|
|
التاريخ: شباط ٢٢, ٢٠١٩ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
اعتقال 26 من قادة المعارضة السودانية أبرزهم سكرتير الحزب الشيوعي |
الأمن يمطر المتظاهرين بقنابل الغاز |
الخرطوم: أحمد يونس
اعتقلت سلطات الأمنية السودانية 26 من قادة المعارضة، وأبرزهم سكرتير الحزب الشيوعي محمد مختار الخطيب، ونائبة رئيس حزب الأمة مريم المهدي، والقيادي بتجمع المهنيين محمد يوسف أحمد المصطفى، وذلك قبل بداية المظاهرة الحاشدة التي تحدت «الترسانة الأمنية» التي حشدتها قوات الأمن التي نصبت «مصيدة اعتقال» وقع في شراكها مئات المعتقلين من الشابات والشباب.
وقال حزب الأمة القومي في بيان اطلعت عليه «الشرق الأوسط» أمس، إن قوات الأمن اعتقلت قياداته، وقيادات تحالف «قوى الحرية والتغيير»، وبينهم نائبة رئيسه مريم المهدي، ورئيس مكتبه السياسي محمد المهدي وأمينته العامة سارة نقد الله، وصديق المهدي.
وبحسب بيان الحزب فإن سلطات الأمن اعتقلت، كلا من سكرتير الحزب الشيوعي محمد مختار الخطيب، ونائب رئيس تحالف «نداء السودان» المعارض حامد علي نور، والقياديين في تجمع المهنيين السودان محمد يوسف أحمد المصطفى، ومنتصر الطيب، إضافة إلى يحيى محمد الحسين القيادي بحزب البعث السوداني، ومحمد وداعة الله، وفتحي نوري، والقياديين بتجمع القوى الوطنية معاوية شداد والسفير إبراهيم طه أيوب، وعدد آخر من قادة المعارضة.
وبحسب البيان والشهود، فإن سلطات الأمن اعتقلت القادة السياسيين، من داخل «مسجد فاروق» وسط السوق العربي، قبل الموعد المحدد لانطلاق المظاهرة المحدد الواحدة ظهراً، وهم يتأهبون للتوجه للقصر الجمهوري القريب من المكان لتسليم مذكرة «التنحي».
وتابع البيان: «شاهدت مصادرنا البكاسي (سيارات تويوتا بك آب) التي تقلهم متجهة إلى مدينة بحري، ويرجح أنهم ذهبوا بهم إلى مبنى القيادة السياسية بالقرب من موقف شندي». وبحسب متابعات «الشرق الأوسط» فإن السلطات نشرت أعداداً من القوات الأمنية، وصفها متظاهرون بأنها «كافية لتحرير مدينة محتلة، بمواجهة المتظاهرين السلميين». وبحسب الشهود، فإن القوات شرعت على الفور في اعتقال كل من يشتبه أو يحتمل أن يشارك في المظاهرات، بالتركيز على الفتيات والنساء ثم الشباب صغار السن، وجمعتهم بالمئات في عدد من مراكز التجمع، ومن بينها «المعتقل الانتقالي في ميدان أبو جنزير»، وأمام دار الشرطة بضاحية بري.
وعلى الرغم من التعزيزات الأمنية والخطة الجديدة للأجهزة - الاعتقال قبل التظاهر - فإن «زغرودة» من إحدى السيدات أشعلت حماس المتظاهرين، الذين رددوا هتافات «حرية وسلام وعدالة، والثورة خيار الشعب، وتسقط تسقط بس» في عدد من مناطق السوق العربي وسط الخرطوم.
وفرقت القوات الأمنية المتظاهرين مستخدمة الغاز المسيل للدموع بكثافة، مستخدمة قاذفات الغاز وبنادق الإطلاق سريعة الطلقات، وأمطرت بها المحتجات والمحتجين، بيد أنهم تفرقوا في الشوارع الجانبية، ليرصوا صفوفهم من جديد، وليخوضوا معارك كر وفر أشبه بـ«حرب الشوارع» بين المتظاهرين السلميين والقوات المدججة بوسائل العنف كافة.
وأمرت سلطات الأمن عددا كبيرا من التجار وأصحاب المحلات في السوق العربي، بإغلاق متاجرهم حتى لا يستغلها المتظاهرون نقاطاً للتجمع، ثم أعقبت ذلك حملة اعتقالات عشوائية، لكل الموجودين في منطقة السوق العربي، بالتركيز على الفتيات بشكل خاص، ثم الشباب صغار السن، بل وأوقفت حافلات النقل العام والسيارات الخاصة، وانتزعت عددا من الشابات والشباب من داخلها عشوائياً قبل بدء المظاهرة وبعدها.
وأدت الإجراءات الأمنية لإخلاء وسط المدينة من المتظاهرين والناس، ولم تتبق فيه إلاّ «الترسانة الأمنية»، فانتقلت المظاهرات إلى عدد من أحياء الخرطوم، مثل: «بري، والديم، والشجرة، والحاج يوسف، وأم بدة، والعباسية، وسوق أم درمان، وعدد آخر من الأحياء».
وتزامنت مع موكب الخرطوم مظاهرات في عدد من المدن السودانية، ومن بينها بورتسودان في الشرق، وود مدني في الوسط، وكرمة في أقصى الشمال.
وفي احتجاجات نوعية، قال شاهد إن عمال وموظفي كبرى شركات الاتصالات الجوالة «زين السودان»، استبقوا موعد الموكب ونظموا وقفة احتجاجية أمام رئاسة الشركة بمنطقة «المقرن» غرب الخرطوم، وهم يحملون لافتات تطالب برحيل الرئيس البشير وحكومته، وذلك بالتزامن مع وقفة عمال شركة الاتصالات الثانية «إم تي إن»، الذين نظموا وقفة مثيلة بمقر شركتهم في ضاحية المنشية شرق الخرطوم، إضافة إلى وقفات احتجاجية نظمها عمال وموظفو شركة أريكسون للاتصالات، وعمال شركة «صافولا» الزيوت.
وكان عمال مجموعة شركات «دال» كبرى الشركات في البلاد، وشركة مروج، وبنك الخرطوم أعرق وأكبر البنوك السودانية، قد نظموا وقفات احتجاجية مشابهة قبل أيام. ودعا تحالف «قوى الحرية والتغيير» وتجمع المهنيين السودانيين، المواطنين للتظاهر فيما سماه «موكب التنحي» أمس، وهو الموكب التاسع الذي دأبوا على تنظيمه نهاية كل أسبوع، منذ بدء الاحتجاجات في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وواجهت السلطات السودانية الاحتجاجات التي دخلت شهرها الثالث قبل يومين بعنف مفرط، أدى لمقتل 31 شخصاً بحسب الحصيلة الحكومية، و51 قتيلا بحسب إحصائية منظمة العفو الدولية، إضافة إلى مئات الجرحى والمصابين، بعضهم أصيب بعاهات مستديمة، واحتجاز الآلاف من النساء والشباب بعضهم دون السن القانونية.
واشنطن: العنف ضد المتظاهرين يهدد جهود إخراج السودان من قائمة الإرهاب
رهن مسؤول أميركي بارز، يزور الخرطوم حالياً، حذف اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، بوقف العنف ضد المتظاهرين السلميين، فيما منع عمّال غاضبون في بورتسودان (شرق) أحد مساعدي الرئيس عمر البشير ومرافقيه، من دخول الميناء، في تصعيد جديد للمحتجين هناك.
وتستعد مدن سودانية اليوم للخروج في موكب ينظمه «تجمع المهنيين السودانيين» والقوى الحليفة معه باسم «موكب التنحي»، ينتظر أن يشارك فيه قادة المعارضة علنّاً للمرة الأولى منذ اندلاع الاحتجاجات.
وحذر مدير شؤون أفريقيا في مجلس الأمن القومي الأميركي، سيريل سارتور، الذي يزور الخرطوم، من أن «العنف المفرط» الذي تستخدمه قوات الأمن السودانية، لقمع الاحتجاجات المناهضة للحكومة، يمكن أن يهدد المحادثات لشطب السودان من قائمة واشنطن للدول الراعية للإرهاب.
وقال سارتور لوكالة الصحافة الفرنسية: «من غير المقبول مطلقاً أن تستخدم قوات الأمن القوة المفرطة لقمع المتظاهرين، إضافة إلى التوقيفات من دون اتهامات، وكذلك اللجوء إلى العنف والتعذيب». وأضاف: «بالتأكيد، ليس هناك أي سبب لقتل أي كان».
وتابع أن «التطورات التي تشهدها البلاد حالياً تهدد عملية التفاوض بين الولايات المتحدة وحكومة السودان، والتي قد تؤدي إلى شطب السودان من قائمة الدول التي تدعم الإرهاب».
وقال سارتور إن طرح حل للأزمة السياسية في السودان ليس من شأن الولايات المتحدة. وأوضح: «في الحقيقة يجب ألا تفرض أي قوة خارجية حلاً». وتابع: «ما نشهده هو أمر يتعلق بالشعب السوداني الذي يسعى إلى أن يكون له صوت ورأي، وأن يتم أخذ مخاوفهم في الاعتبار في الحوار السياسي». وأضاف: «ولذلك، فالأمر كله يتعلق بإيجاد الشعب السوداني طريقاً للتوصل إلى حل».
وأكد أن الولايات المتحدة ترغب في نجاح المحادثات بشأن القائمة السوداء، وهو ما سيشجع المؤسسات المالية العالمية على القدوم إلى السودان. وقال: «نحن لسنا في مرحلة وقف المحادثات» إلا أنه حذر من أن العملية قد تتوقف «بشكل مفاجئ». وأكد: «يجب أن توقف الحكومة الرد بالأساليب التي تستخدمها للتعامل مع الوضع الحالي... فهذه المسألة يمكن أن تثير الخلاف... ولكننا سنحاول بكل طريقة ممكنة العمل معاً». |
|