| | التاريخ: حزيران ٢١, ٢٠١٩ | المصدر: جريدة الشرق الأوسط | | تجدد الاحتجاجات في البصرة والمتظاهرون يلوحون باستمراريتها | بغداد: فاضل النشمي
تجددت، أمس، المظاهرات في محافظة البصرة الجنوبية، الغنية بالنفط، للمطالبة بتوفير الخدمات وفرص العمل ومحاربة الفساد. وتجمع مئات من المتظاهرين بالقرب من المنطقة المحيطة بمبنى محافظة البصرة، ولم يتمكنوا من التجمع أمام المبنى نتيجة الإجراءات الأمنية المشددة التي فرضتها قوات الأمن هناك.
وأبلغت مصادر أمنية «الشرق الأوسط» أن «قوات الأمن ومكافحة الشغب فرضت 3 أطواق على مبنى المحافظة للحيلولة دون وصول المتظاهرين إليه، خشية من تعرض المبنى إلى الحرق كما حدث في العام الماضي».
وخلافاً لمظاهرات العام الماضي، لم تحدث احتكاكات بين المتظاهرين وعناصر الشرطة وقوات مكافحة الشغب، لكن بعض التكهنات تشير إلى إمكانية حدوث ذلك في المرات المقبلة، في حال عدم قيام السلطات المحلية والاتحادية بمعالجة عوامل التذمر التي تسود المحافظة منذ سنوات.
وسجلت البصرة في العام الماضي، أكثر من 150 ألف حالة تسمم بين السكان نتيجة ملوحة مياه الشرب وتلوثها.
ويشتكي مواطنو البصرة منذ سنوات من حالة الإهمال وضعف الخدمات وانعدام فرص العمل، برغم معيشتهم في محافظة تعد «سلة الغذاء العراقية» لوجود حقول النفط التي ترفد الموازنة المالية الاتحادية بنحو 90 في المائة من مواردها.
إلى ذلك، أكد قائد شرطة البصرة الفريق رشيد فليح، على أن «حماية المتظاهرين واجب على قواته، بغض النظر عن مطالبهم، ما دام هناك اتفاق معهم بفرز المندسين وعدم السماح لهم بالتجاوز على الممتلكات الخاصة والعامة»، إلا أنه حذّر في الوقت ذاته مما سماه «الخروج عن الخط السلمي».
وتابع: «سيتم استخدام القوة والقسوة ضد أي متظاهر من أي اتجاه، ومهما كانت الجهة التي ينتمي إليها، لمنعه من التجاوز على الممتلكات وعمليات الحرق التي ينوي تنفيذها».
وكانت مظاهرات مماثلة انطلقت نهاية يونيو (حزيران) العام الماضي، وبلغت ذروتها في شهر سبتمبر (أيلول)، وأدت إلى حرق مبنى المحافظة وبعض مقرات الأحزاب و«الحشد الشعبي» ومبنى القنصلية الإيرانية في البصرة. ويخشى أن يعاود المتظاهرون الكرة هذه المرة أيضاً، ويقوموا بعمليات حرق مماثلة، خاصة بعد بقاء أسباب الاحتجاج والتذمر قائمة.
ويؤكد الناشط أحمد البصري، خروج مئات المحتجين بالقرب من مبنى الحكومة المحلية في منطقة المعقل، وسط البصرة، ولم يتمكنوا من الوصول إليه نتيجة الأطواق الأمنية المشددة التي فرضتها الشرطة.
وعن أهم مطالب المتظاهرين، يقول البصري لـ«الشرق الأوسط» إن «مطالب المتظاهرين هي هي منذ سنوات، وتتمثل بمحاربة الفساد والطائفية وتوفير عمل للعاطلين وتحسين البنى التحتية من ماء وكهرباء وغيرها».
ويشير البصري إلى أن «ما يحثّ المتظاهرين ويدفعهم إلى الخروج دائماً هي حالة اللامبالاة التي تبديها السلطات المحلية والاتحادية حيال مطالب البصرة»، لذلك - والحديث للبصري - «رفع المتظاهرون هذه المرة شعار إسقاط مجلس المحافظة وحكومتها المحلية، لأنها تبدو عاجزة أو غير مكترثة لمطالب الناس».
وكشف عن «عزم الشباب الخروج بمظاهرة أخرى يوم الأحد المقبل، وأن تحديد هذا اليوم مقصود، ومتعمد أن يكون في أوقات الدوام الرسمي للضغط على السلطات». وتوقع البصري «استمرار الاحتجاجات ما دامت المطالب غير متحققة».
من جهته، قال رئيس مجلس محافظة البصرة صباح البزوني، إن «البطالة التي يعاني منها أبناء المحافظة تعتبر المشكلة الأساس لخروج الشباب والباحثين عن العمل بمظاهرات منظمة».
وذكر البزوني، في مؤتمر صحافي عقده بديوان محافظة البصرة، وبحضور بعض القيادات الأمنية، على خلفية المظاهرات التي انطلقت، أمس، أن «المظاهرات في البصرة انطلقت على هذا الأساس (البطالة) ولا توجد مشكلة أخرى».
وأشار إلى أن «مشكلة الكهرباء تم حلها، وهي الآن جيدة ومسيطر عليها، وأزمة المياه حلّت بمشيئة إلهية (نظراً لتساقط أمطار غزيرة في الشتاء)، وهناك مشروعات يجب على الحكومة المحلية إنجازها لحل المشكلات الأخرى في المحافظة، والحكومة بدأت بتلك المشروعات».
بدوره، أكد قائد العمليات الفريق الركن قاسم نزال، خلال المؤتمر الصحافي المشترك، أن قواته أعدت العدة، وأبدت استعدادها لأي مظاهرة تنطلق في محافظة البصرة.
وأشار نزال إلى أن «المظاهرة تزامن معها وجود بعض الفعاليات التي وصفها بالعدائية، وتم قمعها بإجراءات اتخذتها قواته، دون أي احتكاك مع المتظاهرين».
ورداً على تصريحات رئيس المجلس صباح البزوني، قال مصدر بصري مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن «تصريحات البزوني فيها تبسيط ومغالطات كبيرة، ذلك أن الطاقة الكهربائية متذبذبة وغير مستقرة عموماً، والقصة لا تتعلق بالبطالة فقط، إنما بنقمة شعبية تشمل جميع الخدمات، إضافة إلى شعور البصريين بالحيف من سيطرة مافيات فساد كبيرة على مقدرات محافظتهم».
وتوقع أن تكون «مظاهرة (اليوم) أشبه ببروفة وتمرين لمظاهرات أكثر تنظيماً وتشمل أكثر من مدينة في الأيام المقبلة». | |
|