|
|
التاريخ: أيار ٢٢, ٢٠١٩ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
سلامة يحذر من «حرب أهلية طويلة ودامية» في ليبيا |
الجيش يُجنّب سكان طرابلس كارثة إنسانية بعد حل أزمة انقطاع المياه |
نيويورك: علي بردى
حذر غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أنسميل)، من الانزلاق إلى «حرب أهلية طويلة ودامية» في ليبيا، مما قد يؤدي إلى تقسيم هذا البلد العربي، ويعرض للخطر أمن جيرانه المباشرين والمنطقة بأسرها، مطالباً مجلس الأمن بالاضطلاع بـ«مسؤوليته» لوقف انتهاك حظر الأسلحة، المفروض بموجب القرارات الدولية، قصد إعادة الأطراف المتحاربة إلى طاولة الحوار السياسي. وفي مستهل إفادة قاتمة قدمها لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك، أوضح المبعوث الدولي أن ليبيا صارت بعد 48 يوماً من اندلاع المعارك «على وشك الانزلاق إلى حرب أهلية، يمكن أن تؤدي إلى تقسيم دائم للبلاد». مبرزا أن «إصلاح الضرر الذي حصل يستوجب سنوات... إذا انتهت الحرب الآن»، وحذر من أن «عواقب النزاع ومخاطره واضحة».
وفي معرض حديثه عن آثار الحرب التي خلفتها معارك طرابلس أشار سلامة إلى «سقوط أكثر من 460 قتيلاً، بينهم 29 مدنيا، وأكثر من 2400 جريح، معظمهم من المدنيين»، مؤكداً أن أكثر من 75 ألف شخص أرغموا على ترك منازلهم، وجميعهم من المدنيين، وأكثر من نصف النازحين من النساء والأطفال. ونقل عن الجهات الفاعلة في المجال الإنساني أن «أكثر من مليون رجل وامرأة وطفل لا يزالون محاصرين في مناطق المواجهات المباشرة، مع وجود أكثر من 400 ألف شخص في المناطق التي تأثرت مباشرة بالاشتباكات»، واصفاً ظروف المهاجرين واللاجئين في ليبيا بأنها «رهيبة» أصلاً وتتجه «من سيء إلى أسوأ»، فضلاً عن أن «نحو 3400 لاجئ ومهاجر محاصرون في مراكز الاحتجاز المعرضة للقتال، أو على مقربة منها».
ورأى سلامة أن الهجوم على طرابلس «أضعف إمكانات المحادثات التي عقدت في 27 فبراير (شباط) في أبوظبي بين رئيس الوزراء فايز السراج والمشير حفتر»، حيث ظهرت «فرصة حقيقية لتغيير حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، وحل الحكومة الموازية في البيضاء، وإنشاء حكومة وحدة وطنية جامعة، كانت سترعى البلاد خلال عملية انتخابية تنهي المرحلة الانتقالية». مؤكدا أن تفاهمات أبوظبي وضعت الجيش تحت سيطرة مدنية، مما يلبي مطلباً رئيسياً للغالبية العظمى من الليبيين وكثيرين في المجتمع الدولي.
في سياق ذلك، حذر المبعوث الدولي من أن «العنف على مشارف طرابلس مجرد بداية لحرب طويلة ودامية في ليبيا، مما يعرض للخطر أمن جيران ليبيا المباشرين ومنطقة البحر الأبيض المتوسط الأوسع»، مضيفاً أن «الفراغ الأمني الناجم عن انسحاب كثير من قوات حفتر من الجنوب، وتركيز قوى غرب البلاد للدفاع عن العاصمة، يجري استغلاله من (داعش) و(القاعدة)». مشيرا إلى تقارير عن أن «المتطرفين والمطلوبين... من المحكمة الجنائية الدولية يظهرون في ساحة المعركة»، داعياً كل الأطراف إلى «النأي علناً عن هذه العناصر من دون تأخير، وأن تحيل إلى المحكمة الجنائية الدولية أولئك الذين صدرت بحقهم أوامر اعتقال».
كما أوصى سلامة مجلس الأمن بأن «يدعم تشكيل لجنة تحقيق لتحديد من حمل السلاح، ومساندة إنشاء آليات لضمان استبعاد العناصر غير المرغوب فيها»، مضيفاً أن «ما يقلق هو أن الأسلحة تتدفق مجدداً إلى كل الأطراف، وذلك في انتهاك صارخ وعلني لحظر الأسلحة». وأوضح أن «كمية كبيرة من الأسلحة والمركبات المدرعة وصلت إلى قوات حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، قبل بضعة أيام في أعقاب عمليات التسليم السابقة والمستمرة للأسلحة الحديثة المحظورة إلى الجيش الوطني الليبي».
ونبه سلامة إلى أنه «من دون آلية تنفيذ قوية، سيصير حظر الأسلحة المفروض على ليبيا مزحة ساخرة»، مؤكداً أن «بعض الدول تغذي هذا النزاع الدموي. وينبغي للأمم المتحدة أن تضع حداً لها». وعبر عن «تخوفه من أن عدم القيام بعمل فوري لوقف تدفق الأسلحة والضغط على الأطراف الليبية... للعودة إلى الحوار الجدي، سيؤدي إلى انزلاق ليبيا إلى حرب أهلية، يمكن أن تؤدي إلى حالة من الفوضى أو تقسيم البلاد».
من جهته، قال مفوض الأمن والسلم لدى الاتحاد الأفريقي إسماعيل شرقي إن هناك أربع رسائل ينبغي إيصالها، وهي أن «هناك ضرورة للاعتراف بأن الوضع في ليبيا يتدهور بشكل مثير للقلق»، معتبراً أن «هذا يؤكد الحاجة إلى اتفاق فوري لوقف النار، وتأمين ممرات آمنة لتوفير المساعدة الإنسانية». وأضاف شرقي موضحا أن «الوضع الحالي يحمل آثاراً مدمرة على أفريقيا»، مشيراً في هذا السياق إلى استخدام المهاجرين «دروعا بشرية وإجبارهم على الانضمام إلى القتال». وطالب بـ«الاعتراف بأن هناك تدخلاً خارجياً ساماً لا سابق له في ليبيا». كما ناشد كل أصحاب المصلحة على «تركيز جهودهم لمواصلة عملية السلام، والاستعداد لعقد مؤتمر وطني للمصالحة».
الجيش الليبي يُجنّب سكان طرابلس كارثة إنسانية بعد حل أزمة انقطاع المياه
«الوفاق» تدعو «المغرب العربي» للعب دور أكبر لوقف الحرب
القاهرة: خالد محمود
انتهت في ساعة مبكرة من صباح أمس بشكل مفاجئ أزمة انقطاع مياه الشرب عن العاصمة الليبية طرابلس، بعدما نفى «الجيش الوطني» الليبي اتهامات حكومة «الوفاق»، التي يرأسها فائز السراج، حول مسؤوليته في قطع خط تزويد المدينة بمياه الشرب، في حين اعتبرت منسقة الشؤون الإنسانية في ليبيا ماريا ريبيرو، أن مثل هذه الاعتداءات على البنى التحتية المدنية الأساسية لحياة المدنيين «يمكن أن ترقى لجرائم حرب».
وعلى الرغم من استمرار المعارك العنيفة، أمس، بين الجيش، وقوات السراج في الضواحي الجنوبية للعاصمة طرابلس، قالت بلدية طرابلس في بيان مقتضب، أمس، إنه تمت «إعادة تشغيل منظومة النهر الصناعي وعودة المياه إلى طرابلس»، بينما أكد جهاز تنفيذ وإدارة مشروع النهر الصناعي عودة إمدادات المياه لسكان طرابلس، البالغ عددهم 2.5 مليون شخص، بعد يومين من قطعها بفعل مسلحين؛ لتتفادى بذلك العاصمة الليبية المحاصرة حدوث عجز، كان من الممكن أن يتسبب في كارثة إنسانية كبرى.
وأوضح الجهاز في بيان عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أمس، أن «أزمة إيقاف ضخ مياه النهر الصناعي انتهت، وبدأت العملية التشغيلية لآبار حقول المياه بمنظومة الحساونة - سهل الجفارة، وفتح صمامات التحكم بمحطة الضخ بالشويرف لتتدفق المياه من جديد إلى المسارين الشرقي والأوسط لتغذية المدن الساحلية، ومدن الجبل الغربي».
وجاء هذا البيان بعد تأكيد اللواء محمد بن نائل، آمر منطقة براك العسكرية، أن منظومة وآبار مياه النهر الصناعي عادت لتتدفق عبر مساراتها الاعتيادية، وطمأن جميع الليبيين بأن المشروع «هو ملك جميع الليبيين ولن يتضرر».
وبعدما اعتبر أن «ما حصل حادث عرضي وعمل فردي وعابر وانتهى، ولا يمثل أي منطقة ولا قبيلة»، أوضح بن نائل أنه تم دعم وإرسال تعزيزات عسكرية لكتيبة الحماية الخاصة بمشروع النهر الصناعي.
وكانت حكومة السراج، المعترف بها دولياً، قد اتهمت المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» بقطع إمدادات المياه الرئيسي، في محاولة قالت إنها «تستهدف فرض حصار مائي على طرابلس». واعتبرت في بيان لها مساء أول من أمس، أن قوات الجيش «تحاول تعطيش العاصمة التي يسكنها قرابة 3 ملايين نسمة، في حدث غير مسبوق في تاريخ ليبيا».
وأعلنت وزارة الداخلية بحكومة السراج، أن مجموعة مسلحة، يقودها المدعو خليفة إحنيش، قطعت خط تزويد العاصمة طرابلس بالمياه، في محاولة للضغط على الحكومة من أجل إطلاق سراح أحد أشقائه (إحنيش)، المعتقل على خلفية قضية جنائية وانتمائه، إلى جماعة محظورة، مشيرة في بيان لها إلى أن شقيقاً ثالثاً للشخص نفسه يعتبر هو المسؤول عن عملية خطف أربعة أجانب من الفلبين وكوريا الجنوبية قبل نحو عام في جنوب غربي البلاد.
في المقابل، اتهم «الجيش الوطني» في بيان، أصدره مساء أول من أمس المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة، جماعة الإخوان، التي وصفها بـ«نذالة بلا حدود»، بإغلاق الصمامات من أجل بقائها في السلطة غصباً عن الليبيين. وأكد المركز في بيان سابق آخر أنه «لا يمكن للقوات المسلحة أن تستخدم الأساليب الرخيصة، وأن تحجب المياه عن طرابلس، رغم ما تقوم به الميليشيات من تفتيش لأهالي ترهونة وغريان، والمدن الواقعة في نطاق تواجد القوات المسلحة، ومنع البنزين والغاز وحتى التموين... هذه أفعال تقوم بها الميليشيات».
من جهتها، قالت الأمم المتحدة إن الحصار المائي جريمة حرب محتملة، حيث أدانت منسقة الشؤون الإنسانية في ليبيا ماريا ريبيرو، في بيان لها مساء أول من أمس، بشدة إيقاف ضخ مياه النهر الصناعي.
بدوره، حث محمد سيالة، وزير الخارجية بحكومة السراج، دول المغرب العربي على لعب «دور أكبر» لرد هجوم الجيش الوطني على طرابلس. وقال في بيان له إنه بحث في سلسلة اتصالات هاتفية بوزراء خارجية المغرب والجزائر وتونس، «الوضع الراهن في العاصمة طرابلس، والعدوان عليها من قبل قوات حفتر»، لافتاً إلى «أهمية لعب دول المغرب العربي دوراً أكبر لرد هذا العدوان، والضغط في اتجاه توحيد الموقف الإقليمي والدولي». |
|