|
|
التاريخ: تشرين الثاني ٢٥, ٢٠١٨ |
المصدر: جريدة الشرق الأوسط |
|
ظهور شعارات مناهضة للنظام في درعا بالتزامن مع زيارات وفود رسمية |
انقسام في الجنوب السوري حول خلفية تشكيل «المقاومة الشعبية» |
درعا (جنوب سوريا): «الشرق الأوسط»
استفاقت عدد من قرى وبلدات درعا جنوب سوريا خلال الأيام القليلة الماضية على شعارات مناهضة للنظام السوري، إذ انتشرت كتابات على جدران بعض الأبنية والمحال التجارية والمدارس، وكان من هذه الشعارات «يسقط بشار»، و«الثورة مستمرة»، و«الموت ولا المذلّة».
وأوضحت مصادر محلية أن سلطات النظام في المحافظة «عملت على إزالة جميع الكتابات المناهضة للنظام والشعارات التابعة للمعارضة، وكتابة شعارات تمجِّد النظام السوري»، مشيرةً إلى «اعتقال اثنين من أبناء ريف درعا الغربي للاشتباه بهما بأنهما مَن خطّا عبارات مناهضة للنظام في بلدة المزيريب غرب درعا، كما باتت دوريات عسكرية تابعة للنظام تجوب المدن والبلدات تحسباً لعودة ظهور الشعارات والقبض على الفاعلين». كما طلبت دمشق من «أصحاب المحال التجارية في جنوب سوريا طلاء واجهات محالهم بالعلم الرسمي»، مهددين المتخلف عن ذلك بالعقوبة والغرامة.
وقال الناشط مهند العبد الله من جنوب سوريا لـ«الشرق الأوسط» إن الشعارات «ظهرت أخيراً مع استمرار تجاوزات قوات النظام السوري في اعتقال عناصر من المعارضة سابقاً، الذين تمَّت تسوية وضعهم، أو من الذين لم يُسوَ وضعهم بعد، حيث اعتقلت قوات النظام السوري خلال الأسبوع الماضي، ما يقارب 8 أشخاص من مدينة الحارة بريف درعا الغربي، معظمهم من عناصر المعارضة سابقاً، حاولوا الخروج من درعا باتجاه مناطق الشمال السوري بعد قرب انتهاء مدة التسوية الممنوحة للمتخلفين عن الخدمة الإلزامية والاحتياطية، ووصول آلاف أسماء الشباب من المنطقة الجنوبية للالتحاق بالخدمة الاحتياطية بعد رفعها لمدة لم تتجاوز أسبوعاً، بقرار من سلطات النظام السوري».
وشهدت مدينة الحراك بريف درعا الشرقي اعتصاماً أمام مخفر المدينة التابع للحكومة على خلفية اعتقال أحد أبناء المدينة، مطالبين بإطلاق سراح الشاب الذي قام بضرب عنصر للنظام على أحد حواجز المدينة، ومصادرة سلاحه، بعد مشادة كلامية بين عنصر النظام والشاب، ليتمَّ اعتقاله بعدها من قبل باقي عناصر الحاجز، ونقله إلى خارج المدينة، من دون معرفة مصيره.
كما قُتِلت طفلة وجُرِحت امرأة قبل أيام بريف درعا الغربي، بعد مداهمة قوات النظام السوري لخيمة يقطنها أحد أبناء المنطقة، بهدف اعتقاله واتهامه بالانتماء لتنظيم «داعش»، ما أدى إلى وقوع اشتباك بين الطرفين، ومقتل ابنة المتهم، وإصابة زوجته، ولاذ الأخير بالفرار من الاعتقال. كما عثرت الأهالي في مدينة داعل بريف درعا على جثة قيادي سابق في المعارضة، بعد يوم من اختطافه من منزله. واتهم الأهالي أجهزة النظام السوري بمقتل القيادي السابق، في حين أن النظام السوري رد باتهام «خلايا داعش» بأنها تقف وراء العملية، معززاً موقفه بتعرض عدد من عناصر النظام السوري للقتل بشكل مفاجئ من قبل خلايا «داعش» في المنطقة رغم سيطرته عليها.
في غضون ذلك، انتشرت أخيراً أنباء عن تشكيل «المقاومة الشعبية في جنوب سوريا»، وأخبار عن عمليات ضد قوات النظام السوري نفّذتها في درعا. ناشطون من درعا أثارتهم الريبة حول حقيقة «تشكل المقاومة الشعبية في جنوب سوريا» ومن يقف وراءها، معتبرين أن المقاومة الشعبية قد تكون «شماعة لاستدراج من تبقى أبناء الجنوب، ويحمل فكر التسلح ضد قوات النظام بهدف القضاء على هذه الفئة إذا وُجِدت»، معززين موقفهم بعدة أمور، أبرزها من خلال متابعة الأوضاع الحالية في درعا، وسماع أخبار لم يتسنَّ معرفة مدى دقتها وحقيقتها تدعي الأخيرة أنها نفذتها، إضافة إلى الوجود العسكري الكبير لقوات النظام السوري داخل محيط المدن والبلدات التي سيطر عليها النظام أخيراً في الجنوب، وسهولة حصر أي تحركات مضادة ومراقبتها، ووجود أذرع للنظام بين المدنيين للكشف عن المشتبه بهم أو من لهم خلفية عسكرية في المعارضة سابقاً، إضافة إلى تنامي ظاهرة الحراك السلمي العلني بين الأهالي في جنوب سوريا، ما يفسر رغبة الأهالي في عدم تقييد حريتهم، بعيداً عن التسليح، وإعادة الحياة المدنية دون أي تجاوزات وخروقات من قبل قوات النظام السوري.
وشهدت مناطق في جنوب البلاد، بعد دخول النظام السوري إلى المنطقة باتفاق مع الجانب الروسي، عدة حوادث تؤكد الحراك السلمي العلني، مثلما حدث أخيراً في مدينة الحراك شرق درعا بالاعتصام أمام مخفر المدينة للمطالبة بشاب تم اعتقاله على أحد حواجز المدينة، بعد ضربه لعنصر من قوات النظام قام باستفزازه، وخروج مظاهرة في مدينة بصرى الشام تطالب بالمعتقلين ومعرفة مصيرهم، ومثلها في مدينة درعا البلد.
في المقابل، قال آخرون إن المرحلة الأخيرة التي مرت على جنوب سوريا مفتوحة على كل الاحتمالات، خصوصاً مع بقاء أعداد كبيرة من عناصر وقادة المعارضة سابقاً في الجنوب، ورفضهم للتهجير إلى شمال سوريا، وعودة الشعارات المناهضة للنظام السوري في الجنوب، مع استمرار خروقات قوات النظام واعتقال العشرات من أبناء المنطقة، رغم اتفاق التسوية والمصالحات، ما يدفع الشباب في المنطقة إلى الرد على خروقات النظام، فالمنطقة تحوي خزاناً بشرياً قد ينفجر في أي لحظة إذا ما استمرت الخروقات على حد تعبيرهم.
ويرى مراقبون أن النظام السوري يدرك أهمية الجنوب والحفاظ على ما وصل إليه من السيطرة على هذه المنطقة الحدودية، وعدم عودة الأعمال العسكرية إليها، فيحاول الأخير إعادة تعويم نفسه في المنطقة الجنوبية من خلال عدة زيارات قامت بها شخصيات رسمية عسكرية ومدنية لمحافظة درعا أخيراً، حيث زار محافظة درعا عدد من أعضاء مجلس الشعب (البرلمان السوري)، وجميل الحسن مسؤول إدارة المخابرات الجوية في سوريا، وأحمد بدر الدين حسون مفتي سوريا، وكانت زيارات تهدف إلى طمأنة أهالي محافظة درعا، والوعود بالخدمات. وذكر مفتي سوريا في زيارته إلى درعا أن «أهالي درعا خسروا، وبالمقابل الدولة خسرت، وما حدث بات كافياً، والآن حان وقت إعادة الإعمار». |
|