التاريخ: تشرين الثاني ٢٧, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
أزمة التوزير تغير في خريطة المواقف السياسية وبري يردد مع عون: لم يعد من مجال للترف
بيروت - "الحياة"
لا يزال مشهد عملية تأليف الحكومة اللبنانية على حاله من المراوحة، في ظل تمسك النواب السنة الستة الحلفاء لـ"حزب الله" بتوزير أحدهم، واصرار الرئيس المكلف سعد الحريري على موقفه الرافض لمطلبهم، وحتى تحديد موعد للقائهم. الا ان تداعيات الأزمة الحكومية بدأت في تغيير خريطة المواقف السياسية، وتمثل ذلك بموقف لافت اطلقه أول من امس الوزير السابق اللواء أشرف ريفي، باعلان تضامنه مع الحريري، بعدما كان ضده، فأكد "دعم الرئيس الحريري بشكل كامل في مواجهة مشروع "حزب الله" وشروطه"، معتبرا أنه "وفي مرحلة إستهداف رفيق الحريري شهيدا بعد إستهدافه زعيما على مستوى الوطن، لا مكان للترف بل الواجب الوطني يدعو الجميع الى أن يكونوا صفا واحدا، ونحن سنكون في المقدمة".

ودعا القوى السيادية الى "أن تضع اليد باليد لإنقاذ لبنان ومواجهة إنقلاب "حزب الله" الذي يسعى لتكريس وصاية إيران وإعادة النظام السوري الى لبنان بشكل مباشر أو عبر أتباعه".

وفي هذا السياق التقى الحريري في "بيت الوسط"، النائب السابق خالد الضاهر الذي قال: "نسمع أصوات نشاز والسنة السوء تتطاول اليوم على الرئيس الحريري في شأن توزير احد النواب السنة الستة التابعين للثامن من اذار، وكلام مسيء لا يليق بأناس، لا على المستوى السياسي ولا غيرها، واصحابها هم بصراحة اقزام السياسة. لذلك نؤكد ان الرئيس الحريري متمسك بالدستور وبمصلحة البلد، وهناك إجماع من المرجعيات الدينية والهيئات الاقتصادية والقيادات السياسية على انه لا بد من ان يكمل المسيرة السياسية بتشكيل الحكومة خدمة للبنان".

وأكد أن الرئيس الحريري "قدم الكثير من التضحيات، ولا يمكن له ان يقدم اكثر، وهو جهز التشكيلة الحكومية ولم يبق الا ان يقدم "حزب الله" اسماء وزرائه ليتم الانطلاق في عجلة هذه الحكومة والمصلحة العامة للبلد. الألسنة التي تتطاول على الرئيس الحريري يجب على مرجعيتها ان تلجمها وتوقفها عن سفاهتها وإساءتها وننطلق لمصلحة البلد".

وقال رئيس المجلس النيابي نبيه بري بعد لقائه نظيره البلجيكي سيغريد براك ردا على سؤال عما اذا تطرق البحث الى مسار تشكيل الحكومة؟: "طبعا تطرقنا الى كل المجالات، على رغم ان بلجيكا طالتها دائما قضية تأليف الحكومة، وكانت سباقة في هذه الميادين، انما الوضع مختلف عن لبنان، اذ ان اللامركزية القائمة في بلجيكا لا تجعل الشعب يتحمل ما يتحمله اللبنانيون. لذلك أردد مع رئيس الجمهورية (ميشال عون) الكلمة التي قالها: إنه لم يعد هناك من مجال للترف على الاطلاق (في تأخير التأليف). علينا ان نكون أمام حكومة ليس اليوم، انما البارحة".

وعندما قيل له هل الطرق مقفلة؟ أجاب: "ليس لدينا إلا أن نتفاءل بالخير، وكما قلت سابقا علينا بالدعاء".

وأكد وزير الصناعة حسين الحاج حسن أن "مفتاح الحل في تشكيل الحكومة، يتوقف على اقتناع الرئيس المكلف بتشكيلها، بأن تمثيل النواب السنة في اللقاء التشاوري هو ضرورة وحق، وهو مستند إلى نتائج الانتخابات النيابية وما قبلها وما بعدها". ودعا إلى "عدم إهدار الوقت، فالواقعية السياسية تقتضي الاقتناع بضرورة تمثيل نواب اللقاء التشاوري، وساعتئذ تتشكل الحكومة وينطلق البلد انطلاقة جديدة".

مراد: لا مكان للتراجع

وجدد النائب عبد الرحيم مراد أمل نواب "اللقاء التشاوري" بأن "يحدد الرئيس المكلف موعدا للقائهم مجتمعين غير منفردين". وقال: "لا مكان للتراجع أو التنازل عن موقفنا بضرورة تمثيلنا في الحكومة بواحد منا". وأكد "أهمية دور بعبدا ورئاسة المجلس في حل قضيتنا، بالإضافة إلى مواصلة الوزير جبران باسيل مساعيه في هذا الإطار، بإنتظار تحديد موعد للقاء الرئيس المكلف".

جعجع: لحكومة بمن حضر إن لم يُسلّم "حزب الله " أسماء وزرائه

دعا رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع كلا من رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري "اللذين يتحملان المسؤولية الدستورية في التشكيل واللذين يمسكان "القلم" وصلاحيات التوقيع في يدهما، الى اتخاذ قرار حاسم: فإما يقولان لـ"حزب الله نريدك في الحكومة، اعطنا اسماء وزرائك"، فإذا سلّمهما اياها كان به، والا يشكلان حكومة بمن حضر"، أو عليهما، ونظرا لحساسية الوضع ونظرا الى ضرورة اتخاذ، أقله بعض الخطوات الضرورية والاساسية لمنع تدهور الواقع الاقتصادي أكثر، الاتفاق على عقد جلسات حكومية للضرورة على غرار جلسات تشريع الضرورة، كي تُتخذ خلالها بضع خطوات اساسية جوهرية لمنع سقوط لبنان في الهاوية".

ورأى جعجع ان "هناك أطروحات كثيرة اليوم عن الاستثئار والهيمنة. ولكن مهلا. هناك قواعد لتأليف الحكومات معمول بها في لبنان منذ 75 عاما. وفي اتفاق الطائف، رئيس الجمهورية والرئيس المكلف يتشاوران ويقرران الانسب حكوميا، ويتحملان وزر التشكيلة التي يضعان، سلبا او ايجابا في المجلس النيابي. ولكن لا يمكن لأحد منعهما من التأليف وفق الطريقة التي يريانها مناسبة"، مؤكدا لـ"المركزية ان "علينا الحفاظ على الثوابت كي لا يلفظ الطائف أنفاسه".

واعتبر جعجع أن "الوضع الحكومي لا يمكن ان يستمر على حاله". وقال: "لم يكن هناك شيء اسمه سنّة 8 آذار. لكن الخلفية العامة لما يجري تكمن في ان الصراع بين اميركا وايران احتدم. وعليه، تحاول ايران جمع اوراق قوتها في المنطقة، قدر المستطاع وتحاول اينما لديها قوة ان تقرّشها وتفلشها. وهذا ما فعلته في العراق وفي سورية حيث تريد تثبيت نظام بشار الاسد أكثر، وهذا ما تحاول فعله اليوم في لبنان من خلال عملية تأليف الحكومة".

وأضاف جعجع: "يحق لاي طرف سياسي، ان يكون له رأيه في التشكيل، ويمكن للرئيس عون والرئيس الحريري، الاخذ بهذا الرأي او لا، ولكن لا يمكن لاي طرف القول "اما تسيرون بما أريد او لن يكون تأليف"، وهذا ما يفعله "حزب الله" اليوم. فهو يصر ّعلى توزير ممثل عن السنة الستة او لا حكومة". واستطرد: "يمكن ان يكون لدي رأيي في تمثيل حزب الكتائب مثلا في الحكومة، الا انه مجرد رأي ويمكن السير به او لا"، مذكّرا بأن "ليس بالضرورة أبدا ان تتمثل جميع القوى الموجودة في البرلمان في الحكومة".

وحول ما اذا كان عون والحريري على الموجة نفسها حكوميا قال: "المطلوب الا يضيع مزيدٌ من الوقت من عمر العهد الذي يهمّنا كثيرا ويهمّنا ايضا نجاح الحريري في مهمته، وهما طبعا حريصان على النجاح، ولتحقيقه هناك الخياران اللذان طرحتهما، علما ان الخيار الثاني يساعد في تمرير الوقت، بأقل الأكلاف".

وهل تلقى فكرة تفعيل حكومة تصريف الاعمال قبولا لدى الحريري، أم انه قد يعتبرها تطبيعا مع "الشغور" الحكومي؟ اجاب: " اذا كان لا يريد تبني خيار "تفعيل تصريف الاعمال"، فليتبن الخيار الاول. لكن عليه تبني خيار واتخاذ قرار لان الوقت ضاغط جدا. فماذا لو اخذت الازمة الاقتصادية مداها بعد اشهر؟ من يتحمل المسؤولية؟ رئيس الجمهورية والرئيس الحريري مسؤولان امام الدستور والشعب. الحزب يعرقل نعم، ولكن قد يُسألان لاحقا ماذا فعلتما لمنع وقوع الكارثة؟. علينا الحفاظ على الثوابت والدستور حتى لا يسقط اتفاق الطائف".

"سيدة الجبل": لبنان يشهد انقلاباً على الدستور

أكد "لقاء سيدة الجبل" في اجتماعه الاسبوعي "أن لبنان يشهد انقلاباً على الدستور وعلى وثيقة الوفاق الوطني نتيجة الشروط التي يفرضها "حزب الله" على تشكيل الدولة من جهة، وتخلّي أهل السلطة وغالبية القوى السياسية عن الدفاع عنهما من جهة أخرى". وقال في بيان بعد "اللقاء": "هذا يتكلّم عن "نهاية الطائف" وذاك عن مؤتمرٍ تأسيسي يعيد إنتاج السلطة على قواعد جديدة، بينما الحقيقة هي أن الوصاية السورية بالأمس والايرانية اليوم عطّلت وتعطّل تنفيذ الدستور من خلال فرض واقع سياسي على حساب قوة التوازن الوطني".

ودعا "لقاء سيدة الجبل" رئيس الجمهورية المؤتمن على الدستور ورئيس الحكومة المكلّف استعمال الصلاحيات الدستورية المناطة بموقعهما لتشكيل الحكومة في أقرب وقت، حكومة تدافع عن مصالح اللبنانيين أولاً وعن علاقة لبنان مع العالم العربي والعالم ثانياً، إنها مسؤولية وطنية بامتياز".