التاريخ: تموز ٣٠, ٢٠١٩
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
خطّة سعوديّة بديلة لتجنّب هرمز...ما هي محاذيرها؟
موناليزا فريحة
يستمر الحشد العسكري الغربي في مضيق هرمز بعد  تعرّض ناقلات نفط لهجمات قبالة ساحل إيران في الأشهر الأخيرة، ووصلت، الأحد، المدمّرة البحرية "إتش أم أس دانكن" إلى مياه الخليج لتأمين السفن البريطانية، وستنضمّ إلى فرقاطة أخرى موجودة في الخليج، لدعم سلامة عبور السفن.

وبالتزامن مع الحشود، يبدو بديهياً أن تسعى الدول التي تستخدم هرمز إلى درس الخيارات المتاحة أمامها، علماً أن السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، ودولة الامارات العربية، هما الدولتان الوحيدتان في الخليج اللتان لهما منفذ آخر على البحر. 

وبالنسبة إلى السعودية، يعتبر البحر الاحمر، الذي يشكّل الحدود الغربية للمملكة، خيارها البديل.

ويمرّ وفقاً لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية ووكالة الطاقة الدولية، 21 في المئة من إمدادات الخام العالمية (21 مليون برميل يومياً)، من مضيق هرمز.

 وكان هجومان منفصلان على ناقلتي نفط في أيار وحزيران الماضيين خارج هرمز تسبّبا بارتفاع تكاليف النقل والتأمين. وباتت السفن التي ترفع العلم البريطاني تتجنب المضيق بعدما احتجز  "الحرس الثوري الإيراني" ناقلة ترفع العلم البريطاني، ردّاً على اعتقال ناقلة النفط العملاقة "غريس 1" قبالة جبل طارق في وقت سابق من هذا الشهر.

 لذا أثار تقرير أوردته وكالة "بلومبرغ" الأميركية عن مساع سعودية لتغيير مسار صادراتها النفطية من مضيق هرمز إلى باب المندب، اهتماماً واسعاً.

ففيما تواصل واشنطن الحشد لتشكيل قوة بحرية تضمن أمن الملاحة في الخليج، تبدو الخطة البديلة المفترضة للسعودية خياراً جذاباً وخصوصاً أنه يجنّب شحنات النفط، الخطر الذي تعرّضت له ناقلات عدة في الأسبوعين الأخيرين.

 وهناك أصلاً خط أنابيب نفط كبير ينقل الخام السعودي من حقولها النفطية في الشرق إلى الساحل الغربي. ومع قدرته على نقل خمسة ملايين برميل من النفط يومياً، يعد الأنبوب واحداً من الأكبر في العالم. وكان مقرراً تطويره أصلاً، لكن التوترات في هرمز تعني أن العمل فيه سينمو أسرع وعلى نحو أكبر. 

ويهدف مشروع التوسيع إلى زيادة قدرة الأنبوب من 5 ملايين برميل يومياً إلى 7 ملايين برميل.

باب المندب

 ومع ذلك، ترى "بلومبرغ" أن خطة السعودية تصدير الخام عبر البحر الأحمر لن توفر لها الأمن الذي تتطلع إليه. فللبحر الأحمر مضيقه "باب المندب" أيضاً الذي يمكن أن يتعرّض لهجمات.

 ويفصل باب المندب البحر الأحمر عن خليج عدن والمحيط الهندي، كما يفصل قارتي أفريقيا وآسيا، وتحدّه من الجانب الأفريقي جيبوتي، ومن الجانب الآسيوي اليمن.

زادت أهمية باب المندب بعد افتتاح قناة السويس عام 1869 والتي ربطت البحرين الأبيض والأحمر، حيث بات المضيق يربط التجارة بين أوروبا وبلدان المحيط الهندي وشرق أفريقيا. وضاعف النفط أهميته لما يتميز به من عرض وعمق ملائمين لمرور ناقلات النفط في الاتجاهين. ويمر عبره أكثر من 21 ألف قطعة بحرية سنوياً أي حوالي 57 قطعة بحرية يومياً.

كذلك، يتمتع المضيق بأهمية عسكرية وأمنية كبيرة، وسبق لمصر أن أغلقته أمام إسرائيل خلال حرب 1973. وإثر هجمات أيلول عام 2001 في الولايات المتحدة قامت قوة أميركية بالعمل على تأمين الملاحة في المضيق في مواجهة تنظيم "القاعدة" والقراصنة في المنطقة.

أخطار

ولكن على أهميته، تبدو الملاحة فيه في ظل التوتر مع إيران محفوفاً بالأخطار أيضاً، على غرار مضيق هرمز.

ففي تموز 2018، أعلن وزير النفط السعودي خالد الفالح تعليقاً موقتاً لكل صادرات النفط عبر باب المندب، بعد هجوم الحوثيين على سفينتين محملتين بالنفط الخام.

 إلى ذلك، تواجه خطة السعودية مشكلة أخرى تكمن في احتمال تعرض أنبوب النفط شرق-غرب لهجمات بطائرات مسيَّرة، مثلما حصل في أيار الماضي. في حينه، اتُهم الحوثيون بالهجوم، ولاحقاً نسبت صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى مسؤولين أميركيين أن الهجوم مصدره ميليشيا شيعية في العراق.

عموماً، يرى تامر بدوي، وهو زميل زائر في الجامعة الأوروبية في فلورنسا، أن قرار السعودية زيادة سعة خط أنبوب شرق – غرب "بترولاين" إلى سبعة ملايين برميل يومياً لتصدير جزء كبير من خام النفط عبر البحر الأحمر عوضاً من الخليج، هو قرار استراتيجي.

وحالياً، تتجاوز صادرات المملكة عبر الخليج نسبة تسعين في المئة، في مقابل ما بين مليون ونصف مليون برميل يومياً عبر البحر الأحمر.

ويرى بدوي أن عدم الاعتماد على خط "بترولاين" لتصدير جزء أكبر من النفط السعودي قد يكون متعلقاً باعتبارات أمنية، بما فيها تهديدات محتملة من ميليشيات في اليمن والعراق مدعومة إيرانياً، والتي باتت تملك قدرات جوية.

وبالنسبة إلى جوليان لي، الخبير في شؤون النفط، يعقّد تصدير كميات أكبر من الخام إلى البحر الأحمر مهمة حماية الناقلات، لأن أمراً كهذا سيفرض على البحرية حماية مضيقين بدل مضيق واحد، تتمتع إيران أو حلفاؤها بدرجة من السلطة عليهما.

وإلى الشق الأمني، يلفت بدوي إلى أن هناك شقاً اقتصادياً يتعلق بتكاليف نقل النفط داخلياً عبر "بترولاين"،  ما قد يؤثر على تنافسية صادرات النفط السعودي.