التاريخ: أيار ٨, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
الحكومة اللبنانية تستكمل نقاش الموازنة وترجئ تعويضات العسكريين
قضاة لبنان يعتكفون رفضاً لاقتطاع جزء من مكاسبهم المالية
بيروت: «الشرق الأوسط»
تواصل الحكومة اللبنانية، اليوم (الأربعاء)، مناقشة بنود الموازنة العامة لعام 2019، وسط تأكيد مصادر سياسية أن لا أحد يحارب الحكومة من الداخل، وهي رسالة أثبتها اللقاء الذي جمع الرؤساء الثلاثة ميشال عون وسعد الحريري ونبيه بري في قصر بعبدا ليل الاثنين.

وقالت مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط»: إن النقاش الذي دار أمس داخل الحكومة، تمحور حول رواتب المتقاعدين المدنيين، وتم الاتفاق على أن تخضع الضريبة لمبدأ الشطور، أي أن تكون تصاعدية، في حين تم إرجاء موضوع تعويضات ومخصصات العسكريين إلى اليوم. وقال وزير الإعلام جمال الجراح بعد انتهاء الجلسة، إن النقاش استكمل بالمواد القانونية، وقد «مررنا تقريباً على كافة المواد التي كانت قيد البحث أو معلقة، وغداً (اليوم) سنستأنف دراسة المواد، على أمل أن ننتهي نهائياً من المواد القانونية وندخل بالأرقام. ونأمل أن ننتهي يوم الجمعة أو قبله من موضوع الموازنة». وأضاف: «الأمور جيدة جداً، والنقاش الحاصل مسؤول وبالأرقام. هناك بعض المعطيات المالية والأرقام التي سنطلبها من مصرف لبنان والأجهزة العسكرية لكي تتم دراستها وتحليلها لاتخاذ القرارات بخصوص المواد التي عُلقت (أمس) وأٌجلت إلى اليوم أو غداً. وقال الجراح: «الأجواء جيدة، وأعتقد أنه حصل أيضاً انفراج على صعيد الإضرابات، وبعض المضربين لم نعرف لماذا أضربوا حتى الآن». 

وأكد الجراح «أننا نسير بكل جدية ومسؤولية، وسنعلن قريباً إن شاء الله كل القرارات التي توصلنا إليها، والتي بينها قرارات إيجابية وما فيه تسهيل للمواطن وحوافز، وإعفاءات وتشجيع على مبادرة المواطن لتسديد رسومه».

وفي موضوع الأجهزة الأمنية والعسكرية، قال الجراح إنه «سيدرس كـسلة واحدة، ليس التجهيزات وحدها والتقاعد وحده والراتب وحده، بل كسلة متكاملة، ووزير الدفاع سيأتي بالجداول في الغد بشكل نهائي والأرقام ونتخذ القرارات بشأنها».

قضاة لبنان يعتكفون رفضاً لاقتطاع جزء من مكاسبهم المالية

بيروت: يوسف دياب
تسود الأوساط القضائية في لبنان حالة من الغضب رداً على مشروع الموازنة العامة، الذي يتضمّن بنوداً تقتطع من المكتسبات المالية للقضاة والتقديمات الصحية والتعليمية لهم ولأسرهم، ويرافق ذلك تباين في الرؤى بين «نادي قضاة لبنان» الذي دعا القضاة إلى الاعتكاف عن عقد جلسات المحاكمة والتحقيق إلى أن تتراجع الحكومة عن هذا القرار، وبين مجلس القضاء الأعلى الذي حضّ القضاة على الالتزام بعملهم، ومعالجة مطالبهم بعيداً عن التصعيد.

وعلى وقع هذا التباين، يعقد قضاة لبنان اجتماعاً، بقصر العدل في بيروت عند العاشرة من صباح اليوم (الأربعاء)، «للتباحث واتخاذ القرارات المناسبة التي تصون استقلالية القضاء بشكل عام والقاضي بشكل خاص»، في ضوء ما سموه «الاعتداء المستمر والمتمادي على أمن القضاة الاجتماعي وحقوقهم المعنوية والمادية». وعلمت «الشرق الأوسط» أن رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد سيحضر الاجتماع القضائي الموسّع اليوم، وسيطلع القضاة على الاتصالات التي أجراها بالقيادات السياسية، ونتائج لقائه مع رئيس الجمهورية ميشال عون، وأكد مصدر مقرّب من مجلس القضاء الأعلى، لـ«الشرق الأوسط»، أن «مجلس القضاء لا يزال يتمنّى على القضاة القيام بمهامهم على أكمل وجه، انطلاقاً من دور القضاء المؤتمن على حقوق الناس». وشدد على أن المجلس «لن يقف مكتوف اليدين حيال أي انتقاض من حقوق القضاة، وأن الأجواء التي لمسها القاضي فهد من المسؤولين إيجابية».

وسيخصص القضاة اجتماع اليوم لتقييم الخطوات التي اتخذتها الحكومة في جلستها التي انعقدت أمس، وما إذا كانت تراجعت عن قرار حسم بعض الامتيازات المعطاة للقضاة، على أن يتخذ القرار بالاستمرار في الاعتكاف أو تعليقه. وأكد أحد أعضاء نادي القضاة لـ«الشرق الأوسط» أن «الاعتكاف التحذيري الذي بدأ يوم الجمعة الماضي كان ناجحاً والتزم به معظم القضاة، لكن القرار استثنى الجلسات التي يحاكم فيها موقوفون، والبت بطلبات إخلاء سبيل الموقوفين». وقال: «سندرس مقترحات الحكومة التي أعدتها في مشروع الموازنة قبل إرسالها إلى المجلس النيابي، ونتخذ القرار المناسب بشأنها».

ولم يخف المصدر القضائي وجود «تباين في وجهات النظر بين نادي القضاة ومجلس القضاء الأعلى، حول أسباب وكيفية الدفاع عن حقوق القضاة»، عادّاً أن «تحرّك نادي القضاة هو لتحصيل حقوق القضاة؛ بمن فيهم مجلس القضاء الأعلى الممثل الوحيد للسلطة القضائية»، لافتاً إلى أن «الالتزام بقرار الاعتكاف كان كاملاً، وهو أوصل رسالة إلى الحكومة بأن حقوق السلطة القضائية لا يمكن هضمها أو الانتقاص منها».

وأبرز ما يتضمّنه مشروع الموازنة، اقتطاع 10 في المائة من مساهمة الخزينة بصندوق تعاضد القضاة البالغ 10 مليارات ليرة سنوياً (7 ملايين دولار أميركي)، وحسم جزء من المساعدات الطبية وعائدات الأدوية والمساهمة التعليمية، التي يستفيد منها 560 قاضياً، ونحو 1200 مساعد قضائي.

ويعدّ هذا الاعتكاف الثالث في تاريخ القضاء؛ إذ سبقه تحركان مماثلان حصلا عامي 2017 و2018، بسبب قرارات اتخذتها الحكومة بينها إلغاء صندوق تعاضد القضاة والمساعدين القضائيين برمته، ولم تتوقف تلك التحركات إلا بعد تراجع الحكومة عن هذا القرار. وعدّ المصدر القضائي أن «المس بصندوق تعاضد القضاة هو مس بالأمن الاجتماعي للقضاة، خصوصاً أن الصندوق يموّل نفسه بنفسه من رسوم الدعاوى القضائية»، مذكراً بأن «المرفق العدلي (القضاء) يؤمن موارد هائلة لخزينة الدولة، وهو ثاني مورد بعد الجمارك، وتتقدم على عائدات قطاع الاتصالات، خصوصاً مع ارتفاع عدد الدعاوى بنسبة كبيرة»، مؤكداً أن «القاضي يجب أن يكون مرتاحاً، ولديه صفاء ذهني، ليكون قادراً على إنصاف الناس والمتقاضين».

وكان وفد قضائي برئاسة رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد ضم ممثلين عن القضاء العدلي والإداري والمالي، زار رئيس الجمهورية ميشال عون، وعرض معه ملاحظات الجسم القضائي على مشروع موازنة 2019، لا سيما لجهة تضمينه اقتطاع نسبة 10 في المائة من مساهمة الدولة السنوية في صندوق تعاضد القضاة، إضافة إلى بنود أخرى عدّ الوفد أنها «تمس الضمانات المالية للقضاة، ومنها ما يتعلق بمداخيل صندوق تعاضد القضاة، وما يمس بالتعويضات التي يتقاضاها بعض القضاة لقاء أعمال تتصف بالإضافية، وكذلك واردات الصندوق من غرامات السير». وأكد الرئيس عون على «استقلالية السلطة القضائية بالنسبة إلى سائر السلطات، ووجوب التنسيق المسبق معها فيما يعني حقوق القضاة». ولفت إلى أن «صندوق تعاضد القضاة يخضع لوصاية وزير العدل الإدارية، ومساهمة الدولة هي جزء من مداخيله والجزء الآخر من الأحكام القضائية».

موظّفو البنك المركزي اللبناني يعلّقون إضرابهم... بعد يوم «اختفت» فيه الليرة

بيروت: «الشرق الأوسط أونلاين»
تنفّس اللبنانيون الصعداء، وإن إلى حين، بعدما قرر موظفو مصرف لبنان المركزي أمس (الثلاثاء) تعليق إضرابهم حتى صباح الجمعة عندما سيعقدون اجتماعا ليقرروا العودة إلى الإضراب أو وقفه.

وقبل صدور القرار قال رئيس نقابة موظفي البنك المركزي عبّاس عواضة إن الموظفين يتجهون إلى تعليق الإضراب "نتيجة الإيجابيات التي حصلت (...) في الاتصالات مع المسؤولين". وأضاف أن العمل سيُستأنف اليوم بعدما أضرب موظفو البنك أمس (الإثنين) والسبت للاحتجاج على مسودة مقترحات الميزانية العامة التي يؤكدون أنها تقتطع من أجورهم ومكافآتهم.

وقد سادت حالة من البلبلة في لبنان أمس في ظل شحّ السيولة بالليرة اللبنانية لأن المصارف الخاصة تحصل عليها من المصرف المركزي. وتوقفت عملية مقاصّة الشيكات المتداولة، وكذلك العمل في بورصة بيروت. وتردد أن محلات الصيرفة استغلت الوضع ورفعت سعر الدولار من 1515 ليرة إلى نحو 1550.

وقال مصدر في بورصة بيروت إن حركة التداول ستبقى معلقة اليوم على أن تُصدر إدارة البورصة في وقت لاحق قراراً باستئناف العمل في شكل طبيعي غدا (الأربعاء).

يذكر أن الحكومة اللبنانية تعقد جلسات لدرس مشروع ميزانية 2019 وإقرار البنود الشائكة الرامية إلى خفض العجز في المالية العامة أكثر من واحد في المائة، للتمكن من الاستفادة من القروض التي أقرّها مؤتمر "سيدر" الذي عقد في أبريل (نيسان) 2018 في باريس لمساعدة لبنان على الخروج من أزمته الاقتصادية.