|
|
التاريخ: كانون ثاني ٣, ٢٠١٩ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
من يحكم تونس في ظل الحرب المفتوحة بين رئاسة الجمهورية والحكومة؟ |
«الاستثناء التونسي» في المحك بسبب خلافات السياسيين وارتفاع منسوب الاضطرابات الاجتماعية |
تونس: كمال بن يونس
رغم أن رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد أدلى بتصريحات تضمنت تطمينات للمستثمرين والمواطنين حول المؤشرات الاقتصادية والأمنية، فإن مؤشر التوتر الاجتماعي والسياسي ما زال مرتفعاً بعد انفجار حرب إعلامية بين رئاسة الجمهورية والحكومة من جهة، وقيادات «نداء تونس» و«النهضة»، الحاكمين منذ انتخابات نهاية 2014 من جهة ثانية، وأيضاً بين النقابات والائتلاف الحكومي من جهة ثالثة.
وعشية الاحتفال برأس السنة، فاجأ رئيس الجمهورية، رئاسة الحكومة وزعماء الأحزاب والنقابات بمبادرة سياسية جديدة، تهدف إلى إعادة التحكم مجددا في مستقبل البلاد السياسي والأمني والاقتصادي إلى مؤسسة الرئاسة، ليصبح السؤال الأكبر داخل أوساط صنع القرار الوطني والإقليمي هو: من سيحكم تونس بعد 8 أعوام من حالة عدم الاستقرار والتشرذم السياسي؟ وهل ستنجح حوارات قصر قرطاج الجديدة، بحضور رئيسي الحكومة والبرلمان وزعماء الأحزاب الحاكمة والنقابات في رأب الصدع بين رأسي السلطة التنفيذية وقيادات الحزبين الكبيرين؟ أم سينهار «الاستثناء التونسي» و«النموذج الديمقراطي التوافقي العربي الوحيد»، بسبب خلافات السياسيين وارتفاع الاضطرابات الاجتماعية؟
قبل أسابيع، أجرى كل من رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، زعيم حزب النداء، و«ابنه الروحي» رئيس الحكومة يوسف الشاهد، وزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، مقابلات ماراثونية داخل تونس وخارجها مع مسؤولين سياسيين كبار، وبرلمانيين من بعض الدول العربية والغربية، بهدف احتواء الأزمة السياسية، الأخطر في تاريخ البلاد، والتوصل إلى توافق جديد يؤدي إلى إنجاز الانتخابات الرئاسية والبرلمانية خلال العام الحالي في ظروف عادية، والتغاضي عن الخلافات التي تفرق بين الأطراف السياسية الأبرز في البلاد.
لكن تصريحات الوزير السابق رضا بالحاج، المنسق العام لحزب النداء، الموالي لنجل الرئيس حافظ قائد السبسي، ورئيس الهيئة السياسية لحزب النداء، جاءت لتؤكد أن الخلاف كبير جدا في الكواليس بين رئيس الجمهورية وحلفائه، وقيادة حركة النهضة وشركائها في الحكومة الحالية، حول ملف التمديد لرئيس الحكومة يوسف الشاهد، أو سحب الثقة منه في البرلمان، رغم نجاحه في امتحاني كسب الثقة لحكومته، والمصادقة على قانون المالية الجديد.
وفي هذا السياق، أكد المستشار في رئاسة الجمهورية الوزير ناجي جلول أن عددا من المقربين للرئيس قائد السبسي وحزب النداء يرفضون إعادة فتح قنوات حوار مع قيادة حركة النهضة وشركائها في الحكومة، قبل أن تفك ارتباطها بيوسف الشاهد.
ويتزعم التيار المعارض ليوسف الشاهد رئيس الهيئة السياسية لحزب النداء حافظ قائد السبسي، ورجل الأعمال سليم الرياحي، الأمين العام للحزب، والوزير السابق رضا بالحاج المنسق العام للحزب. بالإضافة إلى رئيس الكتلة البرلمانية سفيان طوبال، والناطقة الرسمية أنس الحطاب، وفريق مستشاري الرئيس في قرطاج.
مطالب بتحقيق الاستقرار
في المقابل، برزت مواقف كثيرة تدعم يوسف الشاهد وحكومة الائتلاف الجديدة، التي شكلها قبل شهرين، بما في ذلك أعضاء من اليسار الاشتراكي والأحزاب العلمانية الليبيرالية، مثل الوزير كمال مرجان، حيث صدرت تصريحات عن بعض أبرز خصوم يوسف الشاهد السابقين، مثل المستشار السابق للرئيس، وزعيم حزب مشروع تونس اليساري محسن مرزوق، الذي فاز بثلاث حقائب في الحكومة الائتلافية الجديدة، حيث طالب مرزوق بأن تُعطى الحكومة الحالية فرصة لتحقيق الاستقرار عوض التهديد بإقالتها. كما حذر الوزير سمير الطيب، زعيم حزب المسار اليساري، من مخاطر دفع بالبلاد مجددا نحو عدم الاستقرار الحكومي، الذي ظهر منذ ثورة يناير 2011.
بدوره، أعلن عبد الكريم الهاروني، الوزير السابق ورئيس مجلس شورى حركة النهضة، أن مؤسسات حزبه «تساند يوسف الشاهد دعما للاستقرار السياسي في البلاد، وتراهن على إنجاز الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة خريف السنة الحالية في ظروف عادية».
أما وزير الخارجية السابق رفيق عبد السلام، فقد جدد بدوره مساندته لحكومة الشاهد التوافقية الحالية، ودعا إلى دعم الاستقرار السياسي الذي تحتاج إليه البلاد، ويطالب به رجال الأعمال والمواطنون بهدف تحسين مناخ العمل وظروف العيش.
مساندة غير مشروطة
لكن الضغوط التي يمارسها بعض المقربين من رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي قصد إبعاد الشاهد، أو إضعاف حظوظه في انتخابات الخريف الحالي، تسببت في تعديل مواقف السياسيين ووسائل الإعلام المساندة لمشروعه السياسي والحزبي.
وكان من بين مفاجآت الأسبوع الأخير لعام 2018 تنظيم الرئيس التونسي اجتماعاً سياسياً، حمّل فيه، بشكل علني وصريح، رئيس الحكومة وشركاءه في الائتلاف الحاكم مسؤولية الإضرابات والإخفاقات الاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها البلاد. وقد تزامن هذا الاجتماع مع حرب إعلامية استهدفت الشاهد، رداً على تصريحاته في حوار تلفزيوني حمّل فيه نجل رئيس الجمهورية، ومَن وصفهم بـ«رموز الفساد» مسؤولية الأزمة السياسية التي يمر بها الحزب الحاكم والبلاد برمَّتها. واستهدفت الحرب الإعلامية أيضاً بعض الوزراء السابقين والبرلمانيين المنشقين عن حزب نداء تونس، الذين يستعدون لتأسيس حزب موالٍ للشاهد ومشروعه السياسي والانتخابي. كما شملت الحرب الإعلامية مجدداً حركة النهضة، وكتلتها البرلمانية، بزعامة وزير العدل السابق نور الدين البحيري، ورئيس الحكومة السابق علي العريض، لأنها أجهضت كل محاولات قصر قرطاج سحب الثقة من الشاهد في البرلمان.
وسبق لرئيس الجمهورية أن اتهم رئيس الحكومة والمقربين منه بـ«التبعية لحركة النهضة»، ووصفه بـ«النهضاوي»، كما وصف الحكومة الحالية بأنها «حكومة النهضة»، بحجة أن كتلتها أصبحت الأولى في البرلمان، وعارضت تغييره.
لكن أطرافاً كثيرة في مؤسستي رئاسة الجمهورية والحكومة، وأيضاً في قيادة حزبي النهضة والنداء، لا تزال تسعى إلى استبعاد خيار القطيعة والصدام. وفي هذا السياق، فهم البعض اجتماع الرئيس مجددا في قصر قرطاج برئيسي الحكومة والبرلمان، الذي حضره رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وزعيمي نقابات العمال ورجال الأعمال نور الدين الطبوبي وسمير ماجول، بأنه محاولة لإيجاد خط توافقي يرضي كل الأفرقاء السياسيين. لكن رد فعل رضا بالحاج، المنسق العام باسم حزب النداء، على هذا الاجتماع تؤكد تمسك عدد من صُنّاع القرار في قصر قرطاج بخيار إبعاد يوسف الشاهد، وفكّ الارتباط بين رئاسة الجمهورية وحركة النهضة. وفي المقابل، كشف الشاهد، خلال حواره التلفزيوني الجديد، عن إرادة للعب دور أكبر هذا العام، بما في ذلك خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة.
وعلى الرغم من استئناف رئيس الحكومة انتقاداته اللاذعة لنجل الرئيس حافظ السبسي، فإنه لم يقطع «شعرة معاوية» مع والده رئيس الجمهورية قائد السبسي، مؤكدا أن العلاقة بينهما تغيرت «لكنها لم تنقطع»، وأنه يحترم الدستور الذي يحدد صلاحيات رأسي السلطة التنفيذية.
لكن نور الدين بن نتيشة المستشار السياسي لرئاسة الجمهورية، والناطقة الرسمية باسمها سعيدة قراش، ومسؤول الإعلام فراس قفراش اعترضوا على تصريحات الشاهد وتحالفاته، واعتبروا أن الدستور يلزمه بالانصياع لقيادة حزب النداء، التي رشَّحته لمنصب رئيس الحكومة، باعتباره الحزب الفائز بالمرتبة الأولى في انتخابات 2014.
مواقف متباينة
في خضم هذه الخلافات، تتراوح مواقف رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي بين الحسم سياسيا في رئيس الحكومة يوسف الشاهد والمنشقين عن حزب النداء وحلفائهم في حركة النهضة، وقبول مبدأ الحوار والوساطات الداخلية والخارجية، استعداداً لتنظيم المؤتمر الانتخابي للحزب في غضون ثلاثة أشهر.
وفي هذا السياق، أكدت مصادر متنوعة أن وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي يقوم في صمت بجهود للتوفيق بين مختلف الأفرقاء، مستفيدا من علاقاته المتطورة برئيسي السلطة التنفيذية، وأغلب القيادات الحزبية والسياسية والنقابية.
كما استقبل قائد السبسي موفدين عن رئيس الحكومة وعن المنشقين، الذين يعتزمون تشكيل حزب سياسي بزعامة يوسف الشاهد، تسند رئاسته إلى كبير مستشاري قصر قرطاج سابقاً الوزير الشاب سليم العزابي. ومن المقرر أن تضم قيادة هذا الحزب مجموعة من الوزراء وكوادر الدولة الشباب، الذين انحازوا للشاهد، مراهنين على صغر سنه وانفتاح الآفاق أمامه (42 عاماً مقابل 92 عاماً بالنسبة لرئيس الجمهورية).
وعند حديثه عن التطور السلبي في علاقته بقيادة حركة النهضة، تركت بعض تصريحات الرئيس قائد السبسي الباب مفتوحاً أمام خطِّ الرجعة مع رئيسها الغنوشي، الذي وصفه بـ«الصديق»، وأعلن أنه سيحافظ على «شعرة معاوية»، التي تربطهما، رغم خلافهما السياسي الواضح بسبب انحياز الغنوشي للشاهد. كما استبعد السبسي كل فرضيات توظيف صلاحياته الدستورية لشل عمل الحكومة والبرلمان، أو تعطيل العمل بالدستور، مبرراً موقفه بتشبعه بقيم الجمهورية والولاء للدولة، وجعل مصالحها فوق الاعتبارات الشخصية والسياسية الظرفية.
لكن بصرف النظر عن فحوى النصوص الدستورية، فإن واقع تونس يؤكد أن المطبخ السياسي الأهم لا يزال في قصر الرئاسة بقرطاج، وأنه هو الذي يتحكم في علاقات تونس الخارجية، وفي توجهات المؤسستين العسكرية والأمنية ورئاسة البرلمان، وقيادة الحزب الحاكم.
ورغم انضمام كبير مستشاري الرئيس ومدير مكتبه سليم العزابي إلى فريق يوسف الشاهد والمنشقين عن حزب النداء، فإن الوزير ناجي جلول، مستشار الدراسات الاستراتيجية في رئاسة الجمهورية، يعتقد أن العودة إلى التوافق بين القيادات السياسية والنقابية التونسية «ممكنة إذا دعمها رئيس الجمهورية، واحترمت البرنامج السياسي الاجتماعي الوسطي لحزب النداء وليس السياسات الليبرالية» للحكومة الحالية «التي تسببت في اندلاع مزيد من الإضرابات والأزمات مع الاتحاد العام لنقابات العمال».
في هذا السياق، ترشحت بعض الشخصيات السياسية في قصر قرطاج للعب دور سياسي وطني أكبر، بينها الوزيرة وسيدة الأعمال سلمى اللومي التي عينها قائد السبسي مديرة جديدة لمكتبه منذ مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، خصوصاً أنها تتميز بعلاقاتها الطيبة مع قيادات حزبي النداء والنهضة، وبكوادر الدولة ورجال الأعمال وبزعماء أغلب الأحزاب العلمانية. ولا تستبعد بعض الأوساط القيادية في حزب النداء أن تكون اللومي من بين المرشحين لتزعّم الحزب وخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة باسمه، فضلاً عن استعدادها لفتح صفحة جديدة مع الشاهد، باعتبارها من بين القياديين الذين عارضوا قرار تجميد عضويته.
السؤال الذي يطرحه عدد كبير من السياسيين في تونس هو: كيف يمكن الخروج من المأزق السياسي الحالي، ومن التجاذبات بين صنّاع القرار في قصري الرئاسة في قرطاج والقصبة وفي قيادتي النداء والنهضة؟ وهل ستظل تونس دون سلطة مركزية قوية وموحدة إلى ما بعد تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية خريف السنة الحالية؟
الواضح أنه رغم تبادل الاتهامات بين مسؤولي الائتلاف الحاكم والمعارضة والنقابات، فإن تصريحات كثير منهم تكشف حرصا على بناء جسور جديدة للتوافق بين رفاق الأمس في الحزب الحاكمين: النداء والنهضة.
وعلى الرغم من تأكيد البيانات الجديدة الصادرة عن قيادة النهضة دعم استقرار حكومة الشاهد، فقد وجه عدد من قادتها، بينهم وزير الخارجية السابق رفيق عبد السلام، رسائل سياسية جديدة لقصر قرطاج تفتح الباب أمام إعادة ترتيب الأوراق، حيث صرح هذا الأخير بأن حركته ترحب بتأسيس الشاهد وأنصاره حزبا جديدا، دعما للاستقرار السياسي. لكن هذا التعاون لا يعني شراكة استراتيجية معهم على حساب بقية الأطراف السياسية، والحوار مع رئاسة الجمهورية.
وفهم المراقبون من هذا التصريح إعلان استعداد لإعادة التفاوض حول كل الملفات القوية، بما في ذلك مستقبل الحكومة الحالية ورئيسها.
في غضون ذلك، قال عبد الكريم الهاروني، الوزير السابق ورئيس مجلس شورى النهضة، إن الاجتماع الموسّع للمجلس قرر دعم الاستقرار الحكومي. لكنه طالب الشاهد بعدم توظيف مؤسسات الحكم في السباق الانتخابي المقبل، معتبراً هذا الموقف عودة إلى المربع الأول في علاقة النهضة بالشاهد، أي مطالبته بالانسحاب من رئاسة الحكومة إذا قرر أن يترشح في الانتخابات الرئاسية، أو أن يتزعم حزباً وقائمات في الانتخابات البرلمانية.
ويعد موقف رفيق عبد السلام وعبد الكريم الهاروني تطورا عن مواقف سابقة صدرت عن مسؤولين في الحركة، انحازت بشكل غير مشروط للشاهد، ردا على إعلان الرئيس قائد السبسي ونجله حافظ القطيعة السياسية مع زعيم النهضة راشد الغنوشي والمقربين منه.
يُذكر أن الوزير السابق لطفي زيتون، المستشار السياسي للغنوشي وقياديين آخرين في النهضة، عارضوا علناً منذ مطلع الصيف الماضي القطيعة مع رئاسة الجمهورية وقيادة حزب النداء، وقللوا من أهمية الرهان على ما وُصِف بالشراكة الاستراتيجية مع الشاهد، المرشح ليكون حاكم تونس القادم من قبل قوى مؤثرة داخل تونس وخارجها.
في الأثناء، يُعتبر القيادي في حزب النداء ناجي جلول أن حل الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد «يبدأ بتشكيل حكومة تكنوقراط تتشكل من مستقلين عن كل الأحزاب السياسية، تكلف بحكم البلاد حتى تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، واستكمال إجراءات نقل السلطات نهاية 2019، أو مطلع 2020».
لكن جلول وعدداً آخر من الزعماء النقابيين، وقادة حزب النداء وزعماء الأحزاب المعارضة، يعودون إلى المطالبة بإقالة رئيس الحكومة الحالية والوزراء السياسيين، ودعوتهم إلى التفرُّغ إلى مشاريعهم السياسية والانتخابية، على غرار ما حصل في 2014 مع حكومة المهدي جمعة بعد توافق سياسي، رعته قيادة نقابات العمال ورجال الأعمال ومنظمة المحامين، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.
لكن اليساري الوسطي محسن مرزوق، زعيم حزب مشروع تونس، وعدداً من المنشقين عن حزب النداء وحلفاءهم الإسلاميين يعترضون على هذا المطلب، ويحتجّون بكون الدستور لا يلزم رئيس الحكومة وبقية الوزراء بالاستقالة من مناصبهم إذا قرروا المشاركة في الانتخابات.
وفي الكواليس تروج حاليا سيناريوهات حول حكم البلاد في المرحلة المقبلة، أحدها تشكيل تحالف مفتوح ضد حركة النهضة بين أبرز الفرقاء السياسيين، يوحد أنصار قائد السبسي والشاهد وحلفاءهما، بهدف إضعاف حظوظ الإسلاميين في الانتخابات المقبلة. وأصحاب هذا السيناريو يحاولون إحياء جبهة «الحداثيين والعلمانيين»، الذين يلعبون في مشروعهم الانتخابي ضد النهضة بورقة الاختلاف مع ما يُسمى بحركات الإسلام السياسي والتيارات المحافظة ذات المرجعيات الدينية، أي الورقة ذاتها التي لعبها حزب النداء ومجموعات أقصى اليسار في انتخابات 2014.
كما يراهن هؤلاء على عقد مؤتمر توحيدي بين كوادر حزب النداء وانتخاب قيادة جديدة.
وفي صورة فشل هذا الخيار، يقع اللجوء إلى السيناريو الثاني، أي تشكيل أنصار الشاهد لحزب يرث غالبية كوادر حزب قائد السبسي، تُسند رئاسته إلى سليم العزابي، الوزير مدير الديوان الرئاسي السابق، مع ضمان انفتاح هذا الحزب انتخابياً على المستقلين، وعلى كفاءات منشقة عن أحزاب أخرى، من بينها حركة آفاق الليبرالية، والحزب الجمهوري السابق بزعامة أحمد نجيب الشابي، والمهدي بن غربية وعصام الشابي وإياد الدهماني.
لكن حسابات كل السياسيين قد تنهار في صورة تدخل عناصر جديدة قد تكون أكثر خطورة، من بينها حدوث انفجارات اجتماعية واضطرابات أمنية ترتبط بتطورات الأوضاع في ليبيا والجزائر وفي المنطقة عموماً. |
|