|
|
التاريخ: تشرين الثاني ٢٥, ٢٠١٨ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
تونس: «اتحاد الشغل» يواصل تصعيده مع الحكومة بالدعوة إلى إضراب جديد |
المعارضة تتهم الحكومة بإعادة إنتاج الأزمات الاقتصادية والاجتماعية نفسها |
تونس: المنجي السعيداني لندن: «الشرق الأوسط»
قررت الهيئة الإدارية للاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) خلال اجتماعها، أمس، تنفيذ إضراب عام في القطاع العام والوظيفة العمومية في 17 من يناير (كانون الثاني) المقبل، وهو الاجتماع الذي تزامن مع بداية مناقشة ميزانية السنة المقبلة، الذي حاول فيه يوسف الشاهد رئيس الحكومة الدفاع بقوة عن التوجهات الاقتصادية والاجتماعية التي تحملها الميزانية الجديدة.
وقال نور الدين الطبوبي، رئيس نقابة العمال، إن الإضراب المقرر تنفيذه مطلع السنة المقبلة، يأتي على خلفية فشل مفاوضات النقابة مع الحكومة حول الزيادة في أجور عمال الوظيفة العمومية (نحو 670 ألف موظف)، وأيضاً بسبب تدهور القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار.
وفي كلمة ألقاها بمناسبة افتتاح الهيئة الإدارية لنقابة العمال، قال الطبوبي إن مسيرة النضال لا بد أن تستمر من أجل الدفاع عن مكاسب العمال ورسم الخيارات الوطنية الكبرى، مشدداً على أن اتحاد الشغل «مستعد لاتخاذ القرارات والخطوات العملية لتحقيق الاستحقاقات العمالية»، وهو ما سيترجم على أرض الواقع في شكل إضراب عام جديد سينفذ بعد أقل من شهرين من الآن. من جانبه، أكد رئيس الحكومة، أمس، أن مشروع قانون المالية لسنة 2019 «وضع الحلول لكل التحديات الاجتماعية الماثلة، في مقدمتها حماية العائلات المعوزة، والحد من تدهور المقدرة الشرائية، خصوصاً للطبقة المتوسطة وتفاقم البطالة».
وقال الشاهد أمام نواب مجلس الشعب: «نحن نتحمل مسؤوليتنا في الخيارات، التي اتخذناها بإعطاء الأولوية لمعالجة غلاء الأسعار، وللتنمية الجهوية، وذلك بإعطاء الأولوية لأصحاب الدخل المحدود وللعاطلين عن العمل ولتشغيل الشباب»، مبرزاً أن الإجراءات الاجتماعية المضمنة في مشروع قانون المالية، تؤكد التوجه الاجتماعي للسياسة الحكومية. لكنه أقر في المقابل بوجود مشكلة تتعلق بتدني القدرة الشرائية، خصوصاً للعائلات متوسطة الدخل، وتدني خدمات المرفق العمومي، في السكن والصحة والتربية والنقل، وعدم توفير دخل محترم للعائلات المعوزة، في ظل مشكل البطالة المزمن الذي يجب معاجلته، مقدراً أن قانون المالية يقترح حلولاً لمختلف هذه المشكلات التي هي نتيجة تراكم سنوات.
وأضاف الشاهد بهذا الخصوص: «قررنا في إطار مشروع قانون المالية رفع الاعتمادات المخصصة لصندوق التشغيل لسنة 2019 بـ150 مليون دينار، بما يسمح بتحسين وتوسيع مجال تدخل الدولة في إطار السياسات النشيطة للتشغيل».
وفي معرض حديثه عن الإضراب العام داخل قطاع الوظيفة العمومية الذي شهدته تونس قبل أيام، حيا الشاهد عموم النقابيين، وقيادة الاتحاد العام التونسي للشغل، على حسن تأطير هذا الإضراب بقوله إن «المواطن التونسي أثبت اليوم أنه ديمقراطي، خصوصاً حيال مراهنة البعض على فرضية العنف والفوضى، ومحاولتهم الركوب على التحركات الاجتماعية في توظيف سياسي مفضوح»، مؤكداً أن حق الإضراب والتظاهر في تونس اليوم مضمون، ومشدداً على أنه من الممكن ممارسة هذا الحق، لكن دون فوضى أو عنف.
وبخصوص موقف الحكومة من التهديد بالإضرابات وتصعيد النقابات، أقر محمد الطرابلسي، وزير الشؤون الاجتماعية، بحق العمال في الإضراب، مبرزاً أن هناك إمكانية للزيادة في الأجور خلال السنة المقبلة، وهو ما قد يفتح أبواب الحوار بين الطرفين من جديد، على الرغم من الصعوبات الاقتصادية التي تعرفها تونس، والضغط الذي تعيشه نتيجة توصيات صندوق النقد الدولي بضرورة خفض كتلة أجور موظفي الحكومة.
على صعيد متصل، شرع البرلمان أمس في عقد جلسات لمناقشة مشروع ميزانية الدولة للسنة المقبلة، حيث أكد رئيس الحكومة مضاعفة الميزانية الموجهة للتنمية في الجهات خلال سنة 2019، مشيراً إلى مواصلة الحرب على الفساد، بإعلان 11 إجراء لمكافحة هذه الآفة، التي تؤثر على النمو الاقتصادي، وتفقد البلاد سنوياً نحو 2 في المائة من إمكانات التنمية.
ومن بين الإجراءات المتخذة، إقرار الحكومة لسجل وطني للمؤسسات، وهو ما سيمكن من متابعة كل المعاملات الاقتصادية، ويجعل تقفي أثر المعاملات المالية وارداً وقابلاً للتنفيذ.
ولم تخل الجلسة البرلمانية من مداخلات اتهمت الحكومة الحالية بإعادة إنتاج الأزمات الاقتصادية والاجتماعية نفسها، حيث اتهمها بعض نواب المعارضة بالفشل في المرور بالاقتصاد إلى بر الأمان. وفي هذا السياق، قال الجيلاني الهمامي، القيادي في تحالف «الجبهة الشعبية» اليساري المعارض، إن الشاهد قدم معطيات السنة الماضية نفسها، التي لم تفض إلى نتائج، على حد قوله.
يذكر أن مناقشات ميزانية تونس المخصصة للسنة المقبلة ستتواصل إلى غاية العاشر من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وهو التاريخ الأقصى لإنهاء النقاشات والمرور إلى المصادقة على الميزانية. |
|