|
|
التاريخ: حزيران ١٧, ٢٠١٩ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
قانون المحكمة الاتحادية الجديد يثير مخاوف من تحول العراق إلى «دولة دينية» |
بعد إضافة 4 فقهاء إلى عضويته |
بغداد: فاضل النشمي
أثارت القراءة الأولى لقانون المحكمة الاتحادية جدلاً واسعاً داخل الأوساط السياسية والقضائية والمدنية على حد سواء، إضافة إلى ممثلين عن الأقليات الدينية والعرقية العراقية.
وتركز معظم النقاشات وحالات عدم الرضا عن القانون، حول الفقرة المتعلقة بإضافة 4 أعضاء من فقهاء «الفقه الإسلامي» إلى عضوية المحكمة المؤلفة من 13 عضواً، ضمنهم الرئيس ونائبه.
وانصب معظم مخاوف المعترضين على القانون الجديد حول إمكانية تحول العراق إلى «دولة دينية» بوجود الثقل الذي يمثله الفقهاء الأربعة، أو أن تتحول المحكمة الاتحادية إلى «مجلس لتشخيص مصلحة النظام» على غرار النموذج الإيراني. ولعل ما عزز تلك المخاوف هو أن النسخة الأولى من القانون التي قدمت إلى البرلمان العراقي عام 2015، كانت تتضمن فقيهين اثنين فقط ضمن أعضاء المحكمة، لكن النسخة الجديدة للقانون رفعت سقف تمثيلهم إلى أربعة.
والمحكمة الاتحادية واحدة من السلطات القضائية الرئيسية الست التي من مهامها: الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة، وتفسير نصوص الدستور، والفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية، كذلك الفصل في الاتهامات الموجهة إلى رئيسي الجمهورية ومجلس الوزراء والوزراء، والمصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب.
ويرى عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب صائب خدر أن «القانون بصيغته الحالية خطير جداً». ويقول خدر لـ«الشرق الأوسط» إن «تشبيه المحكمة الاتحادية وفق القانون الجديد بـ(مجلس تشخيص مصلحة النظام) في إيران أمر غير دقيق، لكن المثير للاستغراب هو منح صلاحيات التصويت لخبراء الفقه، ويفترض أن يمنحوا حق تقديم الاستشارة فقط».
ويضيف: «القانون مثير للجدل لا شك، لكن وفاة أحد أعضاء المحكمة الاتحادية مؤخراً أخلّ بنصابها، لذلك من الضروري أن يبادر مجلس النواب إلى تشريع القانون لتدارك ذلك الخلل». ويؤكد خدر أن «هناك اعتراضات كثيرة داخل البرلمان حول القانون، وسيصار إلى تعديله، كما لدى أعضاء المحكمة الحاليين اعتراضات على القانون».
وفي حين لم يصدر أي اعتراض علني عن المحكمة الاتحادية بخصوص مسألة إضافة الفقهاء الأربعة إلى عضويتها، أكد أكثر من مصدر لـ«الشرق الأوسط» تلك الاعتراضات. ولعل الأمر اللافت في هذا الاتجاه، أن موقع المحكمة الاتحادية الإلكتروني الرسمي نقل في سياق نشرته الإخبارية رأياً لخبير قانوني قال فيه إن «تمرير مجلس النواب قانون المحكمة الاتحادية يحول الحكم في البلاد إلى إسلامي».
بدوره، يرى رئيس هيئة النزاهة الأسبق القاضي رحيم العكيلي أن «تصميم المحكمة بهذا الشكل المشوه سيشكل طعنة قاسية في قلب الدولة المدنية ويجعل حراب حراس الشريعة في صدر أي محاولات للأخذ بمفهوم المواطنة بدل الهويات المذهبية المختلفة». كذلك، يرى العكيلي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن القانون الجديد «يعني تقاسم المحكمة الأهم والأخطر بين المذاهب والمكونات بطريقة ترسخ الفرقة المذهبية والطائفية وتجعل الإرادات المذهبية والدينية أعلى من سلطات القانون». ويشير إلى أن «القوى الممسكة بالسلطة والنفوذ هي من تتحكم في تحديد طريقة تعيين أعضاء المحكمة وسلطاتهم فيها، وكل جهة منهم تريد الاحتفاظ بقدر أكبر من التأثير في قرارات المحكمة». ويعتقد العكيلي أن «تشكيل المحكمة الاتحادية العليا يجب أن يكون من قضاة، لكن بعضهم من خلفية قضائية، وبعضهم فقهاء في القانون، وآخرين خبراء في الفقه الإسلامي، ويكون الكل قاضياً في المحكمة وله ما للآخرين وعليه ما عليهم، وهذا هو التفسير الصحيح لنص المادة (92 - ثانياً) من الدستور».
من جهتها، ترى أستاذة القانون بجامعة صلاح الدين في محافظة أربيل منى ياقو، أن «مشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا، مؤشر جديد لتوجه العراق نحو بناء دولة دينية ذات لون واحد يبغي تهميش التنوع الديني وحجبه». وتقول ياقو، التي سبق أن شغلت عضوية لجنة كتابة دستور إقليم كردستان عن المكون المسيحي، لـ«الشرق الأوسط» إن «قانون المحكمة النافذ حالياً لم يحدد عدد القضاة وعدد خبراء الفقه الإسلامي، وبذلك فإن عدد خبراء الفقه كان اثنين فقط، أما المشروع الجديد، فيرفع العدد إلى الضعف». وترى أن تلك الزيادة «تثقل ميزانية الدولة دون مبرر ولا تبشر بخير، سيما أن قضايا كثيرة قد تعرض على المحكمة يكون محورها حماية حقوق الأقليات الدينية؛ من مسيحيين وإيزيدية وصابئة مندائية... وغيرهم». وتضيف أن «المادة (92) من الدستور النافذ، تنص على أن المحكمة الاتحادية العليا هيئة قضائية، ونفهم من هذا أن المحكمة يحب أن تشكل من قضاة، أما الخبراء، فإن دورهم في المحكمة يجب أن يقتصر على إبداء الرأي». وتشير ياقو إلى أن نظام الحكم في العراق «نظام جمهوري نيابي برلماني ديمقراطي، ولو أردتم (القوى السياسية) تحويله إلى نظام ذي طابع ديني صرف، فنطلب منكم تعديلاً دستورياً أولاً». |
|