التاريخ: تشرين الثاني ٢٦, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
السراج يخلي معسكرات الجيش في طرابلس
مدير أمن العاصمة الليبية السابق يتعرض لمحاولة اغتيال
القاهرة: خالد محمود
سعى رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج، أمس، إلى تأكيد سيطرته على العاصمة طرابلس التي تعرض مدير أمنها السابق لمحاولة اغتيال، بعد ساعات فقط من إشادة المبعوث الأممي غسان سلامة بتحسن الوضع الأمني فيها.

وأصدر السراج تعليمات بإخلاء معسكرين تابعين لقوات الجيش في المدينة ونقل تبعيتهما إلى جهات مدنية تابعة لحكومته التي تحظى بدعم من الأمم المتحدة. وقال السراج الذي زار معسكر الجيش في طريق السواني بطرابلس، برفقة مسؤولين عسكريين وحكوميين، إنه أمر بإخلاء المعسكر خلال 72 ساعة وتسليمه والمقار العسكرية المقامة داخله لصندوق الإنماء، وانتقال الشرطة العسكرية إلى معسكر آخر.

وأوضح السراج الذي يُعتبر بموجب منصبه القائد الأعلى للجيش الليبي أنه «يجب الاستفادة من المساحة الشاسعة للمعسكر وإقامة مرافق مدنية يستفيد منها المواطنون في مجالات حيوية مثل الصحة والتعليم وغيرها».

وأمر لدى زيارته إلى معسكر النقلية في طريق مطار طرابلس الدولي بإخلاء المعسكر وتسليمه إلى صندوق الإنماء، معتبراً أن هذه الإجراءات تنطبق على المعسكرات كافة في طرابلس، وسيعاد تمركز القوات التي تشغلها في مواقع أخرى «ليتولى صندوق الإنماء الاقتصادي والاجتماعي استثمارها بما يفيد ويخدم المواطنين».

وكان مدير أمن طرابلس السابق العميد صلاح السموعي تعرض لمحاولة اغتيال قرب منزله جنوبي طرابلس. وقالت مصادر أمنية وسكان إن السموعي «أصيب إصابة بالغة» بعدما تعرض لإطلاق نار من مسلحين مجهولين لاذوا بالفرار.

وتمنى الناطق الرسمي باسم «كتيبة ثوار طرابلس» عبد الرحمن المزوغي الشفاء العاجل للسموعي الذي يبدو أنه خضع أمس لعملية جراحية. وأطاح وزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحي باشا أغا السموعي من منصبه بشكل مفاجئ مطلع الشهر الجاري، في إطار تغييرات شملت معظم قيادات الأمن في الوزارة.

وكان المبعوث الأممي غسان سلامة أبلغ ممثلين عن مدينة ترهونة لدى زيارته لها، أول من أمس، «لبحث الترتيبات الأمنية الجديدة في طرابلس وخطة الأمم المتحدة، بما فيها الملتقى الوطني والانتخابات»، أنه «منذ اتفاق وقف إطلاق النار، تحسن الوضع في طرابلس وانسحبت مجموعات مسلحة من بعض الأماكن». وأضاف: «صحيح الأمور لا تحدث في ليلة وضحاها إلا أننا نرى تغييرات فعلية».

وشهدت أطراف طرابلس نهاية أغسطس (آب) الماضي اشتباكات دامية بين قوات تابعة لحكومة الوفاق و«اللواء السابع» المتحدر من مدينة ترهونة، تسببت بمقتل أكثر من 100 شخص وإصابة نحو 500 بجروح متفاوتة معظمهم من المدنيين.

ونجحت وساطة قادتها الأمم المتحدة في التوصل إلى اتفاق بين الأطراف المتنازعة لوقف إطلاق النار، على أن تنسحب المجموعات المسلحة من المقار الحكومية في العاصمة وتكليف قوات نظامية بمهمة حمايتها.

وأعرب سلامة عن أمله بعقد «الملتقى الوطني من أجل أن يتمكن الليبيون من اتخاذ قرار بشأن تحديد موعد الانتخابات وإطار العمل الدستوري وآلية لحسن توزيع الموارد ومواضيع أخرى»، لافتاً إلى أنه سيرفع هذه التوصيات إلى مجلس الأمن للضغط من أجل تنفيذها.

إلى ذلك، نفت وزارة الداخلية في حكومة الوفاق تقارير صحافية عن طلب وزير الداخلية من السراج مراقبة هواتف بعض قيادات الأجهزة الأمنية. واعتبرت ما نشر «ضمن حملة مغرضة للتقليل من حجم الجهود المبذولة لاستتباب الأمن عبر إجراءات وقرارات صائبة وشجاعة».

من جهة أخرى، أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن هجوم على بلدة تازربو في صحراء جنوب شرقي ليبيا، وزعم في بيان عبر «وكالة أعماق» التابعة له أن 29 شخصاً من عناصر الجيش الليبي «إما قتلوا أو أصيبوا» في الهجوم الذي وقع يوم الجمعة الماضي. وتوعّد التنظيم قوات الجيش بهجمات أخرى، لافتاً إلى أن ضحايا الهجوم الأخير هم «ضبّاط وعناصر» من قوات الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر.

في المقابل، قالت «كتيبة سبل السلام» التابعة للجيش في الكفرة إن «عناصر الجيش هاجموا بوابة وادي الحطب وتم القضاء على 9 أشخاص من العصابات الإرهابية وحرق سيارة مسلحة»، مشيرة إلى أنه «بعد تتبع أثر السيارات التي هاجمت مدينة تازربو بالتزامـن مع وجود سيارتين للعصابات المسلحة التشادية تم الاشتباك معهم والقضاء على نحو 14 شخصاً، وبذلك يكون العدد الإجمالي للقتلى 23 قتيلاً».

وأدانت بعثة الأمم المتحدة «الهجوم الإرهابي الدامي»، وقالت في بيان مساء أول من أمس إنها «تدين الهجوم الإرهابي الدامي الذي طال واحة تازربو... ونسب إلى تنظيم داعش وفقاً للسلطات المحلية». وقتل تسعة أفراد من الشرطة على الأقل وخُطف 11 في هجوم على مركز للشرطة في تازربو، حيث جرت اشتباكات في محيط المركز، قبل أن يتمكّن أفراد «داعش» الذين كانوا على متن عشر سيارات رباعية الدفع مدجّجة بالأسلحة من الانسحاب وخطف 11 شخصاً بينهم مدير أمن المنطقة ومدنيون.

على صعيد آخر، اعتبر قائد ميليشيات «لواء الصمود» صلاح بادي أن إدراج اسمه ضمن قائمة عقوبات مجلس الأمن والإدارة الأميركية لا يستهدفه شخصياً «بل يستهدف ثورة 17 فبراير ويدعم الثورة المضادة»، معرباً عن شكره لمفتي ليبيا السابق الصادق الغرياني ومواقفه الداعمة له.

وأضاف خلال اجتماعه مع قيادات من جماعة «الإخوان المسلمين» والميليشيات المسلحة وممثلين عن مدينة مصراتة مسقط رأسه، عقب عودته من تركيا أن «هذه العقوبات وسام شرف ولن تثنيني عن مواقفي الداعمة للثورة وتحقيق الأهداف التي قامت لأجلها وعلى رأسها الوقوف ضد مشروع عسكرة الدولة».

وخلال الأسبوع الماضي، انضمت الإدارة الأميركية إلى مجلس الأمن في فرض عقوبات على بادي، متهمة إياه بتقويض الأمن عبر توجيه هجمات إلى جماعات موالية لحكومة السراج.