| | التاريخ: كانون ثاني ٢٧, ٢٠١٩ | المصدر: جريدة الحياة | | قوة معارضة جديدة ضد البشير | القاهرة - أ ف ب
استطاع الرئيس السوداني عمر البشير طوال ثلاثة عقود إخماد أصوات المعارضة أو تشتيت رموزها، لكن «تجمع المهنيين السودانيين» تمكن من كسر الطوق ليقود احتجاجات ضد نظامه.
وفي ظل تدهور الأحوال الاقتصادية والمعيشية في البلاد، نظمت مجموعات صغيرة غالبيتها من الشباب تضم اساتذة جامعات وأطباء ومهندسين وغيرهم، أطلقوا على تحركهم «تجمع المهنيين السودانيين»، تظاهرات ضد نظام البشير بدأت في 19 كانون الأول (ديسمبر) الماضي.
ويشهد السودان احدى أكبر موجات الاحتجاجات في تاريخه الحديث وسط ضعف الأحزاب والتحالفات المعارضة. وتهز احتجاجات دامية أنحاء السودان، عقب قرار الحكومة رفع سعر الخبز ثلاثة أضعاف، أدى تفريقها إلى 30 قتيلاً بحسب آخر حصيلة رسمية، في حين تحدثت منظمات غير حكومية عن 40 قتيلاً. وعلى رغم وجود نحو 100 حزب سياسي في السودان بين معارض وموال للحكومة، لم يكن أياً منهم المحرك الرئيس للشارع. وفي اتصال هاتفي مع وكالة «فرانس برس» من الخرطوم قال الناطق باسم تجمع المهنيين محمد يوسف المصطفى إن «المشهد السوداني كان يفتقد سياسياً واقتصادياً وأمنياً واجتماعياً إلى قائد».
وأضاف استاذ الأنثروبولوجيا في جامعة الخرطوم ان «القوى السياسية المفترض بها أن تقود الحراك منقسمة على نفسها بين معسكرين قوى الاجماع ونداء السودان، وبالتالي، كانت الغالبية في السودان تبحث عن قائد». وتابع أن تجمع المهنيين قرر أن يكون «مركز العمل وأن ينظم ما يقوله الناس ويضفي عليه معنى معين، لكن القائد هو الشعب».
ليس للتجمع هيكل تنظيمي مثل الأحزاب، إذ يستلهم قوته من «العمل الجماعي»، وفقا للمتحدث باسمه، كما لا توجد إحصاءات مسجلة بعدد المنضوين في صفوفه. ونظراً لحظر القانون تشكيل نقابات مهنية مستقلة وانما نقابات تضم جميع العاملين بالمؤسسات من دون فصل، قال المصطفى إن 200 أستاذ في جامعة الخرطوم شكلوا تجمعاً مهنيا غير رسمي.
وكانت تلك البداية التي شجعت المهنيين في كافة أنحاء العاصمة على تشكيل تجمعات مشابهة.
وعام 2016، قررت ثمانية من التجمعات المهنية المنفصلة ضمنها البيطريين والإعلاميين والصيادلة والمعلمين والمحامين، تأسيس «تجمع المهنيين السودانيين». وأضاف أن ذلك كان مخالفاً للقانون «ولا تعترف الحكومة به لكنه يتماشى مع الدستور في مادته الـ40»، حسب قوله.
وتنص المادة 40 من الدستور على أنه «يُكفل الحق في التجمع السلمي، ولكل فرد الحق في حرية التنظيم مع آخرين، بما في ذلك الحق في تكوين الأحزاب السياسية والجمعيات والنقابات والاتحادات المهنية أو الانضمام إليها حمايةً لمصالحه».
وكان تجمع أساتذة جامعة الخرطوم الذي يضم 200 استاذ، وفقا للمصطفى، هو البداية في عام 2012. وأكد المصطفى «أصبح في كل مدينة من مدن السودان تجمعا للمهنيين حاليا».
من جهته، يقول الكاتب الصحافي السوداني فيصل محمد صالح إن «الطريقة التي يتبع بها المتظاهرون هذه المجموعة غريبة»، مشيراً إلى التزام المتظاهرين بالساعة التي يحددها التجمع للتظاهر وعادة ما تكون الواحدة ظهراً. وأضاف صالح: «إنه إنجاز لهذه المجموعة، آخذين في الاعتبار أن المتظاهرين لا يعرفون حتى من هم القادة الرئيسيين لها، أنهم فقط يثقون بها».
وفي 25 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، كانت الدعوة الأولى من تجمع المهنيين لتظاهرة نحو القصر الجمهوري «لتسليم مذكرة لرئاسة الجمهورية تطالب بتنحّي الرئيس فوراً عن السلطة استجابة لرغبة الشعب السوداني وحقناً للدماء».
واقترح التجمع أنه في حال وافق البشير على التنحّي «فستتشكّل حكومة انتقالية ذات كفاءات وبمهام محدّدة ذات صبغة توافقية بين أطياف المجتمع السوداني».
ونفى المصطفى وهو عضو الحركة الشعبية لتحرير السودان المعارضة وجود نية لتحويل التجمع الى كيان سياسي. وقال: «ليس هناك تفكير في تحويل الكيان المهني لحزب سياسي أو كيان سياسي خصوصا وأن لدينا العديد من المهنيين هم بالفعل أعضاء في أحزاب سياسية».
وتعد مواقع التواصل الاجتماعي مثل «فيسبوك» و«تويتر» و«يوتيوب» وسائل الإعلام الرئيسية التي يعوّل عليها شباب التجمع في التواصل والتعبئة. | |
|