|
|
التاريخ: نيسان ١٦, ٢٠١٩ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
الأمن الجزائري ينفي إساءة معاملة متظاهرات داخل مراكزه |
إدارة جامعة تمنع بوشاشي أحد رموز الحراك من إلقاء محاضرة |
الجزائر: بوعلام غمراسة
نفت السلطات الأمنية في الجزائر، أمس، ما تردد عن إساءة معاملة متظاهرات داخل مراكزها، وذلك بعدما رفع ناشطون سياسيون شكوى قضائية تتعلق بـ«إجبار 4 مناضلات سياسيات على خلع ملابسهن الداخلية»، في محافظة للشرطة.
وكانت معلومات مرفوقة بمقطع فيديو قد راجت في مواقع التواصل الاجتماعي، تشير إلى تعرض 4 نساء السبت الماضي، بعد توقيفهن خلال تجمع على مستوى البريد المركزي، إلى سوء المعاملة، عند تحويلهن إلى أمن المقاطعة الإدارية لبراقي، بأمن ولاية الجزائر.
وأصدرت خلية الاتصال لأمن ولاية الجزائر العاصمة، أمس، بياناً قالت فيه إنها «تنفي قطعياً» تلك الأخبار، مشيرة إلى أن «المواطنات الأربع رفقة 6 أشخاص (رجال) تم تحويلهم إلى إحدى مقرات الأمن الوطني ببراقي، لإجراء أمني وقائي، يتمثل في التلمس الجسدي للمعنيين، بإشراف شرطية برتبة ملازم أول بالنسبة للمواطنات الأربع، وهذا الإجراء الشرطي التحفظي يهدف إلى تجريد الشخص من أي مواد أو أدوات قد يستعملها ضد نفسه أو ضد غيره، ليتم إخلاء سبيل الجميع فيما بعد في ظروف عادية». وقالت مصالح أمن ولاية الجزائر: «إن ما جرى تداوله في هذا الشأن لا أساس له من الصحة؛ بل هو مجرد ادعاءات مغرضة تهدف إلى تشويه صورة جهاز الأمن الوطني، الذي تحرص دوماً مصالحه على ضمان الاحترام الصارم لقوانين الجمهورية، ومبادئ حقوق الإنسان، وصون كرامة المواطن».
واكتشف المتظاهرون بالعاصمة، خلال الحراك المستمر منذ نحو شهرين، فصيلاً جديداً من «الأمن الوطني»، أفراده ملثمون، يحملون أسلحة نارية وأجهزة لإطلاق قنابل تحدث اختناقاً حاداً في التنفس. ويسمى الفصيل الأمني «المجموعة العملياتية الأمنية للتدخل السريع»، وقد تعرض المتظاهرون على أيدي عناصر هذا التنظيم لعنف شديد، في «جمعة الحراك الثامنة».
في غضون ذلك، ندد أحد رموز الحراك الشعبي المطالب بتغيير النظام السياسي في الجزائر، بمنعه من إلقاء محاضرة بجامعة جنوبي العاصمة. وكتب المحامي البارز مصطفى بوشاشي بصفحته في «فيسبوك» أمس، أن إدارة «جامعة سعد دحلب» بالبليدة (50 كيلومتراً إلى الجنوب)، رفضت دخوله إلى كلية علوم الطبيعة والحياة بالجامعة؛ حيث كان مدعواً لتقديم عرض عن المظاهرات الجارية منذ شهرين. وقال إنه «يعتذر لطلبة الكلية» لعدم تمكنه من إثارة نقاش معهم، حول الحدث الكبير الذي تعيشه البلاد.
وذكر بوشاشي في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، أنه نزل ضيفاً على عدة جامعات منذ بداية الحراك، بناء على دعوة من تنظيمات طلابية: «وقد تحدثت بكل حرية حول الأحداث وتداعياتها، وخضت في كل القضايا التي بدا لي أنها محل اهتمام من طرف المجتمع، وأهمها ضرورة رحيل رموز النظام، وأولهم رئيس الدولة (المؤقت) عبد القادر بن صالح، ما عدا جامعة البليدة التي تعذر عليَّ لقاء طلبتها، ولا أفهم صراحة سبب هذا الموقف من جانب مديرها، فنحن نعيش حالة من حرية التعبير غير مسبوقة، والتصرف الذي صدر عن إدارة الجامعة يعيدنا إلى سنوات القهر وتكميم الأفواه».
واستنكر طلبة كلية علوم الحياة في فيديو، نشر على شبكات التواصل الاجتماعي، ما سموه «ثورة مضادة يريد من يقفون وراءها استفزازنا، لنحيد عن الطابع السلمي الذي يميز حراكنا منذ بدايته؛ لكنهم لن ينجحوا في ذلك. سلمية... سلمية حتى يسقط النظام».
ويستمر إضراب الطلبة والأساتذة في كل الجامعات منذ 4 من الشهر الجاري. وقال سفيان صخري، الأستاذ بكلية العلوم السياسية في جامعة الجزائر العاصمة، إن المضربين سينزلون إلى البريد المركزي في العاصمة للتظاهر ضد النظام (اليوم) الثلاثاء «رغم العنف الذي واجهناه في الأيام الأخيرة، على أيدي رجال الشرطة».
من جهة أخرى، أعلن المحامي والناشط الحقوقي عبد الغني بادي، عن رفع شكوى إلى النيابة باسم 4 ناشطات سياسيات، يتهمن جهاز الشرطة بالعاصمة بـ«التعذيب النفسي»، على إثر تجريدهن من ملابسهن ليل السبت إلى الأحد الماضيين، بمركز للشرطة بحي براقي بالضاحية الجنوبية للعاصمة. وتنتمي ناشطتان للحزب اليساري «الحركة الديمقراطية والاجتماعية»، أما رفيقتاهما فتنتميان للتنظيم الشباني البارز «تجمع عمل - شباب». وصرحت هنية شعبان، إحدى الناشطات الأربع، لوسائل الإعلام أمس، بأن شرطية «دخلت علينا في قاعة كنا محتجزات بها، وأمرتنا بنبرة حادة بخلع كل ملابسنا حتى الداخلية، بحجة أنها تشك في أننا نخفي أسلحة، وبأن ذلك كان سبب اعتقالنا».
وقال فتحي غراس المتحدث باسم «الحركة الديمقراطية»، لـ«الشرق الأوسط»: «ما جرى للمناضلات يؤكد أن بقايا نظام بوتفليقة ما زالوا مسيطرين على مراكز القرار، وهم بذلك يبحثون عن استفزاز المتظاهرين بدفعهم إلى العنف يوم الجمعة المقبل، غير أن الحراك لن يقع في الفخ وسيحافظ على طابعه السلمي».
على صعيد آخر، نشر رئيس الوزراء سابقاً، مولود حمروش، قراءة في الأحداث، بصحيفتين محليتين أمس، ذكر فيها أن «تموقع قيادة الجيش مع مطالب الشعب المشروعة، قد حافظ على الطبيعة الوطنية للجيش الوطني الشعبي. وبقي على قيادة الجيش الآن الإسهام في إتمام بناء الدولة الوطنية، وصياغة دستور، وإقامة مؤسسات تملك فعلياً سلطات الترخيص والضبط والتأهيل والرقابة، التي ستضع نهائياً الجيش في مأمن من أي تنازع سياسي متحزب، ومن أي توظيف له كقاعدة حكم سياسي، أو كوسيلة في يد أي كان».
ولأول مرة منذ بداية الأزمة، يطلب رجل سياسي من الجيش أن يكتب الدستور. فعلى عكس حمروش، تطالب غالبية الأحزاب بابتعاد الجيش عن السياسة، وبعدم تدخل قائده الفريق أحمد قايد صالح في مساعي البحث عن حل للمأزق السياسي الحالي. وكان قايد صالح قد فرض على الرئيس بوتفليقة التنحي عن الحكم يوم 2 من الشهر الجاري.
وأوضح حمروش أن «حجم وقوة وحدة الحراك الشعبي، جنبت الجيش التدخل بشكل مباشر في الأحداث، ومكنته من المحافظة على انسجامه التام. بعد ذلك وتبعاً لتطور الأوضاع داخل أروقة الحكم، انحاز الجيش طبيعياً إلى جانب الشعب، وهو ما جنبه أن يكون في تناقض مع صبغته الوطنية، أو يكون عرضة للتدمير من طرف قوى دولية أجنبية، لا سيما منها المطلة على البحر الأبيض المتوسط وحلف الأطلسي، مثلما وقع للعراق وليبيا وسوريا. فالنظام الدولي ودوله القوية، يرفضون التعايش مع أي جيش قوي غير خاضع لرقابة دستورية ومؤسساتية، ولقوانين صارمة للمراقبة في مجال الأداء والتوظيف والاستخدام. فما بالك إذا كان جيشاً في خدمة أو تحت رحمة شخص مطلق التصرف والسلطات، يوظفه كأداة حكم وقمع، أو للضغط به على المحيط أو ابتزاز الجوار». |
|