية الارثوذكسية في لبنان المتروبوليت مار ميليس زيا ممثلا بالخوري كيفركيس يوحنا.

ومن ابرز ما جاء في بيان القمة: "إن الوحدة الوطنية التي نشأت بين العائلات الروحية اللبنانية على قاعدة المواطنة والميثاقية والعيش المشترك والتعددية، والتي أرسى ثوابتها اتفاق الطائف بتعديلاته الدستورية، تشكل الأساس والضامن لبناء لبنان الغد. وعلى هذا الأساس فإن أي اساءة للعيش المشترك في أي منطقة من لبنان وبخاصة في الجبل، هي إساءة الى لبنان الفكرة والرسالة، تعرض حاضره ومستقبله للأخطار والأزمات. وإن إطلاق وصف الـ"كنز" على مصالحة الجبل التاريخية هو أبلغ تعبير عن أهميتها في أبعادها الوطنية والمعنوية والميثاقية والمستقبلية، وهو كنزٌ برسم الوطن من أقصاه الى أقصاه. ولا يسع الرؤساء الروحيون إلا أن يعربوا عن ألمهم الشديد لحادثة البساتين المؤسفة التي أدت بنتائجها إلى تعطيل عمل الحكومة الذي هو حاجة ماسة للإستقرار السياسي والأمني وللنهوض الإقتصادي، ودعوا إلى إيجاد الحل المناسب والسريع لكي تستعيد البلاد حياتها الطبيعية".

وكانت اعمال القمة افتتحت بكلمة للشيخ حسن توجه فيها إلى رئيس الجمهورية "بما يمثله من موقعٍ دستوريٍّ مؤتَمنٍ على الدستور وعلى الميثاقِ الوطني ومندرجاتِ اتفاق الطائف وعلى منع كل ما يناقض صيغةَ العيشِ المشترك؛ والمسؤولُ الأول والأخير عن تحويل عهدِه الرئاسي الى عهدِ إنتاجٍ وخيرٍ وبحبوحةٍ وأمنٍ على كل اللبنانيين، ندعوه الى جمع اللبنانيين تحت سقف هذه الثوابت، ومنع أي سعيٍ لضربِ ركائزِ الصيغةِ اللبنانية".

نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، نبه الى "ان أهم سلاح يمكن للبنانيين أن يواجهوا به الأخطار ويحافظوا على تلك المنجزات، إلى جانب الجيش والمقاومة هو وحدتهم الداخلية والحفاظ على عيشهم الواحد فالجميع في قارب واحد ينجون جميعاً أو يسقطون لا سمح الله جميعاً".

واكد البطريرك الراعي "اننا معكم في النداء الى كل القيادات السياسية وبخاصة الى رئيس الجمهورية من هذه الدار للموحدين التي عائلة واحدة بما يعطي للبنانيين الطمأنينة ويشعر انه على مستوى الرؤساء الروحيين واحدا، وكذلك الشعب يجب ان يعيش واحدا وهذه ميزة لبنان في التنوع والوحدة".

واعتبر مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان "اننا كمرجعيات سوف نقف سداً منيعا امام الالتفاف على صلاحيات اتفاق الطائف الدستورية للرئاسات الثلاث، ونحن من هذه القمة نتوجه الى فخامة رئيس الجمهورية الذي اقسم على الدستور بالمحافظة عليه، وندعوه الى حماية هذا الدستور واتفاق الطائف بالممارسة لانه لا يجمعنا كلبنانيين الا هذه القواعد الاساسية الثلاث، الوحدة الوطنية والعيش الواحد والمحافظة على الدستور".

واكد البطريرك يوحنا العاشر "اننا نؤكد بلقائنا هذا أننا نريد خير لبنان وان نبعد كل المخاطر الآتية من الداخل او الخارج. كما ان مجرد هذه الصورة بهذا التنوع هي رسالة قوية تدل أن ما من شيء يفرقنا، نحن عائلة واحدة يحترم كل واحد منا الآخر".

وأشار الكاثوليكوس آرام الأول كشيشيان الى "اننا لا نرى الا لبنان الواحد والعائلة الواحدة، وان ما يصيب طائفة يصيبنا جميعنا، وهذه هي صورة لبنان التي نترجمها في لقائنا اليوم".

أما البطريرك مار إغناطيوس يوسف الثالث يونان فقال: "علينا أن نكون واقعيين، ونطوي صفحة الماضي والتطلع الى المستقبل، وان نعطي هذا الشعب نفحة أمل للمستقبل، وسيبقى لبنان وطنا حضاريا لشعبه".

مجلس القضاء الأعلى يردّ على أرسلان
أعلن مجلس القضاء الأعلى في بيان أن "أحد نواب الامة، تناول في تاريخ 29/7/2019، عبر وسائل الإعلام، النائب العام لدى محكمة الاستئناف في جبل لبنان بكلامٍ يتضمّن تهماً افتراضية بحقها، بعيدا عن الموضوعية".

وأضاف: "إن مجلس القضاء الأعلى يدين بشدة هذا الكلام، ويؤكد عدم وجود ما يبرّر إقدام متعاطي الشأن العام على التهجّم على أيّ قاضٍ في معرض قيامه بمهماته، والتجريح به بما ينال من ثقة المجتمع بالقضاء، ويذكّر بأن القضاة يقومون بمهماتهم الجسام في أشدّ الظروف صعوبة، وهم لا يتوانون عن تحمُّل مسؤولياتهم بكل مناقبية، واضعين نصب أعينهم إحقاق الحق وتطبيق القانون، ويهيب بالجميع عدم زجّ القضاء في التجاذبات السياسية".

وكان رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان أكد أنه لم يطلب نقل موضوع الشويفات من المحكمة العسكرية الى المدعي العام في جبل لبنان القاضية غادة عون "اللي هيي بإيد المعلومات"، على قوله. وتابع: "أبصر شو كامشين عليها".