التاريخ: تموز ٢٥, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
الجزائر: السلطة المؤقتة ترفض خيار «المرحلة الانتقالية»
محامٍ جزائري يقرر مواصلة الإضراب عن الطعام رغم رفع الرقابة القضائية عنه
الجزائر: بوعلام غمراسة
قالت الرئاسة الانتقالية في الجزائر إن «خيار المرحلة الانتقالية يستدعي بالضرورة تجميد عمل المؤسسات الدستورية القائمة، واستبدالها (بهيئات) خاصة فرضت نفسها بنفسها، تعمل خارج أي إطار قانوني أو مؤسساتي». وهو الموقف الذي عدّه جل المراقبين رداً على المعارضة وقوى في المجتمع، تقترح «فترة انتقالية»، تستمر عامين بأقصى حد، ويتم خلالها وضع دستور جديد ومراجعة قوانين عدة، خصوصاً قانون الانتخابات.

وأجرى نور الدين عيادي، الأمين العام للرئاسة، مقابلات مع 3 صحف، ومع الوكالة الحكومية نشرت أمس، كانت فرصة للسلطة الانتقالية لإبداء موقفها من قضايا عدة.

وعدّ عيادي المرحلة الانتقالية بمثابة «أمر واقع، ونظام مُرتجل ومعرض لتهديدات موازين القوى المتذبذبة، التي تفسح المجال أمام الفوضى والمغامرة، وكذا كل التدخلات بشتى أنواعها، مع ما تحمله من مخاطر وتهديدات لأمن الدولة في سياق جيوسياسي مضطرب ومحفوف بالمخاطر».

وتفضل الرئاسة التوجّه إلى انتخابات رئاسية في أقرب وقت، وهي الرغبة نفسها لقائد الجيش الجنرال قايد صالح. وقد عجزت السلطة بشقيها المدني والعسكري عن تنظيم «رئاسية» كانت مقررة في 4 يوليو (تموز) الحالي، لأن المتظاهرين في الشارع رفضوها، بذريعة أن «الصندوق سيفرز بوتفليقة جديداً»، بمعنى أن المنظومة الانتخابية القديمة ما زالت قائمة، وستنجب لا محالة رئيساً بطريقة التزوير، بحسب ما تقوله المعارضة.

وقال عيادي إن «عدم إجراء الاقتراع الذي كان مرتقباً في الرابع من يوليو، منح البلد فرصة تصحيح المسعى، وفتح الطريق أمام حوار وطني، من شأنه توفير أحسن الظروف لتنظيم أمثل للاقتراع المُقبل».

أما بخصوص تمديد ولاية رئيس الدولة عبد القادر بن صالح بقرار من المجلس الدستوري، علماً بأنها انتهت دستورياً في 9 يوليو الحالي (مدتها 3 أشهر بعد استقالة رئيس الجمهورية)، فقد قال عيادي، الذي كان سفيراً للجزائر لدى مالي: «حتى وإن اعتبر البعض أنه لا يحقُ له الفصل في عهدة رئيس الدولة، وأنه كان من المنتظر منه فقط الإقرار باستحالة تنظيم رئاسيات الرابع من يوليو، إلا إن رأيه كان سديداً، كونه الوحيد المؤهل لتفسير الدستور في نصه وروحه، خصوصاً حين يتعلّق الأمر بمسائل مرتبطة بديمومة المؤسسات، علماً بأن أولئك الذين لا يعترفون بحق المجلس الدستوري في تفسير الدستور يمنحون أنفسهم الحق في ذلك».

وأضاف الأمين العام للرئاسة موضحاً: «الذين ينتقدون ذلك لا يقدّرون مدى خطورة تجميد الدستور على التوازنات المؤسساتية والسياسية والأمنية. إن دستورنا، ومهما كانت محدوديّته ونقائصه، يتضمّن ضوابط تحول دون وقوع البلد في فخ الفراغ الدستوري والمؤسساتي، الذي يؤدي إلى غياب الاستقرار، ويفتح المجال أمام التدخل والمبادرات الاعتباطية والفوضى».

وكلف المجلس الدستوري بن صالح بإطلاق ترتيبات لرئاسية جديدة. غير أن الحراك ندد بذلك، وعدّ أن رئيس الدولة «يواجه ازدواجية من انعدام الشرعية»؛ أولاً أنه موروث عن نظام الرئيس السابق بوتفليقة، وثانياً أنه تجاوز عهدة الأشهر الثلاثة.

ولأول مرة تخوض السلطات الجديدة في شأن عام بوسائل الإعلام، لكن على لسان موظف إداري بدلاً من مسؤول سياسي، كرئيس الدولة أو رئيس الوزراء نور الدين بدوي، المرفوضين شعبياً.

وبخصوص الحوار الذي يدعو إليه بن صالح، قال عيادي إنه «يتمحور حول ظروف تنظيم الانتخابات والآليات، والهيئات الواجب وضعها لضمان شفافية ونزاهة الاقتراع، وكذا حول الرزنامة الانتخابية. وسيكون للمشاركين في الحوار حرية دراسة ومناقشة الشروط الواجب توفيرها لضمان مصداقية الاقتراع، والتطرق لكافة الجوانب التشريعية والتنظيمية لهذه الانتخابات، بما في ذلك سير الرزنامة الانتخابية، وكذا آليات مراقبتها والإشراف عليها».

وعلق الكاتب الصحافي والمحلل السياسي نجيب بلحيمر على تصريحات الأمين العام للرئاسة، بقوله: «ماذا يمثل الأمين العام لرئاسة الجمهورية؟ السؤال يفرضه احتلال شاغل هذا المنصب الصفحات الأولى لثلاث جرائد، زيادة على وكالة الأنباء الجزائرية، التي ستتكفل بتوزيعه على بقية وسائل الإعلام. الأمين العام للرئاسة يمثل البيروقراطية الحكومية، وقد تحدث باسم الدولة، ومن وجهة نظر السلطة؛ فإن الدولة يمثلها هؤلاء الموظفون السامون. وفي ظروف يطبعها الجدل السياسي حول كيفية تجسيد مطالب الجزائريين، يتولد الوهم بأن الأمين العام للرئاسة يمكن أن يكون محايداً وممثلاً للدولة، وأفضل من يقدم الدروس في كيفية التمييز بين السلطة والدولة ومخاطر الخلط بينهما».

محامٍ جزائري يقرر مواصلة الإضراب عن الطعام رغم رفع الرقابة القضائية عنه
الجزائر: «الشرق الأوسط»
أفاد المحامي والناشط الحقوقي الجزائري صالح دبوز، أمس، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن المحكمة أبلغته رفع الرقابة القضائية عنه. لكنه قرر مع ذلك الاستمرار في الإضراب عن الطعام، الذي بدأه مطلع يوليو (تموز) الحالي.

وكانت محكمة غرداية (500 كلم جنوب) قد أمرت بوضع المحامي تحت الرقابة القضائية في 8 من أبريل (نيسان) الماضي بتهمة «التحريض على الكراهية... وانتهاك سلامة التراب الوطني ومحاولة الضغط على القضاة، وتوزيع وثائق تضرّ بالمصلحة الوطنية»، كما قال سابقا. وقال دبوز أمس: «وصلت إلى محكمة غرداية للتوقيع على محضر الرقابة القضائية لدى قاضي التحقيق، فأبلغني رفعها، وتحويل ملفي إلى المحاكمة» دون تحديد موعد.

وأضاف دبوز، الذي كان ينتقل ثلاث مرات في الأسبوع من العاصمة إلى غرداية «أخوض إضرابا عن الطعام منذ 8 يوليو الحالي ولا أنوي التوقف»، تنديدا بـ«حرمانه من حقوقه القضائية».

موضحا أنّ الاتهامات الموجهة له مرتبطة بمنشورات على «فيسبوك»، انتقد فيها اتهامات «زائفة» موجّهة إلى ناشطين مزابيين، واستنكر «القرارات الغريبة» للقضاء في غرداية «الذي يملأ السجون بالأبرياء».

ودافع دبوز خصوصا عن ناشطين أوقفوا بعد أعمال عنف مذهبية في غرداية عام 2015 بين مزابيين، وهم أمازيغ يتّبعون المذهب الإباضي، وبين الشعانبة، وهم عرب يتّبعون المذهب المالكي. ومن أبرز هؤلاء الناشط الحقوقي كمال الدين فخار، الذي توفي في 28 من مايو (أيار) الماضي بعد إضراب عن الطعام وهو رهن الحبس المؤقت.

وفي مايو الماضي أيضا، قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» إنّ «صالح دبوز متّهم» وهو تحت «الرقابة القضائية لانتقاده المحاكم على (فيسبوك)».

ودعت في بيان «السلطات الجزائرية» إلى «وقف اللجوء إلى القوانين القمعية، وأوامر الرقابة القضائية بغية إسكات المنتقدين».