التاريخ: كانون ثاني ٢٨, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
بوادر أزمة في الائتلاف الحكومي المغربي
أخنوش ينتقد العثماني ويؤكد أن حزبه «ليس دكاناً سياسياً»
الرباط: «الشرق الأوسط»
شهدت الأوساط السياسية المغربية مواجهة بين الحزبين الرئيسيين في الغالبية الحكومية، في مؤشر جديد على تعمق الخلافات بين «العدالة والتنمية» الذي يقوده رئيس الحكومة سعد الدين العثماني و«التجمع الوطني للأحرار» برئاسة وزير الفلاحة والصيد البحري رجل الأعمال عزيز أخنوش.

ولم يتردد رئيس «التجمع الوطني للأحرار» في توجيه سهام نقده إلى شريكه في الائتلاف الحاكم رئيس الوزراء وحزبه، وتحميله مسؤولية احتجاجات التجار، إذ قال: «نحن لا نتهرب من المسؤولية، وينبغي عليهم أن يقولوا: هل هم مسؤولون أم غير مسؤولين؟».

وجدد أخنوش في كلمة ألقاها خلال افتتاح أعمال المجلس الوطني لحزبه في الرباط، أمس، التأكيد على موقفه الرافض للإجراءات الضريبية التي جاءت في موازنة 2019. وأثارت احتجاجات التجار في عدد من المدن. وقال: «نحن اتخذنا قرارنا ونقول إننا كحزب لسنا متفقين مع هذا القرار، ويجب أن يعاد فيه النقاش». وأضاف: «ليخرج رئيس الحكومة أو أي وزير. لن أغير رأيي وهكذا يفكر الحزب ولن يتراجع... موقفنا واضح وما قلته في لقاء الناظور أتشبث به إلى اليوم».

وأشار أمام أعضاء برلمان حزبه إلى أنه لا يفهم «لماذا تثار وسط الحكومة والمجلس الحكومي الذي يتوقع أن يناقش هموم المواطنين تصريحات الأحزاب السياسية، ونقول: لماذا قالوا هذا الكلام أو الرأي؟ هذه ليست ديمقراطية»، في إشارة إلى انتقادات وزراء «العدالة والتنمية» لقرار «تجمع الأحرار» فيما يخص قضية التجار في المجلس الحكومي الأخير. وأضاف: «إذا أردنا مناقشة تصريحاتهم (العدالة والتنمية) فسنحتاج أسبوعاً ولن ننتهي».

ولفت إلى أن التجار «لم يعجبهم القرار، وقلنا إن المسؤولية تتحملها الحكومة، ونحن نتحمل مسؤوليتنا في هذا، وقانون المالية ليس قانون وزير المالية، بل رئيس الحكومة هو الذي وقعه وعرضه على البرلمان، ولجنة المالية في البرلمان يترأسها حزب رئيس الحكومة سواء في الولاية الحالية أو السابقة»، وذلك في رد مباشر على العثماني الذي اعتبر موقف «تجمع الأحرار» تهرباً من المسؤولية، رغم أن وزراءه هم المشرفون عن القطاع.

وشدد أخنوش على أن حزبه «ليس من الدكاكين السياسية»، مشيراً إلى أن «همه هو المواطن وسماع مشكلاته والسعي إلى حلها، والدينامية التي يعيشها تزعج ولا يمكن أن تمر من دون أي شيء هنا وهناك». وأضاف: «قادرون على المضي قدماً بالبلاد ونسهم بجدية وعمل وروح وطنية في خدمة المواطنين».

وتخفيفاً من حدة انتقاداته، قال أخنوش: «عندنا برنامج حكومي يجمعنا مع أحزاب الحكومة حتى سنة 2021». وأشار إلى أن نتائج الانتخابات «وما سيمنحنا المغاربة من أصوات سنحدد به المستقبل، وهناك تجارب مع عدد من الأحزاب وعرفنا كيف تسير الأمور، وهذه التجربة ستجعلنا نتخذ أحسن الاختيارات»، في إشارة إلى إمكانية مراجعة تحالفات الحزب في المستقبل.

وأضاف رئيس «تجمع الأحرار» الذي يضع عينيه على رئاسة الحكومة بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة، أن حزبه «يواجه الكثير من الإشاعات، وهذا لا ينبغي أن يشوش علينا»، موضحاً أن حزبه «سيخوض الانتخابات ونحن منفتحون على الجميع، حسب النتائج التي سيمنحها لنا المواطنون ومن لم يعجبه الحال وينتقد، ليس لدينا ما نقدمه له». وأكد أنه «لا وجود لأي تحالف يضم 7 أحزاب ولا أربعة ولا حزبين»، رداً على تقارير إعلامية محلية تحدثت عن الإعداد لتحالف مسبق لإطاحة «العدالة والتنمية» في الانتخابات البرلمانية المقبلة.

وطرح أمام أعضاء برلمان حزبه موضوع التحالف مع «الاتحاد الدستوري» للمناقشة، إذ قال: «لا بد من التفكير في آفاق علاقة الحزب بالاتحاد الدستوري ومستقبل هذه العلاقة والتجربة، وما إذا كانت تحتاج إلى تأكيد وتحسين أو ماذا؟»، الأمر الذي يمكن أن يمثل تمهيداً لإعلان فك الارتباط بين الحزبين خصوصاً مع الخلافات التي برزت على مستوى الفريق النيابي المشترك لهما في مجلس النواب.

وبدا لافتاً أن رئيس «تجمع الأحرار» لم يرد على الانتقادات التي وجهها إليه رئيس الحكومة السابق عبد الإله ابن كيران أخيراً. غير أن زميله في الحزب رشيد الطالبي العلمي الذي نال قسطاً وافرا من انتقادات ابن كيران رد عليه بتحفظ.

وقال العلمي في رد على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول هجوم ابن كيران عليه أن «عقول الكبار تناقش الأفكار والمواضيع والتصورات، والعقول الوسطى تحكي الحكايات، وعقول الصغار تتحدث عن الأشخاص، هذه مقولة لتشرشل (رئيس الوزراء البريطاني السابق) وهذا هو جوابي».

ويرتقب أن تعيد التصريحات والتصريحات المضادة لقادة الحزبين الرئيسيين في الغالبية الحكومية الخلاف مجدداً إلى الواجهة، إذ يتوقع أن تشهد وتيرة هذه الخلافات منحى تصاعدياً مع اقتراب موعد الانتخابات التي يرغب كل طرف باستقطاب المزيد من الأنصار قبل حلول موعدها.