|
|
التاريخ: أيار ١٦, ٢٠١٩ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
إجراءات غربية في العراق تحسباً لـ«تحريك الحشد» |
واشنطن تربط إجلاء موظفين في بغداد بتهديد إيراني وشيك... والسعودية والإمارات تدوّلان الاعتداءات الأخيرة |
بغداد: حمزة مصطفى
شدد الرئيس العراقي برهم صالح، أمس، على ضرورة تغليب المصلحة الوطنية و«النأي عن سياسة المحاور»، في ظل مخاوف من تحوّل العراق إلى ساحة محتملة تتجلى فيها تداعيات التوتر الأميركي - الإيراني الحالي، على خلفية الحشود العسكرية التي ترسلها إدارة الرئيس دونالد ترمب إلى مياه الخليج، وتحريك إيران لوكلائها في المنطقة بهدف تهديد أمن الطاقة العالمي.
وفي مؤشر إلى أن الأميركيين يخشون أن ترد إيران، مباشرة أو عبر وكلائها، باستهداف مصالحهم في العراق، أعلنت واشنطن، أمس، الطلب من جميع الموظفين غير الأساسيين مغادرة سفارتها في بغداد وقنصليتها في أربيل. وقال الناطق باسم السفارة الأميركية في بغداد، في بيان، إنه «بالنظر إلى سلسلة التهديدات المتزايدة التي نشهدها في العراق والتي أطلعنا الحكومة العراقية عليها خلال زيارة وزير الخارجية الأميركي (مايك بومبيو) بتاريخ 7 مايو (أيار)، ومن خلال اتصالات لاحقة، قرر وزير الخارجية الأميركي شمول البعثة في العراق بمغادرة الموظفين غير الأساسيين من السفارة الأميركية في بغداد والقنصلية الأميركية في أربيل». وأضاف: «نقوم بمراجعة وتقييم سلامة وأمن وعمليات منشآتنا حول العالم وبشكل منتظم»، مبيناً «قررنا أن الأمر بالمغادرة الملزمة يعد مناسباً في ضوء الظروف الأمنية الحالية».
وقال المتحدث: «لا نتخذ هذه القرارات باستخفاف. إن سلامة الموظفين الحكوميين الأميركيين والمواطنين الأميركيين من الأولويات القصوى لوزارة الخارجية الأميركية». وتابع: «نحن واثقون من عزم الأجهزة الأمنية العراقية على حمايتنا لكن يبقى هذا التهديد خطيراً ونود التخفيف من خطر التعرض للأذى»، مشدداً على أن الأميركيين يبقون «ملتزمين بالشراكة مع العراقيين تعزيزاً لمصالحنا المشتركة».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية، من جهتها، عن بيان لوزارة الخارجية الأميركية إن مجموعات إرهابية ومتمردة كثيرة تنشط في العراق منها «فصائل مذهبية معادية للولايات المتحدة» قد «تهدد الرعايا الأميركيين والشركات الغربية في العراق».
وفي الإطار ذاته، ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن ألمانيا وهولندا أعلنتا أمس وقف عمليات تدريب الجنود العراقيين وسط التوترات بين إيران والولايات المتحدة.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الألمانية ينس فلوسدورف للصحافيين: «لقد أوقف الجيش الألماني تدريبه» للجنود العراقيين، متحدثاً عن «زيادة اليقظة» لدى الجيش الألماني في العراق. وقال فلوسدورف إن عمليات التدريب قد تستأنف خلال الأيام المقبلة وإنه «لا يوجد تهديد ملموس» في الوقت الحالي. ويوجد نحو 160 جندياً ألمانياً في العراق من بينهم 60 في التاجي شمال بغداد و100 في أربيل في كردستان العراق.
من ناحية أخرى، ذكرت وزارة الدفاع الهولندية أنها أوقفت كذلك عمليات التدريب التي تقوم بها في العراق بسبب «التهديدات»، بحسب وكالة الأنباء الهولندية. ويقوم أكثر من 50 جندياً هولندياً بتدريب قوات كردية في أربيل في إطار التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش»، بحسب الوكالة.
وذكر موقع وزارة الدفاع أن هولندا تشارك بخبيرين عسكريين وأربعة خبراء مدنيين في «مهمة بناء القدرات» التابعة لحلف شمال الأطلسي في بغداد.
وذكرت ليتوانيا، التي تنشر ثمانية جنود في العراق، أنها لا تعتزم وقف مهمتها، بحسب ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
إلى ذلك، شدد الرئيس برهم صالح على أهمية ابتعاد العراق عن سياسة المحاور. وأوضح بيان رئاسي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أن صالح استقبل زعيم «تحالف الفتح» هادي العامري الذي يتزعم أيضاً «منظمة بدر» القريبة من إيران، مشيراً إلى أنه «جرى خلال اللقاء مناقشة آخر التطورات السياسية والأمنية على الصعيدين المحلي والإقليمي وضرورة تغليب المصلحة الوطنية في العلاقة مع دول الجوار والأطراف الدولية المؤثرة في الساحتين العربية والدولية والنأي عن سياسة المحاور».
من جانبه، أكد عضو البرلمان العراقي عن «تحالف الفتح» محمد سالم الغبان، وهو وزير سابق للداخلية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «من مصلحة العراق ألا يكون جزءاً من سياسة المحاور مع هذا الطرف أو ذاك ولكن الأمور تسير في غير هذا الاتجاه وخاصة من الطرف الأميركي». وتابع أن «هناك ضغوطاً على العراق للانضمام إلى المحور المعادي لإيران». وأضاف الغبان أن «هذا يكلف العراق ثمناً باهظاً على جميع الأصعدة، إن لم نقل إنه غير ممكن من الناحية الواقعية لعوامل عدة ولأسباب موضوعية». واعتبر أن «الموضوع معقد ويحتاج إلى قادة يتعاملون بحكمة فائقة وحزم لا يعرض البلد - الذي تنفس توّاً الاستقرار النسبي والدولة التي هي بالأساس هشة وضعيفة - لمخاطر وأزمات في وقت لا يمكننا خسارة إيران التي وقفت مع العراق منذ سقوط النظام السابق عام 2003 وإلى اليوم».
من جهته، أكد الدكتور حسين علاوي أستاذ الأمن الوطني في كلية النهرين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «دلالات القرار الذي اتخذته الخارجية الأميركية بسحب أعداد كبيرة من موظفيها في سفارتها بالعراق إنما هي إشارات واضحة إلى تقدير الموقف العسكري من قبل الحكومة الأميركية والنظر إلى تحديات المنطقة وخصوصاً التهديدات من وكلاء إيران، وفق وصف الحكومة الأميركية ووزارة الدفاع، أو المتعاطفين معها في ظل العقوبات الأميركية عليها». وأضاف علاوي أن «الأمر الآخر هو أن الحكومة العراقية ملتزمة بحماية البعثة الدبلوماسية الأميركية في العراق وفقاً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية». وأوضح أن «الموقف الرسمي سيكون بالحياد لكونه يدرك تحدي الآثار على العراق، لكن الموقف غير الرسمي للقوى السياسية والفصائل الإسلامية لن يلتزم الحياد لكونه سيكون متعاطفاً مع الموقف الإيراني نظراً إلى العلاقات العميقة التي تربطها مع إيران، وبالتالي سيكون التحدي الحقيقي أمام الدولة العراقية متمثلاً في المسار غير الرسمي».
وحول مجريات الصراع، قال الدكتور علاوي إن «الصراع يتقدم نحو الحرب بالوكالة أكثر من التفاوض، والتفاوض ما زال محكوماً بصراع الإرادات بين الطرفين، حيث إن خفض حدة المطالب هو أحد السبل لكن حتى الآن لا يوجد وسيط قادر على إدارة التفاوض بينهما».
وتصاعدت حدة التوتر بين واشنطن وطهران منذ قرار الرئيس دونالد ترمب الانسحاب في مايو من العام الماضي من اتفاق إيران النووي في 2015. والأسبوع الماضي قام وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بزيارة مفاجئة لبغداد تهدف إلى ترسيخ العلاقات مع العراق. وقال بومبيو للصحافيين إنه قام بالزيارة لأن القوات الإيرانية «تصعد أنشطتها»، وإن خطر الهجمات «محدد». لكن بومبيو لم يعط تفاصيل إضافية بشأن الخطط التي تحدث عنها. وأشارت الوكالة الفرنسية إلى أن بومبيو التقى خلال زيارته الرئيس العراقي برهم صالح ورئيس الوزراء عادل عبد المهدي وتطرق معهما إلى «أهمية تحقق العراق من قدرته على حماية الأميركيين بالشكل المناسب في بلادهم».
وأمن السلك الدبلوماسي أولوية بالنسبة إلى الولايات المتحدة وبومبيو الذي انتقد في السابق وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون بشدة للهجوم الدامي على القنصلية الأميركية في مدينة بنغازي شرق ليبيا. |
|