التاريخ: تشرين الثاني ٢٥, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
«الهيئة السورية» المعارضة تؤسس مكتباً لـ «رصد سلوك إيران وإنهائه»
نصر الحريري يأمل أن تسهم اجتماعات آستانة و«المجموعة الصغيرة» في تشكيل اللجنة الدستورية
الرياض: فتح الرحمن يوسف
كشفت «الهيئة السورية للمفاوضات» المعارضة أمس، عن مساعٍ تجري حالياً، لتأسيس مكتب متخصص في «رصد ومتابعة السلوك الإيراني والمساهمة في وضع الأفكار والأدوات التي تناسب عملية إنهاء الوجود الإيراني»، منوهة بأنه «يتم حالياً تجييش حشود من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله وميليشيات أخرى بشكل غير مسبوق في جنوب البلاد».

وقال الدكتور نصر الحريري الذي جددت «الهيئة» انتخابه رئيسا لها، في مؤتمر صحافي عقده أمس بالرياض: «الوجود الإيراني في سوريا وفي الجنوب خاصة، غير مسبوق، حيث قامت إيران خلال الفترة الماضية، بإنشاء كثير من المواقع العسكرية، ومقرات ومراكز تدريب وغيرها». وأشار إلى «مشاركة من قبل الحواجز التي ينشرها النظام والتي يعتقد أنها تابعة للجيش السوري، فيها عناصر كثيرة غالبيتهم تابعة لحزب الله وغيره من الميليشيات الأخرى التابعة للحرس الثوري الإيراني، الذين غيروا لباسهم وهوياتهم ليظهروا سوريين».

وتابع: «ظهر نظام الحوزة والحوزات جلياً في المنطقة من خلال مبعوث لمرشد إيران علي خامنئي ومبعوثين آخرين ويتبعون أساليب الترهيب والترغيب، والإغراءات المادية وحرية التنقل والأمن داخل البلاد من أجل أن يجعلوا الشباب من ضمن الخلايا لاغتيال الناشطين والسياسيين المعارضين للنظام وتطوير شبكة أمنية في هذه المنطقة لتحقيق مصالح إيران بالمنطقة».

وزاد: «الهدف من ذلك، إغراء بعض الشباب الذي كان يقاتل في صفوف الجيش الحر بالمال لتشكيل فصائل عسكرية واشتروا كثيراً من الأسلحة التي تعود لفصائل الجيش الحرّ، الذين أجروا تسويات سابقاً من أجل خلق بديل للوجود الإيراني بهذه المنطقة»، مشدداً على «إطلاق خطة إقليمية لمواجهة إيران، وتكثيف الأدوات الدولية من أجل وضع حد لإيران».

وفسر الحريري هذا السلوك الإيراني، بأن «طهران قد تضطر للمغادرة في وقت لاحق ما يجعلها تترك خليفة لها في المنطقة، لإنشاء فكرة تشبه حزب الله اللبناني، بكوادر سورية، لتعبئتهم مادياً وعسكرياً ومنهجياً وعقدياً، لتنفيذ سياساتها الاستراتيجية في دول المنطقة».

وقال: «السعودية تقدم باستمرار دعماً غير منقطع للهيئة السورية وللقضية السورية، سياسياً وإنسانياً، للسوريين في داخل وخارج البلاد، ونحن على تواصل معهم للاستمرار في وضع الملف السوري على رأس الأجندة الدولية، ومن المفيد جداً فتح هذا الملف في المحافل الدولية».

وعن اللجنة الدستورية، قال: «نؤكد أن تنعقد في أسرع وقت ممكن رغم العراقيل التي يضعها النظام، في الإطار الأممي، ويجب على الأمم المتحدة والمجتمع أن تستحث الخطى لعقد جولات جديدة من المفاوضات لإطلاق مناقشة السلة الأولى المتعلقة بالمرحلة الانتقالية، عبر الآليات المحايدة وتشكيل هيئة الحكم الانتقالي».

وأضاف: «خلال أيام سينعقد اجتماع في آستانة نتمنى من خلاله إزالة كل العوائق التي تمنع من تشكيل اللجنة الدستورية في إطارها الأممي، والموافقة على تشكيلة الثلث الثالث المتروك للأمم المتحدة أن تسميه بالتعاون مع جميع الأطراف، وفق الشرعية الدولية».

وتابع: «اجتماع آستانة سيعنى بملف المعتقلين، إذ آن الأوان في إحراز تقدم في ذلك، فليس من مصداقية وثقة في العملية السياسية دون الإفراج الكامل الشامل عن كل المعتقلين في سوريا، وإيقاف أحكام الإعدام الصادرة بشكل يومي، في ظل تنصيب محاكم استثنائية لا تتوفر فيها شروط العدالة، شملت أحكام 9 من الشباب المعتقلين في سجن حماة، وهناك أحكام مؤبدة لـ9 آخرين، واستمرارية القتل منها اغتيال رائد الفارس، حمود الجنيد». وتابع: «النشاطات التي ستتم خلال الفترة المقبلة؛ لدينا لقاء آستانة وبعدها بأيام لقاء المجموعة الصغيرة، بجانب عدد من اللقاءات التقنية الرسمية في الأمم المتحدة وخارجها، من أجل بحث تطورات اللجنة الدستورية والسعي لتشكيلها في وقت محدد، وعقد اجتماع لها قبل نهاية العام الحالي».

وبين أن الربط الذي أجراه المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا في مجلس الأمن أخيراً بين الأمن واللاجئين والبيئة الآمنة والمحايدة ربط منطقي ومتسق مع القرار 2254، متوقعاً تمديد فترته، في ظل تصاعد أصوات بإبدال خبير مختص في الأزمات الدولية به.

ووفق الحريري، فإنه إذا تم اتفاق على اللجنة الدستورية، خلال الفترة المقبلة، فلا بد من دعوة من قبل الأمم المتحدة لعقد هذه اللجنة، مشيراً إلى أنه إذا لم يتم ذلك، واستمر حلفاء النظام في عرقلة هذه العملية، ستكون النتائج غير مرضية وقد تذهب الأمم المتحدة إلى خيارات أخرى، تعلن فيها الفشل في إحراز تقدم في اللجنة الدستورية وهذا ينبئ بعودة الأمور إلى نقطة الصفر، بظهور نهاية مسدودة، للعملية السياسية مجدداً.

ولفت الحريري إلى أن روسيا سعت في الفترة الماضية، للتواصل مع دول كثيرة أوروبية وعربية، من أجل إعادة العلاقات مع النظام أو إعادة النظام إلى المنظومات الإقليمية التي كانت معها سابقاً، وللأسف هناك دول أغرتها هذه المحاولات وبدأت تفتح علاقات تحت ذرائع مختلفة، منها ما يتعلق بالوضع الإنساني، على حدّ تعبيره.

ودعا الحريري، تلك الدول الى ان تكون «متيقظة، لأن النظام لم يتوقف عن الانتهاكات التي يمارسها ضد الشعب السوري»، منوهاً بأن الأسباب التي أدت إلى اتخاذ العقوبات في حق هذا النظام من قبل هذه الدول من العالم لم تنته، مبيناً أن «التطبيع اليوم مع النظام لا يعني التطبيع مع القضية السورية، إنما هو تطبيع مع إيران ومع نظام ميليشاوي ينتهك كل الحرمات وحقوق الإنسان».

وأضاف: «النظام يستفيد من ذلك الانفتاح المزيف، ويسوق على أن هذا الانفتاح دليل على شرعنة النظام، ومن هنا أدعو هذه الدول إلى مراجعة مواقفها من جديد في الوقت الذي يلاحظ فيه البعض أن إيران تغيب عن المشهد السياسي، هي تتسلل على الأرض وتنغرس في المجتمع السوري بكل الوسائل، سياسياً وأمنياً وعسكرياً وثقافياً».

وقال بأن طهران «جزء من المشكلة وليست جزءاً من الحل للقضية السورية، وأي دور أو قرار أو محاولة لتقليم أظافر إيران أو إضعافها عسكرياً أو أمنياً أو سياسياً أو اقتصادياً، سيكون له التأثير الإيجابي في الملف السوري، ولكن هذه الإجراءات وحدها غير كافية».

واضاف: «كانت لنا زيارة لموسكو ولن نقطع قنوات التواصل، مع روسيا والدول الأخرى، من أجل إيجاد حل لقضيتنا، فهذه المحاولات مبنية على أسس واضحة، وهي تطبيق القرار 2254، وهو حل مرن وليس بمقدور الثورة إبداء مرونة أكثر من قبولها بهذا القرار، الذي يؤسس لانتقال سياسي وفق نموذج جديد، لسوريا».

وفيما يتعلق بإدلب، قال إن «فصائل الجيش الحر بالتنسيق مع أنقرة قامت بالالتزام الكامل ببنود اتفاق (سوتشي)، حيث تم سحب الأسلحة الثقيلة من المنطقة المتفق عليها، ومستمرون في تنفيذ بقية البنود، وملتزمون في ذلك انطلاقاً من حقيقتين؛ الأولى ضرورة حماية المدنيين وعددهم نحو 3.5 مليون في هذه المنطقة، والثانية الالتزام بكل الجهود الرامية لإيقاف إطلاق النار وتحقيق الحل السياسي الانتقالي في سوريا وفق قرارات جنيف ومجلس الأمن الدولي، خصوصاً القرار 2254».