التاريخ: كانون ثاني ٣, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
22 حزباً حليفاً للبشير تطالب بتنحيه وتشكيل حكومة انتقالية و«الأمة القومي» ينضم اليهم
تجمع «المهنيين» في السودان يخطط لأسبوع عاصف
الخرطوم: أحمد يونس
كشفت أحزاب مشاركة في الحكومة السودانية، وأخرى مشاركة في الحوار الوطني «الرسمي»، أبرزها حزب الأمة القومي، بقيادة مبارك المهدي، وحركة «الإصلاح الآن»، تقديمها مذكرة إلى الرئيس السوداني عمر البشير، تطالب فيها بتنحيته وحكومته بشقيّها التنفيذي والتشريعي، استجابة لمطالب الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها البلاد، والتي تطالب بإسقاط النظام.

وجاء ذلك في وقت تعهد محافظ بنك السودان المركزي محمد خير الزبير، بحلّ أزمة السيولة التي تعاني منها البلاد منذ أشهر، خلال أسبوعين. كما تعهد بحلها جذرياً بحلول أبريل (نيسان) المقبل.

ووقّعت أحزاب الجبهة الوطنية للتغيير، وكتلة التغيير، وحزب الأمة، البالغ عددها 22 حزباً، مذكرة معنونة لرئيس الجمهورية، تطالب بنظام جديد، استناداً إلى أن النظام «بتركيبته الحالية وعزلته السياسية والاقتصادية والإقليمية والدولية، ليس في مقدوره تجاوز أزمته».

ودعت المذكرة التي تُليت على الصحافيين في مؤتمر صحافي بالخرطوم أمس، إلى اتخاذ إجراءات استثنائية لتدارك ما أسمته الانهيار السياسي الوشيك، تتضمن تشكيل «مجلس سيادة انتقالي يتولى أعمال السيادة»، وتشكيل حكومة انتقالية تجمع بين الكفاءات والتمثيل السياسي، ولا تستثني أحداً، وحل المجلس الوطني «البرلمان» ومجالس الولايات، وتكوين برلمان انتقالي من 100 عضو.

وطلبت المذكرة من رئيس الجمهورية حلّ الحكومة الاتحادية والحكومات الولائية، وتحديد موعد إجراء انتخابات وفقاً للتقدم في ملف السلام، بالتشاور مع القوى السياسية، وتنفذ الإصلاح الدستوري وإصلاح أجهزة الدولة، وإعداد قانون الانتخابات، وتكوين لجنة قومية للدستور بالتوافق مع القوى السياسية، واعتماد خريطة الطريق الأفريقية للسلام والحل السياسي في السودان وقرارات مجلس الأمن الدولي والسلم والأمن الأفريقي بشأن السودان.

وحذّرت المذكرة من رفض الانتقال إلى نظام سياسي جديد، وقالت إن عواقبه ستكون وخيمة «تودي بالأمن الاجتماعي، وتزيد معاناة المواطنين، وتورد البلاد موارد الهلاك».

وبحسب متحدث باسم التحالف الحزبي، فإن الأحزاب المنضوية تحت لوائه، فشلت في تسليم المذكرة المعنونة للرئاسة، إذ قال: «كان من المفروض تسليمها أمس (اليوم)، لكن للأسف لم نتمكن من تسليمها، ونأمل في تسليمها غداً».

من جهته، حيّا رئيس حزب الأمة مبارك الفاضل المهدي المحتجين، وترحّم على أرواح شهداء الانتفاضة السودانية، ودعا لإطلاق سراح المعتقلين وتمكينهم من حقوقهم الدستورية.

وقال المهدي للصحافيين، إنهم قبلوا مبادرة رئيس الجمهورية للحوار الوطني للوصول لحلول سلمية والانتقال من حكومة حزب واحد إلى دولة الوطن، بحسن نية، بيد أنه اكتشفوا عدم وجود جدية أو إرادة سياسية لدى حزب المؤتمر الوطني الحاكم، وإنهم «وصلوا إلى قناعة أن الحكومة ليست لديها قدرة على تجاوز الأزمة الاقتصادية، لأنها أزمة سياسية، وحلولها سياسية، قبل انتفاضة الشعب»، وتابع: «الشعب قال كلمته في الشارع بصورة واضحة. إنه يطلب تغييراً ونظاماً جديداً».

وكان المهدي قد كشف الأسبوع الماضي، تقديم وزير ولائي يمثل حزبه في حكومة الرئيس البشير استقالته، تضامناً مع الاحتجاجات الشعبية، ونتيجة لوصوله إلى قناعة أن الحزب الحاكم لا يملك إرادة أو رغبة في الانتقال السلمي لوضع جديد.

وأعلن رئيس حركة «الإصلاح الآن» غازي العتباني للصحافيين سحب حركته ممثليها في المجالس التشريعية، وقال: «المكتب السياسي لحركة (الإصلاح الآن) قرر سحب ممثلي الحركة من المجالس التشريعية كافة، تضامناً مع الجماهير، واستجابة لنبض الشارع».

ويقود العتباني، وهو من رموز الإسلاميين، «حركة الإصلاح الآن»، التي انشقت عن حزب المؤتمر الوطني الحاكم، إثر تقديمها مذكرة تنتقد فيها القرارات الاقتصادية، طالبت فيها بالتحقيق في مقتل المتظاهرين السلميين الذين قتلوا في احتجاجات سبتمبر (أيلول) 2013. ويقدر عددهم بأكثر من 200 قتيل، فضلاً عن إحداث إصلاحات سياسية في الحزب والدولة، وهو الانشقاق الثاني الأكبر بعد انشقاق زعيم الإسلاميين السودانيين الراحل حسن الترابي، وتكوينه حزب المؤتمر الشعبي 1999.

وقالت إشراقة سيد محمود، التي تتزعم أحد أجنحة الحزب الاتحادي الديمقراطي، إن الجبهة التي تعمل ضمنها تكونت نتيجة ثورة الشعب، وإنها تمثل سنداً ودعماً لها. وقالت: «جماهير هذه الأحزاب موجودة في صفوف الثورة، من أجل الديمقراطية والاستقرار»، مؤكدة على المضي قدماً مع ثورة الشعب لتغيير النظام، وأضافت: «لا إصلاح دون تغيير النظام، وتجاربنا تقول إذا لم يحدث تغيير جذري وجراحة عميقة بتغيير النظام فلن يحدث استقرار في البلاد، ويذهب حزب المؤتمر الوطني أولاً ثم نتحدث عن إصلاح، نحن مع الشارع وسنقود هذه الثورة».

بدوره قال محمد طاهر عسيل عن «كتلة التغيير»، وهي كتلة برلمانية تتكون من 45 نائباً برلمانياً، إن الطريقة التي يدير بها «المؤتمر الوطني» البلاد ليست الطريقة الصحيحة، وإن الطريقة الصحيحة هي «قبول الآخر وليس إقصاءه»، ودعا إلى «تحويل الحراك إلى حراك مجتمعي يتحدث للشعب، ويدعم ثورته بصورة كاملة ومتكاملة»، فيما قال حسن السماني عن حزب الإصلاح القومي إنهم يسعون لتجميع أكبر قوة ممكنة في «مواجهة العدو»، وأضاف: «الثورة موجودة في الصدور التي تغلي بها كالمراجل والقدور، إذا لم تتم فهذا خزي وعار علينا كلنا كسياسيين أمام الشعب».

وشدّد السماني على دور الشباب في تفجير الثورة بقوله: «الشباب واقف في الميادين، ونحن نستمد قوتنا من قوة ثورة الشباب، نحن معها لأنها رفعت شعار (ارحل وبس)».

وتشهد البلاد منذ الأربعاء 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي مظاهرات شعبية عمت معظم مدن السودان، نددت بداية الأمر بغلاء الأسعار، بيد أنها تطورت لتطالب بإسقاط نظام الحكم، وواجهتها أجهزة أمن نظام الرئيس البشير بعنف مفرط، مستخدمة الرصاص الحي، وقنابل الصوت، والغاز المسيل للدموع، والهراوات، فيما نشرت قوات عسكرية كبيرة في معظم مدن البلاد، بما فيها العاصمة الخرطوم.

وفي الأيام الأولى من الاحتجاجات أحرق متظاهرون عدداً من المباني الرمزية، معظمها دور ومقرات تابعة للحزب الحاكم في مدن خارج العاصمة الخرطوم، بيد أنها حافظت على سلميتها ورفضها التخريب.

وبحسب إقرار رسمي، قتل في الأحداث 19 شخصاً، وجرح 406. بينما قال حزب الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي في بيان أمس، إن أكثر من 45 شخصاً لقوا مصرعهم، فيما جرح أكثر من 100 شخص في الأحداث، وإن أجهزة الأمن اعتقلت أكثر من 2000 شخص، فيما قالت منظمة العفو الدولية إنها تملك معلومات موثوقة أن 37 شخصاً قتلوا بواسطة أجهزة الأمن السودانية.

ومنذ بداية العام 2018 يواجه السودان أزمة اقتصادية خانقة، تمثلت في شحّ غير مسبوق في النقد الأجنبي، وندرة في النقود والوقود، وغلاء في أسعار الخبز، وتضخم بلغ 70 في المائة، وبحسب المراقبين فإن الحكومة السودانية لم تفلح في تقديم حلول جذرية للأزمة، واتخذت من الحلول الأمنية أداة وحيدة لمواجهة الاحتجاجات، على الرغم من اعترافها بوجود أزمة حقيقية.

ونفى البنك السودان المركزي، أمس، تلقيه أي ودائع أو قروض خارجية، بيد أنه توقع وصول ودائع خارجية في وقت قريب، وأعلن السماح للبنوك بتمويل العقارات وتمويل جزئي للسيارات والحافلات الإنتاجية، واستثنى السيارات وعربات النقل الخاصة من التمويل.

وراجت الأسبوع الماضي معلومات عن تلقي الخرطوم وديعة تبلغ مليار دولار لمواجهة النقص الحاد في حصيلة البلاد من العملات الأجنبية، مقدمة من دولة قطر. وقال محافظ بنك السودان المركزي محمد خير الزبير في مؤتمر صحافي بالخرطوم أمس، إن الارتفاع الأخير في سعر صرف الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية يرجع لسياسات اتخذها البنك المركزي سدت ثغرات يستغلها المضاربون في العملات الأجنبية، من بينها وقف الاستيراد دون تحويل القيمة، وبيع حصائل الصادر بين المصدرين والمستوردين داخل البنك.

وأعلن الزبير السماح للبنوك بالتمويل العقاري، وتمويل السيارات الإنتاجية، على أن ينظر في تمويل السيارات الخاصة لاحقاً. وتوقع المحافظ بدء انقشاع أزمة النقود، ابتداء من منتصف الشهر الحالي حتى أبريل (نيسان) المقبل، باكتمال طباعة الفئات الجديدة من العملات 100، 200، 500 جنيه.

تجمع «المهنيين» في السودان يخطط لأسبوع عاصف... ولجنة حكومية تتحدث عن حلول
«الأمة القومي» ينضم إلى المطالبين بتنحي الرئيس... والسلطات تحذر من تأليب الجيش للانقلاب


الخرطوم: «الشرق الأوسط»
في وقت يسود فيه الهدوء الحذر، العاصمة السودانية، الخرطوم، والمدن الأخرى الغاضبة، يخطط «تجمع المهنيين السودانيين»، الذي تولى زمام المبادرة في تنظيم الاحتجاجات التلقائية، التي اندلعت في البلاد، لأسبوع عاصف، ينتظر أن يعلن مكانها وزمانها لاحقا. وحذرت السلطات السودانية، أمس الأحزاب التي طالبت بتنحي الرئيس عمر البشير، من أن خطوتها تأليب للجيش للقيام بانقلاب، في حين تحدثت اللجنة الاقتصادية الحكومية عن حلول في الأفق للأزمات التي تسببت في قيام الاحتجاجات.

وأمضت الخرطوم يوماً ثانياً في هدوء. وعدا مظاهرة صغيرة شارك فيها العشرات بالقرب من ميدان «القندول»، اعتقل خلالها ثلاثة نشطاء، لم تشهد العاصمة أي احتجاجات. وخارج العاصمة، لم تشهد بقية مدن البلاد احتجاجات لافتة، ما عدا منطقة الحلاوين بولاية الجزيرة وسط البلاد، التي شهدت بحسب الشهود مظاهرة حاشدة نددت بالغلاء وطالبت بإسقاط النظام، فرقتها السلطات الأمنية.

وقال «تجمع المهنيين السودانيين»، إنه يخطط لمظاهرات كبيرة وعاصفة، ابتداء من الأسبوع المقبل، تعم معظم أنحاء البلاد. وبحسب مصدر بالتجمع فإن بيانا لاحقا سيتم فيه تحديد مكان وزمان تلك المظاهرات. ونظم التجمع، وهو تنظيم مواز لنقابات المنشأة الموالية للحكومة، مظاهرة حاشدة الأسبوع الماضي، وأتبعها بثانية الاثنين، عدتا من أكبر الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها البلاد، طوال فترة حكم الرئيس عمر البشير.

في هذا السياق أيضا، انضم حزب الأمة القومي، بزعامة الصادق المهدي، إلى الأحزاب المطالبة بتنحي الرئيس البشير، وتأسيس مجلس رئاسي انتقالي، قائلا في بيان إن طريق الانتفاضة الشعبية، شهد تطوراً نوعياً وقفزة نوعية، بتوقيع «إعلان الحرية والتغيير»، بما يفتح مسارات التحول نحو الديمقراطية.

ووصف الحزب انسحاب قوى سياسية مشاركة في النظام بموجب «حوار الوثبة»، وانضمامها إلى صف الشعب بأنها «خطوة موفقة في الاتجاه الصحيح»، وذلك إشارة إلى قرار مجموعة أحزاب «كتلة التغيير» التي أعلنت انسحابها من الحكومة أول من أمس.

إلى ذلك، قال السكرتير السياسي للحزب الشيوعي محمد مختار الخطيب في مؤتمر صحافي عقده بالخرطوم أمس، إن حزبه يعمل على تعبئة الجماهير في المدن والأرياف، والانخراط في المظاهرات. وأعلن الخطيب تأييد حزبه ودعمه لإعلان «الحرية والتغيير» الصادر من تجمع المهنيين السودانيين ووقعته قوى المعارضة.

من جهة ثانية، ردت «أحزاب الحوار الوطني»، المشاركة في الحكومة، على قرار 22 حزبا مواليا للرئيس التحول للمعارضة والمطالبة برحيل النظام. وقالت إن تلك الخطوة من شأنها أن تفتح باباً «يؤدي إلى تشتيت وتفكيك وحدة الوطن». ورفضت ما سمته «المظاهرات التخريبية»، وأكدت أن «التظاهر السلمي» هو المطلوب لأنه محمي بالدستور والقانون. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية «سونا» أن مجموعة الأحزاب المؤيدة للحزب الحاكم المعروفة باسم «أحزاب الحوار الوطني»، كونت لجنة لمعالجة الأزمة الاقتصادية، وأعلنت تمسكها بمخرجات بالحوار الوطني ومخرجاته. وبحسب وكالة الأنباء السودانية الرسمية «سونا»، أقر رئيس اللجنة بحر إدريس أبو قردة، في مؤتمر صحافي في الخرطوم أمس، بأن هناك أزمة اقتصادية تواجه البلاد، وأن الدولة تبذل «جهداً لمعالجة هذه الأزمة».

وقال أبو قردة إن الدولة حددت حلولاً واضحة للأزمة، وتجري مساع جدية لإرجاع الثقة في المصارف، وأضاف: «بعض الحلول في مراحلها النهائية»، مؤكداً أن «الأزمة التي تواجه البلاد مقدور عليها».

ومنذ التاسع عشر من شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، شهدت مدن سودانية مظاهرات واحتجاجات تعد الأكبر في تاريخ المقاومة الشعبية لنظام الرئيس عمر البشير، أحرقت خلالها مباني وعقارات أغلبها تخص «حزب المؤتمر الوطني» الحاكم.

من زاويته، اتهم مسؤول رفيع بحزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان مجموعة الـ22 حزبا، التي انسحبت من الحوار الوطني، بتأليب الجيش للانقلاب على الوضع الراهن. وقال رئيس القطاع السياسي للحزب عبد الرحمن الخضر، أمس، إن خروج المجموعة يعد نسفا للحوار الوطني، وخروجا عن الوثيقة الوطنية بـ«طريقة لا أخلاقية»، ويعد إلغاء للمؤسسات القائمة. ورفض الخضر ما جاء في مذكرة الـ22 استعداء للجيش على الحوار ودعوة له للانقلاب على الوضع القائم. وحذر مما سماه «استغلال الاحتجاجات الشعبية لتنفيذ أجندة أخرى بعيدة عن الأسباب الرئيسية».

وهدد الخضر بأن مجموعة الحوار الوطني قادرة على الرد بالفعل السياسي وبالكيفية التي تضمن لها التعبير عن وجهة نظرها، حاول انتقال المنسحبين لدائرة الفعل السياسي.

وكان «تجمع المهنيين السودانيين» قد أصدر، أول من أمس، بيانا أطلق عليه اسم «إعلان الحرية والتغيير»، نص على التنحي الفوري للرئيس عمر البشير ونظامه من حكم البلاد دون قيد أو شرط، وتعهد فيه باستخدام أساليب النصال السلمي كافة لتخليص البلاد من نظام الإنقاذ الشمولي. ووقعت أحزاب وتحالفات المعارضة السودانية «نداء السودان، والإجماع الوطني، وتجمع المهنيين، والتجمع الاتحادي المعارض» على وثيقة «إعلان الحرية والتغيير»، واعتبرتها منهاجاً للتغيير في البلاد. واندلعت الاحتجاجات بادئ الأمر، لتندد بالغلاء وندرة السلع الرئيسية، بيد أنها تطورت لتطالب بإسقاط نظام الحكم، وبلغت ذروتها في الخرطوم بموكب نظمه «تجمع المهنيين السودانيين»، لتسليم رسالة للقصر الرئاسي تطالب الرئيس وحكومته بالتنحي الفوري. وواجهت السلطة الأمنية الاحتجاجات بعنف مفرط، واستخدمت إلى جانب الغاز المسيل للدموع والهراوات، الرصاص الحي، ما أدى لمقتل العشرات وجرح المئات، اعترفت الحكومة بمقتل 19. فيما قدرت الحزب الشيوعي القتلى بأكثر من أربعين قتيلاً.

من جهة ثانية، يقول مستخدمون للإنترنت إن السلطات السودانية تحجب مواقع شهيرة للتواصل الاجتماعي، استخدمت في تنظيم الاحتجاجات، التي بدأت بسبب الأزمة الاقتصادية، ونشر أخبارها على مستوى البلاد.

وأصبحت الإنترنت معتركا معلوماتيا رئيسيا في بلد تسيطر فيه الدولة بإحكام على وسائل الإعلام التقليدية. وتقول وسائل الإعلام المحلية إن نحو 13 مليونا، من بين سكان السودان البالغ عددهم نحو 40 مليون نسمة، يستخدمون الإنترنت وإن أكثر من 28 مليونا يملكون هواتف محمولة.

ولم تكرر السلطات قطع خدمة الإنترنت مثلما فعلت أثناء احتجاجات عنيفة في عام 2013، لكن الفريق صلاح عبد الله قوش، مدير جهاز الأمن الوطني والمخابرات، قال في مؤتمر صحافي نادر يوم 21 ديسمبر (كانون الأول): «كان هناك نقاش داخل الحكومة بشأن حجب مواقع التواصل الاجتماعي وفي النهاية اتخذ القرار بحجب هذه المواقع». وقال مستخدمو الشركات الثلاث التي تقدم خدمة الإنترنت في البلاد - وهي «زين» و«إم.تي.إن» و«سوداني» - إن الدخول على مواقع «فيسبوك» و«تويتر» و«واتساب» لم يعد ممكنا إلا باستخدام شبكة افتراضية خاصة هي «في.بي.إن».

وتوسع النشطاء في استخدام تلك الشبكات الخاصة، رغم مشكلاتها ورغم أن بعض السودانيين لا يعلمون بوجودها، في تنظيم وتوثيق الاحتجاجات.

وانتشر هاشتاج (وسم) «مدن_السودان_تنتفض» وغيره على نطاق واسع داخل السودان وخارجه. وقال مجتبى موسى أحد مستخدمي «تويتر» السودانيين الذي يتابع حسابه أكثر من 50 ألف شخص وكان نشطا في توثيق الاحتجاجات، إن لمواقع التواصل الاجتماعي تأثيرا حقيقيا وكبيرا وإنها تساعد في تشكيل الرأي العام ونقل ما يحدث في السودان للخارج.

وقالت منظمة نتبلوكس، وهي منظمة غير حكومية تدافع عن الحقوق الرقمية، إن البيانات التي جمعتها، ومنها ما حصلت عليه من آلاف السودانيين المتطوعين، تقدم دليلا على وجود «نظام رقابة واسع النطاق على الإنترنت». وقال بدر الخرافي الرئيس التنفيذي لمجموعة زين لـ«رويترز»: «حجب بعض المواقع قد يكون لأسباب فنية خارج نطاق اختصاص الشركة». ولم يتسن الاتصال بهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات التي تراقب قطاع الاتصالات في السودان أو بشركة (إم.تي.إن) أو بشركة سوداني للحصول على تعليق. ورفضت «تويتر» و«فيسبوك»، اللتان تملكان تطبيق «واتساب»، التعليق.

وقالت ماي ترونج من منظمة فريدم هاوس الحقوقية، ومقرها الولايات المتحدة: «للسودان تاريخ طويل من الرقابة المنهجية على وسائل الإعلام المطبوعة والمذاعة، لكن وسائل الإعلام الإلكترونية لم تُمس نسبيا رغم نموها السريع... في السنوات الأخيرة». وأضافت: «بدأت السلطات لتوها في السير على نهج حكومات قمعية أخرى».