| | التاريخ: آذار ٣٠, ٢٠١٩ | المصدر: جريدة الحياة | | توافق روسي - تركي حول إدلب والحل السياسي وتباينات حول شرق الفرات | موسكو تحذر من عودة ألاف من مقاتلي "داعش" إلى آسيا الوسطى | موسكو - سامر إلياس
بعد تأجيلين متتاليين، وقبل عشرة ايام على قمة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، سعى وزيرا خارجية البلدين سيرغي لافروف ومولود جاويش أوغلو إلى تقريب وجهات النظر في ما يخص الأزمة السورية. وكشف المؤتمر الصحافي المشترك للوزيرين في أنطاليا عن توافق الطرفين على وحدة الأراضي السورية، والتمسك بمسار آستانة مع إيران، والتنديد باعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل. وفي المقابل ظهر اختلاف حول منبج وشرق الفرات.
ومع إشارته إلى صعوبة الأوضاع في إدلب أكد لافروف حصول تقدم في تنفيذ اتفاق سوتشي حول إدلب والذي توصل إليها رئيسا البلدين في أيلول (سبتمبر) 2018، وفيما شدد الوزير الروسي على ضرورة عودة منطقة شرق الفرات وشمال سورية كاملة للنظام، قال جاويش أوغلو إن أنقرة تواصل بحث المنطقة الآمنة مع واشنطن وتنسق مع روسيا.
ومع تزايد خروقات الهدنة في إدلب، أكد لافروف التزام موسكو باتفاقها مع أنقرة حول إدلب، مشيراً إلى أن "هناك تواصلاً مستمراً بين العسكريين (الروس والأتراك)، الذين يلعبون دوراً حاسماً في تنفيذ المذكرة الخاصة بإدلب، وأنا على ثقة، رغم الوضع الصعب الذي تشهده تلك المنطقة، أننا سنتقدم خطوة خطوة، بل لقد بدأنا نتقدم نحو تحقيق الهدف الذي حدده الرئيسان (الروسي والتركي)، وهذا يشمل إقامة ثلاث مناطق لتسيير دوريات كخطوة أولى". وشدد الوزير الروسي على "ضرورة العمل على وقف الاستفزازات والهجمات التي تنفذها الجماعات الإرهابية انطلاقاً من مناطق سيطرتها في المحافظة". وفي خصوص التسوية السياسية قال لافروف: "اتفقنا على الإسراع في تشكيل اللجنة الدستورية بالتعاون مع زملائنا من الأمم المتحدة، وبالطبع بالاتصالات مع الحكومة السورية والمعارضة"، معرباً عن ثقته أن "تشكيل اللجنة الدستورية سيساعد على بدء عملية جنيف، التي كثيراً ما يتحدث عنها زملاؤنا الغربيون وغيرهم".
وشدد جاويش أوغلو على أهمية استمرار موسكو وأنقرة في العمل المشترك لتسوية الوضع في إدلب، الذي يعدّ "مسؤولية مشتركة" للطرفين، لافتاً إلى زيادة عدد الاعتداءات وحالات إطلاق النار في إدلب، ما ينعكس سلباً على حياة المواطنين هناك.
وأجمع الوزيران على أن صيغة آستانة بمشاركة إيران تبقى الآلية الوحيدة الفعالة "رغم محاولات لعرقلتها"، والتي لا يمكن تحقيق التسوية في سورية من دونها.
وجدد لافروف تنديد موسكو بقرار ترامب الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، وزاد: "أشعر بأن هذا دليل متعمد على عدم المساءلة. وهو إلى جانب التهديدات والإنذارات والعقوبات، يشكل عموماً جميع الأدوات التي تستخدمها الولايات المتحدة في السياسة الخارجية هذا أمر محزن". من جانبه أكد جاويش أوغلو أن بلاده تدعم وحدة الأراضي السورية بما فيها الجولان رغم الخلافات مع النظام.
تباينات حول شمال سورية وشرق الفرات
وفي مقابل التوافق على الحال السياسي، والتمسك بمسار آستانة، والمضي في تنفيذ اتفاق سوتشي حول إدلب، برزت تباينات في موضوع شرق الفرات وشمال سورية. فمن جانبه قال جاويش أوغلو إنه "طالما أن تنظيمي حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب ينشطان في هذه المنطقة، فإنه لا يمكننا الحديث عن إرساء الأمن في روسيا وتركيا والدول المجاورة وخصوصاً سورية"، وزاد أن وحدة سورية مهددة لأن هدف التنظيمين تقسيمها.
وذكر الوزير التركي أن أنقرة "تواصل محادثاتها مع الولايات المتحدة حول إقامة منطقة آمنة شمال سورية، بالتوازي مع التنسيق مع الشركاء الروس"، كاشفاً أن جزءاً من محادثاته مع نظيره الروسي كانت حول المنطقة الآمنة على الحدود مع سورية. ومع إشارته إلى أنه "بعد قرار الانسحاب الأميركي من سورية، نرى أن الولايات المتحدة لا تمتلك استراتيجية أو خطة عمل (بالمنطقة)، ما عدا التصريحات المتضاربة الصادرة عنها"، قال جاويش أوغلو إن "ما يهمنا هو عدم استغلال التنظيمات الإرهابية الفراغ الذي سيتشكل بعد الانسحاب، لأن هذا يشكل أهمية بالنسبة الى أمن بلادنا وسورية معاً". وخلص إلى أن إعلان منطقة آمنة في الشمال السوري مسألة مهمة لضمان الأمن القومي التركي و "وضع حد للفوضى والتوتر" هناك.
أما لافروف فأشار إلى أن "روسيا وتركيا تتبنيّان موقفاً مشتركاً من قضية شرق الفرات "ينطلق من ضرورة الحل على أساس احترام السيادة السورية والمحافظة على وحدة الأراضي السورية مع مراعاة مصالح تركيا الأمنية في شكل كامل"، لافتاً إلى أن موضوع شرق الفرات يبحث على مستوى وزارتي الخارجية والدفاع وأجهزة الاستخبارات في البلدين. وشدد الوزير الروسي على ضرورة خروج الولايات المتحدة بالفعل من شرق الفرات، وزاد "كما يجب العودة إلى الوضع الذي تبلور هناك عبر التاريخ وظل قائماً حتى لحظة دخول الأميركيين الأراضي السورية. وأعني بذلك استرجاع العشائر العربية للأراضي التي كانت تقطنها على مدى قرون من التاريخ تحقيقا للأهداف التي نص عليها قرار مجلس الأمن الدولي 2254". وعاود لافروف التأكيد على أن "اتفاق أضنة بين تركيا وسورية يعدّ أساساً جيداً من أجل تأمين الحدود في المنطقة".
تحذير من عودة "دواعش" إلى آسيا الوسطى
وبعد أيام من إعلان هزيمة "داعش" شرق الفرات حذرت روسيا من نية آلاف المقاتلين السابقين في صفوف التنظيم الإرهابي في سورية والعراق إلى بلدان آسيا الوسطى، بعد تقوية وجود "داعش" في شمال أفغانستان.
وفي مؤتمر دولي نظم في موسكو بعنوان حول أولويات التعاون الدولي لمحاربة الإرهاب والتطرف، وقال رئيس دائرة مكافحة التطرف في وزارة الخارجية الروسية أوليغ إيلينيخ إن "وجود مقاتلي تنظيم داعش يتعزز في المناطق الشمالية في افغانستان المحاذية لبلدان رابطة الدول المستقلة وآسيا الوسطى"، محذراً من أن "هذه العملية تضعنا أمام خطر كبير وهو أن ألافاً من عناصر داعش الذين قاتلوا في سورية والعراق يخططون من دون أدنى شك للعودة إلى بلدانهم الأصلية". | |
|