التاريخ: أيار ٦, ٢٠١٩
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
لبنان: الموازنة تتعثر بالاحتجاجات وتدخل امتحان الاصلاح الصعب
في بلد يتخبط بكل أنواع المشكلات والتعقيدات، وفي ظل اضرابات يمكن اذا ما استمرت أياماً ان تنعكس سلباً على الحركة المالية والتجارية في ظل النقص المتوقع في السيولة لدى المصارف وعدم وجود مقاصة نتيجة اضراب موظفي مصرف لبنان، والاضراب الذي دعت اليه قطاعات عدة رافضة بنوداً في الموازنة، تحول "صاروخ جبران باسيل" هو الحدث الذي ضجت به وسائل التواصل الاجتماعي. وسواء أكان العمل مقصوداً لاحراج باسيل، أم مصادفة، تماما كما حصل قبل سنة تماما عند تسليم رئيس اتحاد بلديات كسروان الفتوح جوان حبيش "مفتاح" المنطقة الى السيد حسن نصرالله بواسطة مرشح الحزب في جبيل الشيخ حسين زعيتر، فان الهدية تحرج رئيس الديبلوماسية اللبنانية امام المجتمع الدولي لكونه يمثل جهة رسمية من موقعه كوزير للخارجية لا كرئيس لـ"التيار الوطني الحر" فقط، في مرحلة حرجة يشتد فيها الحصار الدولي على "حزب الله".

أما الموضوع الابرز، أي الموازنة، التي أمل الرئيس سعد الحريري في اقرارها قبل بلوغ رمضان اليوم، فيبدو استناداً الى معلومات لـ"النهار" ان هذا الأمر لن يكون متاحاً اليوم أو غداً في مجلس الوزراء، اذ ان النقاط العالقة لا تزال كبيرة ، وقد دخلت المناقشات الامتحان الصعب في ظل رفض شارعي لمعظم البنود التي تؤدي الى خفض العجز، وصمت سياسي مريب حيال دعم الاصلاحات التي بدا الخوف من اضاعتها في اللحظة الاخيرة مع اسقاط معظم البنود الاساسية والاكتفاء بعملية تجميل ستضع لبنان في موقف حرج امام المجتمع الدولي، ولا سيما منه الدول التي تعهدت المساعدة في مؤتمر "سيدر" والتي اشترطت اصلاحات يحار المتابعون في العثور عليها في بنود الموازنة.

وعلى وقع الاضرابات والاحتجاجات تعاود الحكومة حلساتها اليوم للبحث في مشروع الموازنة في ظل تجاذبات بين من يدعو الى الاسراع في اقرار موازنة تقليدية لا تثير استياء الفئات الشعبية، ولا تؤدي الى خلاف مع المصارف، خصوصاً ان مهلة الصرف على القاعدة الاثني عشرية تنتهي آخر أيار الجاري، وان الدولة ستواجه مشكلة في الصرف بعد هذا التاريخ، ومن يصرّ على بنود اصلاحية لعدم الوقوع في فخ خسارة التعهدات الدولية وتالياً خسارة لبنان الفرص المتاحة للحصول على مشاريع ومساعدات لا يمكنه من دونها الاستمرار.

وبات واضحاً ان مجلس الوزراء قد يمدّد مناقشاته الى نهاية الاسبوع الجاري أو الى الاسبوع المقبل توصلاً الى حل يرى مراقبون انه لن يكون سهلاً في ظل عدم اتفاق سياسي يتجلى تارة باخفاء معلومات في الموازنة، وطوراً ببث شائعات عن بنود فيها، ما يوسع الخلافات، الامر الذي دفع وزير المال علي حسن خليل الى المواظبة عبر التغريد على "تويتر" لشرح بعض النقاط والرد على مصادر مجهولة – معلومة، كما توضيح النقاط، التي لم تتضح كفاية، عن العلاقة مع مصرف لبنان، والمصارف التي وضعت الحل في عهدة رئيس الجمهورية بعد زيارة رئيس جمعية مصارف لبنان جوزف طربيه قصر بعبدا السبت.

وفي هذا الاطار، راى الوزير باسيل "إننا مقبلون على معركة قاسية بالسياسة، ليس فقط لإنجاز موازنة جيدة بل لنحقق إقتصادا جيدا، وهما متلازمان ولا نستطيع القبول أن ينفصلا ولكن سنستطيع أن نتخطى هذه الأزمة. أعرف أنها ستتعب الناس لأنها تمس حياتهم وجيوبهم لكن سنتخطاها بالعلم والمنطق وليس بالشعبوية والعشوائية والمزايدات السياسية التي ليس لها طائل".

من جهة أخرى، عقد في عين التينة أمس لقاء مصارحة لم يبلغ حدود المصالحة، جمعَ الرئيسَ نبيه بري ووفدينِ من "حزبِ الله" والحزبِ التقدمي الاشتراكي، حضره الوزير وائل أبو فاعور والنائب السابق غازي العريضي، والمعاون السياسي للأمين العام لـ"حزب الله" حسين خليل والمسؤول عن وحدة الإرتباط والتنسيق وفيق صفا، والوزير علي حسن خليل والسيد أحمد بعلبكي.

وأوضح الوزير خليل على الأثر أنها "كانت جلسة نقاش صريحة وواضحة وتناولت كل القضايا بين وفدي الطرفين، واتفق على أن تستكمل هذه النقاشات بروح إيجابية توصلاً الى ما يطمح إليه كل الأطراف".

ووصفت مصادر التقدمي الجلسة لـ"النهار" بأنها كانت لكنها في حاجة الى المتابعة خصوصاً ان هناك اموراً بحاجة الى مزيد من العمل .

وبثت قناة "المنار" أن "حزبَ الله" أبدى استعدادَه للتعاونِ "من دونِ الخروجِ عن المنطقِ السياسي والوطني، وبرغمِ نتائجِه المتواضعة، الا انه يشكّلُ أرضيةً يمكنُ الانطلاقُ منها لتلاقي وِجهاتِ النظر".

وعلمت "النهار" ان اللقاء اتفق على سبل ادارة الخلاف في المرحلة المقبلة في ظل رغبة الطرفين في المحافظة على خيط رفيع لا ينقطع، مع الاستعداد للبحث اللاحق في الملفات الخلافية العالقة من دون تحديد موعد للقاء مقبل.