| | التاريخ: شباط ٢٠, ٢٠١٩ | المصدر: جريدة الحياة | | ليبيا تحلم بميناء عملاق في شرق البلاد | سوسة (ليبيا) - رويترز
حجر أساس أبيض إلى جانب شاطئ مهجور قرب ميناء سوسة الليبي الهاجع، هو كل ما يظهر من حلم عمره سبع سنوات لبناء أحد أكبر الموانئ في شمال أفريقيا.
لكن مسؤولين يقولون إن ليبيا الآن في المراحل الأخيرة من محادثات لترسية اتفاق بقيمة 1.5 بليون دولار على شركة أميركية لإنشاء «ميناء عملاق» يهدف إلى تحويل الساحل النابض بالحياة، الذي ترتاده الأسر للتنزه، إلى مركز كبير للحاويات.
وأكدت شركة «جويدري غروب للأمن»، التي تتخذ من تكساس مقراً، لوكالة «رويترز» أنها تخطط لتوقيع اتفاق مدته 35 عاماً لبناء وتشغيل المشروع في منطقة احتلها يوماً ما الإغريق، قبل أن تسلمه إلى السلطات المحلية.
ومثل هذا الاستثمار الأجنبي الكبير سيكون أمراً نادراً لليبيا، التي تشهد حالة من الفوضى والصراع منذ الإطاحة بمعمر القذافي عام 2011.
وبنبرة متحمسة، قال أحد المهندسين الرئيسيين للمشروع رئيس فرع مصلحة الموانئ والنقل البحري في شرق البلاد صلاح الحاسي إن أكبر سفن الحاويات سيكون بمقدورها الرسو. وأضاف الحاسي، وهو مستشار لـ» جويدري» أن «عمق البحر الذي يصل إلى 40 متراً سيتيح لسفن الحاويات تحميل السلع على متن سفن أصغر تتجه إلى مدن ليبية أخرى وكذلك دول مجاورة مثل مصر وتونس لا تحوي موانئ مماثلة».
وتحتاج ليبيا بشكل عاجل إلى وظائف للشبان الذين ليس أمامهم إلا الانضمام للقطاع العام المتضخم أو حمل السلاح لكسب قوت يومهم. وتضررت ليبيا جراء القتال بين المجموعات المسلحة والانقسام بين حكومتين متنافستين. وبخلاف النفط، لم تحقق ليبيا نجاحاً يذكر في النشاط الاقتصادي حتى في استيراد الحليب، وقد يوفر الميناء 2500 وظيفة.
وقال مستشار «جويدري» إن الشركة تريد الفوز باستثمار محلي وأجنبي للمساعدة في التمويل وإنها ترغب في بدء البناء في أكتوبر تشرين الأول. وأكدت «جويدري» في رسالة عبر البريد الإلكتروني: «من المتوقع أن يأتي تمويل مشروع ميناء سوسة من مصادر متنوعة، بما في ذلك وكالات دولية متعددة الأطراف، ومؤسسات مالية كبرى ومستثمرين في تمويل المشاريع العالمية لأن هذا المشروع هو شراكة بين القطاعين العام والخاص».
والشركة متخصصة بشكل تقليدي في حسم حالات الخطف وطلب الفدية، لكنها تتوسع حالياً في البنية التحتية. ونقلت ليبيا هيرالد عن مايكل جويدري الرئيس التنفيذي للشركة قوله العام الماضي: «ليبيا مكان موات للعمل والاستثمار في الوقت الحالي، ولا أريد أن يكون الصين أو الروس في ليبيا أولاً، أريد الحصول على موطئ قدم هناك الآن».
وبخلاف التمويل، هناك تحديات أخرى كبيرة. في البداية، ما زالت ليبيا بحاجة إلى إصلاح طرقها التي تنتشر فيها الحفر وبناء بنية تحتية للسكك الحديد.
وعلى سبيل المثال، الطريق من سوسة إلى المدينة التالية الكبيرة وهي البيضاء غير مناسب للشاحنات إذ أنه يلتف حول منحدرات حادة مع مناظر خلابة لمقابر صخرية رومانية لكن دون سياج. ويخشى البعض احتمال أن يدمر الميناء مواقع تاريخية قديمة.
وسوسة، بميناء الصيد الخامل بها إلى جوار أعمدة معبد تاريخي وأيضا بعض المواقع الأثرية التي تغمرها المياه، قريبة من مدينة القيروان الجبلية التي أنشأها الإغريق.
وقال رئيس مصلحة الآثار في شرق البلاد أحمد حسين إن لديه مخاوف حقيقية من هذا المشروع الذي يُبنى قرب سوسة. ويخشى حسين من احتمال أن تتعرض آثار تعود إلى عصر البطالمة للتدمير إذا أدى الميناء إلى طريق ساحلي جديد يمتد من سوسة إلى بنغازي.
وللتغلب على بعض المخاوف، يقول مخططو المشروع إن الميناء سيُشيد على بعد خمسة كيلومترات خارج سوسة. وهم يهدفون إلى أن تستغل ليبيا بشكل كامل موقعها المتميز على البحر المتوسط لتصبح مركزا تجاريا رئيسيا بين إفريقيا وأوروبا. وفي الوقت الحالي، فإن الشريط الساحلي الليبي أكثر شهرة في نقل المهاجرين غير الشرعيين.
وقال الحاسي إن ميناء سوسة سيكون بمقدوره مناولة بضائع من شرق آسيا وأوروبا وأميركا إلى إفريقيا. ودشن مسؤولون فكرة المشروع عام 2012 حين بدت ليبيا متأهبة لإجراء انتخابات سلمية. ومنذ ذلك الحين، بدأ الوضع الأمني يتدهور على رغم أن شرق البلاد أكثر استقراراً من الغرب. وتدير حكومتان متنافسان شرق البلاد وغربها، على رغم أنهما تتفقان على الحاجة إلى ميناء كبير جديد بالنظر إلى الحالة البالية للموانئ القائمة. وسيكون ميناء سوسة أعمق من مصراتة أكبر موانئ ليبيا والذي يوجد في منطقة حرة في الغرب. وسيتولى الجيش الوطني الليبي المتمركز في الشرق والذي يقوده القائد العسكري خليفة حفتر توفير الأمن في البداية.
| |
|