|
|
التاريخ: آذار ٤, ٢٠١٩ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
بوتفليقة يترشح ويتعهد تقصير ولايته و«تغيير النظام» والاحتجاجات تتواصل |
تجدد احتجاجات الطلاب وغالبية أقطاب المعارضة تقاطع الانتخابات |
الجزائر: بوعلام غمراسة
على رغم تجدد الاحتجاجات ضد ترشح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة في مدن عدة، فإن بوتفليقة ترشح، أمس، للانتخابات المقررة في 18 الشهر المقبل. لكنه تعهد في حال فوزه بتنظيم استحقاق رئاسي مبكر، تُحدد تاريخه «ندوة وطنية» تعقد قبل نهاية العام الحالي، وتشارك فيها المعارضة والأحزاب الموالية للسلطة وتنظيمات المجتمع المدني.
وجاء في «رسالة إلى الأمة» قرأها نيابة عن الرئيس مدير حملته الانتخابية الجديد عبد الغني زعلان، أمس، أن بوتفليقة لن يترشح في الانتخابات المبكرة التي يعد بها، معتبراً أن «من شأنها ضمان استخلافه في ظروف هادئة، وفي جو من الحرية والشفافية».
ووعد بوتفليقة بـ«تنظيم ندوة وطنية شاملة جامعة ومستقلة لمناقشة وإعداد واعتماد إصلاحات سياسية ومؤسساتية واقتصادية واجتماعية، من شأنها إرساء أسس نظام إصلاحي جديد للدولة الوطنية الجزائرية، ينسجم كل الانسجام مع تطلعات شعبنا».
وبين ما تعهد به بوتفليقة في الرسالة «إعداد دستور جديد يُزكّيه الشعب الجزائري عن طريق الاستفتاء، يكرسُ ميلاد جمهورية جديدة ونظام جديد، ووضع سياسات عمومية عاجلة كفيلة بإعادة التوزيع العادل للثروات الوطنية، وبالقضاء على أوجه التهميش والإقصاء الاجتماعيين كافة، ومنها ظاهرة الحرقة (الهجرة غير الشرعية)، بالإضافة إلى تعبئة وطنية فعلية ضد جميع أشكال الرشوة والفساد».
وقال إنه سيتخذ «إجراءات فورية وفعالة ليصبح كل فرد من شبابنا فاعلاً أساسياً ومستفيداً ذا أولوية في الحياة العامة، على جميع المستويات، وفي كل فضاءات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومراجعة قانون الانتخابات، مع التركيز على إنشاء آلية مستقلة تتولى دون سواها تنظيم الانتخابات».
وأضاف أن «الالتزامات التي أقطعها على نفسي أمامكم، ستقودنا بطبيعة الحال إلى تعاقب سلس بين الأجيال، في جزائر متصالحة مع نفسها، وأدعو الجميع في هذه اللحظة، إلى كتابة صفحة جديدة من تاريخنا، وأن نجعل من الموعد الانتخابي لـ18 أبريل (نيسان) المقبل شهادة ميلاد جمهورية جزائرية جديدة كما يتطلّع إليها الشعب».
ووجّه التحية إلى «المسيرات الشعبية الأخيرة التي تميزت بالتحضر، والتعامل المهني المثالي والراقي، الذي تحلَّت به مختلف أسلاك الأمن مع المظاهرات، وبموقف المواطنين الذين فضّلوا التعبير عن رأيهم يوم الاقتراع عن طريق الصندوق».
وحيّا الجيش على «التعبئة في شتى الظروف للاضطلاع بمهامه الدستورية، وإنني كلي آذان صاغية لكل الآراء التي ينضحُ بها مجتمعنا، وأعاهدكم هاهنا أنني لن أترك أي قوة، سياسية كانت أم اقتصادية، لكي تحيد بمصير وثروات البلاد عن مسارها لصالح فئة معينة أو مجموعات خفية».
وشدّد على أن الجزائر «في حاجة إلى استكمال مسيرتها نحو الديمقراطية والتطور والازدهار من دون وقف المسار الذي غنِمت بفضله مكاسب جمة عبر السنين»، مشيراً إلى أن بلاده «في أمس الحاجة إلى قفزة نوعية وهبّة رفيعة لكل قواها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بل لكل أطياف المجتمع، سعياً إلى فتح الأفق أمام آمال جديدة».
وأضاف: «لقد نمت إلى مسامعي، وكلي اهتمام، آهات المتظاهرين، ولا سيما تلك النابعة عن آلاف الشباب الذين خاطبوني في شأن مصير وطننا، غالبيتهم في عمر تطبعُه الأنفة والسخاء اللذان دفعاني وأنا في عمرهم إلى الالتحاق بصفوف جيش التحرير الوطني المجيد، أولئك شباب عبروا عن قلقهم المشروع والمفهوم تجاه الريبة والشكوك التي حركتهُم. وإنه لمن واجبي، بل إنها لنيتي، طمأنة قلوب ونفسيات أبناء بلدي. وإنني إذ أفعل ذلك اليوم، أفعله كمجاهدٍ مخلص لأرواح شهدائنا الأبرار وللعهد الذي قطعناه، أنا وكل رفقائي الأخيار في الملحمة التحريرية، والذين لا يزالون اليوم على قيد الحياة، بل أقوم به أيضاً كرئيس للجمهورية يقدس الإرادة الشعبية التي قلدتني مسؤولية القاضي الأول بالبلاد، بل أيضاً عن قناعة بصفتي مرشحاً للانتخابات الرئاسية المقبلة». وأعرب عن «تصميمه» في حال انتخابه «على الاضطلاع بالمسؤولية التاريخية بأن ألبي مطلب الشعب الأساسي، أي تغيير النظام».
غير أن اللافت أن الوعود التي تتضمنها «رسالة بوتفليقة» لا تلبي أهم مطلب يرفعه ملايين المتظاهرين منذ 10 أيام، وهو سحب الرئيس ترشحه لولاية خامسة. وأودع زعلان أوراق ترشح بوتفليقة للانتخابات لدى المجلس الدستوري قبل ساعات من انتهاء مهلة تقديم ملفات الترشح، فيما لا يزال الرئيس في جنيف حيث سافر قبل 10 أيام بغرض العلاج.
ووصلت مساء أمس 8 شاحنات إلى المجلس الدستوري، حاملة استمارات التوقيعات الخاصة بالرئيس المترشح، لكنه لم يرافقها لعلاجه في سويسرا. وقال موالون للرئيس إنه جمع 4 ملايين توقيع.
المعارضة تقاطع
من جهة أخرى، أعلن حزب «حركة مجتمع السلم» (حمس) الذي يرأسه عبد الرزاق مقري مقاطعة الانتخابات الرئاسية التي كان رئيسه سيترشح لها. وقال في بيان إنه «انحاز في موقفه إلى الحراك الشعبي الذي انطلق عبر كامل التراب الوطني، بمشاركة جميع الفعاليات الشعبية الرافضة للعهدة الخامسة ومحاولة فرضها كأمر واقع». ودعا السلطة إلى «الاستجابة لمطالب الشعب، وفي مقدمتها التراجع عن العهدة الخامسة»، محذراً من أن «الإصرار على هذا الخيار هو إدخال للبلد في متاهات لا تحمد عقاباها».
وقالت مصادر من الحزب الإسلامي لـ«الشرق الأوسط» إن «إصرار الرئيس بوتفليقة على الترشح كان حاسماً في سحب مرشحنا». وراهن مقري على أن تلتفّ أحزاب المعارضة حوله لدعمه، لكنه فشل بسبب مقاطعة غالبية رموزها للاستحقاق. وكانت رئيسة «حزب العمال» اليساري المرشحة في انتخابات 2014 لويزة حنون أعلنت أول من أمس انسحابها.
وانسحب رئيس الوزراء السابق علي بن فليس من السباق. وقال في مؤتمر صحافي إنه يرفض «المشاركة في انتخابات غير قانونية، لأن ترشح الرئيس غير دستوري». وندّد بالمجلس الدستوري «الخاضع بشكل كامل لرئيس السلطة التنفيذية». واعتبر ترشيح بوتفليقة «خرافياً وسريالياً وصادماً واغتصاباً مكشوفاً للإرادة الشعبية». وأضاف: «لقد كسر شعبنا جدار الخوف، وهو الشعب الذي يقف اليوم ليقول بعبارة صريحة وقطعية؛ لا لتخييرٍ صنَع منه حكام الساعة استراتيجيةً سياسية ثابتة تتمثل في القبول بمنظومة حكم جائرة أو التعرض لصدع الاستقرار والفوضى».
ورأى أنه «بمجرد أن ثبت فراغ أعلى هرم السلطة، وشغور مركز صنع القرار الوطني، سارعت قوى غير دستورية إلى الاستحواذ عليهما وتوظيفهما في خدمة طموحاتها الكاسحة وشهيتها الجشعة للجاه والمال والسلطة ومصالحها. والجلي للعيان في هذه الساعات المفصلية أن هذه القوى غير الدستورية مع اقتراب نهاية العهدة الرئاسية قد غمرها القلق والارتباك، وخلصت إلى أنه لا حيلة ولا ملاذ لها سوى في ترشيح خرافي لعهدة رئاسية خرافية كسابقتها»، في إشارة إلى رجال أعمال ومجموعة من القادة السياسيين المحيطين بالرئيس.
غديري يقدم أوراقه
في المقابل، حضر العسكري المتقاعد علي غديري، الذي دخل في خصومة حادة مع رئيس الأركان قايد صالح، إلى المجلس الدستوري أمس، وقدّم أوراق ترشحه. وقال لعدد كبير من الصحافيين تجمعوا حوله: «لقد أعطى شعب الجزائر درساً للذين راهنوا على موته... فجر جديد بدأ اليوم. فمثلما هزم الشعب الاستعمار في الثورة، هو قادر أيضاً على بناء جمهورية جديدة بإحداث قطيعة مع النظام».
وقالت حملة غديري إنه «أودع ملف ترشحه و120 ألف إستمارة توقيع (القانون يشترط 60 ألف توقيع من 25 ولاية)، وقد استقبله رئيس المجلس الدستوري (الطيب بلعيز) الذي وقّع أمامه على إستمارة رسمية تلحق بالملف. كما قام منسق الحملة الانتخابية مقران آيت العربي بتفحص ملف المترشح مع رئيس مصلحة الدراسات بالمجلس الدستوري. وبعد تأكد هذا الأخير من وجود جميع الوثائق المطلوبة قانوناً، سلّم له وصلاً بذلك كما هو معمول به منذ سنوات عدة». وانتقد «تبرير غياب بوتفليقة عن تقديم أوراق ترشحه للمجلس الدستوري»، مشدداً على أن «القانون يلزم جميع المترشحين بالتوجه شخصياً إلى مقر المجلس لتوقيع إستمارة رسمية أمام رئيس المجلس».
احتجاجات متواصلة
وخرج أمس طلبة الجامعات في غالبية الولايات في مظاهرات حاشدة تنديداً بـ«إصرار الرئيس على الترشح ضارباً عرض الحائط بالإرادة الشعبية»، بحسب ما جاء في لافتة حملها طلاب كلية الحقوق في العاصمة. وطوّقت قوات الأمن مظاهرات الطلبة للحؤول دون تحولها إلى مسيرات في الشوارع. وتعد المرة الثانية التي يستعرض فيها الطلبة غضبهم من الولاية الخامسة خلال أسبوع.
ونظّم المحامون في ولايات عدة مظاهرات أمام مقار المحاكم، رافعين شعارات ضد ترشح الرئيس وضد رئيس الوزراء أحمد أويحيى الذي صرح للصحافة بأن «الشعب الجزائري سعيد بترشح الرئيس». وانتهت مظاهرات الطلبة كما احتجاج المحامين في أجواء هادئة. لكن قوات الأمن فرّقت بخراطيم المياه مجموعة منهم توجهت إلى مقر المجلس الدستوري.
تظاهرات ليليّة في الجزائر رفضاً لترشّح بوتفليقة للانتخابات الرئاسية
الجزائر: «الشرق الأوسط أونلاين»
تظاهر مئات الشبّان مساء أمس (الأحد) في وسط الجزائر العاصمة وفي مناطق أخرى، احتجاجاً على تقديم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ملفّ ترشّحه رسميّاً إلى الانتخابات الرئاسيّة في 18 أبريل (نيسان) لولاية خامسة.
ويُواجه بوتفليقة تظاهرات لم يسبق لها مثيل منذ وصوله إلى السلطة قبل عشرين عاماً، وتعهّد الأحد تنظيم انتخابات رئاسيّة مبكرة في حال فوزه يُحدّد موعدها مؤتمرٌ وطني يعمل أيضاً على إقرار إصلاحات أساسيّة.
وانتشرت الشرطة في شكل تدريجي ليلاً وسط العاصمة، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية، وبدا أنّ موكباً للمتظاهرين كان آخذاً في الاتّساع خلال عبوره في وسط العاصمة، فيما أطلقت سيّارات عدّة أبواقها، وحلّقت مروحيّة في الأجواء.
وفي بجاية بمنطقة القبائل، تجمّع مئات الشباب أمام مقرّ الولاية، كما خرجت مسيرات ليليّة مماثلة في مدن عدّة أخرى، ولا سيّما في جيجل وبوفاريك والبويرة وقالمة. |
|