|
|
التاريخ: تموز ١٠, ٢٠١٩ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
السودان: اكتمال صياغة مسودة الإعلان الدستوري وتوقيع الاتفاق غداً |
«العسكري» السوداني ملتزم اتفاقه مع «الحرية والتغيير» وعودة خدمة الإنترنت بأمر قضائي والاتحاد الأوروبي يوفد مبعوثاً |
الخرطوم: أحمد يونس ومحمد أمين ياسين
جدد نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني محمد حمدان (حميدتي)، التزام مجلسه بالاتفاق الموقع مع «قوى إعلان الحرية والتغيير»، في الوقت الذي أنهت فيه لجنة «صياغة مسودة الاتفاق» عملها، والتأم اجتماع «حسن نوايا» بالقصر الرئاسي، تمهيداً لتوقيع الاتفاق في غضون 24 ساعة.
وقال حميدتي في بيان صادر عن الإعلام العسكري أمس، عقب لقائه مع رئيس البرلمان العربي مشعل بن فهم السلمي ووفده، إن المجلس ملتزم ما تم الاتفاق عليه مع «قوى إعلان الحرية والتغيير»، التي تقود الثورة السودانية.
وحسب البيان، جدد السلمي تأييد ودعم البرلمان العربي للشعب السوداني، وحرصه على وحدته وسلامة أراضيه، وإسناد حقه في رفض التدخل الخارجي في شؤونه الداخلية. وقال السلمي إن السودانيين قادرون على حل قضاياهم داخلياً، وإن برلمانه سيواصل جهوده الرامية لحذف اسم السودان من قائمة وزارة الخارجية الأميركية للدول الراعية للإرهاب، وتعهد بتوجيه رسائل مكتوبة إلى الرئيس دونالد ترمب، ورئيسي مجلسي الشيوخ والنواب الأميركيين.
وفي 6 أكتوبر (تشرين الأول) 2017 ألغت الإدارة الأميركية عقوبات اقتصادية وحظراً تجارياً مفروضين على السودان منذ 1997، بيد أنها أبقت عليه ضمن لائحتها للدول الراعية للإرهاب، والتي يخضع لها منذ 1993 على خلفية استضافة نظام المعزول عمر البشير زعماء تنظيمات إسلاموية إرهابية على رأسهم زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن.
من جهة أخرى، علمت «الشرق الأوسط» أن اللجنة القانونية المكونة لإحكام الصياغة القانونية للإعلان الدستوري للاتفاق بين المجلس العسكري الانتقالي و«قوى الحرية والتغيير» أكملت عملها، ويرجّح أن تكون قد سلمت النسخة النهائية للطرفين، بينما عقدت «قوى إعلان الحرية والتغيير» وقيادات المجلس العسكري الانتقالي اجتماعاً بالقصر الرئاسي حضره رئيس المجلس عبد الفتاح البرهان.
وعقب أول اجتماع مشترك بين الجانبين، كشف المتحدث باسم المجلس العسكري الانتقالي شمس الدين الكباشي، اكتمال صياغة الوثيقة الدستورية، بيد أنه أشار إلى حاجتهم إلى التدقيق النهائي بها، وأضاف: «وحسب اطّلاعنا عليها لا يوجد شيء مقلق»، وتابع: «الاجتماع بين رئيس المجلس ووفد (قوى إعلان الحرية والتغيير) كان الهدف منه التشاور والتفاهم على ترتيبات الاحتفال الكبير المزمع تنظيمه بتوقيع الاتفاق».
وبدوره، قال عضو وفد «قوى إعلان الحرية والتغيير» إبراهيم الأمين، إن الاتفاق بين الطرفين يمثل بداية فاصلة لانتقال الشعب السوداني من الفترة التي حدث فيها كثير من المظالم والمفاسد، إلى مرحلة تمهّد للديمقراطية وكفالة حقوق الإنسان، وتابع: «رئيس المجلس شكر قوى الحرية على تعاونهم مع اللجنة السياسية التابعة للمجلس العسكري، بالوصول إلى هذا الاتفاق».
وأوضح الأمين أن رئيس المجلس التقى أول من أمس، القوات المسلحة «الجيش» وهنأها على انحيازها إلى الشعب السوداني، وتابع: «بدورنا شكرناه على هذه الروح الطيبة، وتعاهدنا منذ اليوم على العمل بيد واحدة لإنفاذ الاتفاق، والالتفات إلى قضية معاش المواطنين واحتياجاتهم الحياتية». وقال عضو وفد «قوى إعلان الحرية والتغيير» المفاوض بابكر فيصل، لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن الوساطة الإثيوبية الأفريقية المشتركة أبلغتهم بانتهاء اللجنة من إحكام نصوص الاتفاق، وقطع بأن الأطراف اتفقت على ترشيح الخبير الأممي عبد الله حمدوك رئيساً لوزراء الفترة الانتقالية.
ونقل فيصل عن رئيس المجلس العسكري البرهان قوله بضرورة التعاون المشترك بين الشريكين وترجمة هذا التعاون لمصلحة الشعب السوداني، كما تقدم بالشكر للقوى التي قادت الحراك الشعبي والجهود التي قامت بها الوساطة الأفريقية والإثيوبية للوصول إلى الاتفاق. ووصف فيصل اجتماع القصر بين الطرفين بأنه «بداية مبشرة وحسن نيات من الطرفين»، وتابع: «تطرق الاجتماع إلى ترتيبات الاحتفال الذي سيقام عند التوقيع على الاتفاق رسمياً» الذي يُنتظر غداً (الخميس).
من جهة أخرى، أصدرت محكمة سودانية أمراً قضائياً بإعادة خدمة الإنترنت المقطوعة عن البلاد منذ أكثر من شهر، وسادت فرحة عميمة بين قطاعات السودانيين الذين حُرموا من التواصل مع العالم طوال الفترة الماضية.
وفور صدور قرار محكمة الخرطوم الجزئية، بناءً على دعوى مقدمة من الجمعية السودانية لحماية المستهلك وآخرين، أمس، ضد شركتي الاتصالات «إم تي إن»، و«سوداني»، بإعادة الخدمة لمشتركيها لحين الفصل في الدعوى، سارعت شركات الاتصالات السودانية الثلاث «زين السودان، و«إم تي إن»، و«سوداني» بإعادة الخدمة إلى مشتركيها.
وبعودة خدمة الإنترنت عادت الحياة لـ«الهواتف الذكية» التي ظلت ميتة في البلاد طوال أسابيع، وعاد ملايين المشتركين إلى التواصل وتبادلوا التهاني بعودة الخدمة التي وصفها البعض بأنها عودة من القرن الماضي إلى القرن الحادي والعشرين.
كانت خدمة الإنترنت قد قُطعت عن البلاد بتوجيهات من المجلس العسكري الانتقالي، عقب الأحداث الدامية التي نتجت عن فض الاعتصام في الثالث من يونيو (حزيران) الماضي، من أمام القيادة العامة، وراح ضحيتها أكثر من مائة قتيل، ومئات الجرحى والمصابين.
وبرر «العسكري» قراره بأن خدمة الإنترنت تشكل «تهديداً على الأمن القومي»، وهو ما اعتبره النشطاء محاولة لتقليل تأثير وسائط التواصل الاجتماعي في تصعيد الاحتجاجات.
وأصدرت ذات المحكمة حكماً قضائياً مشابهاً لصالح أحد المواطنين قبل أسبوعين ضد شركة «زين سودان»، بإعادة الخدمة له فوراً إلى حين الفصل في الدعوى.
واشترطت «قوى إعلان الحرية والتغيير»، «عودة الإنترنت» باعتباره أحد قرارات «إبداء حسن النية» المطلوب من المجلس العسكري تقديمها، قبل العودة للتفاوض مع «العسكري»، وذلك قبل تدخل الوساطة الإثيوأفريقية لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، ما أدى إلى توقيع الاتفاق.
كان المتحدث الرسمي باسم المجلس العسكري شمس الدين كباشي، قد وعد أول من أمس، بإعادة خدمة الإنترنت خلال أيام، وذلك بعد ضغوط داخلية مكثفة وتنديدات دولية وحقوقية بحرمان السودانيين من حقوقهم الأساسية في الحصول على الإنترنت.
وتسبب حجب الإنترنت عن البلاد في خسائر مالية فادحة في الاقتصاد تقدر بملايين الدولارات، وإصابة قطاعي الخدمات والاتصالات بأضرار بالغة، وتوقُّف المعاملات المالية والمصرفية في البنوك والمصارف.
الاتحاد الأوروبي يوفد مبعوثاً إلى السودان والخرطوم تطلب إسقاط الديون
الأمم المتحدة تتحدث عن «زخم جديد» لحقوق الإنسان
نيويورك: علي بردى - بروكسل: عبد الله مصطفى
يصل الخرطوم، غداً (الخميس)، وفد من الاتحاد الأوروبي، برئاسة وزير الخارجية الفنلندي بيكا هافيستو الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية الحالية للاتحاد، لبحث التطورات في السودان، وسبل تقديم الدعم من المجتمع الدولي لهذا البلد، مع بداية خطواته نحو المرحلة الانتقالية المقبلة، ضمن جولة في دول المنطقة. وطلبت الخرطوم، أمس، من المجتمع الدولي إعفاء ديونها البالغة 52 مليار دولار، بعد التغيير الذي حدث.
وفي بيان صدر في بروكسل، أمس، عن مكتب منسقة السياسة الخارجية الأوروبية فيدريكا موغيريني، قيل إن الوزير الفنلندي سيقوم بالزيارة بناء على تفويض من منسقة السياسة الخارجية الأوروبية. وتأتي جولة «المبعوث الأوروبي» بعد الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير. ويعتبر الاتحاد الأوروبي نفسه منخرطاً بشكل كامل في الوضع في السودان، إلى جانب الأطراف السودانية. ودعا البيان «الجهات الإقليمية والدولية الفاعلة إلى لعب دور بناء، ودعم الانتقال السلمي» في السودان. ويبحث الاتحاد الأوروبي عن أفضل الطرق لدعم السودان في طريقه نحو الديمقراطية والاستقرار واحترام حقوق الإنسان.
ومن المقرر أن يزور الوزير الفنلندي، اليوم (الأربعاء)، العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، قبل أن يتوجه إلى السودان في اليوم التالي. وتشمل زيارة هافيستو كلاً من مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
واختتم البيان بالإشارة إلى أن الوزير الفنلندي يمتلك خبرة ومعرفة واسعة في الشأن السوداني، كونه شغل منصب الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي للسودان لتنسيق عمليات حفظ السلام في إقليم دارفور (2005 - 2007)، وكذلك منصب المستشار الخاص لمساعد الأمين العام للأمم المتحدة للسلام في دارفور عام 2007.
ومن جهة ثانية، أمل مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لحقوق الإنسان أندرو غيلمور في أن يؤدي الاتفاق الجديد الذي جرى التوصل إليه الأسبوع الماضي في السودان إلى «زخم جديد» لحماية حقوق الإنسان في البلاد، بما يسمح بزيارة لبعثة أممية في الأسابيع المقبلة بهدف مواصلة المناقشات حول افتتاح مكتب تابع للمفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الخرطوم.
وكان غيلمور يتحدث خلال الدورة الحادية والأربعين لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، إذ شجع كل الأطراف على «مواصلة حل أي قضية عالقة من خلال الحوار»، مرحباً باتفاق الأسبوع الماضي، لما يتضمنه من «التزام بإجراء تحقيق مستقل في أعمال العنف المرتكبة ضد المتظاهرين المسالمين». وأوضح أن إنشاء مكتب حقوق إنسان في السودان تأجل في ضوء الأحداث الأخيرة في البلاد، وذلك بعدما طلب الوفد السوداني تأجيل زيارة بعثة مجلس حقوق الإنسان إلى البلاد 3 مرات، في مارس (آذار) وأبريل (نيسان) ومايو (أيار) تباعاً.
وأوضح غيلمور أن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان اقترحت على حكومة السودان في يناير (كانون الثاني) الماضي إنشاء مكتب تابع للمفوضية في الخرطوم للعمل في مجالات التعاون التقني، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها. ولكن الأحداث المتعلقة بالاحتجاجات الأخيرة في السودان، وما صحبها من تطورات على الساحة السياسية والأمنية في البلاد، دفع الحكومة السودانية إلى طلب تأجيل الزيارة، مما أدى تالياً إلى إرجاء جهود إنشاء المكتب. وأضاف أنه «في أعقاب إقالة الرئيس (عمر حسن أحمد) البشير من منصبه في 12 أبريل (نيسان)، أكدت المفوضة السامية أن الأزمة في السودان لها جذورها في مظالم حقوق الإنسان، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمدنية والسياسية التي لم يتم الوفاء بها، وبالتالي يجب أن يرتكز الحل أيضاً على حقوق الإنسان».
ومن جهة ثانية، طالب المستشار العام للاتفاقيات الدولية بوزارة العدل السودانية، وممثل الحكومة السودانية في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في جنيف، المجتمع الدولي بإعفاء بلاده من ديونها الخارجية، وإنهاء العقوبات المفروضة عليها، وذلك لتحقيق انطلاقة جديدة بعد التوصل لحكومة انتقالية تضم أعضاء من المجلس العسكري والمعارضة.
وحسب وكالة الأنباء الألمانية، فإن أسامة حميدة أكد أن بلاده أصبحت في أعقاب «الثورة المجيدة» التي قام بها الشعب في الطريق لمستقبل جديد، وقال إنه قد آن الأوان لإنهاء العقوبات المفروضة على السودان «وإعفائنا من الديون الخارجية».
وبلغت ديون السودان، وفقاً لتقرير لصندوق النقد الدولي، نحو 52 مليار دولار أواخر عام 2016. وأعلن حميدة أن المدعي العام السوداني سيتقدم في غضون أيام بتقرير بشأن الأحداث الدامية التي وقعت في الثالث من يونيو (حزيران) عند فض الاعتصام الشعبي أمام مقر القيادة العامة للجيش السوداني. وأشار المسؤول السوداني إلى أنه سيتم بالتوازي مع ذلك تشكيل لجنة وطنية مستقلة للتحقيق في جميع الأحداث التي وقعت منذ 11 أبريل (نيسان) الماضي.
ولكن منظمة «ديفند ديفندرز»، المعنية بالدفاع عن المدافعين عن حقوق الإنسان، تطالب بأن يتولى هذه التحقيقات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة «حيث يجب على المجلس ألا يتنصل من مسؤوليته»، حسب إيستيلا كاباشفيتسي، من المنظمة. |
|