|
|
التاريخ: أيار ٣٠, ٢٠١٩ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
أنصار بوتفليقة يحاولون النهوض من نكستهم بعد خطاب قائد الجيش |
اتّهام متظاهرين جزائريين بمحاولة قتل شرطي بعدما استخدم الغاز المسيل للدموع |
الجزائر: بوعلام غمراسة
رحبت الطبقة السياسية في الجزائر بالحوار الذي دعا إليه قائد الجيش الجنرال قايد صالح، بهدف الخروج من الأزمة التي تتخبط فيها البلاد منذ 3 أشهر ونصف الشهر. لكن تساؤلات كثيرة ما تزال تطرح حول من سيقود الحوار، ومن سيشارك فيه، وما موقع الأحزاب التي كانت تدعم الرئيس السابق بوتفليقة من الحوار؟ وأي دور للجيش فيه؟
وبعثت الدعوة إلى الحوار، التي أطلقها قايد صالح أول من أمس، الروح في الأحزاب التي كانت موالية لبوتفليقة، والتي أجبرها الحراك على الانطواء على نفسها، وأهمها «التجمع الوطني الديمقراطي» الذي يقوده رئيس الوزراء سابقاً أحمد أويحيى، حيث ذكر في بيان له أمس أنه «يرحب بالحوار الذي يخرجنا من الأزمة، ويتوجه بنا إلى انتخابات رئاسية، كسبيل وحيد لتكريس إرادة الشعب في تأسيس جمهورية جديدة»، مؤكداً أن موقفه من الحوار «نابع من خطه الثابت منذ بداية الأزمة، الذي ينطلق من قناعته بأن الجزائر في حاجة إلى الحفاظ على استقرارها ووحدتها، بمساهمة جميع المواطنين الغيورين على بلادنا».
بدوره، رحب حزب «الحركة الشعبية الجزائرية»، الذي يرأسه وزير التجارة السابق عمارة بن يونس، بمبادرة رئيس أركان الجيش، وقال إنه «جاهز للمشاركة في الحوار بين الجزائريين لأجل الخروج في أسرع وقت من هذه الأزمة، آخذين بعين الاعتبار التجارب المريرة السابقة التي عاشها شعبنا»، مشيراً في السياق ذاته إلى أن الحوار «سيختصر المسافات بين الفاعلين في الطبقة السياسية، ويقودنا بسرعة إلى الانتخابات».
يشار إلى أن الجيش يريد رئاسية في الرابع من يوليو (تموز) المقبل، رغم أنها مرفوضة شعبياً، ورغم أنه لم يترشح لها أحد من «الأوزان الثقيلة». كما يشار أيضاً إلى أن أويحيى وبن يونس متابعان في القضاء بتهم فساد، تعود إلى فترة توليهما المسؤولية الحكومية في عهد بوتفليقة.
ويرى عدد من المراقبين والمهتمين بالشأن الجزائري أن أحزاب السلطة تحاول الخروج من حالة الانكسار التي توجد عليها منذ انفجار الشارع ضد الرئيس بوتفليقة، وتريد الاحتماء بالجيش في خطابها وتصرفات قادتها، إذ كلما نطق الجنرال صالح تسارع لتزكي ما يقول، وتعلن انخراطها الكامل في كل قراراته.
من جهته، قال الحزب الإسلامي (حركة مجتمع السلم) إنه «مستعد لأي حل في إطار الحوار، يضمن هدفين أساسيين، هما: التناغم مع الإرادة الشعبية بتغيير رئيس الدولة ورئيس الوزراء، وضمان الانتقال الديمقراطي السلس الذي ينهي التزوير الانتخابي الذي يعد أساس الفساد وكل الانحرافات الأخرى».
ودعا رئيس الدولة، عبد القادر بن صالح، إلى «تنظيم حوار صادق مسؤول مع الطبقة السياسية، والنخب والشخصيات، لتكليف حكومة جديدة، وتشكيل هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات بالتوافق الذي يحقق الرضا، وليس بالقرارات الفوقية، وكذا تعديل قانون الانتخابات، وتسهيل إجراءات تأسيس الأحزاب والجمعيات، ثم الذهاب لانتخابات رئاسية قبل نهاية السنة».
وأمس، عاد قايد صالح مرة أخرى إلى لغة التهديد بمناسبة خطاب جديد، حيث ذكر أن «من يعتمد على التأزيم، وإطالة أمد الأزمة، هو من يتعمد نشر الإشاعات والأخبار المزيفة»، من دون توضيح من يقصد. لكن سهام انتقاداته تبدو موجهة لناشطين سياسيين يرفضون تنظيم الانتخابات في ظل رئيس الدولة ورئيس الوزراء الحاليين، أما صالح فهو متمسك بهما بقوة.
وأضاف صالح موضحاً: «الذين يسعون إلى تعطيل المساعي الوطنية الخيرة هم أطراف تعمل بمنطق العصابة، وتسير نحو المزيد من التغليط والتضليل». لكن، وعلى عكس هذا الكلام، كان الجنرال صالح أكثر ليناً أول من أمس، عندما دعا إلى «حوار شامل بناء».
وتابع صالح ليبرز أن خريطة الطريق لهذا الحوار «ستتجلى معالمها وتتضح إذا توفرت الجدية للتوجه نحو إيجاد الحلول للأزمة المستفحلة، وذلك في أقرب الآجال، ودون تأخير»، مشدداً على أنه «لا مبرر إطلاقاً للاستمرار في تبديد الوقت وتضييعه، واستنزافه في نقاشات عقيمة، بعيداً عن الحوار الصادق والبناء».
اتّهام متظاهرين جزائريين بمحاولة قتل شرطي بعدما استخدم الغاز المسيل للدموع
الجزائر: «الشرق الأوسط»
وجّه القضاء الجزائري ليلة أول من أمس تهمة «محاولة القتل العمد» إلى رجلين وأودعهما الحبس المؤقت، وذلك لإقدامهما قبل نحو 15 يوماً على «دفع ورمي» شرطي من سطح شاحنة شرطة في العاصمة، إثر رشّه متظاهرين بالغاز المسيل للدموع.
ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية عن بيان لنيابة الجمهورية في محكمة سيدي أمحمد في العاصمة أنّه «تمّ تقديم المشتبه فيهما في حادثة دفع ورمي عون شرطة من سطح شاحنة شرطة بالبريد المركزي، أمام وكيل الجمهورية الذي أمر بفتح تحقيق قضائي».
وأضاف البيان أنّ المشتبه فيهما، البالغين من العمر 38 و28 عاماً، وجّهت إليهما تهمتي «جناية محاولة القتل العمد، وجنحة الاعتداء بالعنف على رجال القوة العمومية، ليتم الأمر بوضعهما رهن الحبس المؤقت بعد سماع أقوالهما من طرف قاضي التحقيق».
وفي 17 من مايو (أيار) 2019 نشرت الشرطة تعزيزات كبيرة لمنع المتظاهرين من الوصول إلى ساحة البريد المركزي، نقطة التظاهر المعتادة في العاصمة الجزائرية منذ بداية حركة الاحتجاج في 22 من فبراير (شباط) الماضي. لكن سرعان ما أحاط المتظاهرون بعناصر الشرطة وشاحناتها الصغيرة، وسط أجواء متوترة لم تخلُ من بعض التدافع، لكن من دون حصول أعمال عنف تذكر.
وبحسب شريط فيديو انتشر على شبكات التواصل الاجتماعي، تظهر شاحنة عسكرية صغيرة يقف على سطحها شرطي وهو يرش الغاز المسيل للدموع على متظاهرين صعدوا إلى مقدّمة الشاحنة. لكن ما إن أدار الشرطي ظهره ليعود إلى الجزء الخلفي من سطح الشاحنة حتى انتهز رجلان الفرصة فصعدا بسرعة إلى سطحها، من جهة المقدّمة، وفاجآ الشرطي بدفعه من أعلى السطح، من دون أن يعرف أين سقط الشرطي وكيف. ولم يوضح بيان النيابة العامة ما إذا كان الشرطي أصيب بجروح من جراء دفعه من أعلى سطح الشاحنة.
ووفقاً لقانون العقوبات الجزائري، فإنّ عقوبة محاولة القتل هي نفس عقوبة القتل، وتصل إلى السجن لمدى الحياة. أما تهمة الاعتداء بالعنف على أحد عناصر إنفاذ القانون فتصل عقوبتها إلى السجن لمدة 5 سنوات، وإلى السجن لمدة 10 سنوات، إذا ما تسبب الاعتداء بجروح، والسجن لمدة 20 سنة إذا تسبب بتشويه أو عجز دائم.
قائد الجيش الجزائري يتمسك بالانتخابات ويدعو لـ«تنازلات»
وفاة ناشط انفصالي بعد تدهور صحته في السجن
الأربعاء 29 مايو 2019
الجزائر: بوعلام غمراسة
فيما تواصلت احتجاجات الطلاب وسط العاصمة الجزائرية أمس، دعا قائد الجيش الجزائري الفريق قايد صالح إلى «حوار صريح، يجعل من المطالب الشعبية قاعدة أساسية»، وقال إن «خريطة طريق هذا الحوار ستتجلى معالمها وتتضح أكثر قريبا». وفي غضون ذلك، اتهم محامي مناضل جزائري أمازيغي مشهور السلطات بـ«تعمد قتله»، وذلك على إثر وفاته أمس بالمستشفى متأثرا بمضاعفات صحية، بسبب إضرابه عن الطعام في السجن.
وأبدى قائد الجيش لأول مرة استعدادا لفتح حوار مع نشطاء الحراك، الذين هاجمهم عدة مرات، حيث ذكر أثناء وجوده بمنشأة عسكرية بالصحراء أمس أن «السبيل الوحيد لحل الأزمة، التي تعيشها بلادنا، هو تبني نهج الحوار الجاد والجدي والواقعي والبناء والمتبصر، الذي يضع الجزائر فوق كل اعتبار. فسيادة الحوار تعني استعداد الجميع إلى الاستماع، بل الإصغاء إلى الجميع بكل روية وهدوء، والتزام وتطلع مخلص نحو ضرورة وحتمية إيجاد الحلول المناسبة دون تأخير».
وظهر صالح ليّنا إلى حد ما، قياسا إلى خطابات سابقة كان فيها متشددا وصلبا تجاه مطالب الحراك، وخاصة مطلب تنحية رئيس الدولة ورئيس الوزراء.
والحوار الذي يدعو إليه صالح «يتعين أن تشارك فيه شخصيات ونخب وطنية، تكون وفية للوطن ولمصلحته العليا المقدسة». لكن الضابط العسكري الكبير لم يحدد «معيار الوفاء»، الذي يتم على أساسه تصنيف «الشخصيات والنخب» من المعنيين بدعوته.
وكانت ثلاث شخصيات بارزة، يقودها وزير الخارجية السابق أحمد طالب الإبراهيمي، قد دعت الجيش إلى «حوار مباشر وصريح مع المتظاهرين والأحزاب وقوى المجتمع، التي تدعم الحراك». ويبدو أن صالح استجاب لهذا النداء، بعدما ظل مدة طويلة يرفض أي صوت يطالب بالابتعاد عن الحل الدستوري للأزمة.
وبينما يرفض غالبية الجزائريين، رئاسية الرابع من يوليو (تموز) المقبل، التي يتمسك بها الجيش برغم ضعف احتمال إجرائها، قال صالح إن الحل في منظوره «هو ما يضمن بلوغ إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة في أسرع وقت ممكن. أقول في أسرع وقت ممكن بعيدا عن الفترات الانتقالية التي لا تؤتمن عواقبها، فالجزائر لا يمكنها أن تتحمل المزيد من التأخير والمزيد من التسويف». لكن المعارضة تطالب بـ«الفترة الانتقالية»، على اعتبار أن البلاد بحاجة إلى عامين على أقصى تقدير لترتيب «الانتقال الديمقراطي».
من جهة ثانية، قال صالح دبوز، محامي الناشط السياسي الأمازيغي الطبيب كمال الدين فخار، لـ«الشرق الأوسط» إن سلطات غرداية (600 كلم جنوب العاصمة)، نقلته من السجن المحلي إلى مستشفى المدينة منذ أسبوع، وقد كان يعاني من تبعات إضراب عن الطعام، شنه احتجاجا على سجنه.
وأضاف المحامي موضحا «لقد تدهورت حالته لأنه كان أصلا مريضا، ومستشفى غرداية لا يتوفر على الوسائل الضرورية للعلاج. ومع مرور الوقت تعقدت حالته، بينما مسؤولو جهاز القضاء المحلي، الذين كان يحتجزونه، تركوه في تلك الحالة. ولما أشرف على الهلاك قرروا نقله إلى مستشفى البليدة (قرب العاصمة)، حيث كان الوقت فات، ولم يعد ممكنا إنقاذه». وتوفي الناشط الذي يتبع للطائفة الإباضية الدينية فجر أمس.
وتابع المحامي بأن فخار «مات لأنه لم يلق حقه من الرعاية الطبية». مشيرا إلى أنه اعتقل في 31 من مارس (آذار) الماضي بغرداية بعد فترة قصيرة من نشره فيديو، خاض فيه مع صحافي حول المظاهرات الجارية ضد النظام منذ 22 من فبراير (شباط) الماضي. وأكد أن النيابة استجوبته حول اتهامات، عدتها خطيرة بحق القضاة في غرداية، وحول تعامله مع ملفات سجناء سياسيين يناضلون من أجل أفكارهم. وقد سئل في التحقيق عن وصفه القضاء المحلي بـ«نظام الأبارتايد»، وكان ذلك سببا مباشرا في إيداعه الحبس الاحتياطي.
وعرف فخار بنزعته الانفصالية، فقد كان عضوا نشطا في «حركة الحكم الذاتي بمنطقة القبائل»، التي ينطق سكانها بالأمازيغية مثل سكان غرداية. ودخل الفقيد السجن أربع مرات، وتداول ناشطون بالمنصات الرقمية الاجتماعية صور أبنائه الثلاثة، وهم يرفعون قصاصات ورق مكتوب عليها «أطلقوا سراح أبي».
وتشبه قضية فخار إلى حد كبير ظروف وفاة صحافي يدعى محمد تامالت في السجن نهاية 2016، فقد أدانه القضاء بعامين سجنا بسبب سباب وشتائم نشرها بمدونته بحق الرئيس السابق بوتفليقة، وقائد الجيش الحالي الجنرال قايد صالح، وعدة مسؤولين مدنيين وعسكريين. واحتج على سجنه بإضراب عن الطعام كان سببا في وفاته، حسب وزارة العدل. فيما تقول عائلته إنه تعرض للضرب في السجن لإجباره على وقف الإضراب.
وأعرب «مجلس جنيف للحقوق والحريات» (منظمة غير حكومية)، في بيان عن «أسفه الشديد لوفاة الحقوقي والمناضل السياسي الجزائري كمال الدين فخار، بسبب تدهور في حالته الصحية بعد إضراب عن الطعام في السجن». |
|