التاريخ: كانون الأول ٢١, ٢٠١٨
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
ترامب: لن نكون شرطي الشرق الأوسط مجاناً والحلفاء يخالفونه: "داعش" لم ينتهِ في سوريا
قال الرئيس الاميركي دونالد ترامب إن الولايات المتحدة "لا تريد أن تكون شرطي الشرق الأوسط" وذلك عقب قراره سحب القوات الاميركية من كل الاراضي السورية والذي أثار قلقاً في الولايات المتحدة وردود فعل أمس لدى حلفاء واشنطن الذين أكدوا استمرارهم في مواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش.

وكتب ترامب في تغريدة: "هل تريد الولايات المتحدة أن تكون شرطي الشرق الاوسط؟ وألا تحصل على شيء غير خسارة أرواح غالية وإنفاق آلاف تريليونات الدولارات لحماية أشخاص، لا يقدّرون في مطلق الاحوال تقريباً ما نقوم به؟ هل نريد أن نبقى هناك الى الأبد؟ حان الوقت أخيراً كي يقاتل الآخرون". وقال إن "روسيا وإيران وسوريا والكثير غيرها ليسوا مسرورين بخروج الولايات المتحدة على رغم ما تقوله الأخبار الكاذبة، لأن عليهم الآن قتال تنظيم الدولة الإسلامية وغيره ممن يكرهونهم، من دوننا". وأضاف: "أنا أبني أقوى جيش في العالم على الإطلاق. إذا ضربنا تنظيم الدولة الإسلامية فيكون حكم على نفسه بالهلاك".

ومساء الأربعاء قال في رسالة بالفيديو بُثت على موقع "تويتر" عن القتال ضد التنظيم الجهادي:"لقد انتصرنا. دحرناهم وأنزلنا بهم هزيمة قاسية. استعدنا الأرض. لذا فإن أبناءنا، شبابنا من النساء والرجال... سيعودون جميعاً، وسيعودون الآن".

وفي مواجهة الانتقادات الصادرة عن سياسيين جمهوريين وديموقراطيين على السواء، شدد ترامب في رسالته المسجلة على أن هذا هو التوقيت الصحيح لمثل هذا القرار. وقال:"انهم يستعدون، وسترونهم قريباً جداً. هؤلاء هم أبطال أميركيون كبار".

هذا الإعلان المفاجئ الذي يحدث تغييراً عميقاً في ميزان القوى على الساحة السورية حيث لروسيا وزن كبير، جاء وسط حالٍ من الارتباك ليعزز صورة رئيس معزول حيال هذا الملف داخل إدارته.

وينتشر حالياً نحو ألفي جندي أميركي في شمال سوريا ولا سيما من القوات الخاصة التي تنسق القتال ضد "داعش" وتشارك فيه وتدرب قوات سورية وكردية في المناطق المستعادة منه.

في الفترة الأخيرة حذر عدد من كبار المسؤولين الأميركيين من انسحاب متسرع يطلق يد روسيا وإيران حليفي الرئيس بشار الأسد في سوريا.

ولم يتمكن البيت الأبيض ووزارة الدفاع الأربعاء من تحديد تاريخ هذا الانسحاب. وأوضح مسؤول أميركي طلب عدم ذكر اسمه "أنه انسحاب كامل" سيتم في أقرب وقت.

وقال وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو إن بلاده "تعتزم مواصلة حملتها على الإرهاب ومواصلة الحرب ضد تنظيم الدولة الاسلامية سواء في سوريا أو في أي مكان آخر".

كما أكّدت وزارة الدفاع الأميركية مواصلة حملتها الجوية في سوريا في الوقت الحاضر على الأقل. وصرحت ناطقة باسمها: "هناك قوات (أميركية) على الأرض، ستشنّ الولايات المتحدة غارات جوية دعماً لقواتنا... أما في ما يتعلق بمرحلة ما بعد وجود القوات الأميركية على الأرض، فلن ندلي بتكهنات عن العمليات المستقبلية".

بيد ان وكالة "رويترز" نسبت غلى مسؤولين أميركيين أن الولايات المتحدة ستنهي على الأرجح حملتها الجوية على "داعش" في سوريا عندما تسحب قواتها من هناك.

ولفت مسؤول أميركي نبه إلى أن القرار النهائي في شأن الحملة الجوية لم يصدر حتى الآن ولم يستبعد تقديم شكل من أشكال الدعم للشركاء والحلفاء.

وأبلغ مسؤولون أميركيون "رويترز" أن القادة العسكريين الأميركيين على الأرض يشعرون بالقلق من تأثير الانسحاب السريع وأنهم فوجئوا بقرار سحب القوات.

الموقف الفرنسي

وأعلنت فرنسا، وهي عضو رئيسي في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، أنها ستحتفظ بقواتها في شمال سوريا في الوقت الحاضر لأنه لم يتم القضاء بعد على "داعش".

وكتبت وزيرة الدفاع فلورانس بارلي على "تويتر": "الدولة الإسلامية لم تمح عن الخريطة ولم تستأصل شأفتها. من الضروري أن تواجه الجيوب الأخيرة لهذه المنظمة الإرهابية هزيمة عسكرية حاسمة".

ولفرنسا نحو 1100 جندي في العراق وسوريا يقدمون الدعم اللوجستي والتدريب والدعم بالمدفعية الثقيلة فضلا عن الطائرات المقاتلة. وتنشر في سوريا عشرات من أفراد القوات الخاصة والمستشارين العسكريين وبعض الأفراد التابعين لوزارة الخارجية.

دو ميستورا

وفي نيويورك، أكد المبعوث الأممي إلى سوريا ستافان دو ميستورا، في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن عن الوضع في سوريا، أن "السلال الأربع" التي تم التوصل إليها في محادثات جنيف قد تمثل أساساً لحل الأزمة وهي: الحكومة والدستور والانتخابات ومكافحة الإرهاب، وطرحت خلال المحادثات في شأن الأزمة السورية.

وجاء في إحاطته قبل ترك منصبه، أن كل الوعود التي تمخضت عن محادثات أطراف الأزمة السورية لم تتحقق بعد، مشيراً إلى أن الأمم المتحدة وضعت لبنات أساسية للتسوية، لكنها لم تتمكن من وضع آليات تؤدي إلى الحل. وأضاف أن الأطراف السوريين اقتربوا من تشكيل اللجنة الدستورية، لكنهم لم يتمكنوا حتى الآن من إطلاق أعمالها، مشيراً إلى أن "اللجنة الدستورية ستساهم في عملية سياسية حقيقية، والإصلاح الدستوري من الممكن أن يمهد الطريق لإنهاء الأزمة".

واقترح أن تكون رئاسة اللجنة الدستورية السورية مشتركة بين الحكومة والمعارضة. وعبر عن شكوكه في شرعية عدد من المرشحين في اللجنة الدستورية من القائمة الثالثة التي اقترحتها روسيا وتركيا وإيران وتضم 50 شخصاً، قائلاً: "لسنا متأكدين من أنهم يستوفون المعايير الضرورية للصدقية والتوازن، لذا يجب القيام بعمل إضافي".

الحلفاء يخالفون ترامب: "داعش" لم ينتهِ في سوريا

غداة القرار المفاجئ للرئيس الاميركي دونالد ترامب بسحب الجنود الأميركيين من سوريا، اختلفت وجهات نظر الحلفاء في قوله إن تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) قد انتهى. وحده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وافق ترامب على تقويمه.

وحذرت "قوات سوريا الديموقراطية" (قسد)، التي تعد "وحدات حماية الشعب" الكردية عمودها الفقري، من أن قرار الولايات المتحدة سحب قواتها من سوريا يعطي التنظيم الجهادي "زخماً للانتعاش مجدداً" وشن هجمات معاكسة، بعد طرده من مساحات واسعة في البلاد.

وأكدت قيادة "قسد" في بيان أنّ "معركة مكافحة الإرهاب لم تنته بعد، ولم يتم بعد إلحاق الهزيمة النهائية به، بل هي في مرحلة حاسمة ومصيرية تتطلب تضافر الجهود من قِبل الجميع ودعماً أكبر من التحالف الدولي".

ورأت أن "قرار الانسحاب سيؤدي بشكلٍ مباشر إلى ضرب مساعي القضاء النهائي على التنظيم الإرهابي... كون الانسحاب في مثل هذه الظروف سيؤدي إلى حالة من اللااستقرار وزعزعة الأمن، وخلق فراغ سياسي وعسكري في المنطقة".

ويذكر أن "قسد" خاضت خلال السنتين الاخيرتين معارك عنيفة بدعم أميركي ضد "داعش" وتمكنت من طرده من مناطق واسعة في شمال وشرق البلاد.

وتدرج أنقرة الوحدات الكردية على قائمتها للمنظمات "الارهابية" وتعتبرها امتداداً لـ"حزب العمال الكردستاني" الذي يخوض تمرداً ضدها على أراضيها منذ عقود.

ولطالما هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشن هجوم على المقاتلين الأكراد، مطالباً بانسحابهم من مناطق عدة ولا سيما منها الضفاف الشرقية لنهر الفرات، حيث الجيب الأخير للتنظيم.

وأمس، قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إن المسلحين الأكراد في شرق الفرات بسوريا "سيدفنون في خنادقهم في الوقت المناسب".

ونقلت عنه وكالة "أنباء الأناضول" التركية شبه الرسمية :"أمامنا الآن منبج وشرق الفرات. نعمل بشكل مكثف على هذه المسألة".

لندن

وفي لندن، أصدرت وزارة الخارجية البريطانية بياناً جاء فيه: "لا يزال ينبغي عمل الكثير، ويجب ألا نفقد رؤية الخطر الذي يشكلونه. داعش، حتى وإن كانت بلا أراض، ستظل تهديداً". وأضاف: "كما أوضحت الولايات المتحدة، هذه التطورات في سوريا لا تشير إلى نهاية التحالف العالمي أو حملته. سنواصل العمل مع الدول الأعضاء في التحالف من أجل تحقيق هذا".

باريس

وصرحت الوزيرة الفرنسية للشؤون الأوروبية ناتالي لوازو بأن فرنسا "تبقى" ملتزمة عسكرياً في سوريا". وقالت إن الحرب على الإرهاب "أحرزت تقدماً كبيراً، صحيح أنه كان هناك تقدم كبير في سوريا من خلال التحالف، لكن هذه المعركة مستمرة ، وسنواصل خوضها".

اسرائيل

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إسرائيل ستشدد معركتها ضد القوات المتحالفة مع إيران في سوريا بعد انسحاب القوات الأميركية. ولاحظ بعض المسؤولين الإسرائيليين أن تحرك ترامب قد يساعد إيران، بإزالة موقع عسكري أميركي يساهم في الحد من تحركات القوات الإيرانية وأسلحتها من العراق إلى سوريا. كما تشعر إسرائيل بالقلق من أن يقلّص خروج أكبر حليفة لها نفوذها الديبلوماسي في مواجهة روسيا أكبر داعم للحكومة السورية.

وقال نتنياهو في تصريحات بثها التلفزيون: "سنواصل التحرك بنشاط قوي ضد مساعي إيران لترسيخ وجودها في سوريا... لا نعتزم تقليص جهودنا بل سنكثفها، وأنا أعلم أننا نفعل ذلك بتأييد ودعم كاملين من الولايات المتحدة".

وقال وزير التعليم الإسرائيلي نفتالي بينيت، عضو المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية، في بيان: "داعش هزم فعلاً في سوريا وهذا إلى حد بعيد بفضل أميركا. لكن إيران تتحرك في الداخل فعلاً وهي خطر على كل العالم الحر". وأبلغ وزير المال موشي كحلون، وهو أيضا عضو في المجلس الوزاري المصغر، إذاعة الجيش الإسرائيلي أن " طبعاً القرار الأميركي ليس جيدا لنا. لكننا نعلم أن ضمان سلامة إسرائيل يدخل ضمن مصالح أميركا في المنطقة".

بوتين مرتاح

ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقائه السنوي والاعلام قرار الولايات المتحدة سحب قواتها بأنه "صائب"، موضحاً أن موسكو لم تر بعد ما يشير إلى بدء هذا الانسحاب. وقال: "بالنسبة الى الانتصار على تنظيم الدولة الإسلامية بشكل عام أنا أتفق مع الرئيس الأميركي... لقد سددنا ضربات قوية الى تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا". إلا أنه شكك في تصرفات واشنطن، قائلاً: "لم نر أي مؤشرات لسحب القوات الأميركية بعد، لكنني أقر بأن ذلك ممكن".