التاريخ: شباط ٨, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
الأمم المتحدة تعلن «تسوية أولية» لإعادة الانتشار في الحديدة
الميليشيات الحوثية تطيح وزيرها للسياحة غداة طرده من مكتبه​​​​​​​
نيويورك: علي بردى - عدن: علي ربيع
أعلنت الأمم المتحدة أن المفاوضين من الحكومة اليمنية وميليشيا الحوثي توصلوا إلى «تسوية أولية» على الإجراءات لإعادة انتشار القوات في الحديدة، طبقاً لـ«اتفاق السويد».

وأفاد بيان أصدره الناطق باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، بأن أعضاء لجنة تنسيق إعادة الانتشار التي ترأسها الأمم المتحدة، وتتألف من ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين «اجتمعوا للمرة الثالثة بين الثالث والسادس من الشهر الحالي على متن سفينة تابعة للأمم المتحدة في ميناء الحديدة»، مضيفاً أن «الأطراف عملت تسوية بشكل بناء، أثناء المحادثات التي ييسرها رئيس اللجنة، لحل القضايا العالقة بشأن إعادة الانتشار المتبادل للقوات وفتح الممرات الإنسانية».

وأشار إلى أن «التحديات لا تزال قائمة، ومنها الطبيعة المعقدة للخطوط الأمامية الراهنة للنزاع»، موضحاً أنه «للمساعدة في التغلب على تلك الصعوبات، قدّم رئيس اللجنة مقترحاً قبله الطرفان من حيث المبدأ، للتحرك قدماً على مسار تطبيق (اتفاق الحديدة)».

وأكد أن «الطرفين اتفقا على تسوية أولية، بانتظار إجرائهما مشاورات مع قياداتهما». ونقل عن رئيس اللجنة أنه «يتوقع انعقادها مرة أخرى، الأسبوع المقبل، بهدف إكمال تفاصيل إعادة الانتشار. وأبدى الطرفان التزامهما القوي تجاه وقف إطلاق النار وتعزيزه». وكان الطرفان اتفقا في مشاوراتهما في السويد خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي على إعادة الانتشار المشترك للقوات من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى ومدينة الحديدة، إلى مواقع متفق عليها خارج المدينة والموانئ، ووقف النار على الفور في المدينة والموانئ.

وفي هذا السياق أفاد مصدر حكومي مطلع على كواليس مشاورات اللجنة المشتركة لإعادة تنسيق الانتشار في محافظة الحديدة بأن رئيس اللجنة الجديد مايكل لوليسغارد تمكن غداة وصوله من دفع المشاورات بين الفريق الحكومي وممثلي الجماعة الحوثية خطوة إلى الأمام بعد أن رفض بشدة مساعي الجماعة لعرقلة تنفيذ الخطوة الأولى من عملية الانتشار.

وكان الجنرال الدنماركي وصل مساء الثلاثاء إلى متن سفينة أممية قبالة الحديدة حيث يجتمع عليها ممثلو الحكومة والحوثيين برفقة سلفه الجنرال الهولندي باتريك كومارت قبل أن يعهد إليه الأخير بتولي مهام رئاسة لجنة تنسيق إعادة الانتشار وبعثة المراقبين الدوليين. وغادر كومارت صباح الأربعاء إلى صنعاء، ومنها إلى الأردن ثم نيويورك بعد أن اصطدم بتعنت الجماعة الحوثية خلال ستة أسابيع قضاها ضمن مهمته في رئاسة فريق المراقبين الأمميين ولجنة تنسيق إعادة الانتشار، وهو ما أدى إلى عرقلة تنفيذ اتفاق السويد في المدة الأولية المحددة له.

وذكر المصدر الحكومي لـ«الشرق الأوسط» أن الجنرال لوليسغارد في أول يوم له على متن السفينة الأممية رفقة ممثلي الحكومة والحوثيين تلقى خطة كل طرف لإعادة الانتشار بموجب اتفاق السويد في المرحلة الأولى، قبل أن يعقد مشاورات انفرادية مع كل طرف.

وكشف المصدر أن الجنرال الدنماركي وجه بانعقاد لقاء بين ممثلي الحكومة ومثلي الحوثيين بشكل مباشر لمناقشة نقاط الخلاف والاتفاق قبل أن يعود مجددا لرئاسة اجتماع مشترك سمع فيه مقترحات الطرفين قبل أن يقدم خطة معدلة من مرحلة واحدة لإعادة الانتشار، على أن يتزامن ذلك مع نزول الفرق الهندسية لنزع الألغام وانتشار للمراقبين.

وأبدى المصدر الحكومي تفاؤله من تمكن الجنرال الجديد من تفكيك العراقيل الحوثية في الأيام المقبلة تمهيدا لتنفيذ بنود اتفاق السويد، بسبب ما يتمتع به من «قوة الشخصية والذكاء».

في غضون ذلك جدد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي دعوته للمجتمع الدولي والأمم المتحدة من أجل مزيد من الضغط على الجماعة الحوثية لتنفيذ اتفاق السويد الذي عده اختبارا لجدية الجماعة في الانصياع للسلام.

وجاءت تصريحات هادي التي نقلتها المصادر الرسمية أمس، أثناء استقباله في مقر إقامته في الرياض السفير الأميركي لدى بلاده ماثيو تولر.

وذكرت وكالة «سبأ» أن هادي أشاد بجهود الولايات المتحدة الأميركية الداعمة لليمن وشرعيتها الدستورية، مثمناً التنسيق والتعاون لمواجهة التحديات والمخاطر المحدقة باليمن والمنطقة من خلال مكافحة الإرهاب ومواجهة تدخلات النظام الإيراني بالمنطقة وميليشياتها الحوثية.

وجدد هادي حرصه الدائم على السلام المرتكز على أسسه ومرجعياته المتعارف عليها المتمثلة بالمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل والقرارات الأممية ذات الصلة وفي مقدمتها القرار رقم 2216.

وأشار الرئيس اليمني إلى تعنت الانقلابيين ومماطلتهم في كل فرص السلام وآخرها اتفاق استوكهولم الذي تمثل فيه الحديدة اختباراً لنواياهم وهو ما جسد سلوكهم المعتاد في عدم جديتهم نحو السلام مما يستدعي مزيداً من الضغط من قبل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي. وبحسب المصادر الرسمية نفسها، أكد السفير الأميركي تولر موقف بلاده الداعم لليمن وشرعيته الدستورية في مواجهة التحديات وكشف عن لقاء مرتقب في وارسو ترعاه بلاده وبولندا بمشاركة اليمن والهادف إلى مواجهة التدخلات المزعزعة لأمن واستقرار المنطقة والعالم.

ورغم مضي نحو 7 أسابيع منذ توقيع اتفاق السويد بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية وانتهاء المدة التي كانت مقررة لتنفيذ الاتفاق بشأن الانسحاب من الحديدة وموانئها إلا أن المساعي الأممية لم تتوقف أملا في إنقاذ الاتفاق من الانهيار.

وأبدت الحكومة اليمنية غير مرة استياءها مما وصفته بـ«التراخي والتساهل الأممي» مع الجماعة الحوثية لجهة عدم الضغط الكافي عليها من أجل تنفيذ الاتفاق واحترام الجداول الزمنية ودفعها إلى الكف عن الاستمرار في خروق وقف إطلاق النار وتصعيد الوضع الميداني في مختلف مناطق الحديدة.

ويفترض أن يقود اتفاق السويد إلى الانسحاب الحوثي من مدينة الحديدة وموانئها الثلاثة (الحديدة، الصليف، رأس عيسى)، وأن يتم إنهاء المظاهر المسلحة في المدينة وفتح الطرق وإزالة الحواجز العسكرية الحوثية تحت إشراف الأمم المتحدة، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية القادمة من ميناء الحديدة باتجاه مختلف المناطق.

ورفضت الجماعة الحوثية قبل أكثر من شهر الموافقة على فتح الطرق أمام المساعدات الإنسانية لا سيما طريق «كيلو16» جنوب شرقي المدينة، كما أقدمت ميليشياتها على استهداف مخازن القمح في مطاحن البحر الأحمر أكثر من مرة بقذائف الهاون.

وأحصت الحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها إقدام الجماعة الحوثية على ارتكاب أكثر من ألف خرق لوقف إطلاق النار منذ سريانه في 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وهو الأمر الذي أدى إلى سقوط أكثر من 500 قتيل وجريح من المواطنين.

في السياق نفسه أفادت مصادر صحافية غربية بأن الأمم المتحدة تدرس خطة لترتيب إقامة مراقبيها في اليمن وعددهم 75 مراقبا، إذ من الممكن أن يتمركزوا اعتبارا من مارس (آذار) المقبل على متن سفينة راسية في مرفأ مدينة الحديدة.

وطبقا لمصادر أممية تحدثت إلى وكالة الصحافة الفرنسية فإن الحل الأممي لإقامة المراقبين في عرض البحر على متن السفينة مطروح، وهو ما يتطابق مع معلومات نشرتها صحيفة لوفيغارو الفرنسية.

وكانت الصحيفة ذكرت أن الأمم المتحدة اتخذت قرارها بشأن السفينة، موضحة أنها ستستأجر السفينة التجارية «إم في بلوفورت» التي يبلغ طولها 142 مترا وتملكها الشركة الكندية «بريدجيمانز سيرفيسز».

و«إم في بلوفورت» هي عبّارة قديمة بنيت في 1979 وتم تحويلها في 2015 إلى فندق من 299 قمرة ومكاتب ومنصة يمكن أن تهبط فيها مروحية.

وكان ممثلو الجماعة الحوثية رفضوا عقد الاجتماعات المشتركة لتنسيق إعادة الانتشار في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، ما أجبر رئيس المراقبين السابق قبل مغادرته بثلاثة أيام على أن يلجأ إلى نقل مكان الاجتماعات إلى متن سفينة أممية قبالة ميناء الحديدة.

ولم تتوقف الجماعة الحوثية منذ بداية الهدنة الهشة، عن تعزيز وجودها العسكري في المدينة عبر إقامة التحصينات المتنوعة ومنها حفر الخنادق والأنفاق وإغلاق الشوارع بالحواجز، وتقييد حركة السكان المدنيين إضافة إلى استقدام المزيد من المسلحين إلى المدينة ونشرهم في مساجدها ومدارسها وفي بيوت المواطنين بعد طردهم منها. وترفض الحكومة الشرعية الذهاب إلى أي جولة جديدة نحو مشاورات الحل السياسي والأمني والعسكري الشامل قبل تنفيذ الجماعة الحوثية لاتفاق السويد والخاص بالانسحاب من الحديدة وموانئها، إلى جانب بنوده الأخرى المتعلقة بتبادل الأسرى والمعتقلين، والتهدئة وفتح المعابر في تعز لمرور القوافل الإغاثية.

الميليشيات الحوثية تطيح وزيرها للسياحة غداة طرده من مكتبه
صنعاء: «الشرق الأوسط»
في سياق تصاعدي للصراعات القائمة بين أجنحة الجماعة الحوثية، أطاحت الميليشيات الحوثية وزيرها للسياحة في حكومة الانقلاب ناصر باقزقوز وهو من العناصر الجنوبية الموالية للجماعة منذ انقلابها على الشرعية وسيطرتها على العاصمة صنعاء في 2014.

وجاءت إطاحة القيادي الموالي للجماعة غداة قيام الجماعة الحوثية بإرسال عدد من مسلحيها رفقة عربات عسكرية وفرض أحد الموظفين من عناصرها في الهيئة العامة للترويج السياحي الخاضعة للجماعة في صنعاء رغما عن الوزير قبل أن يتم إبلاغه من المسلحين بأنه ممنوع من دخول مكتبه.

وكشفت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن سبب سخط الجماعة على باقزقوز ناجم عن خلاف بينه وبين القيادي البارز أحمد حامد المعين مديرا لمكتب رئيس مجلس حكم الانقلاب مهدي المشاط، على الأموال التي يتم جبايتها لمصلحة صندوق الترويج السياحي، حيث يحاول حامد أن يحوز الحصة الأكبر منها وهو ما رفضه باقزقوز.

وكان باقزقوز قدم استقالته أكثر من مرة، وآخرها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، احتجاجا على تدخل حامد في شؤون وزارته، كما اتهم رئيس حكومة الانقلاب عبد العزيز بن حبتور بالضعف وعدم القدرة على الدفاع عن وزرائه أمام قادة الميليشيات.

ويتهم قادة وناشطون في الجماعة الحوثية القيادي القادم من صعدة أحمد حامد بأنه هو المتصرف الحقيقي في أمور الحكومة الانقلابية والمسيطر على موارد الصناديق الخاضعة للجماعة، إضافة إلى أنه من يقف وراء كثير من كبار التجار الموالين للميليشيات من أجل تسهيل نشاطهم وتقديم الحماية لهم.

وقبل أيام كشف أحد القياديين في الجماعة ويدعى سليمان عويدين عن وثائق وافق خلالها القيادي أحمد حامد على التصريح لأحد كبار تجار الأسلحة والمبيدات بتسجيل أكثر من 50 صنفا من المبيدات المحظورة دوليا لدى وزارة الزراعة تمهيدا للسماح باستخدامها.

وأدى الصراع بين أجنحة الجماعة إلى فرار كثير من الموالين لها من صنعاء بعد أن طالتهم يد البطش من قبل الجناح الحوثي القادم من صعدة، ويتصدره عم زعيم الجماعة عبد الكريم الحوثي وابن عمه محمد علي الحوثي، إضافة إلى القيادي البارز أحمد حامد والمكنى «أبو محفوظ».

وتشير المصادر المطلعة على ما يدور في أروقة حكم الجماعة، إلى أن القيادي أحمد حامد بات من أكثر عناصر الجماعة ثراء، إذ بات يملك عددا من الشركات وعشرات العقارات التي استولى عليها أو قام بشرائها خلال أربع سنوات، بسبب الأموال التي يحصل عليها من صناديق المؤسسات الحكومية المتعددة.

وتؤكد المصادر أن رئيس حكومة الانقلاب بن حبتور ليس في يده أي سلطات حقيقية لممارسة مهام منصبه الانقلابي، إذ تتركز أغلب الصلاحيات في يد القيادة الممثلة في كبار قادة الجماعة القادمين من صعدة وفي مقدمهم أحمد حامد.

وكان القيادي الحوثي أحمد حامد نصب نفسه رئيس مجلس إدارة ما أطلق عليه الهيئة الوطنية لإدارة وتنسيق الإغاثة ومواجهة الكوارث، ضمن مساعيه للتحكم بجميع النشاط الإنساني والإغاثي الدولي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية.

وأدت مضايقة الجماعة للموالين لها إلى استقالة وزيرها السابق للإعلام ونائب وزيرها للتربية والتعليم، قبل أن ينشق عنها مؤخرا ويهرب إلى عدن عضو لجنتها الثورية محمد القيرعي معترفا بأنه تعرض للاستغلال من قبل الجماعة.