|
|
التاريخ: أيار ٨, ٢٠١٩ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
«الانتقالي» السوداني يطرح تعديلات على رؤية الحراك... ويتبنى مقترح المجلسين |
«قوى التغيير» السودانية اعتذرت عن مواقف متضاربة |
الخرطوم: عيدروس عبد العزيز وأحمد يونس
أعلن المجلس العسكري الانتقالي الحاكم في السودان رؤيته للحل خلال الفترة الانتقالية، مثمناً الوثيقة الدستورية التي طرحتها {قوى إعلان الحرية والتغيير}. وأكد أن {الخلافات تضيق، ولن تحتاج لوقت طويل لإعلان الاتفاق}. وقال المجلس العسكري إنه يتفق مع المعارضة على الهيكل العام لنظام الحكم الانتقالي، بما فيها مقترح المجلسين، لكنه أشار إلى بعض نقاط الخلاف، ومن بينها إغفال إبقاء الشريعة الإسلامية مصدراً للتشريع وإخضاع القوات المسلحة لسيطرة السياسيين. لكنه لوح بإجراء {انتخابات مبكرة} إذا تعذر التوصل إلى اتفاق مع قوى الحراك.
وقال الفريق شمس الدين الكباشي، المتحدث باسم المجلس العسكري الانتقالي، خلال مؤتمر صحافي، مساء أمس، إن «نقاطاً عدة تجمع بيننا وبين قوى إعلان الحرية والتغيير مقابل نقاط اختلاف»، مضيفاً: «أدخلنا بعض التعديلات على رؤية قوى الحرية والتغيير». وأشار إلى أن المجلس تحفظ على إخضاع الوثيقة القوات المسلحة والأجهزة الأمنية للسلطة السياسية، مؤكداً أن وثيقة قوى {إعلان الحرية} أغفلت ذكر بقية القوى السودانية المشاركة في التغيير. وأضاف: «تحفظنا على ربط المحافظة على أمن البلاد بمجلس الوزراء بينما هي سلطة سيادية». وقال إن إعلان حالة الطوارئ أسند إلى مجلس الوزراء رغم أنه سلطة سيادية، مؤكداً «اننا نثق بأن قوى إعلان الحرية ستتقبل الرد بروح وطنية لمصلحة السودان... واثقون من التوصل إلى اتفاق مع قوى إعلان الحرية بشأن نظام الحكم... نحن على ثقة بأن ملاحظاتنا سينظر إليها باعتبارها استكمالاً لجهودهم الوطنية التي تصب في خانة التوافق}.
وأضاف الفريق الكباشي أن المجلس {قبل وساطة من بعض الشخصيات الحريصة على أمن السودان واستقراره}، مشيراً إلى أن الوساطة ترى أن يتشكل مجلس سيادة انتقالي من 10 شخصيات، إضافة إلى مجلس للدفاع. وشدد على أن «غاية تشكيل ومهام مجلس الأمن والدفاع حماية البلاد وتأمين المصلحة الوطنية»، مؤكداً أنه ليست هناك خلافات كبيرة تستدعي الوساطة «لكننا قبلناها من أجل الحوار واستقرار السودان»، بحسب تعبيره.
ودعا المجلس العسكري في بيان، أمس، ممثلي الحراك الشعبي إلى اجتماع بمجمع «قاعة الصداقة» بالعاصمة الخرطوم اليوم. وجاء في البيان أن اللجنة السياسية بالمجلس العسكري الانتقالي تدعو «جميع السادة ممثلي الأحزاب والكيانات المختلفة والتحالفات والحركات والمنظمات المفوضين والأفراد الذين قدموا رؤاهم السياسية حول ترتيبات الفترة الانتقالية عبر نوافذ اللجنة المختلفة لاجتماع مهم اليوم بقاعة الصداقة في تمام الساعة الحادية عشرة صباحاً» بتوقيت السودان.
وكانت {قوى الحرية والتغيير} سلمت الخميس الماضي المجلس العسكري رؤية لإعلان دستوري اقترحت فيه تشكيل مجلس سيادي بأغلبية مدنية وتمثيل عسكري محدود بجانب فترة انتقالية مدتها أربعة أعوام.
من جهة ثانية، كشفت قوى إعلان الحرية والتغيير التي تقود التفاوض عن تسلمها لـ«رد المجلس العسكري الانتقالي»، على الوثيقة الدستورية من دون أن تفصح عن فحوى ردها.
وقال المتحدث باسم التحالف الذي يقود الحراك والتفاوض مع المجلس العسكري أمجد فريد في مؤتمر صحافي، أمس، إن المجلس العسكري سلمهم رده على الوثيقة الدستورية التي تحدد رؤيتهم لحكم البلاد خلال المرحلة الانتقالية. وتوقع فريد الذي قال إن تحالفه لم يفض مظروف الرد بعد، أن تمضي عملية التفاوض بسلاسة، لا سيما أن {قوى الحرية والتغيير}تجاوزت التباينات التي برزت في شكل تصريحات متضاربة الأيام الماضية. وأضاف أن «قوى الحرية والتغيير متفقة ومنفتحة على كل المبادرات، لكن لن تتفاوض إلاّ على وثيقة إعلان الحرية والتغيير التي وضعت قبل إسقاط النظام».
وعقب تعثر التفاوض بين قيادة الحراك والمجلس العسكري، استجابت قوى الحرية والتغيير لطلب تقديم دراسة مكتوبة توضح فيها رؤيتها لكيفية حكم الفترة الانتقالية، يوم الخميس الثاني من مايو (أيار) الحالي.
وأوضح فريد أن التحالف شرع في إعادة هيكلة نفسه استجابة لطلب عدد من فصائل التي تطالب بتكوين هيئة قيادية سياسية، وأضاف: «هذا أوسع تحالف سوداني، وهيكلته بحاجة لإعمال الذهن». وقال إن قوى {إعلان الحرية} عقدت اجتماعاً عاجلاً أمس، لدراسة رؤية المجلس العسكري والرد عليها، مشيراً إلى أن النقاش داخل التحالف الذي يمثله، {أصبح أكثر منهجية، بما يتيح شفافية تمكن من نشر خلاصاته في وسائط التحالف}.
من جهته، دعا محمد ناجي الأصم، وهو أحد المتحدثين باسم التحالف وباسم «تجمع المهنيين السودانيين»، في حديثه للصحافيين، إلى ضبط النفس، والتمسك بالتزام السلمية، وعدم الاستجابة للاستفزاز. وقال إن «السلمية هي التي أوصلتنا لإنجاح ثورتنا، وعلينا التزامها وعدم الاستجابة لأي استفزاز».
وقطع الأصم بـ{استمرار مؤسسات النظام المعزول وشخوصه في التحكم بالدولة والتسبب في الأزمات مثل أزمة الوقود والخبز}. وقال إن «النظام موجود، ويتحكم في الدولة ويسبب أزمات الخبز والوقود، وهذه الأزمات لن تزول إلاّ بتفكيك دولة الحزب».
وكشف الأصم تلقي تحالفه لمبادرة وساطة من بعض الشخصيات السودانية، وقال إنهم قبلوا بمبدأ الوساطة الهادفة لتقريب وجهات النظر بين تحالفه والمجلس العسكري الانتقالي، وأضاف: «سنرد عليها إيجاباً وسلماً».
وجدد الأصم انتقاد ما أطلق عليه التصريحات المنفردة الصادرة عن مكونات التحالف، وقال إنها {أحدثت ربكة في الشارع}، بيد أنه قال إن القوى المتحالفة اتفقت على منبر واحد للإدلاء بالتصريحات التزاما بما تم التوافق عليه في {إعلان الحرية والتغيير}.
وشدد الأصم على أهمية {استمرار المقاومة الشعبية والاعتصام}، وتوعد بتصعيده، رداً على {محاولات قامت بها قوى نظامية} لإزالة المتاريس والحواجز التي يقيمها المعتصمون أول من أمس. وأضاف أن «المعركة مستمرة ولن تنتهي، نحن في معركة مفتوحة مع بقايا النظام المباد، وجهات كثيرة تحاول فرض واقع محدد على السودان».
«قوى التغيير» السودانية اعتذرت عن مواقف متضاربة
تنظيم مائدة إفطار ضخمة للمعتصمين... وضبط أسلحة ومتفجرات في الخرطوم
الثلاثاء 07 مايو 2019
الخرطوم: عيدروس عبد العزيز وأحمد يونس
تقدمت قوى «إعلان الحرية والتغيير» التي تقود الحراك السوداني باعتذار إلى الشعب عن يومين من التصريحات المتضاربة بين مكوناتها، سببته بيانات صادرة عن هذه المكونات أربكت المشهد السياسي المرتبك أصلاً، في حين أُعلن في الخرطوم عن ضبط كميات من الأسلحة الحديثة والأحزمة الناسفة في منزل بأحد أحياء العاصمة. وواصل آلاف المحتجين اعتصامهم أمام القيادة العامة للجيش، حيث تناولوا الإفطار على مائدة ضخمة في أول أيام رمضان.
وأعلنت القوى التي تقود الثورة السودانية في بيان، أمس، عن اتفاقها على تكوين آلية تمنع التضارب والتصريحات والبيانات غير المتسقة مع وثيقة «إعلان الحرية والتغيير» الصادرة عن مكوناتها السياسية والمهنية. ونقلت تقارير صحافية عن القيادي في «الحرية والتغيير» ساطع أحمد الحاج، مساء أول من أمس، أن الآلية المقترحة الغرض منها وقف التضارب في التصريحات، وأنه اعتذر باسم التحالف عن البيانات والتصريحات المتضاربة التي صدرت أخيراً.
وقطع الحاج بالتمسك بمجلس سيادي مدني بتمثيل عسكري، والتحفظ على مبادرة لجنة الوساطة المكونة من شخصيات عامة اقترحت تكوين مجلس سيادي بأغلبية مدنية ومجلس دفاع بأغلبية عسكرية، برئاسة رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وأن المشاورات تجري بين أطراف التحالف لاتخاذ موقف موحد إزاء المبادرة.
وكان «تجمع المهنيين السودانيين» الذي يعد العمود الفقري في قيادة الحراك، اتهم بعض التنظيمات السياسية بأنها لم تلتزم بالقرارات الجماعية والتصريحات المشتركة؛ سعياً وراء مصالح حزبية متعجلة.
ودعا «التجمع» السودانيين، أمس، إلى إفطار جماعي مع آلاف المعتصمين منذ 6 أبريل (نيسان) الماضي، وأداء صلاة التراويح في ساحة الاعتصام، ووجه الدعوة إلى «مشايخ ومريدي الطرق الصوفية والدينية، ورموز الفن والمسرح والرياضة والإعلام والقيادات الأهلية وكل أطياف الشعب»، بمشاركة قيادات «الحرية والتغيير».
وفي سياق ذي صلة، أعلن في الخرطوم، أمس، عن ضبط كمية من الأسلحة الحديثة والأحزمة الناسفة ومعدات التفجير في منزل بحي الطائف شرقي العاصمة. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (سونا)، أن «قوات الدعم السريع» ضبطت الأسلحة المذكورة، أثناء مداهمة منزل في الحي الثري، بناءً على معلومات وردت إليها.
وبحسب الوكالة، فإن القيادي في قوات الدعم السريع جدو عبد الرحمن، ذكر أن قواته داهمت المنزل ووجدت داخله «كمية من الأسلحة والذخائر، تتضمن أسلحة قنص كاتمة للصوت، ورشاشات أوتوماتيكية، وأحزمة ناسفة، ووسائل اتصال حديثة، وأجهزة تفجير عن بعد».
إلى ذلك، كشف تقرير صادر عن «لجنة أطباء السودان المركزية»، عن أن 90 محتجاً قُتلوا على يد قوات أمن وخلايا نظام الرئيس المعزول عمر البشير، خلال خمسة أشهر من عمر الثورة التي أطاحت النظام، تراوحت بين إطلاق الرصاص والتعذيب والدهس بالسيارات رباعية الدفع.
وقالت اللجنة في بيان، أمس: إن «عدد شهداء الثورة السودانية بلغ 90 شهيداً في مختلف ولايات ومدن السودان». وأوضحت أنها «واجهت صعوبات جمة للحصول على تقارير الوفاة نتيجة للتعتيم والتضييق الذي لا تزال القوات الأمنية تمارسه، وأذيال النظام السابق، وصعوبة الحصول على تقارير الوفاة وتزويرها»، وأن «التسعين شهيداً هو العدد الذي استطاعت توثيقه لشهداء الثورة منذ انطلاقها في 19 ديسمبر (كانون الأول) 2018».
وانحصرت أسباب الوفاة، بحسب التقرير، بين «الإصابات المباشرة بالرصاص في الصدر والرأس والتعذيب والدهس بالسيارات الأمنية». وتتراوح أعمار القتلى، بحسب تقرير اللجنة الطبية، بين 8 سنوات و44 عاماً، غالبيتهم في العشرينات من العمر، وبينهم 11 طفلاً قُتلوا بانفجار عبوة ناسفة في مدينة أم درمان. وكشف التقرير عن مقتل 7 من أفراد القوات المسلحة أثناء حمايتهم للمعتصمين، في تبادل لإطلاق النار مع القوات الأمنية وميليشيات النظام المعزول الذين كانوا يحاولون فض الاعتصام. وبحسب التقارير الرسمية، فإن عدد القتلى بلغ 53 قتيلاً، في حين تقول مصادر معارضة إن عدد القتلى في الاحتجاجات تجاوز المائة. |
|