التاريخ: نيسان ٣٠, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
الفرقاء السودانيون يفشلون في الاتفاق على مجلس مشترك للحكم
آلاف النساء نظمن «موكب المشاركة النسوية بالمناصفة»
فشلت جلسة المفاوضات الثالثة بين المجلس العسكري الانتقالي، وقوى «إعلان الحرية والتغيير» السودانية المعارضة، في حسم الخلاف بشأن «التمثيل في المجلس السيادي»، وتوافقا على «تطبيع حياة الناس وانسياب حاجاتهم الضرورية» بفتح الجسور والمعابر ومسارات القطارات والطرق التي يسدها المحتجون، فيما تواصلت وفود مواكب الولايات لدعم المعتصمين أمام قيادة الجيش ووزارة الدفاع.

وقال الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري الانتقالي، الفريق شمس الدين كباشي، في مؤتمر صحافي، أمس، إن «روحاً إيجابية ورغبة أكيدة» سادت جلسة التفاوض، تمهد للوصول لـ«تفاهمات تفضي لاتفاق حول الرؤى المطروحة والمختلفة حولها»، وتابع: «أمَّن الجانبان على المسؤولية المشتركة، وإعلاء قيمة الوطن، واعتبار الظرف الدقيق الذي تمر به البلاد، يستدعى التوافق على رؤية متكاملة للخروج بالوطن من وهدته، آخذين في الاعتبار أن عامل الوقت ليس في صالح كل الأطراف».

وكان مقرراً، حسب جلسة التفاوض التي عقدت أول من أمس، حسم التمثيل بين المدنيين والعسكريين في المجلس السيادي، على خلفية تباين المواقف بين الطرفين بشأن التمثيل في المجلس السيادي، إذ يقترح العسكريون 7 عسكريين و3 مدنيين، فيما يتمسك المعارضون بمجلس سيادي مكون من 8 مدنيين و7 عسكريين، والتوصل لاتفاق بشأن التمثيل في جلسة أمس.

وقال الكباشي إن مجلسه استكمل دراسة المقترحات، بيد أنه تفاجأ بموقف جديد من قبل قوى «إعلان الحرية والتغيير»، فبعد أن كان الاجتماع مخصصاً لمناقشة قضية «التمثيل السيادي»، قدموا مقترحاً جديداً مغايراً للاتفاق السابق، وأضاف: «تمثلت هذه الرؤية الجديدة باستعراض كل الهياكل على المستويات الثلاث؛ السيادي والتنفيذي والتشريعي، والاختصاصات والسلطات».

وأوضح الكباشي أن الطرح الجديد المقدم من قوى «إعلان الحرية والتغيير»، يستلزم من الطرفين تقديم رؤية متكاملة له، وإنهما اتفقا على عرضها في اجتماع يعقد اليوم، وقال: «طلبنا كذلك من اللجنة تقديم قائمة بمكونات (قوى الحرية والتغيير) كافة، وقائمة بوفدها المفاوض، وتفويض مكتوب منهم».

وتابع الكباشي أن الطرفين اتفقا على فتح الجسور والمعابر والطرق ومسارات القطارات في الخرطوم والولايات، وقال: «تطبيع حياة الناس، وانسياب حاجياتهم الضرورية، يتطلب فتح الكباري والمعابر والطرق، ومسارات القطارات، لرفع الضرر، وعدم التأثير على حياة المواطنين، وانسياب احتياجاتهم الضرورية».

وانتقد المجلس ما سماه «التفلتات الأمنية المضطردة»، التي شهدتها البلاد خلال اليومين الماضيين، وجنوح البعض لـ«انتهاك حقوق المواطنين، والقيام بواجبات السلطات المختصة، وأخذ القانون باليد، إضافة إلى ظهور بعض الظواهر السالبة كالسرقة والنهب وترويع المواطنين، وتعطيل حركتهم بإنشاء نقاط تفتيش في الطرقات وداخل المؤسسات المختلفة».

وقال الكباشي، إن لجنة التفاوض التابعة للمعارضة «شجبت تلك السلوكيات، وأكدت أنها مرفوضة تماماً من قبلها»، وتبرأت ممن يقومون بها قائلة: «من يقوم بهذه التصرفات والممارسات لا يمثلها، وأنها معنية فقط بمقر الاعتصام».

وتبعاً لذلك تم الاتفاق على فتح مسار القطار ابتداء من أمس، وفتح جسري «القوات المسلحة» و«النيل الأزرق» بأسرع ما يمكن أمام حركة السير، وإزالة المتاريس أمام دار الشرطة بضاحية بري، بعد استكمال بعض التدابير الخاصة بقوى «إعلان الحرية والتغيير».

وحذر المجلس العسكري من «تلك التصرفات»، ووصفها بأنها «تمس أمن الوطن، وتهدد المواطنين والسلامة العامة، وتؤثر بشكل سالب على معاش الناس».

وناشد الكباشي، المواطنين، عدم الجنوح لها، وطالبهم بالتبليغ الفوري عنها متوعداً بحسهما، وقال: «المجلس لن يتوانى في حسم مثل هذه الظواهر، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، ويوجه كل الأجهزة المختصة بالتنفيذ بالمركز والولايات للقيام بذلك».

وحول ما إن كانت تلك الإجراءات التي تم الاتفاق عليها ستؤدي لفض الاعتصام بالقوة، قال الكباشي: «نحن شركاء، وأي شيء يضير المواطن ويؤثر على حياة الناس، مسؤولون عنه نحن الطرفين».

وقطع بأن مجلسه لم يدع لفض الاعتصام، بيد أنه قال: «اتفقنا على أن يسهلوا أمر مسارات السكة حديد، والطرق، وإزالة الحواجز من الطرقات، وأن يلتزموا مكان الاعتصام، لكن لم ندع لفض الاعتصام».

من جهتها، قالت قوى «إعلان الحرية والتغيير»، في بيان حصلت عليه «الشرق الأوسط»، إن الاتفاق على النسب في مجلس السيادة بين المدنيين والعسكريين لم يحسم.

وأوضحت أن الطرفين اتفقا على أولوية تحديد «الهياكل الانتقالية»، وصلاحيات كل منها، وأن تقدم مقترحات الطرفين للتفاوض خلال 24 ساعة.

وأكد التحالف المعارض على استمرار الاعتصام والمواكب حتى تحقيق «كل أهداف الثورة والتغيير»، وعلى سلمية الثورة، ببذل الجهود للتصدي لـ«محاولات جر البلاد للعنف والعنف المضاد»، وقال: «سلميتنا وتماسكنا ووحدتنا هي من قهر وتقهر الجبروت والاستبداد»، وتابع: «تؤكد (قوى الحرية والتغيير) أن العمل من أجل إنجاز أهداف الثورة، هو الشغل الشاغل، ونؤمن بأن الشفافية مع جماهير الشعب وتمليكها المعلومات أولاً بأول، هو ما سيماسك مشروع التغيير، فهم أصحاب الحق وأهل القرار الأول والأخير».

وأثناء ذلك تواصلت وفود داعمي الاعتصام القادمين من ولايات البلاد المختلفة، ومن مؤسسات الخدمة المدنية، ووصل مكان الاعتصام بالقرب من القيادة العامة ووزارة الدفاع موكب قادم من دارفور، قطع مسافة تزيد عن 1500 كيلومتر، للمشاركة في الاعتصام والمطالبة بتسليم السلطة للمدنيين، وملاحقة عناصر النظام البائد.

فيما نظم آلاف النساء موكباً أطلقن عليه «موكب المشاركة النسوية بالمناصفة»، ويهدف للحفاظ على مشاركة النساء والحفاظ على حقوقهن، ويحمل شعار «نص بالنص... حقنا كامل»، ويطالب بالتساوي بينهن والرجال بنسبة متساوية.

وقدم إلى الخرطوم موكب قادم من شمال البلاد، باسم «سهم الشمال»، ليضاف إلى المعتصمين من الولايات الأخرى الذين وصلوا الخرطوم، إضافة إلى معتصمي ولاية الخرطوم.