التاريخ: حزيران ٥, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
قوات النظام السوري تتوغل بغطاء روسي جنوب إدلب وموسكو تعطل بياناً أممياً
بيروت - لندن: «الشرق الأوسط»
توغلت قوات الحكومة السورية بغطاء روسي باتجاه المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة جنوب إدلب، ذلك لأول مرة منذ بدء الجيش السوري هجومه في أبريل (نيسان) الماضي، وسط استمرار القصف على شمال غربي البلاد.

وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أمس: «تشهد محاور في أطراف ومحيط القصابية بريف إدلب الجنوبي عمليات قصف متبادل بين قوات النظام والفصائل العاملة في المنطقة، وذلك بعد ساعات من سيطرة قوات النظام على قرية القصابية الاستراتيجية، حيث تمكنت قوات النظام من رصد مناطق الهبيط وعابدين وحرش الطويلة ومغر الحنطة، هذا الرصد وإن لم يكن بشكل كامل إلا أنه كبير وستسعى من خلاله قوات النظام للتقدم نحو الهبيط»، في وقت ارتفع إلى 25 عدد مقاتلي الفصائل والمجموعات المتطرفة الذين قُتلوا في القصف والاشتباكات بمحور القصابية جنوب إدلب. كما ارتفع إلى 12 قتلى قوات النظام ممن قُتلوا خلال القصف والاشتباكات ذاتها.

ووثق «المرصد السوري» ارتفاع عدد الخسائر البشرية خلال المعارك التي دارت أمس في كبانة بجبل الأكراد، حيث ارتفع إلى 15 عدد عناصر قوات النظام الذين قُتلوا خلال القصف والاشتباكات في كبانة، كما كان 7 مقاتلين من الفصائل قد قُتلوا في القصف الجوي على كبانة.

وقال «المرصد» الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له، إن القوات الحكومية تقدمت باتجاه بلدة القصابية. وقال نشطاء في المنطقة إن الطائرات الحربية السورية شنت أكثر من 100 غارة على البلدة والمزارع الواقعة على أطرافها، مما أجبر مقاتلي المعارضة على التراجع.

وقال أبو رائد، وهو أحد قادة فصائل المعارضة في المنطقة: «المنطقة ليست استراتيجية وصغيرة... فهم يستخدمون طائراتهم لمجرد أنهم لا يمكنهم القتال على الأرض...».

من جانبه، قال رامي عبد الرحمن، مدير «المرصد»، إن القتال العنيف أسفر عن مقتل تسعة من مقاتلي المعارضة وأربعة من عناصر القوات الحكومية وحلفائهم.

وفي أواخر الشهر الماضي، بدأت قوات الرئيس السوري بشار الأسد، بدعم من القوات الجوية الروسية، حملة واسعة النطاق ضد فصائل المعارضة في حماة وإدلب، آخر معاقل المعارضة الرئيسية في سوريا.

وقد تسبب التصعيد الأخير في سوريا التي مزقتها الحرب في نزوح الآلاف من الناس وأثار مخاوف من انهيار هدنة مدتها ثمانية أشهر تقريباً في إدلب.

وكانت موسكو قد أبرمت العام الماضي اتفاقاً لوقف إطلاق النار مع أنقرة لمنع هجوم قوات الحكومة السورية على إدلب.

من جهتها، قالت شبكة «الدرر الشامية» المعارضة إن «قوات النظام وطائرات الاحتلال الروسية واصلت تصعيدها في أوَّل أيام العيد على المناطق المحرَّرة ما أدى لسقوط ضحايا من المدنيين». وقال مراسل شبكة «الدرر الشامية» إنَّ طفلاً ارتقى وأُصيب آخرون بجروح، بقصف جوي استهدف قرية دير سنبل بجبل الزاوية بريف إدلب، وزاد: «إن الطائرات الحربية قصفت بالصواريخ، مدينتي معرة النعمان وخان شيخون، وأطراف قرية معرة الصين وبلدات بلشون والفطيرة ومعرة حرمة، في ريف إدلب الجنوبي».

وفي حماة، نفّذ الطيران الروسي والنظام عشرات الغارات الجويَّة بالصواريخ الفراغية والعنقودية وبراميل وأسطوانات متفجرة على قرى ديرسنبل، والصهرية، وكورة، وسحاب، وشهرناز الواقعة بريف حماة الشمالي، حسب «الدرر».

وفي السياق أفاد ناشطون بأن أكثر من 130 طلعة جويَّة نفذها الطيران الروسي وطيران النظام استهدفت الأحياء السكنية في ريفي إدلب وحماة منذ ساعات صباح أمس.

وصادف الثلاثاء، أوَّل أيام عيد الفطر في مناطق سيطرة «الفصائل الثورية» في شمال سوريا، التي تتعرض للقصف من النظام وروسيا.

على صعيد متصل، كان «المرصد السوري» قد قال أول من أمس إنه «ارتفع إلى 34 على الأقل عدد البراميل المتفجرة التي ألقاها الطيران المروحي، كما ارتفع إلى 104 عدد الغارات التي نفذها الطيران الحربي التابع للنظام، مستهدفاً محور كبانة ومحور القصابية وخان شيخون وكفرعويد وبعربو وعابدين والهبيط، ومعرة النعمان وأرنيبة وترملا ومعرة حرمة وأطراف حيش وحزارين بريف إدلب الجنوبي، وبلدتي كفرزيتا واللطامنة بريف حماة الشمالي، كما كانت طائرات روسية قد نفذت، الاثنين، أكثر من 35 غارة جوية على محور كبانة ضمن جبل الأكراد».

ومع سقوط المزيد من الخسائر البشرية فإن العدد يرتفع إلى 1070 شخصاً ممن قُتلوا منذ بدء التصعيد الأعنف على الإطلاق ضمن منطقة «خفض التصعيد» في 30 أبريل، وهم: 333 مدني بينهم 78 طفلاً و73 مواطنة ممن قتلتهم طائرات النظام و«الضامن» الروسي بالإضافة إلى القصف والاستهدافات البرية، و48 بينهم 15 طفلاً و16 مواطنة في القصف الجوي الروسي على ريفي إدلب وحماة، و36 بينهم 8 مواطنات و4 أطفال قضوا في البراميل المتفجرة من الطائرات المروحية، و175 بينهم 38 مواطنة و45 طفلاً وعنصراً من فرق الإنقاذ قُتلوا في استهداف طائرات النظام الحربية.

كما قُتل 52 شخصاً بينهم 7 مواطنات و4 أطفال في قصف بري نفّذته قوات النظام، و22 مدنياً بينهم 10 أطفال و4 مواطنات في قصف الفصائل على السقيلبية وقمحانة ومخيم النيرب وأحياء بمدينة حلب، كما قُتل في الفترة ذاتها 428 على الأقل من المجموعات المتطرفة والفصائل الأُخرى في الضربات الجوية الروسية وقصف قوات النظام واشتباكات معها، بالإضافة لمقتل 309 عناصر من قوات النظام والمسلحين الموالين لها في استهدافات وقصف من المجموعات والفصائل، حسب «المرصد».

وفي التصعيد المتواصل في يومه الـ44، ارتفع إلى 1220 شخصاً عدد الذين قُتلوا بينهم 383 مدنياً منهم 92 طفلاً و81 مواطنة و443 من المجموعات والفصائل «قضوا خلال قصف جوي وبري وهجمات واشتباكات مع قوات النظام والمسلحين الموالين لها، و375 من قوات النظام والمسلحين الموالين لها قُتلوا في هجمات للمجموعات الجهادية على مناطق متفرقة من المنطقة منزوعة السلاح»، حسب «المرصد».

موسكو تعطل بياناً أممياً حول التصعيد في إدلب
نيويورك: علي بردى
عطلت روسيا أول من أمس الاثنين مشروع بيان قدمته الكويت وألمانيا وبلجيكا في مجلس الأمن يعبر عن «القلق البالغ» من الحملة العسكرية التي تشنها القوات النظامية السورية، بدعم إيراني وروسي، في محافظة إدلب بشمال غربي البلاد، مما قد يؤدي إلى وقوع كارثة إنسانية.

وبخلاف القرارات التي تحتاج فقط إلى 9 أصوات في المجلس مع عدم استخدام «حق النقض (الفيتو)»، تتطلب بيانات مجلس الأمن دعماً بالإجماع من جميع الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن.

وقدمت الكويت وألمانيا وبلجيكا مشروع البيان بعد اجتماعين طارئين عقدهما مجلس الأمن حول العنف المتفاقم في المنطقة التي تسيطر عليها أطراف معارضة، فضلاً عن عناصر من «هيئة تحرير الشام»؛ («جبهة النصرة» سابقاً)، الموضوعة على لائحة الجماعات الإرهابية في الأمم المتحدة.

وينص مشروع البيان المقترح على أن أعضاء مجلس الأمن يعبرون عن «قلقهم البالغ من تصاعد القتال في شمال غربي سوريا، بما في ذلك الهجمات على المدنيين والمنشآت المدنية، مثل المنشآت الطبية والمدارس، ومن الهجمات التي تشنها الجماعات الإرهابية التي حددها مجلس الأمن». ونددوا في البيان المقترح بـ«فقدان أرواح مدنيين أبرياء»، معبرين عن «قلقهم حيال نزوح أكثر من 270 ألف شخص نتيجة التصعيد الأخير، وكذلك استهداف المناطق المكتظة بالسكان والبنية التحتية المدنية». وأعربوا عن «قلقهم العميق من كارثة إنسانية محتملة في حال حدوث عملية عسكرية واسعة النطاق في شمال غربي سوريا»، مؤكدين أن هناك «ضرورة لالتزام جميع الأطراف بالتزاماتها تحت القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك ما يتعلق بحماية المدنيين والمنشآت المدنية». ودعوا الأطراف إلى «الالتزام الكامل بترتيبات وقف النار الواردة في المذكرة الروسية - التركية الموقعة في 17 سبتمبر (أيلول) 2018»، مطالبين جميع الأطراف بـ«السماح للأمم المتحدة وشركائها بالوصول الآمن وغير المعاق والمستدام إلى جميع أنحاء سوريا، وفقاً لقرار مجلس الأمن 2449». وشددوا على أن «أي عودة للاجئين يجب أن تكون آمنة وطوعية وكريمة وينبغي أن يتم الرصد المستمر للعائدين لضمان حمايتهم»، مؤكدين أنه «يجب مساءلة من ارتكبوا انتهاكات للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان».

وأفاد دبلوماسيون بأن روسيا قدمت مذكرة تفيد فيها بأن مشروع البيان «غير متوازن» وأنه «كان ينبغي لمجلس الأمن أن يعبر عن موقفه مما يحصل في بلدتي حجين أو الباغوز، حيث عانى المدنيون خلال العمليات القتالية التي نفذها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم (داعش)».

وعطلت روسيا الشهر الماضي مشروع بيان منفصل يحذر أيضاً من وقوع كارثة إنسانية بسبب الهجوم الشامل المتوقع على محافظة إدلب، حيث يقيم 3 ملايين شخص.

وأفاد نائب المندوب الروسي ديمتري بوليانسكي بأن موسكو تعارض «كل شيء» في البيان المقترح وتتهم واضعي مشروع القرار بمحاولة القيام بحملة علاقات عامة. وقال بوليانسكي إن «المواقف معروفة»، مضيفاً أن «اقتراح مثل هذه الوثيقة يلعب في مجال العلاقات العامة، وليس في مجال تقديم الحل». وأكد أن بلاده تتمسك بوقف إطلاق النار وأن «الإرهابيين» هم فقط المستهدفون في العمليات العسكرية.

وتسيطر «هيئة تحرير الشام»؛ (الفرع السوري لتنظيم «القاعدة»)، التي تعدّها الأمم المتحدة منظمة إرهابية، على غالبية مناطق محافظة إدلب.

وتخشى الدول الغربية أن يؤدي إطلاق هجوم واسع النطاق على إدلب إلى معركة ستكون الأكثر دموية في النزاع الذي تشهده سوريا منذ 8 أعوام.