| | التاريخ: شباط ١٣, ٢٠١٩ | المصدر: جريدة الحياة | | تضارب حول صفقة روسية - تركية لمقايضة إدلب بمنبج السوريتين | موسكو- سامر إلياس
وسط تضارب في توقعات المعارضة حول توافق روسيا وتركيا على «إجراءات حاسمة» لبسط الاستقرار في إدلب، حذّر مصدر قيادي في «الجيش السوري الحر» من «صفقة إدلب – منبج شرق الفرات»، في حين رفض مصدر قيادي في فصائل الشمال أي حديث عن «مقايضات» أو موافقة تركيا على عملية عسكرية في إدلب، مشيراً إلى أن الوضع في منبج وشرق الفرات تشارك في حسمه قوى أخرى أهمها الولايات المتحدة.
وفي تصريحات تناقض مواقف سابقة، أعلن ديبلوماسي فرنسي أن بلاده تبحث سحب قواتها من شمال شرقي سورية.
وقبل يومين على قمة رؤساء ضامني آستانة، روسيا وتركيا وإيران، في سوتشي رجح قيادي في «الجيش السوري الحر»، «توصل روسيا وتركيا إلى صفقة بشأن عمليات عسكرية محدودة في جنوب وغرب إدلب وشمال شرقي اللاذقية ضد مواقع هيئة تحرير الشام وحراس الدين والحزب التركستاني في المنطقة المنزوعة السلاح».
ومعلوم أنه تم التوصل إلى اتفاق على إنشاء منطقة منزوعة السلاح بعمق 15 إلى 20 كلم في المناطق المحررة أثناء قمة الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين في 17 أيلول (سبتمبر) الماضي، ما أدى إلى وقف حملة عسكرية وشيكة كان النظام السوري يحضر لها بدعم إيراني.
وأوضح المصدر في اتصال مع «الحياة» أن «الصفقة تتضمن أيضاً فتح الطريقين الدوليين الرابطين بين حلب وكل من حماة واللاذقية، في مقابل تفاهمات مع النظام برعاية روسية، تلتزم فيه أنقرة وحدة أراضي سورية وسيادة النظام على جميع الأراضي، مع تنفيذ اتفاق أضنة بتعديلات توسع عمق المنطقة التي يمكن أن تقوم فيها تركيا بعمليات ضد مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية».
وأشار المصدر إلى أن «هيئة تحرير الشام وتنظيمات أكثر تطرفاً باتت على خط الجبهة الأول مقابل النظام والميليشيات الإيرانية، ويمكن استغلال أو فبركة أي حادث لاجتياح المنطقة التي نزح عنها قرابة 85 في المئة من سكانها في الشهرين الأخيرين بسبب الخروقات المتواصلة».
وخلص المصدر إلى أن «الصفقة الثالثة بين روسيا وتركيا بعد صفقة حلب – درع الفرات، والغوطة الشرقية - عفرين، لن تواجه باعتراض أوروبا الأضعف بعد قرار واشنطن سحب قواتها من سورية، بخاصة أن تركيا نشرت تعزيزات هائلة على الحدود لمنع أي موجة لجوء، وتروّج بأن المنطقة الآمنة في الشمال معدة لاستقبال اللاجئين السوريين».
وفي المقابل، قال القائد العام لحركة «تحرير الوطن» العقيد فاتح حسون إن اللقاءات المكثفة الروسية - التركية «تأتي من أجل تنسيق المواقف وتذليل العقبات التي حدثت أمام تفاهمات الدولتين في قمة سوتشي السابقة حول إدلب بين الرئيسين التركي والروسي، وبخاصة ما يتعلق بالتنظيمات المتطرفة الموجودة فيها»، مشيراً في اتصال مع «الحياة» إلى أن «روسيا ترى أن تركيا أخذت وقتاً طويلاً لتنفيذ ما تم التفاهم عليه حول المنطقة المنزوعة السلاح وفتح الطرقات الدولية وحل هذه التنظيمات، وإن كانت قد تقدمت في هذا بعض الشيء، إلا أن ما قامت به هيئة تحرير الشام من توسع على حساب حركة الزنكي أخيراً قد نسف جهود تركيا في هذا».
وأوضح حسون أن «نقطة الخلاف الأساسية هي طريقة معالجة وضع إدلب، فروسيا ترغب باستخدام القوة، وتركيا تصر على الحل الأمني الذي يجنب المنطقة ويلات القتل والتهجير التي ستؤثر في الأمن القومي التركي»، مشدداً على أن «تركيا لن تفرط بأي حال من الأحوال في هذه المنطقة وتتركها لرغبات روسيا وإيران». وأشار العقيد حسون إلى أن «انتشار القوات التركية على الحدود السورية وجاهزيتها يحولان دون تنفيذ أي عملية عسكرية في المنطقة التي تنتشر بها نقاط المراقبة التركية في الداخل السوري».
ومع تأكيده «وجود ملفات أخرى ساخنة تحتاج إلى تفاهمات مشتركة بين تركيا وروسيا تتعلق بمنبج وشرق الفرات والمنطقة الآمنة وإعادة الإعمار»، لفت حسون إلى أن «هذه الملفات ليست في يد روسيا ولا إيران، بل تتشارك فيها الولايات المتحدة إلى جانب تركيا»، وخلص إلى أنه «لا توجد مقايضات مع روسيا وإيران حول هذه الملفات مجتمعة، ولن تتنازل تركيا عما يمكن أن يؤثر سلباً في الشعب السوري، لا سيما مشاركة الولايات المتحدة في الرغبة القوية بمنع تنفيذ أي عمل عسكري في منطقة إدلب».
وفي اتصال مع «الحياة»، قال عضو مجلس الرئاسة في «مجلس سورية الديمقراطية» (مسد) سيهانوك ديبو، إن السؤال الأهم هو: هل الدول تقبل حدوث فوضى كبيرة شرق الفرات في حال انسحاب سريع لواشنطن وعموم التحالف من هذه المنطقة؟ محذراً من أن «أي موقف ارتجالي لا يراعي الإدارة الذاتية المُتأسسة منذ خمس سنين من قبل مكونات شمال سورية وشرق الفرات، ما يعني أن فرص التصادم بين القوى المتدخلة تكون كبيرة لأنها وصلت أساساً إلى حد التداخل». وزاد: «حديث المنطقة الآمنة لم يتحدد شكله الأخير، نسعى إليها في تعزيزها الإدارة الذاتية القائمة والمساهمة في دفع العملية السياسية».
ومن المنتظر أن يعقد بوتين وأردوغان إضافة إلى نظيرهما الإيراني حسن روحاني غداً قمتهم الرابعة في إطار ضامني آستانة، والأولى بعد قرار الانسحاب الأميركي من سورية لبحث الأزمة السورية، وكشف مسؤولون في البلدان الثلاثة أن القمة ستتطرق إلى الأوضاع في إدلب وشمال شرقي سورية، إضافة إلى تشكيل اللجنة الدستورية والحل السياسي في سورية.
وتزامناً مع بحث القائم بأعمال وزير الدفاع الأميركي باتريك شاناهان انسحاب قوات بلاده من سورية مع قادة عسكريين أميركيين في العراق، قال السفير الفرنسي لدى روسيا سيلفي بيرمان لوكالة «نوفوستي» الروسية، إنه يجري حالياً مناقشة مسألة سحب القوات الفرنسية من سورية، مشيراً إلى اتصال دائم مع القيادة الأميركية، وإن ما يجعل فرنسا هادئة هو أن الحديث يدور حول الانسحاب التدريجي والمخطط للقوات.
ميدانياً، كثفت قوات النظام والميليشيات المساندة لها قصفها على ريفي إدلب وحماة، وقالت مواقع معارضة، إن قوات النظام استهدفت براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة كفرزيتا، وجرجناز، والتح، والفرجة، وخان شيخون، وكفرنبودة، وقلعة المضيق. | |
|