التاريخ: كانون ثاني ١٤, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الحياة
تونسيون في ذكرى الثورة: «حصلنا على الحرية لكن ليس على الكرامة»
تونس - أ ف ب
في منطقة دوار هيشر الضاحية الشعبية للعاصمة التونسية، يعد شباب من الكشافة وراقصون وفكاهيون لعرض لمناسبة الذكرى الثامنة لـ «ثورة الحرية والكرامة» التي أطاحت بالرئيس الاسبق زين العابدين بن علي في 14 كانون الثاني (يناير) 2011. إذ قال مهندس كومبيوتر عاطل من العمل يدعى سفيان جبالي أنه ليس نادماً على الثورة التي أنهت الاستبداد في تونس في 2011، لكن بعد ثماني سنوات تغلب المرارة على الأمل «فقد حصلنا منذ الثورة على الحرية، لكن ليس على الكرامة».

ولئن تميزت تونس بكونها البلد العربي الوحيد الذي استمر في درب الديموقراطية السياسية بعد مجريات «الربيع العربي»، فان السلطة الاقتصادية لازالت متركزة بين أيدي أقلية في حين يشعر سكان الاطراف خصوصاً أنهم مستبعدون وتم التخلي عنهم.

ويضيف سفيان «اذا لم يتغير النظام في 2019 (مع الانتخابات التشريعية والرئاسية)، سيكون كل ما حدث خسارة».

وتقول الخبيرة في علم الاجتماع ألفة لملوم التي ترأس منظمة غير حكومية تهتم بالمناطق المهمشة في البلاد «قامت الثورة على ثلاثة شعارات (عمل وكرامة وحرية)، لكن العمل والكرامة لم يتحققا».

وأشارت الى بعض التقدم مع تخصيص حصة اجبارية للشباب دون 36 سنة بين مرشحي الانتخابات البلدية «ما سمح بدخول عدد كبير منهم الى المجالس البلدية» في 2018. وأضافت: «لا شيء تم لتحسين مستوى العيش» اليومي للشباب الذين تعرض وضعهم الى «تدهور حقيقي».

ولم ينعكس الانتعاش الاقتصادي على سكان الضواحي الفقيرة ومدن الداخل حيث تفوق نسبة البطالة بضعفين أو ثلاثة أضعاف النسبة الوطنية للبطالة البالغة 15.5 في المئة، خصوصاً بين خريجي الجامعات.

وعلاوة على الصعوبات الاقتصادية يشير سفيان بأصابع الاتهام الى اهانات وتضييقات يومية منها سلوك مناوئ من الشرطة واستحالة الحصول على فحص طبي دون «رشوة»، وضرورة الحصول على ترخيص من الوالدين للسفر حتى سن 35 للعديد من الشبان المصنفين «في خطر» منذ اعتداءات 2015.

وكانت منظمة العفو الدولية نددت بهذه التضييقات على التنقل واعتبرتها «تعسفية ومسيئة».

كما أبدى سفيان امتعاضه من سوء وسائط النقل العامة التي يستخدمها سكان الضواحي «التي تغلب عليها الفوضى والاتساخ حتى أننا نرتدي ملابس رثة لركوبها».

ويقول حمزة ضيف الله وهو طالب ثانوي يشرف على مجموعة رقص «قمنا بهذه الثورة لنصبح مواطنين، لكن في النهاية أنا لست مواطناً الا في مستوى حرية التعبير».

وأضاف: «بات في امكاننا الآن أن نتحدث وهذا أمر جيد جدا، لكن لا أحد يسمعنا. وفي دوار هيشر الدولة لا وجود لها الا في مراكز الأمن».

وتتطرق اللقطات المسرحية التي الفها شباب دار الجمعيات بدوار هيشر إلى القيم التي تمت خيانتها والهجرة السرية والانتحار حرقاً.

كانت «ثورة الشباب» التي سيتم احياء ذكراها اليوم، اطلقها مدونون شبان وبائع متجول شاب عمره 26 سنة تسبب انتحاره حرقاً في سيدي بوزيد في اندلاع الاحتجاجات.

ويقول السياسيون باستمرار أنهم يدعمون الشباب.

ويقول عصام الهالي (31 سنة) الذي اقترض سبعة آلاف دينار تونسي (الفي يورو) لبدء مشروع دكان خردوات، «على الورق هناك برامج مساعدة».

ويضيف رب الأسرة الشاب «لكن نسبة الفائدة تبلغ 21 في المئة وأنا لا اجد حلاً للامر، يقول المسؤولون أنهم يدعمون الشباب لكنهم يخدعوننا، لم يعد هناك مستقبل لنا».

ومع ذلك فان عصام هو أحد الشبان النشطين في دوار هيشر ويرأس جمعية تحاول الحفاظ على النظافة والبيئة في الحي. وقال: «نحن بين أقلية هنا لا زالت تتمسك بأمل، الباقون يشعرون أنه تم التخلي عنهم وينتظرون في المقاهي».

وأضاف «نحن في سفينة يتنازع رباناها فيما بينهما، ويكتفيان بالنظر الى السفينة وهي تغرق» وهو يشير بذلك الى صراع السلطة القائم بين الرئيس الباجي قائد السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد.