التاريخ: نيسان ٣٠, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
فشل اجتماع آستانة يُعيد «الدستورية» إلى جنيف والتصعيد إلى إدلب
بيدرسن يجتمع مع «مجموعة النواة» الجمعة... ودوريات روسية ـ تركية منسقة شمال سوريا
لندن: إبراهيم حميدي
بعد فشل «اجتماع آستانة» بين الدول الثلاث «الضامنة»، في العاصمة الكازاخية قبل يومين، يعود مسار تشكيل اللجنة الدستورية السورية والتسوية السياسية إلى جنيف برعاية المبعوث الأممي غير بيدرسن، بالتزامن مع عودة القصف الروسي وهجمات المعارضة والدوريات التركية إلى إدلب شمال غربي سوريا.

ويعقد بيدرسن اجتماعاً مع ممثلي «مجموعة النواة» التي تضم أميركا وبريطانيا وفرنسا والسعودية والأردن ومصر، في جنيف الجمعة المقبل، على أن يأتي ممثلو الدول «الضامنة» الثلاث لاحقاً إلى جنيف للقاء المبعوث الأممي ضمن مشاوراته حول الحل السياسي، وتشكيل اللجنة الدستورية، وبحث ملف المفقودين. ومن المقرر أن يقدم بيدرسن إيجازاً إلى مجلس الأمن في الساعات المقبلة.

واتفقت مصادر دبلوماسية غربية على «فشل» الاجتماع الأخير لـ«ضامني مسار آستانة»، سواء فيما يتعلق بملف المفقودين والأسرى، وتشكيل اللجنة الدستورية، ومصير إدلب. وأوضحت أنه بالنسبة لملف المعتقلين، فقد انخفض عدد صفقة التبادل من 30 إلى 9 لدى إنجازها بين فصائل معارضة وقوات الحكومة برعاية روسية - تركية عشية «اجتماع آستانة». وعليه، يتوقع أن يكثف بيدرسن جهوده لنقل اجتماعات مجموعة العمل الخاصة بالمعتقلين والأسرى إلى عهدة الأمم المتحدة في جنيف.

وينطبق الأمر ذاته على ملف اللجنة الدستورية؛ إذ إن الخلاف لا يزال قائماً حول الأسماء الستة في القائمة الثالثة التي تضم ممثلي المجتمع المدني، وسط إصرار دمشق على حصولها على 30 شخصاً مقابل 20 للمعارضة، إضافة إلى قائمتي الحكومة التي تضم 50 والمعارضة التي تضم 50 مرشحاً. وإذ لا يزال الخلاف قائماً على الأسماء الستة والمحاصصة فيهما، يواصل بيدرسن مشاوراته مع كتلتي «مجموعة النواة» يوم الجمعة المقبل، ثم ممثلي روسيا وتركيا وإيران خلال شهر رمضان على أمل إنجاز حل عقد تشكيل اللجنة ودعوتها للانعقاد بعد شهر رمضان المبارك.

ونجحت جهود المبعوث الدولي في وضع آلية تشكيل اللجنة في إطار الأمم المتحدة وخطفها من أيدي «الضامنين»؛ إذ أشار بيان «آستانة» الأخير إلى أن الاجتماع جاء «في إطار تسريع العمل لإطلاق اللجنة الدستورية في أقرب وقت ممكن بما يتماشى مع قرارات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي، وقرروا (الضامنون الثلاثة) عقد الجولة التالية من هذه المشاورات في جنيف، وأكدوا استعدادهم التام للمساهمة في جهود المبعوث الأممي، بما في ذلك الحوار الفعال مع الأطراف السورية».

وأفادت المصادر بأن اللقاء الأخير بين بيدرسن ووزير الخارجية السوري وليد المعلم في دمشق «لم يكن بالإيجابية ذاتها التي كان عليها الاجتماع الأول بينهما»، لكنها أشارت إلى «حصول بعض التقدم فيما يتعلق بالاتفاق على قواعد العمل في اللجنة المتعلقة بآلية التصويت والرئاسة واتخاذ القرارات ومرجعيتها». وسجل توجيه رئيس الوفد الحكومي بشار الجعفري انتقادات حادة إلى تركيا بحضور ممثلي روسيا وإيران.

وتقوم «المقاربة الشاملة» لبيدرسن على عدم اقتصار الحوار على تشكيل اللجنة الدستورية، بل توسيع المشاورات مع الدول الكبرى والإقليمية والأطراف السورية لتشمل معايير عمل اللجنة، وملف المفقودين والأسرى، وسبل تنفيذ القرار الدولي «2254».

وشمل فشل «اجتماع آستانة» أيضاً، عدم الوصول إلى تقدم ملموس وحسم ملف إدلب، باستثناء تسريع تسيير «الدوريات المنسقة» في «مثلث الشمال» السوري؛ إذ كرر ممثلو الدول الثلاث «عزمهم على التنفيذ التام لاتفاقات إعادة الاستقرار في إدلب، بما في ذلك تسيير الدوريات المنسقة، والأداء الفعال لمركز التنسيق الإيراني - الروسي - التركي المشترك. كما أعربوا عن قلقهم البالغ إزاء محاولات تنظيم (هيئة تحرير الشام) الإرهابي زيادة سيطرته»، وأكدوا «عزمهم على مواصلة التعاون من أجل القضاء نهائياً على (داعش) و(جبهة النصرة) وجميع الأفراد والجماعات والمشاريع والكيانات الأخرى المرتبطة بتنظيمي (القاعدة) أو (داعش)، وغيرها من الجماعات الإرهابية»، إضافة إلى اتخاذ «خطوات ملموسة» ضد الانتهاكات. وبحسب المصادر الدبلوماسية، فإن روسيا وتركيا تبادلتا الاتهامات إزاء مسؤولية التصعيد في إدلب مع بروز «شقوق» بين موسكو وطهران. وتتهم موسكو أنقرة بـ«عدم الوفاء بالتزاماتها بالفصل بين الإرهابيين والمعتدلين وعدم محاربة الإرهابيين»، فيما تتهم أنقرة موسكو بـ«عدم ردع الحكومة السورية ووقف القصف»، على إدلب إضافة إلى حدوث غارات روسية؛ الأمر الذي ترد عليه موسكو بأنه «رد على جماعات إرهابية استهدفت قاعدة حميميم».

وحدث في الأيام الماضية خليط من 4 أمور: غارات روسية وسورية على مناطق في إدلب، وتكثيف الدوريات التركية شمال سوريا وإرسال تعزيزات جديدة، وشن متطرفين هجمات على مواقع لقوات الحكومة، وتجديد واشنطن موقفها بالحفاظ على منطقة «خفض التصعيد» في إدلب.

بموازاة ذلك، يتواصل الحديث عن عقد صفقة صغيرة بين أنقرة وموسكو وتحفظ طهران، تشمل دخول فصائل موالية لتركيا إلى تل رفعت وانسحاب الجيش الروسي، مقابل دخول موالين لموسكو إلى مثلث غرب جسر الشغور في إدلب. ويعني ذلك فتح شرايين طرق اقتصادية بين حلب وغازي عنتاب شمالاً، وبين حلب واللاذقية غرباً.

وفي موازاة «الصفقات الصغيرة»، بحسب مصادر غربية «لا يمكن فصل ما يجري في ملفات اللجنة الدستورية وإدلب ومصير اتفاق خفض التصعيد وشرق الفرات ومصير المنطقة الآمنة، عن المفاوضات بين أميركا وروسيا وتركيا إزاء ملفات كبرى تتعلق بمنظومة (صواريخ إس400) الروسية أو طائرات (إف35) الأميركية والتحديات المطروحة على حلف شمال الأطلسي (ناتو)».

قصف سوري على تخوم نقطة تركية في إدلب
طائرات روسية تواصل غاراتها... وفصائل تستهدف قوات النظام

لندن: «الشرق الأوسط»
شنت طائرات روسية وسورية غارات على مناطق في ريف إدلب شمال غربي البلاد، وسط تعرض نازحين لقصف من قوات النظام في ريف حماة حاولوا بعده اللجوء إلى نقطة مراقبة تركية، في وقت واصلت فيه فصائل متطرفة استهداف نقاط لقوات النظام السوري.

وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس بأنه «لا يزال التصعيد الجوي والصاروخي متواصلاً في يومه التاسع على التوالي، حيث نفذت الطائرات الحربية الروسية 4 غارات ظهر (أمس) الاثنين مستهدفة خلالها مناطق قرية ترملا وأطرافها بجبل شحشبو في ريف إدلب الجنوبي الغربي، كما سجلت مشاركة الطائرات الحربية التابعة للنظام بعمليات القصف، حيث نفذت غارة مستهدفة أماكن في قرية شولين بجبل شحشبو، كما استهدفت بالرشاشات الثقيلة بلدة قلعة المضيق بسهل الغاب، وسط تحليق متواصل للطائرات الحربية وطائرات الاستطلاع في سماء ريفي إدلب وحماة، في حين قصفت قوات النظام أماكن في بلدة التمانعة بريف إدلب الجنوبي ومناطق أخرى في محور كبانة والتلال المحيطة بها في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي وقريتي الشريعة والحويز بريف حماة الشمالي الغربي، دون أنباء عن إصابات، فيما جددت قوات النظام قصفها لمناطق في بلدة قلعة المضيق وقرية الصهرية بريف حماة الشمالي الغربي».

وشنت قوات النظام قصفاً مدفعياً مكثفاً «على منطقة مخيمات للنازحين ومحيط قرية شير مغار التي (تتواجد) فيها النقطة التركية في ريف حماة الشمالي الغربي، ما أسفر عن مقتل مواطنين اثنين وسقوط جرحى، حيث عمد النازحون بوقت سابق إلى إقامة خيم بدائية على مقربة من النقطة التركية هرباً من هول العمليات العسكرية المتصاعدة، لعل اقترابهم من نقاط الضامن التركي يقيهم من الموت».

وأبلغت مصادر بأنه «بعد عملية القصف اليوم (أمس) حاول المواطنون اللجوء إلى النقطة التركية للاحتماء بها، إلا إن عناصر النقطة عمدوا إلى إطلاق النار بالهواء في محاولة لمنع الناس من دخول النقطة، أعقبها إطلاق نار جرى من قبل مسلحين من النازحين».

على صعيد متصل، استهدفت الفصائل العاملة في ريف حماة الشمالي بقذائف الهاون مناطق في قرية العزيزية بريف حماة الغربي، والخاضعة لسيطرة قوات النظام، فيما صعدت الطائرات الحربية الروسية من قصفها على مناطق في قرية الجابرية بريف حماة الشمالي وأطراف قرية بعربو بريف إدلب الجنوبي الغربي. وقال «المرصد»: «مع سقوط مزيد من الخسائر البشرية، ترتفع حصيلة الخسائر البشرية في التصعيد الأعنف والمتواصل في يومه التاسع، إلى 163 شخصاً ممن قتلوا خلال الفترة الممتدة منذ صباح 20 الشهر الجاري».

وكان «المرصد» قال: «تواصل الفصائل والمجموعات الجهادية عمليات التصعيد في هجماتها على قوات النظام والمسلحين الموالين ضمن المنطقة منزوعة السلاح الممتدة من جبال اللاذقية الشمالية الشرقية، وصولاً إلى الضواحي الشمالية الغربية لمدينة حلب، مروراً بريفي حماة وإدلب». وعلم أن «(جيش أبو بكر الصديق) المنضوي تحت (هيئة تحرير الشام) عمد مع ساعات الفجر الأولى إلى تنفيذ هجوم عنيف على حاجز الآثار التابع لقوات النظام والذي يقع شرق بلدة قلعة المضيق بالقطاع الشمالي الغربي من الريف الحموي، حيث دارت اشتباكات عنيفة بين الطرفين ترافقت مع استهدافات متبادلة؛ الأمر الذي أسفر عن خسائر بشرية بين الطرفين؛ حيث قتل ما لا يقل عن 8 من عناصر قوات النظام والمسلحين الموالين لها، فيما قتل 3 على الأقل من عناصر (تحرير الشام)، وعدد القتلى مرشح للارتفاع لوجود جرحى؛ بعضهم في حالات خطرة».

وكانت فصائل معارضة أعلنت أول من أمس الأحد مقتل 9 أشخاص وإصابة أكثر من 15 آخرين بينهم نساء وأطفال جراء قيام طائرات حربية روسية بقصف ريف حماة الغربي.

وقال مصدر في الدفاع المدني التابع للمعارضة السورية لوكالة الأنباء الألمانية إن طائرات حربية روسية شنت أكثر من 11 غارة على مدينة قلعة المضيق وقرية الحواش في ريف حماة الغربي، مشيراً إلى أن الطيران الروسي استهدف عدداً من المدن والبلدات في ريف حماة، إضافة إلى سقوط عشرات القذائف الصاروخية والمدفعية من قبل القوات الحكومية. وأكد المصدر أن «عملية نزوح كبيرة تشهدها المدينة وريفها القريب منذ فجر الأحد (الماضي) بعد تعرضها لغارات متتالية». من جانب آخر، أعلن فصيل سوري معارض رفضه تسيير دوريات تابعة للجيش الروسي في منطقة خفض التصعيد في ريف حماة وإدلب.

وقال «جيش العزة» التابع لـ«الجيش السوري الحر»، في بيان تلقت وكالة الأنباء الألمانية نسخة منه: «رفعت القوات الخاصة الجاهزية الكاملة وأعدت

الخطط والمعدات اللازمة من أجل استهداف أي عنصر من القوات الروسية أو القوات الحكومية التي ستدخل معها إلى المناطق المحررة». ودعا «جيش العزة»؛ «المدنيين في مناطق خطوط الاشتباك إلى الابتعاد عن الدوريات الروسية باعتبارها ستكون هدفاً لـ(جيش العزة)».

ويأتي إعلان «جيش العزة» استهداف القوات الروسية بسبب الغارات التي تشنها الطائرات الروسية على مناطق سيطرة المعارضة في إدلب وريف حماة.

إلى ذلك، أعدمت «هيئة تحرير الشام» الاثنين «عميلين للنظام أحدهما ضابطٌ برتبة عقيد رمياً بالرصاص، وذلك ردّاً على التصعيد العسكري على المناطق المحررة في شمال سوريا». ونقلت وكالة «إباء» التابعة للهيئة: إنَّ «عناصرها نفّذت حكم القتل بحقِّ اثنين من عملاء النظام».