التاريخ: نيسان ٣, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
غوتيريش من الأزهر: أكثر ضحايا الإرهاب العرب والمسلمون
أكد أن خطاب الكراهية ينتشر بسرعة عبر مواقع التواصل
القاهرة: وليد عبد الرحمن
حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من تنامي الكراهية ضد المسلمين، قائلاً: «نشهد في جميع أنحاء العالم تصاعداً غير مسبوق لكراهية المسلمين، ومعاداة السامية، والعنصرية وخطاب الكراهية، والخوف من الأجانب... ولقد أخذ خطاب الكراهية يتسرب إلى الخطاب العام السائد بسرعة كـ(النار في الهشيم) عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ونراه ينتشر في البلدان الديمقراطية الليبرالية والدول السلطوية على حد سواء».

جاءت تحذيرات غوتيريش أثناء كلمته من الأزهر، أكبر مؤسسة سنية في العالم؛ حيث التقى بشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، في مقر مشيخة الأزهر بالقاهرة، أمس. وقال مصدر في المشيخة إن «الطيب بحث مع غوتيريش التعاون في نشر السلام والتعايش، ومواجهة العنف والتطرف، والتصدي للكراهية و(الإسلاموفوبيا)... وإن اللقاء شهد حفاوة كبيرة من الأزهر بالأمين العام للأمم المتحدة».

وعن الهجوم الإرهابي الذي استهدف مسجدين في نيوزيلندا الشهر الماضي، وأسفر عن مقتل 50 شخصاً. أشار غوتيريش إلى أنه اختار توجيه العزاء للمسلمين من داخل الأزهر، بصفته أكبر مرجعية تمثل المسلمين ويحظى بمكانة وثقل عالميين، مضيفاً؛ مرّ أقل من شهر على الحادث الإرهابي على مسجدين في كرايستشيرش، وتعرفنا على مدار الأسابيع الماضية على قصص مُلهمة عن الضحايا، وقرأنا عن الأشخاص الذين فقدوا أرواحهم وهم ينقذون الآخرين، ولقد تأثرنا بشدة بالمظاهر الاستثنائية للقيادة، والحب والتضامن من شعب نيوزيلندا وغيره، ورأينا ذلك في إنجلترا؛ حيث رفع رجل أبيض من غير المسلمين لافتة خارج أحد المساجد، وقد كتب عليها «أنتم أصدقائي سأتولى تأمينكم في صلاتكم». موضحاً؛ يظهر مثل هذا بوضوح في كثير من الأحيان بعد حدوث أي مأساة، ورأيناه في بتسبرغ، العام الماضي، بعد وقوع أسوأ هجوم إرهابي معاد للسامية في تاريخ الولايات المتحدة؛ حيث بادر أعضاء المجتمع الإسلامي سريعاً إلى التعبير عن دعمهم وجمع الأموال لصالح الضحايا... فهذه هي الروح التي أعرف أنها كامنة بعمق في الدين الإسلامي، وهو دين محبة وعطف وتسامح ورحمة وإحسان.

وقال غوتيريش، في كلمته من مشيخة الأزهر، إن «الإسلام يتعرض لهجمة شرسة تستهدف تشويهه واتهامه بالإرهاب، في حين أن أكثر ضحايا الإرهاب هم من العرب والمسلمين»، مبيناً أن عالمنا يشهد حروباً سياسية تستخدم الشعارات الدينية والمذهبية من أجل تحقيق مصالح خارجية على حساب دماء الأبرياء، وهو ما يجب الانتباه له، موضحاً أن وثيقة «الأخوة الإنسانية» التي صدرت في فبراير (شباط) الماضي، ذات أهمية عالمية، لأنها تفند أسباب التطرف، وتُبرئ الإسلام والمسيحية من الإرهاب، وأن الأمم المتحدة ستعمل على الاستفادة من هذه الوثيقة، لتعزيز السلم والأمن العالمي... فلدينا جميعاً دور نلعبه في رأب الصدوع وإنهاء الاستقطاب السائد بشدة في كثير من مجتمعاتنا (اليوم)، والقادة الدينيون لدينا على وجه الخصوص، عليهم دور في غاية الأهمية، لهذا كان من المشجع رؤية شيخ الأزهر، والبابا فرنسيس يتعاونان في أبوظبي في فبراير الماضي، في مظهر من مظاهر الأخوة بين الأديان (وقت إصدار وثيقة الأخوة الإنسانية).

وعن الإرهاب، أوضح الأمين العام للأمم المتحدة، ليس هناك ما يبرر الإرهاب، وكم يصبح بشعاً عندما يتم التذرع بالدين، ولكي نعيش في عالم يسوده السلام، يجب أن نعزز التفاهم المتبادل، وأن نستثمر من أجل تحويل الاختلاف إلى نجاح، مستشهداً في ذلك بحديث نبوي، مؤكداً أنه «يجب أن نواجه ونرفض الشخصيات الدينية والسياسية التي تستغل أوجه الاختلاف، ويجب علينا أن نتساءل عن سبب شعور كثير من الناس أنهم مستبعدون؟ ولماذا يتم إغراؤهم بالرسائل المتطرفة للتعصب، بعضهم ضد بعض؟».

وقال غوتيريش، يجب أن نعمل جميعاً من أجل مصلحتنا، هذا هو المنطق الذي يكمن وراء خطة الأمم المتحدة 2030 وأهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، وعلينا أن ندعم ونعزز الكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان العالمية... نعم، لدينا أديان وثقافات وتاريخ مختلف، لكن إنسانيتنا المشتركة هي ما يربطنا جميعاً، بدلاً من الانشغال بخلافاتنا، دعونا نركز على ما يوحدنا، والعمل معاً من أجل مستقبل أفضل للجميع في كل مكان.

من جهته، أبدى الدكتور الطيب استعداد الأزهر للتعاون مع الأمم المتحدة لترسيخ أهدافهما المشتركة في ترسيخ السلم العالمي وتحقيق المساواة بين جميع البشر، مضيفاً أن «الأزهر حرص على تعزيز الحوار مع المؤسسات الدينية الكبرى كالفاتيكان، وكنيسة كانتربري، ومجلس الكنائس العالمي».

ومن المقرر أن يلتقي غوتيريش، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في وقت لاحق. وسبق أن التقى السيسي غوتيريش في أديس أبابا فبراير الماضي. وأكد السيسي حينها تطلع بلاده إلى أن تشهد فترة الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقي نقلة نوعية في اتجاه تعزيز وتعميق الشراكة الاستراتيجية بين الاتحاد والأمم المتحدة، ولا سيما مجالات السلم والأمن والتنمية.