التاريخ: آذار ١١, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
3 قيادات يسارية تونسية تنوي الترشح لانتخابات الرئاسة واستقالة وزير الصحة بعد وفاة 11 رضيعاً
تونس: المنجي السعيداني
قبل رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد استقالة وزير الصحة عبد الرؤوف الشريف إثر حادثة وفاة 11 رضيعاً في مستشفى الرابطة (في العاصمة التونسية) خلال يومي 7 و8 مارس (آذار) الحالي. وصرح الشاهد أن «التحقيقات متواصلة ولن يكون هناك تسامح مع من ارتكب هفوة في مجال حساس مثل قطاع الصحة، والقصاص هو الأهم بالنسبة لعائلات الضحايا ومحاسبة المذنبين» على حد تعبيره.

وعلى الفور، أمرت النيابة العامة بفتح تحقيق قضائي في الحادثة في حين تعهدت المحكمة الابتدائية في تونس بالملف وتحول قاضي التحقيق إلى المكان بصحبة ممثل النيابة لتحديد ظروف وملابسات الوفاة الجماعية.

ومن ناحيتها، أكدت رئاسة الجمهورية استدعاء وزير الصحة المستقيل للحضور في اجتماع مجلس الأمن القومي الذي يضم قيادات عسكرية وأمنية إلى جانب الرئاسات الثلاث ووزراء الداخلية والدفاع والعدل والخارجية. ومن المنتظر أن يشرف الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي على هذا الاجتماع، وسيطلب مجلس الأمن القومي من وزير الصحة تقديم تقرير مفصل مع تحديد مسؤوليات كافة الأطراف المتدخلة التي تقف وراء الوفاة الجماعية التي تدعو إلى الريبة.

ووصف وزير الصحة المستقيل وفاة 11 رضيعا خلال يومين بـ«الكارثة الوطنية»، وشدد في المقابل على ضرورة المحاسبة بعد التأكد من أسباب الوفاة، إذا كانت نتيجة إصابة جرثومية أو نتيجة تسمم غذائي أو دوائي. ووجه الشريف اتهامات إلى كوادر بارزة بوزارة الصحة، وكذلك لوزير سابق للصحة، بإدخال أدوية فاسدة إلى تونس منذ شهر يوليو (تموز) الماضي، وطالب بإجراء تحقيق في الغرض من أجل كشف كل الملابسات وأسباب وفاة الرضع.

يذكر أن عبد الرؤوف الشريف قد انضم إلى التشكيلة الحكومية إثر التعديل الوزاري الذي أعلن عنه الشاهد خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من السنة الماضية، وعين بموجبه وزير الصحة خلفا لعماد الحمامي القيادي في حركة «النهضة».

والشريف طبيب مختص في الجراحة العامة، انتخب خلال سنة 2014 نائبا عن قائمة حزب «النداء» بدائرة توزر (جنوب تونس)، ليلتحق بعد ذلك بكتلة «الحرة» لحركة مشروع تونس التي يتزعمها محسن مرزوق، وحصل على هذه الحقيبة الوزارية في إطار اتفاق بين أحزاب الائتلاف الحاكم الحالي.

وبينت النتائج الأولية للأبحاث، التي باشرتها خلية أزمة تشكلت في وزارة الصحة، أن الوفيات يرجح أن تكون ناتجة عن التهابات بالدم تسببت سريعا في هبوط في الدورة الدموية لدى الرضع، وتم رفع العينات من الضحايا ومن الوسط الصحي لتحديد نوعية تلك الالتهابات ومصدرها.

في غضون ذلك، تحركت عائلات الضحايا بمساعدة مجموعة من المحامين المتطوعين من أجل تقديم قضايا عاجلة أمام المحاكم التونسية والتصعيد ضد كل المتورطين والمتواطئين في هذه «الجريمة». وأكد التونسي أحمد المروكي والد أحد الرضع الضحايا في تصريح إذاعي، أن عائلته لم تعلم بالوفاة إلا صدفة وأشار إلى أن والدة الضحية ذهبت للزيارة فأعلموها بالوفاة دون ذكر الأسباب ودون الاتصال بالعائلات لإعلامها. وأكد أنهم تسلموا جثة ابنتهم في علبة كرتونية وهو ما أثر على نفسية أفراد العائلة ككل، على حد قوله.

ووفق مصادر حقوقية تونسية، فإن عدد المتورطين الذين سيحالون على القضاء سيتجاوز 30 متهما من إداريين وكوادر طبية ومسؤولين إلى جانب وزير صحة سابق وقع كثيراً من الاتفاقيات لتوفير الأدوية من بينها كميات من الأدوية هي عبارة عن جرعات «سيروم» وصلت إلى تونس في شهر يوليو المنقضي ويشتبه في كونها منتهية الصلاحية.

ونددت جل الأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية والاجتماعية ومن بينها حركة «النهضة» وحزب النداء والاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (منظمة حقوقية مستقلة) بما اعتبرته «جريمة في حق التونسيين»، وطالبت بفتح تحقيق عاجل وتسليط أقصى العقوبات ضد المتورطين ومحاسبة المذنبين مهما كانت مناصبهم السياسية.

وفي هذا الشأن، انتقد المنجي الحرباوي المتحدث باسم حزب «النداء» الذي يتزعمه حافظ قائد السبسي نجل الرئيس التونسي، الترويكا الحاكمة الجديدة بزعامة حركة «النهضة» وقال إنها تتحمل المسؤولية كاملة.

ووصف استقالة وزير الصحة بالطبيعية وبمثابة ذر الرماد في العيون، واعتبر أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي في تونس وصل إلى حد خطير بات يتطلب تغييرا جذريا وعميقا على المستوى الحكومي.

3 قيادات يسارية تونسية تنوي الترشح لانتخابات الرئاسة
تونس: المنجي السعيداني
يعقد تحالف «الجبهة الشعبية» اليساري المعارض اجتماعاً للمجلس المركزي من أجل الحسم النهائي في الشخصية التي سيرشحها لخوض الانتخابات الرئاسية في تونس المقررة في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وتعيش «الجبهة الشعبية» تحت ضغط طموحات عدد من رؤساء الأحزاب المشكلة لها ممن عبروا صراحة عن رغبتهم في الترشح للرئاسة.

ومن المنتظر أن تعلن الجبهة عن مرشحها للانتخابات إثر الحسم في ثلاثة ترشيحات على الأقل، وهم: حمة الهمامي رئيس «حزب العمال»، والمنجي الرحوي رئيس «حزب الوطنيين الديمقراطيين» الذي أسسه القيادي اليساري شكري بلعيد الذي اغتيل سنة 2013، وزهير المغزاوي رئيس «حركة الشعب».

ووفق متابعين للشأن السياسي التونسي، من المنتظر أن تخضع هذه الترشحات لغربلة داخلية داخل تحالف «الجبهة الشعبية» لتجديد الأوفر حظاً بالفوز. ويرى هؤلاء أن المنافسة ستكون حادة نتيجة عزم بعض الأطراف السياسية اليسارية المنضمة إلى الجبهة على «تزعم أحزاب اليسار في تونس».

وفي هذا الشأن، قال جمال العرفاوي المحلل السياسي التونسي لـ«الشرق الأوسط»، إن المنافسة ستكون «ضارية بين الإخوة الأعداء» لكنها لن ترقى إلى مستوى يقوض التحالف السياسي الذي صمد أمام منافسيه وحافظ على كتلته البرلمانية (15 مقعداً برلمانياً) منذ تشكيله قبل انتخابات سنة 2014. واعتبر العرفاوي أن حمة الهمامي رئيس «حزب العمال» وأحد أهم معارضي نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي على مدى نحو 40 سنة، يحظى بأولوية الترشح على غيره من قيادات «الجبهة الشعبية». وقال إن الحسم سيتم من خلال تصويت أعضاء المجلس المركزي.

ووفق نظامها الداخلي، ينتظر أن تعتمد «الجبهة الشعبية» طريقة الاتفاق الجماعي بين قياداتها لاختيار الشخصية التي ستترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة ومنافسة بقية المرشحين.

يذكر أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أعلنت الأربعاء الماضي عن رزنامة الانتخابات في تونس، وحددت يوم الأحد 6 أكتوبر (تشرين الأول) موعداً لإجراء الانتخابات البرلمانية، ويوم الأحد 10 نوفمبر تاريخاً للمنافسة على الرئاسة في دورتها الأولى. ومن المنتظر أن تشرع هيئة الانتخابات بداية من 10 أبريل (نيسان) المقبل في عمليات التسجيل لخوض تلك الانتخابات.