|
|
التاريخ: كانون ثاني ٢٩, ٢٠١٩ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
موسكو تصعد لهجتها حول إدلب وتجدد الدعوة إلى «استخدام اتفاق أضنة» |
إردوغان: نريد إقامة المناطق الآمنة لتستوعب 4 ملايين سوري |
موسكو: رائد جبر
بالتوازي مع المساعي الروسية لدفع حوار بين أنقرة ودمشق لتفعيل اتفاق أضنة وتحويله إلى أساس لتسوية الوضع في منطقة الشمال السوري، بدا أن موسكو صعدت لهجتها خلال اليومين الماضيين حيال الوضع في إدلب، وشددت على ضرورة «مواجهة تحول المنطقة إلى وكر أساسي للإرهابيين» مع توجيه انتقادات مبطنة إلى الجانب التركي كونه «فشل في تطبيق الاتفاقات في إدلب». ورأى محللون روس أمس، أن التصعيد حول إدلب يهدف إلى دفع الجانب التركي إلى القيام بخطوات أنشط مع المعارضة السورية من جهة، ولتسريع عملية إطلاق حوار تركي سوري لتفعيل اتفاق أضنة ووضع أسس لتسوية مقبولة للجانبين في المناطق الحدودية.
وقال وزير الخارجية سيرغي لافروف أمس، إن «إدلب لا تزال وكراً للإرهابيين. هذه حقيقة واضحة، وقد أكد زملاؤنا السوريون التزامهم بالقضاء على هذه البؤرة». وأوضح خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الكازاخستاني بيبوت أتامكولوف أن الجانب الروسي «مستعد لمواصلة اتخاذ إجراءات بموجب الاتفاق مع تركيا حول إدلب، بما في ذلك ما يتعلق بإنشاء منطقة منزوعة السلاح حول المنطقة الآمنة»، مذكراً بأن وجود تنظيم «جبهة النصرة» في محافظة إدلب «لا يتوافق مع اتفاقات موسكو وأنقرة بشأن حل مشكلة الأمن في هذه المنطقة والجانب التركي أكد استعداده للتخلص من الإرهاب في إدلب».
وكان الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قال إن «اتفاقاتنا مع أنقرة بخصوص إدلب لم تنفذ بالكامل من قبل الجانب التركي»، مشيراً إلى أن الوضع هناك «لا يزال يثير قلق موسكو ودمشق». وأضاف أن أنقرة أكدت أن اهتمامها مركز على الوضع في إدلب.
ولوحظ أن هذه اللهجة تزامنت مع تأكيد وزارة الدفاع الروسية أن «أنقرة لم تنجح بعد في تنفيذ كامل مسؤولياتها بموجب اتفاق إدلب».
إلى ذلك، دخل النقاش حول آليات التعامل مع الوضع في الشمال بالاستناد إلى اتفاق أضنة الموقع بين الحكومتين السورية والتركية في عام 1998 على أجندة الحوارات الروسية مع الأطراف المختلفة، وأكد لافروف أمس، خلال محادثاته مع نظيره الكازاخي أن موسكو ترى أنه «من الممكن أن تستخدم تركيا وسوريا اتفاقية أضنة لتوفير الأمن على الحدود السورية التركية»، مجدداً الإشارة إلى أهمية الحوار بين دمشق وأنقرة في هذا الاتجاه. وأكد الوزير أن ثمة توافقاً على عقد قمة روسية تركية إيرانية بشأن سوريا الشهر المقبل. وحدد أبرز توجهات الدبلوماسية الروسية على المسار السوري خلال المرحلة المقبلة، مضيفاً أنه «لا يمكن الحديث عن أولويات، فكل شيء مهم حالياً، القضاء على بؤرة الإرهاب في إدلب، تأمين المناطق الحدودية الشمالية، عودة اللاجئين، واللجنة الدستورية».
وجدد لافروف الإشارة إلى أن بلاده تعول على تحقيق تقدم في النقاشات المزمع عقدها في إطار جولة المفاوضات المقبلة في أستانة التي ينتظر أن تنظم أواسط الشهر المقبل. علماً بأن أوساطاً دبلوماسية روسية لفتت إلى أن هذه الجولة سوف تشكل نقطة تحول أساسية في حال نجحت جهود موسكو في إطلاق الحوار التركي - السوري فيها أو بعدها مباشرة.
إلى ذلك، سارت موسكو خطوة لتوسيع دورها في المنطقة عبر الإعلان عن زيادة نشاط قوات الشرطة العسكرية الروسية في منبج. وأفادت وزارة الدفاع الروسية أن وحدات الشرطة العسكرية «وسعت مناطق وجودها وتسيير دورياتها في منطقة منبج بهدف ضمان الأمن في المنطقة، ومواصلة عمليات السيطرة على الوضع ورصد تحركات التنظيمات المسلحة».
وكانت الشرطة العسكرية الروسية أعلنت في بداية الشهر عن بدء تسيير دوريات في محيط مدينة منبج، التي كانت تخضع في السابق لسيطرة المقاتلين الأكراد.
إلى ذلك، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أن تشكيلة اللجنة الدستورية السورية «متفق عليها عملياً» برغم إشارته إلى أن الأمم المتحدة «أصرت على استبدال بعض ممثلي المجتمع المدني المقترحين». وأوضح أن موسكو تلقت طلباً من مسؤولي الأمم المتحدة حول «استبدال عدة أسماء من الجزء الثالث، الذي يخص المجتمع المدني». وزاد أن بلاده تعتبر هذا الطلب «غريباً» لأن التشكيلة المقترحة تم الاتفاق عليها مع الحكومة والمعارضة في سوريا. ورأى برغم ذلك، أن مسألة تشكيل اللجنة الدستورية «ليست صعبة». على صعيد آخر، نقلت وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية عن السفير الروسي لدى الأردن بوريس بولوتين أنه «لم تلحظ مؤشرات حقيقية على بداية انسحاب القوات الأميركية من سوريا». وأشار السفير إلى أنه في حال انسحاب القوات الأميركية، فإن تنسيق روسيا مع الأردن سوف يتواصل و«لدينا عدة أدوات للتنسيق مع زملائنا الأردنيين، ونقوم بتبادل وجهات النظر وتنسيق المواقف بشكل مستمر وخصوصاً في ملفي الوضع حول مخيم «الركبان» للاجئين على الحدود بين الأردن وسوريا، والوضع في منطقة خفض التصعيد جنوب سوريا». وكان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أعلن عن جهد لتنظيم لقاء يجمع ممثلي روسيا والأردن والولايات المتحدة لمناقشة الوضع حول مخيم الركبان. وأوضح السفير الروسي أمس، أن لم يتم تحديد موعد لهذا اللقاء لكن «آلية التنسيق الروسي الأردني تعمل على مستوى الخبراء، وانضم إليها ممثل للولايات المتحدة في الشهور الأخيرة. والمشاورات ما زالت مستمرة». كما أشار بولوتين إلى «الأداء الناجح لمنطقة خفض التصعيد الجنوبية في سوريا». مشيراً إلى أن الفضل يعود إلى «التنسيق بين الاتحاد الروسي والأردن، ودور دمشق الإيجابي في هذا الملف».
وأعلن السفير أن موسكو تأمل في تطبيع العلاقات بين دمشق وعمان وتراقب كل خطوة في هذا الاتجاه، مضيفاً أن روسيا «تريد من دول المنطقة تطبيع العلاقات، بما في ذلك نتحدث عن سوريا والأردن. ونتابع كل خطوة في هذا الاتجاه مثل فتح نقطة تفتيش جابر وزيارات الوفود الاقتصادية ورفع مستوى البعثة الدبلوماسية للأردن في سوريا».
إردوغان: نريد إقامة المناطق الآمنة لتستوعب 4 ملايين سوري
أنقرة: سعيد عبد الرازق
حدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان هدف بلاده من إقامة مناطق آمنة في شمال سوريا باستيعاب نحو 4 ملايين لاجئ سوري تستضيفهم تركيا، وتمكينهم من العودة إلى ديارهم، قائلاً: «سنحقق السلام والاستقرار والأمن في منطقة شرق الفرات قريباً، تماماً كما حققناه في مناطق أخرى».
وذكر إردوغان في كلمة أمام مؤتمر في إسطنبول، أمس، أن نحو 300 ألف سوري عادوا بالفعل إلى ديارهم، وأنه يتوقع عودة ملايين السوريين إلى المناطق الآمنة.
وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أنه سيتم سحب كل القوات الأميركية من سوريا واقترح إقامة منطقة آمنة بعمق 20 ميلاً داخل سوريا على الحدود مع تركيا.
وقال إردوغان: «سنطهّر المنطقة من عناصر تنظيم داعش الإرهابي وبقاياه التي يتم تدريبها ضد تركيا»، مضيفاً أن الدول الغربية «سعت إلى مكافحة التنظيم الإرهابي من خلال تسليح تنظيم إرهابي آخر (في إشارة إلى تعاون الولايات المتحدة مع «وحدات حماية الشعب» الكردية أكبر مكونات تحالف قوات سوريا الديمقراطية «قسد» والتي تعدها تركيا «تنظيماً إرهابياً»).
في السياق ذاته، قالت صحيفة «يني شفق» التركية، القريبة من حكومة إردوغان، إن أولوية تركيا في تشكيل المنطقة الآمنة شمال سوريا تتمحور أولاً حول إعلان مدن منبج وتل أبيض ورأس العين مناطق آمنة، والتحقق من سكان هذه المدن، وتوفير البنية التحتية الطبية والأمنية فيها وتدريب قوات الأمن بها وتشكيل فريق لتأمين الحدود التركية. ونقلت الصحيفة عن مصادر أمنية أن المنطقة الآمنة التي تسعى إليها تركيا بالتعاون مع الولايات المتحدة ستنفّذ على مراحل متعددة، وأن البدء في التنفيذ بات وشيكاً جداً.
وأضافت أن احتمال شن عملية عسكرية في منبج وشرق الفرات لا يزال قائماً حتى الآن، حيث ستبدأ خطة المنطقة الآمنة من مدينة منبج، وبعدها تنفَّذ تباعاً في تل أبيض ورأس العين، حيث سيتم تطهير المنطقة من «الوحدات» الكردية وحزب العمال الكردستاني، والسيطرة عليها وبدء تنفيذ البنية التحتية للخدمات فيها.
وأشارت الصحيفة إلى أن من أولويات تركيا طرد المقاتلين الأجانب الذين جاءوا للقتال في سوريا إلى جانب تنظيم داعش الإرهابي أو إلى جانب الوحدات الكردية، وإعادتهم إلى بلدانهم التي أتوا منها. ولفتت إلى أن قوات نظام الأسد وزّعت أكثر من 20 ألف زي عسكري خاص بها في مناطق الدرباسية ورأس العين ومنبج والحسكة، وأن النظام سيعمل على تسويق ما سمتها «كذبة تسلم الأراضي من الوحدات الكردية» من خلال العناصر الذين سيرتدون هذه الملابس.
وذكرت الصحيفة أن تركيا قدمت تقريراً لروسيا بشأن هذه المعلومات واستعدادات النظام، وقالت إنها ستقوم باللازم في حال محاولة إفشال العملية التركية.
في سياق متصل، ذكرت وكالة «الأناضول» التركية، أمس، أن 600 جندي أميركي إضافيين وصلوا إلى قاعدتين شرق نهر الفرات، بهدف تأمين انسحاب القوات الأميركية من سوريا. ونقلت الوكالة عن مصدر قوله، إن «الجنود وصلوا إلى قاعدتي خراب عشق وصرين شرق نهر الفرات، وتوزعوا بين القاعدتين اللتين ستُستخدمان من أجل عمليات إخلاء الجنود، أما القاعدتان الأميركيتان في رميلان وتل بيدر في محافظة الحسكة، فستُستخدمان من أجل نقل العتاد الثقيل عبر الجو».
وكان مصدر في وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) قد أبلغ شبكة «سي إن إن»، يوم الخميس الماضي، بأن الوزارة سترسل قوات إضافية إلى سوريا بهدف تأمين عملية انسحاب القوات الأميركية من هناك.
من جانبه قال وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، إن بلاده ستقضي على «وحدات حماية الشعب» الكردية التابعة لحزب العمال الكردستاني، الذي تعده أنقرة «تنظيماً إرهابياً»، ولن تسمح بإقامة «ممر إرهابي» شمال سوريا. وقام أكار بجولة على الوحدات العسكرية التركية في ولاية ماردين جنوب البلاد، رفقة رئيس الأركان التركي يشار جولار، وقائد القوات البرية أوميت دوندار، وقال، خلال الجولة، إن بلاده تذكِّر الجانب الأميركي بضرورة الالتزام بتعهداته بشأن خريطة الطريق في منبج التي تتضمن سحب عناصر الوحدات الكردية من المدينة، وتنتظر اتخاذ الخطوات اللازمة في هذا الصدد. وأضاف أن تركيا تمارس الضغوط وتُجري مباحثات مع واشنطن على مستويات متعددة من أجل إخراج عناصر الوحدات الكردية والأسلحة الثقيلة من منبج. وأكد أن «الجيش التركي قام بالاستعدادات اللازمة في هذا الإطار، ولا نريد أي إرهابي هناك». وشدد على أن تركيا تحارب مَن سماهم «الإرهابيين» فقط، وليست لديها مشكلات على الإطلاق مع أشقائها العرب والأكراد في المنطقة، ولا تقوم بأي عمل ضدهم.
وفي ما يتعلق بالوضع في محافظة إدلب، أشار أكار إلى أهمية مواصلة وقف إطلاق النار والاستقرار في هذه المنطقة. وقال: «جنودنا يواصلون أعمالهم ليل نهار، بعزيمة وإصرار، ويبذلون كل الجهود من أجل ضمان استمرار وقف إطلاق النار بإدلب وتحقيق الاستقرار فيها».
وأرسل الجيش التركي، مساء أول من أمس، تعزيزات جديدة من القوات الخاصة إلى المناطق الحدودية مع سوريا قادمة من ولايات تركية عدة انضمت إلى الوحدات الموجودة على الحدود في محافظة هطاي جنوب البلاد.
وكان الجيش التركي قد أرسل قبل أيام تعزيزات إلى منطقة التن أوزو في ولاية هطاي، تضمنت وحدات من القوات الخاصة وشاحنات محملة بمركبات عسكرية مدرعة، لتوزيعها على الوحدات المنتشرة على الحدود مع سوريا.
وأجرى الجيش التركي، قبل أسبوعين، مناورات عسكرية في هطاي، على الحدود مع إدلب، شاركت فيها مدرعات مزودة بصواريخ، بالإضافة إلى وحدات الرصد والبحث عن الألغام، كما أرسلت تعزيزات إلى الجهة المقابلة لمدينتي جسر الشغور وحارم. |
|