| | التاريخ: آذار ١٩, ٢٠١٩ | المصدر: جريدة النهار اللبنانية | | لبنان: الحكومة "عود على بدء" قبل جولة جديدة ! | يعقد مجلس الوزراء مبدئياً الخميس المقبل جلسته الرابعة منذ نيل الحكومة الثقة وسط تصاعد الشكوك في الواقع الحكومي الناشئ خصوصاً بعد الغيوم الكثيفة التي غلفت هذا الواقع في الايام الاخيرة بفعل الخلاف الذي نشأ بين رئيس الوزراء سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل. وبينما تراهن معظم القوى السياسية المشاركة في الحكومة على عودة الامور الى طبيعتها في الجلسة المقررة باعتبار ان فريقي "تيار المستقبل" و"التيار الوطني الحر" اللذين يشكلان عمودين أساسيين من اعمدة التسوية السياسية – الرئاسية التي تظلل لبنان منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، لن يذهبا ابعد مما فعلا في ترجمة التباينات والخلافات على خلفية مسألة عودة النازحين السوريين، تخشى أوساط وزارية مطلعة تبسيط الامور تكراراً بحيث تترك الخلافات التي فجرت السجالات الاخيرة جانباً من دون معالجة أو مصارحة في العمق تجنباً لتجددها وتسهيلاً لبعض الملفات الملحة المطروحة أمام الحكومة، الامر الذي يترك واقعياً باب تفجر التباينات مفتوحاً في أي لحظة وعند هبوب اي ريح خلافية جديدة.
وقالت هذه الاوساط إن الجلسة المقبلة مهدت لها اتصالات جانبية من أجل اعادة ترميم الثقة نسبياً بالواقع الحكومي الذي اهتز أولاً، ومن أجل فسح المجال لاقرار بنود مهمة في جدول اعمال الجلسة لئلا يتهدد المناخ السائد انتاج الحكومة من اول الطريق ويتسبب بتداعيات بالغة السلبية على البلاد. ولفتت الى ان الجلسة التي ستنعقد عشية زيارة وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو لبيروت ستشكل حاجة للتنسيق المبدئي أقله في الموقف الرسمي العام من العناوين الكبيرة التي ستتناولها محادثات بومبيو مع المسؤولين الكبار والتي باتت معروفة لدى الجميع بما يوفر على الحكومة لاحقا اهتزازات داخلية جديدة.
وأفادت معلومات مساء أمس ان أبرز بنود جدول أعمال الجلسة تتمثل في تعيينات المجلس العسكري التي ارجئت من الجلسة السابقة، كما ان ثمة بنوداً تتعلق بمشاريع "سيدر" ومنح حوافز لـ"ايدال" وتوحيد العقود المالية. أما خطة الكهرباء الجديدة التي أعدتها وزيرة الطاقة ندى البستاني، فلم يتأكد موعد عرضها على مجلس الوزراء، علماً انه يرجح ان تعرض في الجلسة التي تلي الجلسة المقبلة.
"مواجهات الفساد"
ووسط هذا المناخ الحكومي الهش تصاعدت أمس ملامح المواجهات السياسية الجانبية التي تثيرها موجة فتح ملفات الفساد على مستويات نيابية وسياسية وقضائية عدة. فعلى صعيد عمل اللجان النيابية، صرح رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابرهيم كنعان، إثر ترؤسه جلسة للجنة في حضور وزير الاتصالات محمد شقير، أنه أبلغ الأخير "عدم جواز اعتبار أن هناك فائضا (في التوظيف) في اوجيرو أو سواها ويجب توزيعه على أماكن أخرى"، مشيرة الى "أن هذا الاجراء غير قانوني والحل يكون بتطبيق القانون ". وقال "إن ثلث العجز في الموازنة ناتج من الحجم المنفوخ للملاك والادارات والمؤسسات العامة. وعندما نتحدث عن 10 آلاف شخص جرى توظيفهم أو التعاقد معهم خلال سنة فهناك مشكلة، وعندما يصل عدد الموظفين في الادارة والقطاع التربوي الى 99 ألف شخص، يعني ان هناك مشكلة"."
وأضاف أن "المدير العام لأوجيرو عماد كريدية قدم خلال الجلسة دراسة قانونية وضعها محامي الهيئة، يقول فيها: إن الحاجة تسمح بالتوظيف الذي حصل ويبلغ 453 شخصاً. فيما أتى جواب مجلس الخدمة المدنية أن هذا التوظيف خاضع لأحكام المادة 21 من قانون سلسلة الرتب والرواتب، ويجب التدقيق في الناحية القانونية لهذا التوظيف".
في المقابل أعلنت النائبة بولا يعقوبيان انها تقدمت باخبار الى النائب العام المالي في موضوع الاهدار في البواخر المنتجة للطاقة ضد الوزير جبران باسيل بعدما ادعى عليها الاخير ووجهت اتهامات الى "التيار الوطني الحر" و"حزب سبعة" حول "تواطؤهما على استهدافها ".
وتناول الرئيس عون ملف الفساد لدى إطلاقه "الحملة الوطنية لاستنهاض الاقتصاد اللبناني" أمس من قصر بعبدا، فقال: "الفساد السبب الأكبر للضرر في لبنان. هو عاد بالخير على الفاسدين والمفسدين، ولكنه تسبب بالشقاء لمن يدفعون الضرائب، ولا يتلقون الخدمات اللازمة التي يستحقونها من الدولة. الآن بدأت معركة الفساد، وهذا عهد قطعته على نفسي، وان شاء الله قبل هلال رمضان المقبل، سيكون هناك قسم كبير منه قد صححناه. الآن نسمع اعتراضات، ولكن في هذه المعركة ليس هناك حصانة لأحد، وهذا ما يجب ان يعرفه الجميع. انا أول شخص كنت متهماً في الجمهورية اللبنانية، وكان كلما طرح سؤال على المسؤولين في لبنان عن سبب ابعادي كان الجواب نفسه: اني متهم بملف مالي، والقضاة الموجودون هنا يعلمون جيداً ان الملف فارغ. كنت بريئاً ولم أتوسط لأحد لإظهار براءتي وطالبت التيار الوطني الحر الذي كان يتظاهر بوجه الوجود السوري في لبنان ويقاومه يومياً، ألا يتظاهر لأجل المطالبة ببراءتي التي بيّنها القضاء بعد عودتي الى لبنان".
الاشتراكي وعودة النازحين
وفي ظل هذه الاجواء لم يغب ملف عودة النازحين السوريين عن المشهد السياسي، اذ اعتبر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ان عودة النازحين السوريين "لن تتحقق طالما ان النظام السوري يرفضها". وقال على هامش المؤتمر الذي عقده الحزب أمس حول هذه القضية إن "هناك خوفا لدى هؤلاء"، متسائلاً: "من سيؤمن العودة الآمنة لهم كي لا يعودوا ويُعذبوا ويُقتلوا... نؤيد المبادرة الروسية ولكن عليها ان تعطي ضمانات". وتمنى ان "يبقى هذا الملف بعيداً من الوزارات المعنية كي يؤمَن الحد الادنى لهم من العيش الكريم في التعليم وغير التعليم ".
وأصدر المؤتمر الاشتراكي توصيات شددت على "ضرورة إقرار خطة وطنية شاملة في شأن عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، وإعادة إمساك الحكومة اللبنانية بهذا الأمر ووقف أشكال التداخل وضياع المرجعية المسؤولة عن ملف النزوح، وتأكيد دور الأمم المتحدة والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين في رعاية العودة والنظر إلى مسألة الضمانات ومعايير الأمان المتعلقة بالعودة مع الجهات المعنية في سوريا، ودور المبادرة الروسية في تأمين الضمانات المطلوبة والضغط لتأمين شروط العودة". كذلك شددت على ان "تأمين عودة النازحين السوريين تستدعي بالدرجة الأولى حلاً سياسياً عادلاً في سوريا يقوم على ضمانات دولية وإعلان صريح من السلطات السورية عن ترحيبها وتسهيلها وضمانها لعودة النازحين". | |
|