التاريخ: كانون الأول ٢١, ٢٠١٨
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
هل انتهى وجود "داعش" عملياً في سوريا؟
المصدر: (أ ف ب)
برّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب قراره سحب قواته من سوريا، بتحقيق هدفه لناحية إلحاق "الهزيمة" بتنظيم "الدولة الاسلامية"، في خطوة أثارت مواقف مشككة على مستويات عدة. فهل انتهت عملياً المعارك ضد التنظيم الجهادي؟
مُني تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا خلال العامين الأخيرين بخسائر ميدانية كبرى، قلّصت مساحة سيطرته من مناطق شاسعة الى جيوب متفرقة في شرق البلاد وفي البادية السورية.

رغم هذه الخسائر، لا يزال التنظيم قادراً على التصدي للهجمات التي تستهدفه في الجيوب التي يتحصن فيها وأبرزها في محافظة دير الزور.

وتزامناً مع اعلان ترامب قراره سحب قواته من شمال سوريا، كان تنظيم "الدولة الاسلامية" بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، يشن "هجمات مضادة" على مواقع قوات سوريا الديموقراطية في محيط بلدة هجين، بعدما طردته منها بدعم من التحالف الدولي بقيادة أميركية الأسبوع الماضي،

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لفرانس برس إن "معارك عنيفة تدور الخميس بين الطرفين شرق بلدة هجين"، أبرز بلدات هذا الجيب.

ويدافع التنظيم بشراسة عن هذا الجيب الواقع في ريف دير الزور الشرقي بمحاذاة الحدود العراقية، حيث يتحصّن نحو ألفين من مقاتليه، وفق تقديرات التحالف الدولي.

وقال الباحث في مركز الأمن الأميركي الجديد نيكولاس هيراس لوكالة فرانس برس في وقت سابق "هناك جيش صغير من مئات المقاتلين الذين جمعهم التنظيم، بمن فيهم أفضل قناصته".

ويتفوق مقاتلو التنظيم، وفق المرصد ومحللين، بمعرفتهم بطبيعة المنطقة الجغرافية أكثر من القوات المهاجمة.

ويُرجح أن يكون العدد الأكبر من مقاتلي التنظيم من الأجانب والعرب وبينهم، بحسب قوات سوريا الديموقراطية، قادة من الصف الأول. وقال متحدث باسم التحالف الدولي في وقت سابق إن اثنين من أبرز قادة التنظيم قد يكونان في المنطقة رغم أن "العديدين (منهم) فرّوا".

وانطلاقاً من مواقعه في البادية السورية، يستهدف مقاتلو التنظيم وفق المرصد، وبشكل شبه يومي، مواقع قوات النظام وحلفائها.

وفي المناطق التي تمّ طرده منها، يتحرّك التنظيم من خلال "خلايا نائمة" تضع عبوات أو تنفذ عمليات اغتيال أو خطف أو تفجيرات انتحارية تستهدف مواقع مدنية وأخرى عسكرية.

وفي مدينة الرقة، التي كانت تعد أبرز معقل للتنظيم في شمال سوريا وطرد منها قبل أكثر من عام، لا تزال قوات سوريا الديموقراطية تتخذ اجراءات أمنية مشددة وتنشر حواجز أمنية للتدقيق في الهويات خشية من تسلل جهاديين.

ويعتمد التنظيم، وفق ما يشرح عبد الرحمن، في عملياته الى حد كبير على الخلايا النائمة المنتشرة بكثرة، لأنه "ليس لدى هؤلاء ما يخسرونه". ويقول إن "الآلاف من مقاتلي التنظيم تحولوا بعد الهجمات على معاقلهم الى خلايا نائمة تنتشر في كافة المناطق التي طردوا منها، من منبج شمالاً وصولاً الى دير الزور شرقاً".

ويقول "تشكل الخلايا النائمة الجيش الرديف لتنظيم الدولة الاسلامية في شمال سوريا وهي تعمل على نشر الفوضى والانفلات الأمني ضمن مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية".

وتوقع العديد من المحللين أن يعتمد التنظيم بعد الخسائر التي مني بها في سوريا في عملياته على "الخلايا النائمة والألغام والانتحاريين".

لم تشلّ الضربات التي تلقاها تنظيم الدولة الاسلامية من قدرته على تنفيذ اعتداءات في الخارج، يضعها منفذوها في اطار تلبية نداءات التنظيم لاستهداف الدول الأعضاء في التحالف الدولي.

ووجّه التحالف منذ صيف العام 2014 ضربات ضد مواقع التنظيم وتحركاته في سوريا والعراق المجاور. كما وفّر الغطاء الجوي للعمليات العسكرية ضده والتدريب للمقاتلين المحليين المهاجمين.

واستهدفت آخر هجمات التنظيم في الحادي عشر من الشهر الحالي سوقاً للميلاد في وسط مدينة ستراسبورغ شرق فرنسا، ما تسبب بمقتل خمسة أشخاص وجرح 12 آخرين.

وتبنى التنظيم عبر وكالة أعماق الدعائية التابعة له تنفيذ الهجوم عبر أحد "جنود الخلافة الاسلامية" وقال إنّه نفذ العملية "استجابة لنداءات استهداف رعايا دول التحالف".

كما تبنى التنظيم عبر وكالة أعماق هجوماً بسكين في مدينة ملبورن الأسترالية الشهر الماضي أوقع قتيلاً، وهجوماً انتحارياً استهدف موقعاً قريباً من تظاهرة احتجاجية على هجمات طالبان ضد أقليّة الهزارة الشيعية في مدينة كابول الأفغانية، تسبب بمقتل ستة أشخاص على الأقل.

ويخشى محللون أن يشكل قرار ترامب بسحب قواته من سوريا فرصة كي يعيد التنظيم ترتيب صفوفه.

ويقول هيراس "يضع الرئيس ترامب العربة أمام الحصان، لأن تنظيم الدولة الاسلامية لم يهزم بعد في سوريا".