التاريخ: حزيران ٢, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
حقوقيون جزائريون ينتقدون ظروف «سجناء الرأي» بينهم لويزة حنون
الجزائر: بوعلام غمراسة
أعدّت تنظيمات حقوقية جزائرية مستقلة عن الحكومة لائحة تضم 16 «سجين رأي»، 4 منهم وافتهم المنية خلال 3 سنوات الماضية، وكان آخرهم الناشط الإباضي الأمازيغي المعارض كمال الدين فخار الذي شيّعت جنازته أمس بالعاصمة، بحضور مئات الأشخاص، كثير منهم نشطاء بالحراك الشعبي الجاري منذ 22 فبراير (شباط) الماضي.

ومن أكثر المساجين السياسيين إثارة للجدل الجنرال المتقاعد حسين بن حديد (76 سنة) الذي يعاني من كسور في الحوض إثر سقوطه بسجن الحراش بالضاحية الشرقية للعاصمة. وصرّح محاموه لصحافيين، أمس، بأن ضعفه البدني حال دون إجراء عملية جراحيه بمكان الإصابة. وقال بشير مشري، أحد المحامين، إن الإصابة التي يعاني منها «تؤكد أنه لم يلقَ حقّه من الرعاية الطبية في السجن».

ووضع القضاء بن حديد في الحبس الاحتياطي منذ أسبوعين، بتهمة «إضعاف معنويات الجيش». والسبب أنه نشر مقالاً بصحيفة محلية، ينتقد فيه قائد الجيش الفريق قايد صالح، وتعامله مع الأزمة. وانتقد حقوقيون اعتقاله، واعتبروه سجين رأي، وبأن قائد الجيش «انتقم منه لأسباب شخصية». وكان بن حديد قد وصف صالح، قبل 5 سنوات، بأنه «قائد لا يحترمه الجنود»، وتم سجنه لمدة 8 أشهر منذ عامين، وأطلق سراحه بعد أن اكتشف أنه يعاني من مرض خطير.

ورغم تنحي الرئيس بوتفليقة من الحكم في 2 أبريل (نيسان) الماضي، يظل عبد الله بن نعوم، الناشط السياسي المتهم بـ«الإساءة إلى الرئيس»، في السجن، غرب البلاد، حيث يقضي عقوبة عامين مع التنفيذ. ويقول محاموه إن حالته متدهورة بسبب إضراب عن الطعام يدوم منذ أكثر من 80 يوماً. ويرفض بن نعوم وقف الإضراب، وقال لمقرّبين منه إنه سجن بسبب مواقفه من الرئيس السابق. وحذّرت «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان» من أن يلقى مصير فخار نفسه، الذي وضعت وفاته السلطات الحالية في حرج كبير. ومات الناشط الإباضي متأثراً بمضاعفات صحية، بسبب إضراب عن الطعام.

وراسلت عائلة لويزة حنون، زعيمة «حزب العمال»، أمس، رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، للمطالبة بإطلاق سراحها. وتم سجنها منذ شهر بتهمة «التآمر على سلطة الجيش»، على خلفية لقاء جمعها بالسعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس السابق، ومدير المخابرات سابقاً محمد مدين، في سياق الأحداث المتفجرة التي تعرفها البلاد. وهما أيضاً في السجن بالتهمة نفسها.

وبحسب حقوقيين وقادة حزبها «دفعت حنون ثمن مواقفها من قيادة الجيش غالياً». وقبل سجنها بأسبوع، هاجمت الجنرال صالح. وذكرت عائلتها في رسالتها أنها تعاني من المرض، وأنها لا يمكن أن تتابع علاجها من داخل السجن.

وتضم هذه اللائحة 5 أشخاص ينحدرون من غرداية (600 كلم جنوب) التي يتبع غالبية سكانها المذهب الإباضي، وهم ناطقون بالأمازيغية، ولهم خصوصيات ثقافية تميَزهم عن بقية المناطق. وعاشت المنطقة عامي 2015 و2016 مواجهات عرقية مع «الشعانبة»، وهم عرب من المذهب المالكي. واعتقل المئات من الإباضيين في تلك الأحداث وبعدها، وهم يرون أنهم «ضحايا انحياز السلطة» لخصومهم المحليين. وكثير منهم هاجم المسؤولين المحليين، من قادة أجهزة أمنية وقضاة، وبسبب ذلك تمت إدانتهم. وقد توفي ثلاثة آخرين في السجن خلال العامين الماضيين، والسبب كان دائماً تعقيدات صحية على إثر إضرابات طويلة عن الطعام.

ومن أشهر مساجين الرأي الذين توفوا في السجن الصحافي محمد تاملت في نهاية عام 2016. وقد كان شخصاً مثيراً للجدل، عرف بحدة مواقفه من بوتفليقة ورئيس أركان الجيش الحالي، ورئيس الوزراء سابقاً عبد المالك سلال. وكان يتتبع أفراد عائلات وأقارب مسؤولين بارزين، بحجة أنهم متورطون في فساد، وكان مصيره الإدانة بالسجن لمدة عامين، احتج عليها بإضراب عن الطعام. والملاحظ أنه لم يتم إجراء تحقيق جاد في أي من حالات وفاة هؤلاء المساجين.

وشيّع الطبيب فخار، أمس، بحضور حشد كبير من الإباضيين، ونشطاء سياسيين من رفاقه في المعارضة ضد النظام. وجرت الجنازة بمقبرة الإباضيين داخل «مقبرة العالية»، شرق العاصمة، حيث دفن كل رؤساء البلاد وقادة ثورة الاستقلال. وذكر صالح دبوز، محامي فخار، أنه هو من طلب دفنه بالعاصمة، بدل مسقط رأسه غرداية. ويقع دبوز، وهو أيضاً ناشط إباضي، تحت طائلة الرقابة القضائية بسبب تصريحاته ومواقفه من النظام.