التاريخ: آذار ١٥, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الحياة
الحريري: لا مجال لتعب المانحين ونلتزم أي مبادرة لعودة النازحين الآمنة بما في ذلك الروسية
التقى في بروكسيل غراندي ووزراء الخارجية السعودي والكويتي والأردني وغراندي
بيروت - "الحياة"
أكد رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري أن "الحل الوحيد لازمة النازحين السوريين هو العودة الآمنة الى وطنهم الأم وفق القوانين والمعاهدات الدولية"، مجددا "التزام الحكومة أمام مؤتمر بروكسيل-3 "لدعم مستقبل سوريا والمنطقة"، العمل مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على اي مبادرة عملية تضمن العودة الامنة لهم بما في ذلك المبادرة الروسية".

وحذر الحريري في كلمته من "ازدياد اثر أزمة النازحين السوريين على لبنان، ما يفاقم على المدى القصير التحديات الاقتصادية والاجتماعية، ويؤدي الى وضع العلاقة بين المجتمعات المضيفة واللاجئين في أجواء توتر شديد ويهدد استقرار لبنان"، ودعا "المجتمع الدولي إلى تكثيف الجهود لتقديم المساعدة الانسانية الحيوية للنازحين".

وأجرى الحريري الحريري لقاءات أمس، على هامش مشاركته في المؤتمر في مقر المفوضية الأوروبية بدأها مع مفوض سياسة الجوار الاوروبية ومفاوضات التوسع جواهنس هان حضره وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان وسفيرة الاتحاد الاوروبي في لبنان كريستينا لاسن والوزير السابق غطاس خوري، لبحث الاوضاع في المنطقة.

ثم اجتمع إلى مفوض الامم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي وعرض معه أوضاع اللاجئين السوريين في لبنان والدعم الذي يقدمه المجتمع الدولي للتخفيف من تداعيات عليه. كما التقى رئيس البنك الاوروبي لاعادة الاعمار والتنمية سوما شاكرابارتي، وبحث معه الاوضاع الاقتصادية في لبنان.

وعرض الحريري مع وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير، العلاقات الثنائية. واستقبل وزير الخارجية الكويتي صباح الخالد الحمد الصباح، وجرى البحث في سبل تطوير العلاقات اللبنانية الكويتية، اضافة الى اوضاع النازحين السوريين.

واختتم رئيس الحكومة اللبنانية لقاءاته في بروكسيل باجتماع مع وزير خارجية الاردن ايمن الصفدي في حضور وزير التربية اكرم شهيب، ثم المبعوث الاممي الى سورية وآخر مع غير بيدرسون، ثم نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكية للشرق الأدنى والمبعوث الخاص لسوريا جويل رايبرن.

وكان الحريري تحدث في كلمته عن استمرار مأساه الشعب السوري للعام التاسع على التوالي، مشيرا إلى أنه "خلال العام الماضي، وعلى رغم التحديات الهائلة التي ما زلنا نواجهها، وفي الوقت الذي أصبحت فيه قدرات المجتمعات المضيفة والبنى التحتية وخدمات الدولة مثقله ومنهكة، استمر لبنان بالتزاماته التي تعهد بها في مؤتمر بروكسل -2".

وأوضح أن ذلك "بفضل الجهود الإستثنائية المشتركة التي بذلها المجتمع الدولي والمؤسسات االلبنانية والمجتمع المدني والضيافة الاستثنائية وكرم الشعب اللبناني. وقد حققنا ذلك في الوقت الذي نواصل فيه حماية الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي الدقيق في لبنان".

وأكد أنه "لا ينبغي نسيان الدول المضيفة في خضم الصراع السوري الذي طال أمده. ولا يزال لبنان يواجه تحديات اقتصادية واجتماعية متزايدة. ولا يزال النمو ضعيفا وبالكاد يصل الى نسبه 1 في المائة، ولا تزال مستويات البطالة والفقر مرتفعة، ويرزح التمويل العام تحت ضغوط شديدة".

لا تمويل في الموازنة

وذكر أنه في مؤتمر "سيدر"، قدمت الحكومة اللبنانية رؤية متوسطة وطويلة الأمد للتعامل مع هذه التحديات، استجاب معها المجتمع الدولي بشكل إيجابي وحشد موارد كبيرة للمساعدة في وضع هذه الرؤية على الطريق الصحيح للتنفيذ. وأشار إلى أن حكومته "تدرك تماما الحاجة إلى المضي قدما في الإصلاحات المالية والهيكلية والقطاعية لتحريك الاقتصاد وخلق فرص العمل وتحسين نسب العجز والدين. وسيتعين على حكومتي اتخاذ قرارات صعبة في الأسابيع المقبلة لخفض الانفاق. ولذلك، فإنه من الواضح والصريح جدا، انه لن يكون هناك تمويل اضافي في موازنة عام 2019 ولا في الموازنات اللاحقة، لتلبيه الاحتياجات الانسانيه للنازحين".

ورأى أن أثر أزمه النازحين على لبنان يزداد حدة، "ما يفاقم على المدى القصير التحديات الاقتصادية والاجتماعية القائمة. ولا تزال الاحتياجات كبيرة وأدى التنافس على الموارد الشحيحة والوظائف إلى وضع العلاقة بين المجتمعات المضيفة واللاجئين في أجواء توتر شديد، ويمكن ان تؤدي هذه الظروف إلى إستياء واسع النطاق والى زيادة مخاطر العنف، ما يهدد استقرار لبنان ويعطي حافزا للنازحين للذهاب إلى أماكن أخرى. فلا مجال هنا للاستكانة او لتعب المانحين. وينبغي لنا بدلا من ذلك أن نعمل معا ونكثف جهودنا لضمان تقديم المساعدة الانسانيه الحيوية فضلا عن تمويل مشاريع تنموية لتحسين مستويات معيشة اللاجئين والمجتمعات المضيفة على حد سواء.

وعدد الأولويات كالآتي:

أولا: تأمين التمويل الكافي لخطة لبنان للاستجابة للازمة. طالب لبنان عام 2019 ب2,6 بليون دولار أميركي. وعام 2018 بلغت مساهمات المانحين لخطتنا 1,2 بليون دولار أميركي، تمثل حوالي 45% من مبلغ 2,7 بليون دولار.

التزامات لسنوات عدة

ثانيا: ينبغي تأمين التزامات لسنوات عدة من أجل ضمان إستمرارية المشاريع كتأمين وصول التعليم إلى الجميع، فضلا عن التخفيف من أثر العوامل السلبية. وإذ تحدث عن ظروف مناخية قاسية وعواصف متكررة هذا الشتاء، أدت إلى تفاقم أوضاع أكثر من 540,000 نازح سوري وعشرات الآلاف من اللبنانيين في المجتمعات المضيفة، قال إن لبنان ملتزم بالحد من ضعف المجتمعات المضيفة والنازحين على السواء واليوم، أكثر من اي وقت مضى، هناك حاجة ماسة إلى تحويل تركيزنا من ادارة الكوارث والازمات الى الاستثمارات الطويلة الامد في الحد من مخاطر الكوارث والازمات لحماية الأرواح وتعزيز القدرة على الصمود والتنمية.

ثالثا: زيادة الدعم المقدم إلى المجتمعات المضيفة بما لا يقل عن 100 مليون دولار سنويا لتمويل المشاريع الصغيرة في البني التحتية، لا سيما في إدارة المياه والنفايات الصلبة، لان لها تأثير مباشر على البيئة والصحة . ومن المهم الدعم المقدم إلى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، في القطاعات الانتاجية، وتمكين المرأة وتنفيذ مشاريع التنمية البلدية.

رابعا، دعم وتطوير نظم الحماية الاجتماعية في لبنان، وتوسيع نطاق البرنامج الوطني لدعم الاسر الاكثر فقرا. وثمن عاليا إستمرار إلتزام البنك الدولي وبرنامج الاغذية العالمي لهذا البرنامج.

وشكر الحكومة الألمانيه والإتحاد الأوروبي لاستجابتهما لما طالب به لبنان في مؤتمر بروكسل -2 من خلال تعهدهما تقديم مساهمات لبرنامج دعم أفقر الأسر اللبنانية التي تستضيف النازحين. وهدفنا النهائي هو تأمين الغذاء لجميع الأسر التي تعيش تحت خط الفقر المدقع والذي يقدر بنحو 44,000 أسرة لبنانية، فضلا عن زيادة الدعم لعنصرالخروج التدريجي من الفقر، الذي يسمح لهذه الأسر بتأمين إحتياجاتها من خلال التدريب المهني والتقني وفرص العمل. ولذلك، نحتاج إلى تأمين منح ومساهمات بقيمة 100 مليون دولار سنويا.

خامسا: دعم الإطار الاستراتيجي الوطني للتعليم والتدريب المهني والتقني الذي طورته الحكومة اللبنانية بدعم من منظمة اليونيسيف ومنظمة العمل الدولية لتعزيز مهارات العمال اللبنانيين.

الحل الوحيد

وختم الحريري بالقول إنه خضم جميع التحديات التي تواجه لبنان والمنطقة، ينبغي الا ننسى أن الحل الوحيد لأزمة النازحين السوريين هو العودة الآمنة إلى وطنهم وفقا للقوانين والمعاهدات الدولية.

وأكد ان حكومتي ستظل ملتزمة بالعمل مع المفوضية السامية للامم المتحدة لشؤون اللاجئين على أي مبادرة عملية تضمن العودة الآمنة للنازحين السوريين بما في ذلك المبادرة الروسية. ليس لدينا خيار آخر سوى توحيد الجهود والعمل معا لمعالجة العقبات والتحديات التي تواجه عودة النازحين. انها مهمة شاقة ومسؤولية جماعية وعلينا جميعا ان نكون مبتكرين في إيجاد الحلول. اذ لا يمكن للبنان ان يستمر في تحمل الآثار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المترتبة على استضافة مليون ونصف مليون نازح.

وكان المؤتمر استهل بكلمة للممثلة العليا للاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الامنية فيديريكا موغيريني، كما تحدث كل من الأمين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس ونائب الأمين العام للشؤون الانسانية، منسق شؤون الاغاثة في حالات الطوارئ مارك لوكوكو، ووزير خارجية تركيا مولود جاويش اغلو ووزير خارجية الاردن ايمن الصفدي.

شهيب: لا رغبة لدى النظام

كما تحدث وزير التربية اللبناني أكرم شهيب في الجلسة المخصصة للتعليم من المؤتمر فأشار إلى أن مأساة النزوح قضية عربية وعالمية لا يستطيع هذا البلد الصغير أن يتحملها منفردا دون مساعدة المجتمع الدولي". أضاف: لبنان والمنطقة يشهدان تزاحما لزيارات كبار الشخصيات السياسية والديبلوماسية الأوروبية والأميركية والروسية والعربية للاستطلاع والبحث معنا في موضوع النازحين، ما يؤشر إلى أن هذه القضية لن تجد حلا في المدى المنظور".

وأضاف: "المتابعة الحثيثة للملف لا تؤكد وجود رغبة فعلية لدى النظام السوري في إعادة النازحين خارج سورية إلى بيوتهم، ناهيك عن أن النازحين في الداخل لا يستطيعون العودة إلى قراهم ومدنهم بسبب الفرز الديموغرافي الذي مارسه النظام، وفي أفضل الحالات تكون عودة بعض النازحين إنتقائية ما يجعل هذه العودة شبه مستحيلة".

وقال إن لبنان يؤكد باستمرار ضرورة توافر شروط العودة الآمنة والطوعية للنازحين إلى بلادهم، لكننا في إنتظار الجهود الدولية والمبادرات العملية للوصول إلى هذه الظروف، نؤكد التزامنا تقديم التعليم لجميع الأولاد الموجودين على الأراضي اللبنانية، لالتزامنا بالشرعة العالمية لحقوق الإنسان وحقوق الطفل في التربية والتعليم والرعاية، ونسعى إلى إعداد جيل من الشباب المؤهل والمؤمن بقيم الديموقراطية والسلام والقبول بالآخر وحل النزاعات سلميا، ليكون قادرا على الإسهام في إعادة إعمار بلاده، وبمنأى عن الوقوع في شرك الأمية وبراثن الإرهاب".

وأكد أن لبنان في حاجة إلى دعم ورعاية وتمويل آني ومتوسط يمكن الوزارة من تغطية أكلاف هذا الملف لثلاث سنوات على الأقل مع ردم الفجوات الناتجة عن عدم وجود التمويل الكافي في السنة الدراسية الماضية".

وتابع: "أخشى أنه في غياب التزامات واضحة وكافية من جانب المجتمع الدولي، أن يعمد النازحون القادرون إلى خوض تجربة نزوح جديدة في إتجاه أوروبا أو دول العالم الأبعد في ظل ضيق الأفق وانسداد طرق العودة الآمنة".