التاريخ: نيسان ٦, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
المهدي يدعو البشير للتنحي عشية موكب «ذكرى الانتفاضة»
المعارضة السودانية تتوعد بمسيرة إلى قيادة الجيش لمطالبته بـ{الانحياز إلى الشعب}
الخرطوم: أحمد يونس
دعا زعيم حزب الأمة المعارض الصادق المهدي «أنصاره» ومؤيدي حزبه، للمشاركة بكثافة، في المظاهرات المزمعة اليوم، في ذكرى انتفاضة 6 أبريل (نيسان) التي أطاحت نظام الرئيس الأسبق جعفر النميري، عام 1985.

وطلب المهدي من الرئيس عمر البشير التنحي من منصبه، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ورفع حالة الطوارئ، وتكوين «جمعية تأسيسية» من 25 شخصاً ترشحهم المعارضة، تعمل على إقامة النظام الجديد، فيما توعد التحالف المعارض بتسيير مواكب تتجه نحو القيادة العامة للجيش لتطالبه بالانحياز للشعب، وتسلم ما سمته «مذكرة الرحيل».

وعشية المظاهرات المتزامنة مع ذكرى الثورة الشعبية التي أطاحت حكم الرئيس الأسبق جعفر النميري، قال المهدي الذي كان يتحدث لأنصاره من منبر الجمعة بمسجد «السيد عبد الرحمن» بأم درمان، إن على الرئيس البشير التنحي عن منصبه، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ورفع حالة الطوارئ التي أعلنها فبراير (شباط) الماضي، وتشكيل «جمعية تأسيسية» تتكون من 25 شخصاً ترشحهم المعارضة، وحل المؤسسات الدستورية التي وصفها بـ«المضروبة».

وحرض الزعيم السياسي والديني أنصاره على المشاركة في احتجاجات اليوم، بقوله: «في ذكرى 6 أبريل، يرجى أن تتسع المشاركة في التعبير عن مطالب الشعب»، وأضاف: «من هذا المنبر، أدعو الجميع لتلبية النداء الوطني». وشدد المهدي على سلمية الاحتجاجات والمظاهرات، ودعا للالتزام بها وعدم الاستجابة للاستفزازات، وتابع: «الحلم الصامد أقوى من السلاح»، وأضاف: «احتشدوا وارفعوا راياتكم وشعاراتكم سلمياً، اضربوا مثلاً».

ودعا المهدي الرئيس البشير إلى التنحي عن مهام منصبه، وقال: «أناشدك أن تقرر إطلاق سراح كل المعتقلين، وأن ترفع حالة الطوارئ، وأن تقرر بمحض اختيارك الاستقالة من رئاسة الجمهورية وحل المؤسسات الدستورية المضروبة، وأن تدعو 25 شخصاً نرشحهم لك لتكوين جمعية تأسيسية لإقامة النظام الجديد المنشود»، مشيراً إلى تقييد حركة البشير بسبب مذكرة القبض الصادرة ضده من قبل المحكمة الجنائية الدولية، وقال: «أنت تعلم أن هناك عوامل منعتك وتمنعك، من ممارسة جميع صلاحيات الرئاسة، وتعرض السودان بالتالي لعقبات».

وطلب المهدي من قوات الجيش الحفاظ على قوميتها، وقال: «نناشد القوات المسلحة السودانية أن تحافظ على قوميتها، وألا تبطش بمواطنين عزل يطالبون بحقوق يكفلها الدستور». وناشد المهدي الأسرة الدولية لتكوين «جماعة أصدقاء السودان»، وتطالب بـ«عدم البطش بمواطنين يتحركون سلمياً، بل نرجوهم كذلك أن يتفقوا على المنافع التي يمكن أن يجنيها السودان، إذا حقق السلام والتحول الديمقراطي سلمياً».

وانتقد المهدي بحدة نظام الرئيس البشير، في إشعال الحرب في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، وانفصال جنوب السودان، وما تركته من آثار تمثلت في القتل والتدمير الواسعين، وتخصيص الجزء الأكبر من ميزانية البلاد على الصرف على الأجهزة الدفاعية، وقال: «مع أن القتال تراجع الآن فلا سلام، ونتيجة لذلك، ما زال الصرف على الأجهزة الدفاعية يبتلع 70 في المائة من الميزانية، ويحول دون خفض المصروفات للموازنة». وأضاف المهدي: «أدت الحرب ومساوئ الحكم إلى لجوء ربع سكان البلاد للخارج، ونتيجة للحرب وانتهاكاتها، فإن قيادة البلاد ملاحقة جنائياً ودولياً، وهذا له أثر كبير في تطبيع البلاد مع الأسرة الدولية».

وأوضح أن فشل نظام الإنقاذ أدى لـ«تحرك الشعب ضد النظام ست مرات»، وتابع: «لكن هذه المرة السابعة، كانت الأوسع، والتي خاضها شباب السودان والقوى السياسية والمهنية والأساتذة، بصورة جعلت كل المجتمع متحركاً».

وكشف عن سعيه لتكوين «جبهة عريضة» تشمل تحالف قوى الحرية والتغيير، وتضم تحالف نداء السودان الذي يترأسه، وتجمع المهنيين السودانيين، وقوى الإجماع الوطني والتجمع الاتحادي المعارض، وجميع القوى المدنية والشبابية، وتعهد بتقديم «مشروع كامل للنظام الجديد المنشود»، وناشد القوى الوطنية كافة وخاصة المنشقين عن النظام للانضمام للجبهة العريضة.

وعقب خطبة المهدي، خرج المصلون في مسيرة سلمية، فرقتها قوات الأمن بالغاز المسيل للدموع، وطاردت المصلين حتى داخل مسجد السيد عبد الرحمن، ونقل نشطاء موالون للمهدي صور وفيديوهات لمصابين قالوا إنها بسبب «الرصاص المطاطي» الذي أطلقته قوات الأمن داخل المسجد.

من جهته، تراجع الرئيس عمر البشير عن خطاب موجه للشعب، أعلن عنه أمس، ودعت الرئاسة أجهزة الإعلام لحضوره، وذلك قبل ساعات من احتجاجات السبت التي تعمل المعارضة على التحشيد لها.

ونفى وزير شؤون الرئاسة فضل عبد الله بحسب وكالة الأنباء الرسمية «سونا»، نية الرئيس توجيه خطاب للأمة السودانية، بعد لقاء جمعه مع نائبيه ومساعديه والهيئة التنسيقية للحوار الوطني وقادة الإعلام والقوى المجتمعية.

وفي السادس من أبريل 1985 أطاح السودانيون في انتفاضة شعبية حكم الرئيس الأسبق جعفر محمد النميري، وهي المناسبة التي تعمل المعارضة السودانية على استغلالها لتسيير مواكب وصفها البعض بـ«المليونية» في أنحاء البلاد كافة تحت اسم «موكب السودان الواحد».

وقال «تجمع المهنيين السودانيين» الذي يقود الاحتجاجات بالمشاركة مع تحالف «قوى الحرية والتغيير» في بيان مشترك أمس، إن المواكب ستنطلق في مدن: «كوستي، وربك، والأبيض، وزالنجي، وسنجة، ومدني، والمناقل، والفاشر، وعطبرة، والقضارف، والجنينة، وبورتسودان»، لتسليم مذكرة «رحيل النظام» إلى القيادات والحاميات والوحدات العسكرية على حسب الأقاليم.

وفي العاصمة الخرطوم، تنطلق مواكب 6 نيسان في الواحدة ظهراً، لتسلم مذكرة التنحي للقيادة العامة للجيش بالخرطوم، من عدة مناطق في مراكز تجمعات كثيرة.

ودعا مواطني «أم درمان وسط، والثورات والمهدية، وأم بدة، والفتيحاب، وأبو سعد، والصالحة، والحتانة، وود البخيت، والجرافة، والمنارة، والرميلة» للتجمع في موقف جاكسون وسط الخرطوم.

وطلب من سكان أحياء: «الشجرة، والحامداب، وجبرة، والكلاكلة، وأبو آدم، والعزوزاب، والامتداد، واللاماب، والصحافة، والديم، والخرطوم 2، والخرطوم 3، والأزهري، ومايو، والسلمة، وعد حسين، وسوبا» للتجمع في موقف شروني جنوب وسط الخرطوم.

ووجه سكان أحياء: «البراري، وامتداد ناصر، والرياض، والمنشية، والجريف، والمعمورة، والطائف، وأركويت، وحلة حمد، والختمية، والمزاد، والشعبية، والدناقلة، والصافية، والحلفايا، وشمبات، والكدرو، والسامراب، والدروشاب، والإزيرقاب»، للتجمع بالقرب من مباني الاتحاد الأوروبي شرق وسط الخرطوم.

وقال التجمع إن القيادات الميدانية هي التي تحدد مسارات التجمعات باتجاه القيادة العامة ولجان المناطق وقيادات قوى الحرية والتغيير، فيما أعلنت تنظيمات مهنية وسياسية كثيرة التزامها بالمشاركة في احتجاجات اليوم. وتعد الاحتجاجات المزمعة التي تتزامن مع ذكرى أبريل هي أضخم عمل تنسيقي ينظمه التحالف المعارض وتجمع المهنيين السودانيين، منذ بدء الاحتجاجات في البلاد 19 ديسمبر (كانون الأول) 2018، التي اندلعت بسبب الغلاء وارتفاع أسعار الخبز والسلع الرئيسية، وأزمة النقود والوقود والدواء، قبل أن تتحول إلى احتجاجات تطالب بتنحي نظام حكم الرئيس عمر البشير وتكوين حكومة كفاءات انتقالية.

ورغم تشبث الرئيس البشير بسلطته، فإن حكومته فشلت في احتواء الاحتجاجات المستمرة طوال أربعة أشهر، ولم يفلح فرضه لحالة الطوارئ لستة أشهر وحل الحكومة، وعسكرة حكام الولايات، وتشديد قبضته الأمنية، واعتقال القادة السياسيين والنشطاء، وإصدار أحكام بالسجن والغرامة ضد متظاهرين، وفقاً لقانون الطوارئ في وقفها.

وواجهت سلطات الأمن المظاهرات بعنف مفرط أدى لمقتل 31 بحسب حصيلة رسمية، وأكثر من 51 بحسب منظمة هيومان رايتس ووتش، وإصابة وجرح مئات المحتجين.