|
|
التاريخ: أيار ١٧, ٢٠١٩ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
محكمة تونسية تنظر في اتهام بورقيبة وألمانيا باغتيال زعيم سياسي |
ابن يوسف عُرف بخلافه المتواصل مع زعيم الحركة الوطنية ورفضه وثيقة الاستقلال |
تونس: المنجي السعيداني
نظرت الدائرة المتخصصة في العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية في تونس أمس، قضية اغتيال صالح بن يوسف، الزعيم الوطني الذي اعترض على موافقة الرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة على وثيقة الاستقلال الداخلي للبلاد، وعارضه، واعتبره «استقلالاً منقوصاً».
وأرجأت المحكمة الحكم النهائي في هذه القضية التي وجهت فيها عائلة ابن يوسف التهم إلى زعيم الحركة الوطنية التونسية الحبيب بورقيبة وإلى ألمانيا التي نُفّذت فوق أراضيها جريمة الاغتيال لكنها لم تسع إلى الكشف عن الجناة، إلى وقت لاحق، وتوقعت مصادر حقوقية تونسية أن تتواصل جلسات المحاكمة والمحاسبة خلال الأشهر المقبلة، وذلك بسبب الصعوبات والمعوقات الكثيرة التي تعترض عملية الكشف عن تفاصيل أول عملية اغتيال سياسي، بعد استقلال تونس عن فرنسا سنة 1956.
وتطالب عائلة ابن يوسف السلطات التونسية بالاعتذار الرسمي عن جريمة الدولة التي ارتكبتها، واعترافها بالجريمة اعتباراً إلى أن ثلاثة أجهزة رسمية تابعة لها (رئاسة الجمهورية، ووزارة الداخلية، ووزارة الخارجية) نسّقت ونفّذت الجريمة، ورد الاعتبار للزعيم الوطني، وتأكيد دوره في الحركة الوطنية، وإلغاء حكمين بالإعدام أصدرهما القضاء التونسي ضده سنتي 1957 و1958 بإيعاز من بورقيبة، علاوة على استعادة جثمان الفقيد.
كانت هيئة الحقيقة والكرامة (هيئة دستورية مكلفة مسار العدالة الانتقالية من 1955 إلى 2013) قد أحالت ملف القضية إلى الدائرة المتخصصة في العدالة الانتقالية في 12 من ديسمبر (كانون الأول) 2018 لتحديد المتهمين بالقتل العمد والمشاركة في ذلك.
وتعود أطوار جريمة الاغتيال السياسي لصالح بن يوسف إلى 12 من أغسطس (آب) 1961، حيث تمت تصفيته بمدينة فرانكفورت الألمانية، دون أن يتم الكشف عن تفاصيل الجريمة والأطراف التي أمرت بتنفيذها. لكن الشبهات تحوم كثيراً حول الرئيس السابق الحبيب بورقيبة، الذي تنسب إليه تصريحات مفادها أنه أعطى أوامره قائلاً: «يجب القضاء على هذا الرجل»، في إشارة إلى ابن يوسف.
وكان ابن يوسف يقود الشق المحافظ داخل الحركة الوطنية التونسية، وكان كثيراً ما يختلف مع الحبيب بورقيبة، زعيم الحركة الوطنية، الذي كان يتزعم الشق الحداثي المرتبط بمفاهيم الدولة المدنية، بعيداً عن سيطرة شيوخ جامع الزيتونة المحافظين.
وتمكنت هيئة الحقيقة والكرامة من جانبها بفضل الوثائق، التي حصلت عليها مؤخراً، من تحديد هوية ثلاثة أشخاص ضالعين في هذه العملية، انطلاقاً من وثائق أرشيفية حصلت عليها الهيئة من ألمانيا وتونس، وبعد الاستماع إلى أحد المتهمين في هذه القضية الشائكة.
وكشف المحامي عفيف بن يوسف، عضو هيئة الدفاع عن عائلة صالح بن يوسف، في مؤتمر صحافي عُقد أول من أمس في العاصمة التونسية أن الأبحاث أكدت تورط الدولة التونسية في شخص رئيس الجمهورية (الحبيب بورقيبة)، واعتباره المدبر الأساسي لعملية الاغتيال، والتونسي البشير زرق العيون قائد الحرس الرئاسي ومدير الديوان الرئاسي في تلك الفترة والمتهم بتنفيذ العملية، وكذلك وزارة الداخلية، ممثلةً في شخص الطيب المهيري وزير الداخلية حينها، ووزارة الخارجية التونسية من خلال سفارة تونس في مدينة بايرن الألمانية، بحجة أنها قدمت مساعدات لمرتكبي جريمة الاغتيال.
على صعيد آخر، شاركت سلمى اللومي، مديرة الديوان الرئاسي التي استقالت من منصبها قبل يومين، في اجتماع المكتب السياسي لحزب النداء (مجموعة الحمامات) المناهضة لنجل الرئيس الباجي قائد السبسي. وكشفت مصادر سياسية مقربة من حزب النداء أن اللّومي قرّرت الانتصار لشق الحمامات، مؤكدة أنه تم الاتفاق على تعيينها في منصب رئيسة الحزب، وممثلته القانونية استعداداً للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة نهاية السنة الحالية.
وتقود سلمى اللومي حالياً سلسلة من المشاورات من أجل ضمّ عدد من الأحزاب إلى نداء تونس (مجموعة الحمامات)، وتسعى إلى تشكيل ائتلاف أو جبهة حزبية انتخابية، تكون قادرة على تحقيق نتائج إيجابية في المحطة الانتخابية المقبلة.
من جهة ثانية أكدت السلطات التونسية مجدداً، أمس، أن الخبير الأممي المنصف قرطاس الموقوف لديها منذ أكثر من شهر بتهمة التجسس «لا يتمتع بالحصانة الأممية».
وقال سفيان السليتي، الناطق الرسمي باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، لوكالة الصحافة الفرنسية إن قرطاس «لا يتمتع بالحصانة، وكان يستعمل جواز سفر تونسياً، ولم يأتِ في مهام أممية».
وتم توقيف قرطاس، الذي يحمل الجنسية التونسية والألمانية في 26 من مارس (آذار) الماضي، لدى وصوله إلى مطار العاصمة التونسية بتهمة التجسس، التي يمكن أن تصل عقوبتها في تونس الإعدام.
كما أكد السليتي: «حجز معدات تستعمل لمراقبة الطيران المدني والعسكري دون تراخيص رسمية» لدى قرطاس.
وطلبت الأمم المتحدة من السلطات التونسية، أول من أمس، «إسقاط الاتهامات» بالتجسس عن خبيرها قرطاس، المكلف ملف الأسلحة في ليبيا، والذي «يجب أن يفرج عنه فوراً» بحسب ما قال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام. وأضاف المتحدث في لقائه الإعلامي اليومي أنه بعد دراسة الوثائق القضائية التي سلمتها السلطات التونسية أخيراً، خلصت الأمم المتحدة إلى أن الحصانة الدبلوماسية الممنوحة لهذا الخبير التونسي الألماني تبقى سارية. فيما أكد السليتي أن قرطاس متهم أيضاً «بجمع معلومات متعلقة بالإرهاب بطريقة غير قانونية».
وقالت محامية قرطاس، سارة الزعفراني: «إن أحد أبرز عناصر الاتهام جهاز» وُجد مع موكلها «يتيح الوصول إلى المعطيات العامة لرحلات الطائرات المدنية والتجارية». وهذا الجهاز «آر تي إل - إس دي آر» يخضع لترخيص مسبق في تونس، ويستخدم «فقط لمراقبة حركة الطيران باتجاه ليبيا للتعرف على الرحلات، التي قد تكون على صلة بانتهاك الحظر على السلاح».
ويتزامن توقيف قرطاس مع تكثيف عمل المراقبين الأمميين لمراقبة الخروقات، التي تطال الحظر على الأسلحة في ليبيا، والتي تزايدت مع تصاعد التوتر في البلاد، إثر إعلان المشير خليفة حفتر، قائد قوات شرق ليبيا، منذ شهر الهجوم على العاصمة طرابلس. |
|