التاريخ: حزيران ٢١, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
أمازيغ الجزائر «يصعّدون» مع قائد الجيش بوضع أعلامهم على واجهات البلديات
القضاء يرفض الإفراج عن مدين وطرطاق وشقيق بوتفليقة
الجزائر: بوعلام غمراسة
في خطوة عدت بمثابة تحد لقائد الجيش الجزائري الجنرال قايد صالح، وضع رؤساء بلديات ومنتخبون بولاية تيزي ووزو، كبرى مناطق البربر، علم الأمازيغ على واجهة البلديات.

وجاء هذا التصعيد بعد أن أمر صالح قوات الأمن بالتصدي للمتظاهرين، الذين يرفعون رايات الأمازيغ خلال مظاهرات الجمعة. كما تزامن مع رفض القضاء العسكري طلب محامين الإفراج مؤقتاً عن مديري المخابرات سابقاً محمد مدين وبشير طرطاق، وشقيق الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

وتداول ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي، أمس، صور منتخبي بلدية «أبي يوسف» (100 كلم شرق العاصمة)، وهم ينصبون الراية الأمازيغية بجنب العلم الوطني في أعلى مبنى البلدية. وكان ذلك تصرفاً معبراً عن رد فعل حاد على تصريحات رئيس أركان الجيش أول من أمس، التي جاء فيها أن المظاهرات بالحراك «تتعرض لمحاولة اختراق، ورفع رايات أخرى غير الراية الوطنية من قبل أقلية قليلة جداً».

ومما جاء في كلام صالح: «للجزائر علم واحد استشهد من أجله ملايين الشهداء، وراية واحدة هي الوحيدة التي تمثل رمز سيادة الجزائر واستقلالها ووحدتها الترابية والشعبية، ولا مجال للتلاعب بمشاعر الشعب الجزائري، وعليه فقد تم إصدار أوامر صارمة وتعليمات لقوات الأمن من أجل التطبيق الصارم والدقيق للقوانين السارية المفعول، والتصدي لكل من يحاول مرة أخرى المساس بمشاعر الجزائريين في هذا المجال الحساس».

واستقبل سكان مناطق الأمازيغ، خصوصاً منطقة القبائل بشرق البلاد، بحساسية بالغة موقف قايد صالح من رايتهم، التي يعدّونها رمزاً لثقافتهم وهوَيتهم. ورفع مواطنون عاديون ورؤساء بلديات آخرون الراية الأمازيغية بمساكنهم، وبالمباني والمقار الحكومية في بقية ولايات القبائل، مثل بجاية والبويرة وبومرداس. ولوحظ وجود مكثف لقوات الأمن بمداخل العاصمة والمدن الكبيرة. واشتعلت ساحات النقاش وبلاتوهات الفضائيات، بالنقاش حول القضية، وانحازت غالبية وسائل الإعلام لقائد الجيش.

وانتشرت على صفحات وحسابات بالمنصات الرقمية الاجتماعية دعوات إلى «عدم التخلي عن الطابع السلمي للحراك، وذلك بعدم الرد على تصريحات قائد الجيش». فيما طالب آخرون بمواصلة رفع الراية الأمازيغية، «حتى لو واجهت قوات الأمن أصحابها بالقوة». بينما عدّ آخرون هذا الجدل بمثابة «محاولة لإبعاد الحراك عن مطالبه الأساسية، وهي إبعاد كل رموز نظام الرئيس السابق، وإطلاق ترتيبات جادة لبناء دولة القانون».

ولوحظ انقسام كبير وسط نشطاء الحراك الشعبي حيال موقف قايد صالح من قضية الراية الأمازيغية. فمنهم من رأى أنها «تشكل انقساماً للوحدة الوطنية»، وبأن قيادة المؤسسة العسكرية «تدخلت لوقف انحراف». أما الطرف الثاني، فيعيب على قائد الجيش أنه «أثار قضية من العدم» وأنه «أعاد فتح جرح قديم»، يتمثل في مواجهة جمعت في سبعينات وثمانينات القرن الماضي مناضلين من أجل الاعتراف بالبعد الأمازيغي للشخصية الجزائرية، وسلطات البلاد في تلك المرحلة، خصوصاً فترة رئاسة هواري بومدين (1965 - 1978)، الذي عارض بحدة أن تصبح الأمازيغية لغة وطنية أو رسمية. ومن المفارقات أن وزير خارجيته عبد العزيز بوتفليقة هو من أعاد الاعتبار لهذه اللغة في ولايته الأولى رئيساً للبلاد، حينما وضعها في الدستور لغةً وطنية عام 2002، ثم أدرجها به لغةً رسمية عام 2016.

في غضون ذلك، أعلن ليلة أول من أمس، عن استدعاء وزيري الصناعة سابقاً يوسف يوسفي ومحجوب بدة إلى المحكمة العليا، بعد استجوابهما من طرف قاضي التحقيق بمحكمة الجنح في العاصمة بخصوص قضايا فساد، مرتبطة بمصنع لتركيب سيارات كورية.

وقال مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، إن الوزيرين متورطان في منح امتيازات غير مستحقة لصاحب المصنع، وهو رجل أعمال يدعى محمد العرباوي، ويوجد بالحبس الاحتياطي حالياً.

وقاد مجال تركيب السيارات والاستثمارات الضخمة المرتبطة به مسؤولين كباراً إلى السجن، من بينهم رئيسا الوزراء سابقاً أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، ووزير التجارة سابقاً عمارة بن يونس. كما تم وضع وزراء سابقين عديدون تحت الرقابة القضائية للسبب نفسه. وقد تابع القضاء وزيرين في الحكومة الحالية في هذه القضية، وقضايا فساد أخرى، هما وزير المالية محمد لوكال، ووزير السياحة عبد القادر بن مسعود.

من جهة أخرى، رفض قاضي التحقيق بمحكمة البليدة العسكرية (جنوب العاصمة)، من جديد، طلب الإفراج المؤقت عن مدير المخابرات السابق الجنرال محمد مدين، والجنرال بشير طرطاق، والسعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق، ولويزة حنون زعيمة «حزب العمال اليساري»، حسبما أفاد به المحاميان المدافعان عنهم، ميلود براهيمي وبوجمعة غشير. وتتهم النيابة العسكرية المتهمين الأربعة بـ«التآمر على الجيش»، و«التآمر على سلطة الدولة»، بسبب لقاءات جمعتهم نهاية مارس (آذار) الماضي، تناولت عزل قائد أركان الجيش.