|
|
التاريخ: نيسان ١٨, ٢٠١٩ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
الحريري يحذر من «الوصول إلى كارثة» ويدعو إلى الكف عن المزايدات |
5 آلاف موظف جديد تصل رواتبهم إلى 4 ملايين دولار شهرياً |
بيروت: نذير رضا
سحب رئيس الحكومة سعد الحريري، أمس، فتيل القلق المتنامي من احتمال خفض رواتب موظفي القطاع العام والمتقاعدين، بإعلانه: «إننا لا نريد أن نمسّ ذوي الدخل المحدود والفقراء؛ لكن طريق الحفاظ على السلسلة يمر باتخاذ إجراءات تقشفية». وجاء كلام الحريري بالتزامن مع تحرك في الشارع، نفذته هيئة التنسيق النقابية والاتحاد العمالي العام وتجمعات وروابط عمالية أخرى، تمهيداً لخطوات تصعيدية في حال مسّت الإجراءات التقشفية رواتب الموظفين.
وقالت مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط»، إنه لم يتخذ أي قرار بعد فيما يخص الرواتب، وكل ما يُحكى ينطوي على تقديرات؛ لكنها أشارت في الوقت نفسه إلى أنه «لا مساس برواتب الفقراء؛ بل ستطال الإجراءات الآيلة لعصر النفقات أصحاب الرواتب المرتفعة، فضلاً عن تقديمات غير ضرورية عادة ما تقدمها الحكومة لموظفين في القطاع العام».
ورأى الرئيس سعد الحريري أنه «إذا أكملنا كما هو الوضع حالياً فسنصل إلى كارثة»، لافتاً إلى أنه يجب التكلم بصدق مع الناس بعيداً عن المزايدات. وأعلن بعد الجلسة التشريعية لمجلس النواب أن «لبنان ليس في وضع انهياري، ولكن إذا لم نتخذ الإجراءات اللازمة فسنصل إلى وضع لا نحسد عليه». وأشار إلى أن علينا التعلم من الدول التي حصلت معها مشكلات مماثلة، والقيام بإصلاح حقيقي. وأكد أن المطلوب أن نقوم بموازنة هي الأكثر تقشفاً في تاريخ لبنان؛ لأن الوضع المالي لا يسمح لنا بالإنفاق المستمر. وقال الحريري: «لا نريد أن نمسّ ذوي الدخل المحدود والفقراء؛ لكن طريق الحفاظ على السلسلة يمر باتخاذ إجراءات تقشفية». وأضاف: «ثمة وضع اقتصادي متراكم وسيئ، ولا نمو منذ سنوات في البلاد، وثمة إنفاق كبر كثيراً في كل القطاعات. ونحن كحكومة علينا أن نكون صادقين».
وكان الحريري خلال الجلسة التي عقدها مجلس النواب صباحاً، قد أكد أن كل ما يحكى عن تخفيضات هو كلام صحف، لافتاً إلى أن الحكومة تعمل ليلاً ونهاراً للوصول إلى أرقام تحفظ مالية الدولة وأصحاب الدخل المحدود. وشدد على أن «المزايدة لا ولن تفيد أحداً؛ لأن البلد إذا سقط فسنقع كلنا معه». وقال: «نحن مع المتقاعدين ومع الإدارة، ولكننا نريد الحفاظ على الليرة، وعلينا أن نكون صادقين معهم بأن البلد قد يتدهور». وسأل رئيس الحكومة: «قولوا إذا كنتم لا تريدون (سيدر)، وهل تريدوننا أن نستدين بـ9 أو 10 في المائة من أجل بناء مطار ومشروعات وبنى تحتية؟»، لافتاً إلى أن «الحكومة عمرها شهران، وعليها وضع موازنة تقشفية لم يتم وضع مثيل لها في تاريخ لبنان»، وقال: «بابي مفتوح أمام كل من له وجهة نطر في الأرقام، ويريد تقديم أرقام». وعلّق رئيس مجلس النواب نبيه بري على كلام الحريري، قائلاً: «فُهم من خلال كلامك أنك بحاجة لثلاثة أشهر لإقرار الموازنة، ولكن اتفقنا على شهرين، فنتمنى الإسراع في هذا الموضوع». وقبل الجلسة عقد بري والحريري اجتماعاً في مجلس النواب.
من جانبه، أكد وزير الدفاع إلياس بو صعب أنه «لن تكون موازنة للجيش إلا بعد موافقة وزير الدفاع عليها، وبعد اطلاع القيادة العسكرية على كل تفاصيلها».
وكان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، قد غرد بالتزامن، قائلاً: «حبذا لو تقف تلك التحليلات الهمايونية حول القلوب المليانة، ومن جهة أخرى واجب على المصارف المساهمة في خفض الدين العام، كما واجب على الدولة مصارحة الرأي العام في أهمية إعادة النظر ببعض التعويضات في القطاع العسكري وفي القطاع المدني، التي لا تنسجم والمنطق. اليونان فرضت ضريبة على الأوقاف».
وفي الوقت الذي كانت تعقد جلسة مجلس النواب، نفذ اعتصام في ساحة رياض الصلح بدعوة من هيئة التنسيق النقابية، ورابطة الأساتذة المتفرغين والمتعاقدين في الجامعة اللبنانية، رفضاً للمس برواتب الموظفين والمعلمين والمتقاعدين، وإعطاء أساتذة الجامعة اللبنانية ثلاث درجات استثنائية. كما شارك الناجحون في مجلس الخدمة المدنية في الاعتصام. وقال رئيس الاتحاد العمالي العام، بشارة الأسمر، لـ«الشرق الأوسط»، إن الاعتصام أمس كان «تحذيراً»، مشدداً على أن هناك خطوات تصعيدية أخرى في حال قررت الحكومة المضي في إجراءات تطال رواتب الموظفين والفقراء. وإذ رفض الكشف عن طبيعة الإجراءات التصعيدية، قال: «ما جرى اليوم (أمس) كان نموذجاً لما يمكن أن نمضي به، وننتظر مقررات الحكومة لنبني على الشيء مقتضاه»، رافضاً في الوقت نفسه، إضافة إلى تقليص رواتب الموظفين، فرض أي ضرائب جديدة تطال الفقراء، مثل زيادة الضريبة على صفيحة البنزين وغيرها. وقال الأسمر: «هناك قوى سياسية تدعمنا، وأخرى تعارض زيادة الضرائب وتخفيض رواتب الموظفين، وستتضح المواقف أكثر عند إقرار الموازنة العامة».
ومن المتوقع أن تحيل الحكومة مشروع الموازنة لعام 2019 إلى البرلمان قريباً، بهدف مناقشته وإقراره.
البرلمان يقر خطة الكهرباء بلا تعديلات
أقر البرلمان اللبناني أمس خطة الكهرباء التي أحالتها الحكومة إليه قبل عشرة أيام من دون تعديلات، فيما أوضح رئيس الحكومة سعد الحريري أن «عامل الوقت هو الذي يدفعنا إلى التعجيل في تطبيق الخطة لأننا نريد الوصول في 2021 و2022 إلى الانتهاء من عجز الكهرباء وتوفير 2800 مليار ليرة»، كما تم تأجيل البحث في اقتراح إنشاء منطقتين اقتصاديتين في مدينتي صور والبترون.
وسجل رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» اعتراضاً في «تويتر» على عدم تشكيل الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء ومجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان،فيما أعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري أن مجلس إدارة الكهرباء يجب أن يُعيّن في فترة لا تتجاوز الثلاثة أشهر. وطالب بري بإصدار توصية بتعديل القانون 462 للتمكن من تعيين الهيئة الناظمة خلال فترة ستة أشهر.
وأكد الحريري أن «الخطوات التي يتم اتخاذها في خطة الكهرباء تهدف للإسراع في التنفيذ والانتهاء من عجز الكهرباء، لافتاً إلى أنه «ستكون هناك منافسة بين شركات عالمية وبعد التلزيم سيأتي كل شيء إلى هيئة الخصخصة». وقال: إذا كنّا سنذهب إلى هيئة الخصخصة فقد نحتاج إلى 3 أو 4 سنوات ونحن نريد الإسراع بالوصول إلى صفر عجز في الكهرباء.
5 آلاف موظف جديد تصل رواتبهم إلى 4 ملايين دولار شهرياً
بيروت: يوسف دياب
لم تجد الحكومة اللبنانية سبيلاً بعد للخروج من أزمة التوظيفات الجديدة، التي تشكّل عبئاً كبيراً على الخزينة، وتتسبب في إحراجها أمام المجتمع الدولي، باعتبار أن التوظيفات الانتخابية تناقض ما تعهدت به الحكومة خلال مؤتمر «سيدر» بوقف الهدر وخفض العجز، في وقت أكد خبراء أن «حلّ معضلة الوظائف الجديدة، يكمن في عدم تجديد عقود هؤلاء، وإلغاء بعض العقود الوهمية التي يستفيد منها موظفون محسوبون على جهات سياسية نافذة».
وأعلن مدير عام شركة «ستاتيستكس ليبانون» ربيع الهبر، أن «التوظيفات الجديدة وضعت عبئاً كبيراً على الخزينة بات من الصعب التخلص منه». وكشف لـ«الشرق الأوسط»، أن رواتب خمسة آلاف موظف جديد تبلغ ستة مليارات ليرة شهرياً (4 ملايين دولار) أي بمعدّل 48 مليون دولار سنوياً. ورأى أن «الحلّ يكون بقرار جريء والعودة عن قرار توظيف أي شخص جرى توظيفه بعد القرار الذي اتخذته الحكومة بوقف التوظيف في إدارات الدولة، الذي صدر في 15 تموز يوليو (تموز) 2017».
ولا يزال ملفّ التوظيف قيد البحث في لجنة المال والموازنة التي عقدت خمس جلسات، وأعلن مقررها النائب نقولا نحّاس لـ«الشرق الأوسط»، أن اللجنة «تستكمل درس الملف وسترفع تقريرها إلى الهيئة العامة لمجلس النواب». وقال إن التقرير «سيتضمّن إحاطة شاملة بما حصل وخلفيات هذا التوظيف، وسيحدد مكامن الخلل والحاجة إلى تصحيح الوضع، وهذا من مسؤولية الحكومة». وشدد على أن «الدولة تعاني من العدد الضخم من موظفي القطاع العام، وهذا التوظيف يحصل من دون دراسة دقيقة لهيكلية الدولة وحاجتها إلى الموظفين». وأضاف نحاس: «لا يجوز تبرير التوظيفات بالتقاعد تارة، وبالفاتورة تارة أخرى ويصبح هذا الموظف صاحب حق مكتسب ويتظاهر لتثبيته في وظيفته». وتواجه الحكومة خيارات متعددة أحلاها مرّ، إذ هي باتت عاجزة عن صرف هؤلاء لما لهذا القرار من آثار سلبية، قد تواجه بتحركات في الشارع من قبل الموظفين في حال صرفهم، كما تواجه وضعاً أصعب إزاء تفاقم العجز وعدم قدرتها على تبرير ذلك أمام المجتمع الدولي.
ورأى الخبير الاقتصادي، الدكتور سامي نادر، أن الحكومة «تحتاج إلى قرار حاسم بوقف التوظيف نهائياً لمدة لا تقلّ عن أربع سنوات حدا أدنى». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «معالجة معضلة التوظيف الجديد، تكون بالامتناع عن تجديد عقود هؤلاء»، مشدداً على «أهمية وضع استراتيجية تحدد حجم القطاع العام، إذ لا يعقل أن يذهب 35 في المائة من الناتج المحلي لرواتب الموظفين في القطاع العام». وسأل «هل يعقل أن يكون 10 في المائة من اللبنانيين موظفين في إدارات الدولة، في حين أن هذه النسبة أقلّ من 4 في المائة في فرنسا». ودعا نادر إلى «إعادة النظر في ملاك المؤسسات العسكرية والأمنية، التي يفوق كثيرها الـ120 ألفاً وهذا رقم كبير على بلد مثل لبنان»، كاشفاً أن «البنك الدولي يعمل على إعداد مشروع لإعادة النظر في أنظمة التقاعد في لبنان، ووقف الانتفاخ الكبير في التوظيف بما يوفّر على الخزينة نصف مليار دولار سنوياً». |
|