التاريخ: تشرين الثاني ٣٠, ٢٠١٨
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
46 مؤسسة لبنانية عامة... بكلفة تتجاوز المليار دولار
أي فائدة لها والعجز يتراكم والاحتياط المالي مفقود؟
منال شعيا
وسط سوداوية الواقع الاجتماعي والمعيشي، و"النقّ" المزمن من وضع اقتصادي مهترىء، يسترعي انتباهَ المراقبين العددُ الهائل للمؤسسات العامة، والكثير الكثير منها بلا جدوى. فأي كلفة ترتّب هذه المؤسسات؟

السؤال يبدأ من: لِمَ كل هذا العدد المنتفخ جداً من المؤسسات العامة، وهل كلّها تعمل؟ "الدولية للمعلومات" أحصت المؤسسات، حتى وصل العدد الى 46.

نعم، هناك 46 مؤسسة عامة! ولا يهمّ عندئذ اذا كان الكثير من هذه المؤسسات والمصالح المستقلة بلا جدوى. أما اذا كان لا بد من تقليص العجز في موازنة الدولة، فالأَولى البدء بالغاء عدد من هذه المؤسسات والمصالح.

في قانون موازنة 2018، ورد ما حرفيته: "لا بد من تقليص العجز، والغاء بعض المؤسسات". إذاً، هو اعتراف رسمي بوجوب الالغاء، فمتى سينطلق المعنيون بهذه الخطوة؟

والى ان يحين الوقت، لا بد من معرفة كلفة هذه المؤسسات.

يلفت الباحث في "الدولية للمعلومات" محمد شمس الدين الى ان "كلفة المؤسسات العامة والمصالح المستقلة مرتفعة جداً، فهي تتجاوز المليار دولار بسهولة".

ما هي هذه المؤسسات، وهل يمكن إلغاؤها، أم سيكون لذلك آثار أو تداعيات مالية وادارية ووظيفية؟

المؤسسات الـ46

في الـعام 1972 صدر المرسوم الرقم 4517 الذي يحدد النظام العام للمؤسسات العامة، ودورها ومهماتها، بحيث تعتبر مؤسسة عامة المؤسسات التي تتولى مرفقاً عاماً وتتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلالين المالي والإداري. وتنشأ المؤسسات العامة وتدمج وتلغى بمرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء، على ان يحدد لكل مؤسسة عامة غايتها ومركز ونطاق عملها والوسائل الفنية والإدارية والمالية اللازمة لها، ويتم ربط كل مؤسسة بحسب طبيعة عملها بإحدى الوزارات التي تمارس عليها الوصاية الإدارية، وتعيّن الوزارة المعنية مفوضاً للحكومة لدى المؤسسات العامة.

وفق المرسوم نفسه، تتولى إدارة المؤسسات العامة سلطة تقريرية يتولاها مجلس إدارة وسلطة تنفيذية يرأسها مدير عام أو مدير، ويتألف عادة مجلس الإدارة من ثلاثة إلى سبعة أعضاء، من بينهم الرئيس ونائب الرئيس، ويعيَّنون بمرسوم يُتخذ في مجلس الوزراء.

وفي حالة المؤسسات العامة، يتحدّد أيضا دور الوزير في شكل واضح، بحيث يمارس الوزير المختص سلطة الوصاية على المؤسسات العامة الخاضعة لوزارته، وتخضع بعض القرارات لمصادقة الوزير.

أما اذا كانت الكلفة مرتفعة الى هذه الدرجة، فان عدد المؤسسات العامة في لبنان، على اختلاف أنواعها (استثمارية - خدماتية - مالية – إنمائية)، يصل إلى 46 مؤسسة، وفق مراسيم انشاء المؤسسات العامة.

والمؤسسات الـ46 هي: المصلحة الوطنية لنهر الليطاني، ادارة حصر التبغ والتنباك، الجامعة اللبنانية، مؤسسة البحوث العلمية والزراعية، مصلحة المدينة الرياضية، مصلحة استثمار مرفأ طرابلس، مصلحة معرض رشيد كرامي الدولي، مصلحة السكك الحديد والنقل المشترك، المجلس الوطني للبحوث العلمية، مؤسسة المواصفات والمقاييس اللبنانية، تعاونية موظفي الدولة، مصرف لبنان، المشروع الاخضر، مكتب الحبوب والشمندر السكري، مؤسسة كهرباء لبنان، المؤسسة الوطنية لضمان الودائع، مجلس الجنوب، المركز التربوي للبحوث والانماء، هيئة أوجيرو، مجلس الانماء والاعمار، المؤسسة الوطنية للاستخدام، مؤسسة المحفوظات الوطنية، ادارة الاحصاء المركزي، هيئة انشاء وادارة مراكز التجمع الصناعي، المكتب الوطني للدواء، الصندوق المركزي للمهجرين، المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات، مصلحة استثمار مرفأ صيدا، المؤسسة العامة للاسواق الاستهلاكية، مصلحة استثمار مرفأ صور، المؤسسة العامة لترتيب منطقة الضاحية الجنوبية الغربية لمدينة بيروت، المؤسسة العامة لتمويل الدورات الرياضية الكبرى، مصلحة مياه بيروت وجبل لبنان، مصلحة مياه لبنان الشمالي، مصلحة مياه البقاع الشمالي، مصلحة مياه البقاع الجنوبي، مصلحة مياه لبنان الجنوبي، المؤسسات العامة للزراعات البديلة، المؤسسة العامة للاسكان، المؤسسة العامة للمشاريع الاستثمارية في حرم مطار بيروت الدولي، المؤسسة العامة للخدمات والدراسات الاحصائية، هيئة ادارة السير والآليات والمركبات، الصندوق التعاضدي للمختارين، المجلس اللبناني للاعتماد، المجلس الاعلى للصيد البري، المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس.

أين الفائدة؟

... وبعد، ولئلا نشمل الكلّ، انطلاقاً من ان عدداً من هذه المؤسسات يعمل وله فائدة، يبقى علينا ان نسأل عن عدد لا بأس به من المؤسسات التي تبقى بلا فائدة ولا عمل. إذ ماذا تعني مثلاً المؤسسة العامة لتمويل الدورات الرياضية الكبرى، ولِمَ لا تكون من ضمن مصلحة المدينة الرياضية؟ وماذا تعني أيضا المؤسسة العامة لترتيب منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت؟ أو هل سمع احدكم مرة بالمجلس اللبناني للاعتماد؟ أي مهمات له؟ وما هو دوره؟

وفق مرسوم انشائه، هو يمثل لبنان في المحافل الدولية في مجال الاعتماد، ويعمل على تبادل الاعتراف بشهادات الاعتماد مع هيئات الاعتماد الخارجية! هذا في المرسوم، ولكن اي تطبيق لمسناه من المجلس ولا يمكن دمجه بمؤسسات أخرى معنية؟

... وصولاً الى مصلحة السكك الحديد والنقل المشترك في بلد لا قطار فيه. والنقل المشترك لا يعدو كونه خططاً واقتراحات ومشاريع لم تبصر النور. هذا من دون الإشارة الى معلومات كثيرة ترددت عن راتب مدير مصلحة السكك الحديد، لحظة اقرار سلسلة الرتب والرواتب والزيادات التي لحقت برواتب الكثير من المديرين العامين!

إنه لبنان العجائبي. يتحمل كل هذه الاعباء ويئن تحت ضغوظ وأزمة ديون...

ربما المعضلة ليست في هذا الكمّ الهائل من المؤسسات فحسب، انما في ممارسة دورها، أو في ممارسة الرقابة عليها أيضاً. اذ ان المؤسسات العامة تخضع، وفق مرسوم انشائها، لرقابة مجلس الخدمة المدنية والتفتيش المركزي ووزارة المال ورقابة ديوان المحاسبة المؤخرة وذلك تحت ذريعة السرعة في إنجاز الأعمال. ولكن أيننا من كل هذا؟ إن الاهدار والفساد كانا ولا يزالان العنوان الاساسي لعمل الكثير من هذه المرافق! فمتى المواجهة... والتغيير؟