التاريخ: نيسان ٢٦, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
دمشق تؤكد «استثمار» موسكو مرفأ طرطوس
دمشق: «الشرق الأوسط»
لمّح وزير النقل السوري علي حمود إلى إمكانية تأجير أكثر من مرفأ في سوريا إضافة إلى مرفأ طرطوس المزمع توقيع عقد تأجيره لروسيا.

وأوضح حمود أن ما يتم طرحه في وسائل التواصل الاجتماعي عن «استئجار» أو «مقايضة» ميناء طرطوس مع الجانب الروسي، غير صحيح، مؤكداً أن العقد الذي سيتم توقيعه مع شركة «ستروي ترانس غاز» الروسية الخاصة هو «استثمار» لشراكة في إدارة وتوسيع وتشغيل مرفأ طرطوس وفق نظام عقود التشاركية بين القطاعين العام والخاص، المعمول به في سوريا.

وكان نائب رئيس الوزراء الروسي، يوري بوريسوف، قد أعلن عقب لقائه الرئيس السوري بشار الأسد بدمشق الأسبوع الماضي أنه سيتم توقيع اتفاقية لتأجير ميناء طرطوس لمدة 49 عاماً.

وأوضح وزير النقل علي حمود أن استثمار المرفأ وارد في بروتوكول «اللجنة السورية - الروسية المشتركة»، وأن التعاقد مع الجانب الروسي «مُجدٍ اقتصادياً»، مع التأكيد على مردود هذه الخطوة الاستثمارية على «فك الحصار والحد من العقوبات الظالمة»، وقال وزير النقل السوري في تصريحات نشرتها صحيفة «الوطن» المقربة من النظام: «وجود شركة عالمية مستثمرة للمرفأ من شأنه أن يعطي أجواء إيجابية للسفن العالمية ويحثها على ارتياد المرفأ، الأمر الذي من شأنه التخفيف من وطأة الحصار الظالم المفروض على سوريا، والمساهمة في وصول احتياجات ومستلزمات الشعب السوري».

وقالت مصادر اقتصادية في دمشق لـ«الشرق الأوسط» إن «النظام السوري لجأ إلى تأجير مرفأ طرطوس لتتمكن روسيا من توريد المحروقات بشكل (منتظم) إلى سوريا عبر ميناء طرطوس، بعد فشل المساعي لدى مصر للسماح بعبور ناقلات النفط الإيرانية إلى سوريا؛ إذ لم تدخل أي ناقلة نفط إيرانية الموانئ السورية خلال الأشهر الستة الأخيرة؛ أي منذ فرض عقوبات أميركية على إيران، إضافة لتوقف الخط الائتماني الإيراني الممنوح لسوريا». ولفتت المصادر إلى «فشل جهود إقناع (قوات سوريا الديمقراطية) المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية، والتي تسيطر على غالبية حقول النفط شرق البلاد، من أجل توريد النفط بشكل (منتظم) إلى مناطق سيطرة النظام. علما بأن الحكومة السورية تعتمد حالياً على إمدادات الغاز المعبأ من روسيا، وحقول النفط الواقعة في مناطق سيطرة (قوات سوريا الديمقراطية)».

وأظهرت بيانات لموقع رصد حركة النفط «تانكر تراكر» أن توريد النفط الإيراني إلى سوريا انخفض من 66 ألف برميل يومياً عام 2018 إلى «صفر برميل» بحلول العام الحالي.

وأكد هذه المعلومات ما كشفه تقرير لوكالة «بلومبرغ» لتتبع السفن عن أن سوريا لم تتسلم ولو قطرة نفط واحدة من إيران طيلة شهر مارس (آذار) الماضي؛ حيث أظهرت بيانات «بلومبرغ» أن سوريا وأوروبا لم تتسلما خلال الشهر الماضي أي شحنات نفط من إيران.

ولم تفلح حزمة الإجراءات الإسعافية التي اتخذتها حكومة النظام في تخفيف وطأة أزمة البنزين.

ولفت وزير النقل السوري إلى «إمكانية الاستفادة من علاقات روسيا مع مختلف الدول، خصوصاً (دول الجوار)، والاستفادة من (العلاقات التجارية الضخمة) للجانب الروسي الصديق، في ظل (ظروف الحظر الاقتصادي المفروض)». وأضاف: «الاستثمار من شأنه تنشيط قطاع النقل البري والسككي بكل أنواعه... واستكمال مشروع ربط الساحل السوري مع العراق والخليج، واستكمال المرفأ الجاف الرافد لعمل المرفأ البحري، وتقوية عمل المرافئ الجافة في المحافظات».

وبرر حمود تحديد فترة عقد مرفأ طرطوس بـ49 عاماً، بأن «الجدوى الاقتصادية للمشروع تحتاج لهذه المدة لتحقيق الربح المطلوب للطرفين... إذ إن التكلفة التقديرية للمشروع تتجاوز 500 مليون دولار، حيث يتضمن المشروع توسيعاً بالاتجاه الشمالي للمرفأ، وأعمالاً تطويرية في المرفأ، وتحديث البنية التحتية للمرفأ الحالي، وإنشاء مرفأ جديد؛ بحيث يزداد الإنتاج من 4 ملايين طن حالياً، ليصل إلى 38 مليون طن سنوياً».

يذكر أن الإعلان عن تأجير مرفأ طرطوس لروسيا شكّل مفاجأة. وهو اتفاق انبثق عن اجتماع «اللجنة الحكومية الدولية الثنائية للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والتقني»، التي يرأسها وزير الخارجية السوري وليد المعلم. ويتضمن «توسيع أراضي المركز اللوجيستي للبحرية التابعة للاتحاد الروسي في ميناء طرطوس، وزيارات السفن العسكرية للاتحاد الروسي إلى البحر الإقليمي والمياه الداخلية وموانئ الجمهورية العربية السورية». ودخلت هذه الاتفاقية حيز التنفيذ الرسمي في بداية عام 2018.

وتحمل الاتفاقية ملاحق سرية عدة تتضمن مخططات المناطق والإحداثيات الجغرافية التي يحق للجانب الروسي تسلم الأراضي والمناطق المائية ضمنها خلال سريان الاتفاقية؛ حيث تشمل الاتفاقية أراضي المنطقة الساحلية ومنطقة المياه في ميناء طرطوس والمنطقة الأمامية، وهي تشمل سطح الأرض كما تشمل سطح البحر وقاعه.