|
|
التاريخ: أيار ١٦, ٢٠١٩ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
رضا الشارع باتفاق قادة الحراك و«العسكري» نهاراً وسخط المعتصمين منه ليلاً |
قوات بزي الجيش تصيب 8 محتجين بالرصاص في الخرطوم |
الخرطوم: أحمد يونس - ومحمد أمين ياسين
في الوقت الذي تتجه فيه أنظار السودانيين إلى «قاعة الصداقة» بغرب الخرطوم، حيث تنعقد آخر جولات التفاوض بين المجلس العسكري الانتقالي، وقوى إعلان الحرية والتغيير التي تقود الحراك، بهدف بحث نسب التمثيل في المجلس السيادي بين العسكريين والمدنيين، أطلقت قوات نظامية الرصاص على محتجين وأصابت ثمانية منهم، وذلك بعد يوم واحد من إعلان التوافق على الحكومة الانتقالية المدنية التي تقود البلاد لثلاث سنوات قادمة.
وبعد تفاوض «مارثوني متعثر»، دام أكثر من شهر، اتفقت قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي أول من أمس، على فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات، وتخصيص 67 في المائة من مقاعد المجلس التشريعي، لقادة الحراك، و33 في المائة للقوى عير المنضوية تحت التحالف، إضافة إلى منحه سلطة تكوين حكومة الكفاءات الانتقالية كاملة الصلاحيات التنفيذية.
لكن التوتر والتصعيد عادا من جديد إلى ساحة الاعتصام، إثر هجوم شنّته قوات بملابس عسكرية على المعتصمين، أدى إلى إصابة ثمانية، وأنباء عن مقتل أحدهم بالرصاص.
ويأتي هذه التطور غداة الهدوء، الذي شهدته ساحة الاحتجاجات قرب القيادة العامة للجيش، إثر اتفاق المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، وبعد أن سادت حالة من الرضا والقبول ساحة الاعتصام قرب قيادة الجيش السوداني بالخرطوم؛ إثر حدوث اختراق كبير في المفاوضات بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير؛ الذي توصل فيه الطرفان إلى اتفاق حسم الكثير من نقاط الخلافات بينهما، بعد تصعيد خطير قتل جراءه وأصيب العشرات بالرصاص الحي.
وأبدى عدد من المعتصمين ارتياحاً كبيراً لما تم التوصل إليه؛ واعتبروه نقطة تسجل في رصيدهم الثوري، باتجاه تحقيق مطالبهم بالوصول إلى دولة مدنية كاملة.
فآلاء عبد الرحيم (30 عاماً) موظفة؛ ترى أن الأوضاع تسير بصورة جيدة؛ وأن النقاط التي تم الاتفاق عليها «مرضية، وتلبي بنسبة كبيرة مطلبنا الأساسي، وهو أن تكون كل السلطات مدنية»؛ وتضيف موضحة «ما دام أن المجلس السيادي لا صلاحيات له خلال الفترة الانتقالية؛ وأن كل السلطات عند الحكومة؛ فهذا الأمر سيرضي الميدان كثيراً؛ لكننا ننتظر حتى نرى الاتفاقيات كاملة».
عثمان آدم لقمان البالغ من العمر 24 عاماً؛ والذي جاء من منطقة أم دافوق أقصى شمال دارفور ليشارك في الاعتصام؛ يقول إنه غير مطمئن لما تم الاتفاق عليه؛ «ما لم ينفذ على أرض الواقع... نحن نريد أن نرى مطالبنا تتحقق على أرض الواقع؛ ولذلك لن نغادر ساحة الاعتصام حتى لو بقينا حتى عيد الأضحى».
ورغم أيام رمضان القائظة؛ لا يزال العشرات من المعتصمين يجوبون ساحة الاعتصام، رافعين لافتات على شاكلة «مدنية أو ثورة أبدية»؛ وآخرون يحملون صور الشهداء، ليذكروا الناس بمن ضحوا بأرواحهم من أجل انتصار كامل؛ ولا رجعة عنه حتى تتحقق الثورة كاملة.
بدوره، يقول الوليد ناصر، وهو طالب جامعي (22 عاماً): «تابعنا الاتفاق، ورغم أنه يرضي الكثير؛ لكن لن نقف حتى تتحقق كل المطالب؛ أولها محاسبة رموز النظام السابق؛ لأن هذه نقطة مهمة يجب على قوى الحرية والتغيير تحقيقها».
من جانبه، يقول أيمن محمد أحمد، وهو عامل في الصرف الصحي: «الاتفاق حتى الآن فيه تقدم كبير بالنسبة لنا نحن المعتصمين في الساحة منذ أكثر من شهر؛ لكننا سنظل متواجدين حتى يتم التوصل إلى اتفاق كامل، نضمن به أن تنقل السلطة إلى المدنيين. هذه مطالب الثورة التي رفعتها منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ومن أجلها استشهد الكثير من الشباب؛ ونحن لن نخون دماء هؤلاء الإخوة».
أما صديق عبد الرحمن (60 عاماً) الذي يشتغل في قطاع التعليم، فيؤكد بدوره أن الاتفاق «مُرضٍ، وهو خيار توصلت إليه قوى الحرية والتغيير بعد مفاوضات مضنية؛ ونتمنى أن ينفذ بصورته التي تم الاتفاق عليها به؛ بالإضافة إلى إكمال عملية اختيار الهياكل الأخرى الحكومة التنفيذية والمجلس التشريعي»، مشدداً على أن الشعب «لا يريد حكومة مترهلة؛ وما تم الاتفاق عليه هو شكل الحكومة التي يريدها الشعب السوداني؛ وفي نظري فإن الاتفاق حقق مطلبنا في الدولة المدنية الكاملة؛ ولا يوجد أفضل من ذلك».
من جهته، قال الموظف سامي الباقر (42 سنة): «الاتفاق مُرضٍ إلى حد كبير؛ وفي المفاوضات دائماً هنالك تنازل من الأطراف؛ وما تم من اتفاق على تحديد الفترة الانتقالية بثلاث سنوات؛ وحكومة تنفيذية كاملة لقوى إعلان الحرية والتغيير، بالإضافة إلى نسبة 67 في المائة في المجلس التشريعي جاء نتاج عمل كبير؛ وهذا الاتفاق يؤسس لفترة انتقالية تنقل البلاد نحو الانتخابات الحرة النزيهة، بنهايتها نصل إلى الحكومة الديمقراطية التي بسببها خرجنا إلى الشوارع لأكثر من أربعة أشهر؛ وظللنا معتصمين بساحة الاعتصام لأكثر من شهر».
نائب رئيس الحركة الشعبية يؤكد عودته إلى الخرطوم رغم حكم الإعدام
لندن: مصطفى سري
اعتبر ياسر عرمان، نائب رئيس الحركة الشعبية - شمال أن حكم الإعدام الصادر ضده وضد رئيس حركته مالك عقار، وعدد من الكوادر من قبل نظام الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير «حكم سياسي بامتياز»، وأكد أنه سيعود إلى الخرطوم، سواء تم إلغاء الحكم أو لم يتم، في وقت أعلنت فيه الجبهة الثورية، بقيادة مني أركو مناوي، أنها سترسل وفدا تشاوريا للتواصل مع القوى السياسية.
وقال عرمان في تعميم صحافي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن موقع «سودان تربيون» الإخباري في نسخته العربية، أورد خبراً حول عودته إلى الخرطوم، وربطه بحكم الإعدام الصادر في حقه، وأضاف موضحا: «أود أن أقول إن حكم الإعدام الذي صدر ضد مالك عقار وشخصي، وعدد من زملائي هو حكم سياسي بامتياز، لكنه لم يهز شعرة من رؤوسنا بالأمس، واليوم أنا على موعد مع شعبي وصوت الناس والأرض، وهيهات أن أنسى الموعد»، مؤكداً أنه «سيذهب إلى الخرطوم في وقت قريب، وبإذن من الشعب السوداني... سأعود إلى الخرطوم في القريب العاجل، سواء تم إلغاء حكم الإعدام أو لم يتم إلغاؤه»، لكنه لم يحدد موعدا قاطعا لعودته.
وذكر عرمان، الذي غادر الخرطوم منذ يونيو (حزيران) 2011، عقب استئناف الحرب في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، أن الهدف الرئيسي هو الذهاب إلى الخرطوم والوصول إلى سلام عادل، والربط بين السلام والديمقراطية والمواطنة بلا تمييز، والعدالة الاجتماعية، وردد شعار «الثورة، حرية، سلام»، و«عدالة والثورة خيار الشعب»، وقال: «شكراً لكل من يرحب ويدعم حقنا في المجيء إلى الخرطوم».
وكان موقع «سودان تربيون» قد ذكر أن بعض المصادر (لم يسمها) قد كشفت عن تردد قادة المجلس العسكري الانتقالي في إلغاء حكم الإعدام الصادر ضد رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال مالك عقار، ونائبه ياسر عرمان، ما سيؤدي إلى عرقلة عودة الأخير للسودان خلال أيام، حسبما أعلن في وقت سابق.
وأوضح الموقع أن مصادر موثوقة أكدت أن قيادة المجلس العسكري تلقت اتصالات من قيادات إقليمية، تحثها على إسقاط عقوبة الإعدام الصادرة ضد قادة الحركة، وإقناعها بأن عودة عرمان للخرطوم من شأنها تعزيز المساعي الرامية إلى إحلال السلام في السودان خلال الفترة الانتقالية. كما أكدت المصادر ذاتها، بحسب الموقع، أن المجلس العسكري «متردد في إلغاء الأحكام»، ويفضل حاليا التريث في إصدار مثل هذا القرار.
وكانت الحركة الشعبية - شمال، بقيادة مالك عقار، قد قررت الشهر الماضي إرسال وفد يقوده ياسر عرمان وأمين عام الحركة إسماعيل جلاب إلى الخرطوم، في غضون عشرة أيام، وأرسلت بالفعل وفد مقدمة، يقوده المتحدث باسم الحركة مبارك أردول وسبعة آخرون قصد ترتيب أمر عودة القيادات.
وأصدرت محكمة سودانية في مدينة سنجة في مارس (آذار) 2014، حكما غيابيا بالإعدام شنقا على مالك عقار وياسر عرمان، على خلفية الأحداث التي شهدتها ولاية النيل الأزرق في سبتمبر (أيلول) 2011.
إلى ذلك، أعلن محمد زكريا فرج الله، المتحدث باسم تحالف الجبهة الثورية السودانية، الذي يقوده رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي، في بيان صحافي، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إرسال وفد تشاوري إلى الخرطوم للتواصل مع الأحزاب السياسية وقوى الحراك الحليفة للجبهة، وقال إن المجلس القيادي للجبهة قرر إرسال «وفد تشاوري رفيع المستوى، برئاسة نائب رئيس الجبهة الثورية رئيس القطاع السياسي التوم هجو»، مشيراً إلى أن الوفد سيصل خلال الأسبوعين المقبلين للتواصل مع جميع القوى السياسية السودانية وقوى الثورة والمجلس العسكري الانتقالي.
وأدان فرج الله ما سماها محاولات «جر الثورة إلى الخلف»، وقال: «هناك اعتداء مستمر على الثوار المعتصمين السلميين، وهو سلوك طائش من فلول الثورة المضادة»، مناشداً القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى بالتصدي الحازم لمثل هذه المحاولات، والقبض على محركيها والمحرضين عليها. |
|