| | التاريخ: نيسان ١٣, ٢٠١٩ | المصدر: جريدة النهار اللبنانية | | لبنان: طرابلس غداً تحالف عريض والتحدّي في الاقبال | مع ان الملفات المالية والاقتصادية المفتوحة عشية العد العكسي لاقرار النسخة المعدلة للموازنة في مجلس الوزراء الاسبوع المقبل على الارجح، تشكل الشغل الشاغل لجميع المسؤولين والكتل النيابية، فان استحقاق الانتخاب الفرعي غداً في طرابلس سيشكل فسحة سياسية خاطفة يرصد من خلالها الوسط السياسي دلالات هذا الاستحقاق ونتائجه من زاوية حصرية تقريباً هي الواقع السياسي والانتخابي لرئيس الوزراء سعد الحريري و"تيار المستقبل" بعد سنة تقريباً من الانتخابات النيابية العامة.
واذا كانت ظروف اجراء هذا الانتخاب الفرعي أملت ان يندفع "تيار المستقبل" في اعادة ترشيح ديما جمالي للمقعد السني الخامس بعدما شغر بقبول المجلس الدستوري الطعن في نيابتها، فان المشهد السياسي الذي رسمته جولة الرئيس الحريري امس قبل 48 ساعة من موعد الانتخابات عكست اتساع التحالف السياسي العريض الذي بات عليه واقع رئيس الوزراء ابان رئاسته للحكومة الثانية في العهد العوني، علماً ان الخصوصية المتصلة بمدينة طرابلس قفزت بقوة الى واجهة المشهد الانتخابي بحيث بدا الحريري متمتعاً باوسع تحالف سياسي مع قيادات طرابلس الاساسية وأبرزها الرئيس نجيب ميقاتي والوزير السابق محمد الصفدي من جهة، كما مستعيداً تقارباً ووحدة ومصالحات مع رموز أساسيين من "المستقبل" أبرزهم اللواء اشرف ريفي بالاضافة الى النائب السابق مصطفى علوش "رفيق الدرب " كما وصفه الحريري. لكن اللافت في جولة الحريري التي أثارت اجواء تعبئة للشارع "الازرق" على أمل ان تتمدد العدوى غداً مع شوارع الحلفاء لتنعكس على نسبة المقترعين ان رئيس الوزراء لم يقصر خطبه وتصريحاته ومواقفه على دعم مرشحته للانتخابات بل تناول الكثير من عناوين الاستحقاقات المطروحة حكوميا ولبنانياً.
وكانت الجولة مناسبة أطلق فيها جملة مواقف سياسية واقتصادية. فقال: "كل المناطق لها حصة كبيرة في سيدر و طرابلس لها حصة 20% منه، فهذه المدينة تألمت خلال سنوات، وكل لبنان موجوعاً ويعاني الفساد والهدر وتراجع الاقتصاد لكننا نأمل بأخذ القرارات الصحيحة التي تمنع الهدر وترتكز على التقشف". وأضاف: "أشعر بوجع الناس وطرابلس تألّمت خلال السنوات الماضية ونعمل على إصلاح الوضع". ومن منزل الوزير السابق أشرف ريفي، قال: "ان الإنماء في طرابلس والمتوازن في كل المناطق اللبنانية يجب أن يحصل... الجميع متفقون على ضرورة مكافحة الفساد والهدر، وهناك إجراءات علينا اتخاذها كدولة... اننا سنعمل على العفو العام والقوى السياسية مقتنعة بأن هناك ظلماً بحق البعض". وأعلن ان "التحديات الأمنية والانقسامات خلفنا... الدم ما بصير مي... اختلفنا في أماكن عدة لكننا نعود إلى جذورنا وقضيتنا".
أما ريفي، فقال: "نحن في مرحلة تحدياتها كبيرة وسنكون الى جانب الحريري خلالها".
كما زار الرئيس نجيب ميقاتي في رفقة المرشحة ديما جمالي وقال من هناك: "لا شك في أنه خلال السنوات الماضية كانت هناك انقسامات بالسياسة بيني وبين الرئيس ميقاتي، وهذا ما أدى في مكان ما إلى تأخير العديد من الأمور في البلد، إضافة إلى الانقسامات التي كانت حاصلة في كل لبنان، حتى وصلنا إلى مكان بات فيه كل البلد مشلولاً. اليوم قررنا خلط الأوراق، وأنتم تعرفون المبادرة التي قمت بها، والتي كان أساسها أن ندعم المؤسسات ونعيد العمل السياسي والمؤسساتي إلى الطريق الصحيح، وأن نعمل معاً للنهوض بالبلد".
واشنطن ولبنان
وسط هذه الاجواء، نقل مراسل "النهار" في واشنطن هشام ملحم عن النائب ياسين جابر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب نفيه بشدة التقارير الصحافية والتسريبات التي تحدثت عن عزم وزارتي الخارجية والخزانة الاميركيتين على فرض عقوبات أقتصادية على مقربين من رئيس مجلس النواب نبيه بري بسبب علاقاته الوثيقة مع "حزب الله" وايران. وقال النائب جابر في حديث الى "النهار" عقب اجتماعه ورئيس لجنة المال النيابية ابرهيم كنعان ومستشار بري علي حمدان مع مساعد وزير الخزانة لشؤون التمويل الارهابي مارشال بيللينغسلي: "لا أساس من الصحة لهذه التقارير، ولا نتوقع أي اجراءات عقابية ضد الرئيس بري أو أي من نواب كتلته أو مساعديه". لكنه لم ينف انه سمع من المسؤولين الاميركيين بمن فيهم مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الاوسط السفير الاميركي السابق في بيروت ديفيد ساترفيلد مواقف أكثر تشدداً من "حزب الله" وقياداته ونشاطاته في لبنان والمنطقة، وذلك في اطار التركيز الاقليمي المتزايد لادارة الرئيس دونالد ترامب على التصدي لايران والقوى المتعاونة معها في لبنان وسوريا والعراق. وكانت مصادر اميركية قد أفادت ان وزارتي الخارجية والخزانة تراجعان سجلات بعض الشخصيات النافذة المتحالفة مع "حزب الله" تمهيدا لمعاقبتها.
وكان الوفد الذي يضم جابر وكنعان وحمدان للمشاركة في اجتماعات صندوق النقد الدولي في المؤتمر البرلماني العالمي، قد التقى في اليومين الاخيرين أيضاً عدداً من المشرعين الاميركيين في مجلسي الكونغرس ومن الحزبين، بينهم رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب النائب أليوت انغيل، المعروف بمواقفه المتشددة عن ايران و"حزب الله". كما التقى اعضاء نافذين في مجلس الشيوخ بينهم السناتور الديموقراطي جاك ريد عضو لجنة القوات المسلحة ولجنة الشؤون المصرفية، والسناتور الجمهوري جيمس لانكفورد عضو لجنة الشؤون المالية ولجنة الاعتمادات. وسبق لجابر ان اجتمع بالسناتور لانكفورد خلال زيارته الاخيرة للبنان.
وأوضح جابر ان الوفد اللبناني وجد ان المسؤولين الاميركيين حريصون على عدم اتخاذ أي اجراءات يمكن ان تضر بالقطاع المصرفي اللبناني لان هذا القطاع هو "شريان الحياة" بالنسبة الى لبنان، وأن الوفد اشار الى ان التكهنات أو التقارير الصحافية والتسريبات التي تتحدث عن اجراءات اميركية عقابية لمؤسسات لبنانية بما فيها المصارف تؤثر سلباً على علاقات هذه المصارف مع المصارف الدولية وتقوض الثقة الدولية بالقطاع المصرفي اللبناني. وفي الاجتماعات مع السناتورين ريد ولانكفورد عرض الوفد الوضع الامني على الحدود اللبنانية - الاسرائيلية وضرورة الحفاظ على الهدوء والاستقرار. كما اثار الوفد رغبة لبنان في ان تساعد الولايات المتحدة من خلال العمل مع الامم المتحدة على ترسيم الحدود المائية مع اسرائيل بصفة نهائية ليتاح للبنان التنقيب عن النفط والغاز في شكل آمن.
وقال جابر إن وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو ومساعديه يتفهمون أكثر من السابق مدى العبء الاقتصادي للنازحين السوريين، "كما ان هناك تفهما أكثر لضرورة مساعدتنا على ترسيم الحدود المائية مع اسرائيل من خلال الامم المتحدة".
وفي لقاء الوفد وساترفيلد أمس، علم ان المحادثات تركزت على نقطتين اساسيتين هما ترسيم الحدود البحرية وتسهيل عودة النازحين السوريين من لبنان الى سوريا. وقال جابر لـ"لنهار" إن الاجتماع مع ساترفيلد "كان صريحاً للغاية " وان سارتفيلد شدد على ضرورة التزام لبنان تنفيذ الاصلاحات. وشرح جابر انه لمس في موضوع ترسيم الحدود البحرية ان هناك استعداداً اميركياً أكبر للمساهمة، أما في ملف النازحين السوريين فيعتبر ساترفيلد ان الجو في سوريا ليس جاهزاً بعد للعودة وان الروس لا يقومون بما يكفي لذلك. | |
|